الثلاثاء، 17 يونيو 2008

خواطر ( من 86 إلى 90 ) :

بسم الله
عبد الحميد رميته , الجزائر

86– اختلاف الأمة في الفقه يجب أن يكون رحمة لا نقمة :

ا-من المسائل الفرعية في الفقه مئات أو أكثر , الحكم فيها عند علمائنا الأفاضل بين مكروه وحرام . وفيها إذا فعلها الشخص على اعتبار أنها مكروهة فقط , نسأل الله ألا يؤاخذه على ذلك ما دامت المسألة خلافية. وفي كل الأحوال يبقى الفاعل مسلما مؤمنا موحدا بإذن الله .
ب- من المسائل الفرعية في الفقه مئات أو أكثر , الحكم فيها عند علمائنا المسلمين بين مكروه ومباح. وفيها إذا فعلها الشخص على اعتبار أنها مباحة فقط فإنه لا يُؤاخذ ولا يُلام ولا يُعاتَب على ذلك بإذن الله ما دامت المسألة بين الكراهة والإباحة . وفي كل الأحوال يبقى الفاعل مسلما مؤمنا موحدا بإذن الله.
جـ- من المسائل الفرعية في الفقه مئات أو أكثر , الحكم فيها عند فقهائنا الكبار بين مباح ومستحب . وفيها إذا تركها الشخص على اعتبار أنها مباحة فقط , نسأل الله ألا يؤاخذه على ذلك ما دامت المسألة بين الإباحة والاستحباب. وفي كل الأحوال يبقى الفاعل مسلما مؤمنا موحدا بإذن الله تبارك وتعالى.
د- من المسائل الفرعية في الفقه مئات أو أكثر , الحكم فيها عند علمائنا الأفاضل بين مستحب وواجب . وفيها إذا تركها الشخص على اعتبار أنها مستحب فقط , نسأل الله ألا يؤاخذه على ذلك ما دامت المسألة خلافية. وفي كل الأحوال يبقى الفاعل مسلما مؤمنا موحدا بإذن الله.
هـ- بل قد يختلف العلماء في أشياء بين الوجوب من جهة وما يُشبه الكراهة من جهة أخرى مثل قراءة البسملة في الصلاة قبل الفاتحة . ذهب الإمام مالك رضي الله عنه مثلا إلى أنه يستحب عدم قراءتها في الفرض وقال بأنه لا بأس من قراءتها في النافلة , في الوقت الذي ذهب فيه فقهاء آخرون مثل الإمام الشافعي رضي الله عنه إلى أن قراءتها في الفرض واجبة (لأنه يعتبرها آية من الفاتحة ومن كل سورة ) , ومنه فمن لم يقرأها لم تصح الركعة التي صلاها بهذه الفاتحة المبتورة. والمؤكد بإذن الله أن المسلم ما دام يأخذ من عالم لن يؤاخذه الله ولن يحاسبه وسيتقبل منه ولن يعاقبه. إذا صلى بالفاتحة بدون بسملة مقلدا للإمام مالك رشي الله عنه فصلاته صحيحة بإذن الله وهو مسلم موحد لله تعالى. ومن صلى بالفاتحة وقرأ البسملة قبل الفاتحة مقلدا للشافعي فصلاته صحيحة بإذن الله وهو مسلم مؤمن موحد لله عزوجل.

87 - يا مَن تتزلفْ للحكام الظلمة:
( والتزلف لا يكون عادة مع الحاكم العادل ) توقَّـفْ , واعلم :
- أن هذا الحاكم – مهما كان - لا يملك من أمره ولا من أمرك شيئا لأن الله هو صاحبُ الأمر
- أن الحُكمَ لو دام لغيره ما وصل إليه .
- أن هذا الحاكم سيقضي بك حاجاتِه ثم يرميك ,كما تُرمى قشور" الفول السوداني" مثلا غير مأسوف عليها.
- أن الإنسان –أي إنسان-لن يحترمَ إلا أصحابَ المبادئ الثابتين عليها , حتى ولو كان يُخالفُهم فيها , بل حتى ولو كان يحاربُهُم بسببها .ثم اذكر قول الله عز وجل:( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسَّكم النارُ).

88- على الطالب أن يعلم بأنّ الغشّ محرّم :
في أية مادة , سواء في المواد الكونية أو الدينية , وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"من غشنا فليس منا" . والغش ظلم وطريقة محرّمة للحصول على ما ليس بحقّ للطالب . والاتّفاق على الغشّ هو تعاون على الإثم والعدوان ولا يمت إلى التعاون على البر والتقوى بصلة . إن محاولة الغش مهما كان نوعها فضلا عن أنها حرام , فهي ليست سوى دليل على عدم الثقة بالنفس ، وعلى الخوف الدائم من الفشل , وليعلم الطالب بأن الغش لون من الانحرافات السلوكية التي يحاول الغشاش من خلالها الحصول على درجات وشهادات ليست من حقه بأية طريقة ممكنة . ومنه فعلى الطالب أن يستغني عن الحرام يُغْنه الله من فضله وأن يرفض كلّ وسيلة وعرْض محرّم يأتيه من غيره , وليعلم أن من ترك شيئا لله عوّضه الله خيرا منه . كما أن المطلوب منه أن ينصح من يقوم ببيع الأسئلة أو شرائها أو يقوم بنشرها بطريقة أو بأخرى محرمة , وأن يطلب منهم أن يتقوا الله ، وأن يخبرهم بحكم فعلهم وحكم مكسبهم . وعليه أنّ ينبه الغشاش إلى أن هذا الوقت الذي يقضيه في إعداد الوسائل المختلفة للغش المحرّم وفي التخطيط له , لو أنفقه في مراجعة المواد المختلفة واستيعابها بشكل جيد وفي المذاكرة الشّرعيّة وفي حلّ الاختبارات السابقة وفي التعاون مع زملائه قبل الاختبار لكان خيرا له وأقوم من الأعمال والاتفاقات المحرمة . فالحذر الحذر أيها الطالب من مجرد التفكير في الغش .

89- الأطفال والتلفزيون :
كشفت دراسة حديثة أن الأطفال الذين يشاهدون التلفزيون لأكثر من ساعة في اليوم معرضون لأن يكونوا عنيفين في المستقبل . وقد وجدت الدراسة علاقة قوية بين العدوانية ومشاهدة التلفزيون بين الذكور في مرحلة المراهقة وبين الإناث في المراحل الأولى للبلوغ . ومنه فإن على المعلم ( وإن كان الأمر بيد الأسرة أولا لا بيد المؤسسة التعليمية ) أن ينصح تلاميذه بالتقليل من التفرج على التلفزيون خاصة أفلام العنف والرياضات العنيفة وأخبار الحروب والقتال وسفك الدماء و..وأن يمتنعوا نهائيا عن التفرج على ما لا يجوز التفرج عليه شرعا من عورات النساء ومناظر الجنس الحرام .
وما يقال عن التلفزيون يقال مثله أو قريب منه عن الكمبيوتر والأنترنت والفيديو والألعاب الإلكترونية و...
ثم إن أراد الأولياء أن يُـنقص الأولاد من التفرج على التلفزيون , لا بد عليهم أن يقدموا لأولادهم وبناتهم البديل عن ذلك التفرج والبديل الطيب المفيد والنافع . وحتى إن لم يكن هذا البديل نافعا فيجب على الأقل ألا يكون ضارا .
ثم يجب التنبيه هنا إلى أن الطفل أصبح بسبب التلفزيون أو الألعاب الإلكترونية أو غيرهما من الوسائل , أصبح يعيش في مجتمع الحروب والقتال والعنف والظلم والتعدي والإساءة و ... . ويتعود مع الوقت على كل ذلك ويألف الأمر , حتى يصبح عنده أمرا عاديا , ويصبح الأمر شاغلا لجزء لا بأس به من تفكيره , ويصبح العنف ( ومعه الجنس أحيانا ) جزء أساسيا من حياته .
ومن المشاكل العظمى المترتبة عن كثرة تفرج الأطفال على العنف من خلال التلفزيون أو غيره من الوسائل أن عنفَ ما يرون وما يسمعون يُـفرغونه أحيانا في أقرب الناس إليهم ( وليس في الأعداء ) وهم : الأسرة , التي تصبح هي الضحية الأولى , بسبب تكاسلها أو تهاونها في ضبط الأولاد وعلاقتهم بالتلفزيون . وتتجه الأسرة بعد ذلك في اتجاه اتهام الأولاد بالعصبية , والحقيقة أنها ( أي الأسرة ) هي من ساهمت مساهمة فعالة – إلى جانب جهات أخرى كالشارع مثلا – في غرس هذه العصبية في نفسية الطفل أو الولد .
والله أعلم بالصواب .

90- لماذا يسألُ التلميذُ ؟ :
في الحقيقة ليس هدف العلم والمعرفة هو الغرض الرئيسي من كل أسئلة التلاميذ . ربما يكون في الكثير من الأحيان أحدَ الأسباب ولكن يجب على المعلم أن ينتبه إلى أنه يمكن أن تكون هناك أسباب أخرى ربما تكون أهم :
ا- منها لفت الانتباه ، فالتلميذ يريد في بعض الأحيان أن يقول لمعلمه ولمن يسأله منهم : " أنا هنا ، أرجوك أن تهتم بي ". والطفل هنا لا تهمه الإجابة في حد ذاتها بقدر ما يهمه إحساسه بأن معنى الإجابة أن معلمه الذي يجيـبه قد اهتم به وبسؤاله , لذا فإن إظهار الاهتمام بالطفل هو جزء من الإجابة على أي سؤال يسأله ، وقد يغنيه حتى عن سماع الإجابة . ب- ومنها رغبة التلميذ في إظهار قدراته اللغوية أو العلمية أو غيرها ، إنه يريد أن يجرب نفسه في القدرة على طرح السؤال وعلى إجادة هذه العملية وإتقانها وعلى استعراض قدرته في فعل ذلك ، لذا فربما يكون السؤال غير مقصود في ذاته والمقصود هو إعلام المعلم أن التلميذ يستطيع أن يسأل ويستطيع أن يطوّع اللغة ، أو أن لديه معلومات تمكنه من السؤال بهذه الطريقة المعينة . لذا فإن الثناء على السؤال أو السائل أو تعليم التلميذ كيف يسأل أو تغيير المعلِّم لطريقة السؤال قد يكون كل ذلك هو الجواب المناسب على السؤال وليس السؤال نفسه .
وقد تكون الرغبة في المعرفة هي الغرض من السؤال , والمفروض أن يكون هذا هو الغالب . والتلميذ هنا يريد معلومة جديدة , متفقة مع السؤال , صادقة , تحترم عقله ولا تستهين به , قد تُقدَّم مختصرة وقد تقدَّم مفصلة . وإذا لم يكن المعلم قادرا على الجواب في الحين أجَّل الجوابَ إلى وقت لاحق , ولا يجوز له بأي حال من الأحوال أن يقمع التلميذ أو يتحايل في الإجابة تحايلا مفضوحا أو يُقدِّم - عمدا - للتلميذ جوابا خاطئا أو معلومة بعيدة عن الصواب .
هذا مع ملاحظة أن التلميذ الذي يسأل أفضل مليون مرة من الذي لا يسأل , حتى ولو غضب الأستاذ أو المعلم أحيانا من كثرة أسئلة التلميذ .
ومع ذلك الأستاذ الصادق والمخلص يُـقدر الوقت فيفصل أو يختصر على حسب الوقت المتوفر , كما يُـقدر طبيعة السؤال فيجيب عما له علاقة بالمنهاج ويمكن أن يهمل غير ذلك من الأسئلة ,
ويقدم الأهم من الأسئلة على المهم منها , وكذا المهم على الأقل أهمية . والله أعلم بالصواب .

ليست هناك تعليقات: