الثلاثاء، 17 يونيو 2008

خواطر ( من 171 إلى 180 ) :

بسم الله
عبد الحميد رميته , الجزائر

171 – " الم غلبت الروم في أدنى الأرض " :
أخبر القرآن بأن الروم انهزموا , ولكنهم سينتصرون بعد حين ( ألم ,غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون, في بضع سنين . لله الأمر من قبل ومن بعد.ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ) . لو كان ما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم من عنده ,كيف يجرؤ على أن يغامر بهذه الطريقة ؟!. إن لم ينتصر الروم على الفرس في أقل من 10 سنوات ( بضع ) , فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يصبح كاذبا ( حاشاه ) عندئذ ,ولن يصدقه أحد بعد ذلك,إلا أن يكون كاذبا مثله.هل حدث هذا بالفعل ؟.لا وألف لا.لم يحدث ذلك,بل الذي حدث هو عين ما أخبر به القرآن الكريم.لقد انتصر الروم على الفرس قبل تمام الـ 10 سنوات من نزول البشرى على الرسول صلى الله عليه وسلم.ألا يدل هذا على أن محمدا صلى الله عليه وسلم نبي ورسول , وعلى أنه ليس هناك من هو أصدق من الله عالم الغيب والشهادة سبحانه وتعالى .

172 – عن الصوفية والمتصوفة :
العبرة بالمسمى لا بالإسم . ومنه لا مشكلة ولا مشاحة في التسمية : تصوف أو زهد أو ورع أو تقوى أو...المطلوب ألا نهتم كثيرا بالإسم , وإنما العبرة فقط بالمسمى أولا وأخيرا .ومنه إن كانت الصوفية مساوية للإيمان والتقوى والزهد والورع , ولم يكن فيها ظاهرٌ وباطنٌ ولا سكوت عن الباطل أو عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو عن الجهاد في سبيل الله , كما ليس فيها موالاة للمستعمر وللحكام الظلمة , كما ليس فيها دروشة أو شعوذة أو دجل أو سحر أو عبادة للشيخ , كما ليس فيها بدع ولا محرمات في الذكر والدعاء والصلاة وتلاوة القرآن , ولا فيها ما يخالف إجماعا أو أصلا من أصول الدين أو شيئا مما هو معلوم من الدين بالضرورة أو ...إذا كانت هذه هي خصائص الصوفية التي نتحدث عنها , فأهلا وسهلا بها , ولا بأس عندئذ على أي واحد منا أن يتبنى الصوفية أو أن يكون صوفيا . وأما إن كان في الصوفية أيُّ شيء مما ذكرتُ أو ما كان في حكمه , فإن الصوفيةَ تصبح عندئذ شرا مستطيرا وتصبحُ بلاء عظيما , كما تصبحُ باطلا كبيرا تجب محاربته بالقلم واللسان واليد وبكل سلاح مشروع وممكن
, كما تصبحُ الصوفية عندئذ اتباعا للهوى المُضل وللنفس الأمارة بالسوء وللشيطان اللعين ولا تبقى أبدا عبادة لله تعالى . ومن الصوفية مستقيمون جدا على أمر الإسلام , ومنه فهم علماء وعظماء وأبطال ومجاهدون وشهداء وصالحون وورعون وثقات وزهاد , وهؤلاء موجودون في كل زمان ومكان , يمكن أن نذكر منهم مالك بن دينار وعبد الله بن المبارك والفضيل بن عياض ، وإبراهيم بن أدهم ، وأبي سليمان الداراني ، ومعروف الكرخي ، والسري السقطي ، والجنيد بن محمد ، و.... والشيخ عبد القادر [الجيلاني] والأمير عبد القادر الجزائري و... والمئات على طول التاريخ الإسلامي وعرضه . ولكن من الصوفية كذلك من هم جهلة وفساق وفجار ومبتدعة وخونة ومجرمون , يمكن أن نسمي منهم المئات أو الآلاف , كما كان حال أغلبية الصوفية أثناء فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر ( خاصة في أواخرها ) حيث كان الإمامُ العلامة والمصلحُ الكبير "عبد الحميد بن باديس" رحمه الله رحمة واسعة , كان يحاربُ الاستعمارَ الفرنسي بيد ويحاربُ الصوفيةَ باليد الأخرى لأنهم كانوا للأسف الشديد أدوات الاستعمار وخدامه وأعوانه لسنين طويلة .
ومنه فإنني قلتُ بأن الإسم ليس مهما , وإنما المهم هو المضمون والجوهر , وكذا الصفات ( والخصائص ) التي يتصف بها الصوفي : فإن وافقت الكتاب والسنة وإجماع العلماء فأهلا وسهلا بالصوفية وبالمتصوفة , وأما إن خالفتهما فلا بارك الله فيها وفي أصحابها . وأما عن مصطلح " الصوفية " فيرفضه البعض ويقبل به آخرون . والعبرة كما قلتُ هي في المسمى , ولا يجوز أو لا يليق أبدا أن تكون في الإسم . نسأل الله أن يحفظنا وأن يخـتم لنا بالخير آمين . والله وحده أعلم بالصواب .

173- أصول الدين لا تتبدل ولا تتغير :
مما يدل على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يبلغ عن الله وعلى أن الله بالفعل أحد صمد " لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ . وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ ", أن كل قوانين البشر لا تنضج مرة واحدة وإنما يضعها أصحابها في البداية , وعند تطبيقها يأتي المجتمع بأحداثه ويضغط بهذه الأحداث فيجد المشرعون بأن هناك تغيرات في قوانينهم , فيحاولون تعديلها ويحاولون تغييرها . إن المشرع من البشر حين يشرع يغيب عنه في البداية ما يؤول إليه التطوير , فعندما يظهر له ما كان خفيا عليه يبدل ويغير حتى ما كان يعتبر ثابتا,ويناقش حتى ما كان عنده لا يقبل المناقشة . أما ما جاء النبي صلى الله عليه وسلم مما هو ثابت من ثوابت الدين أو مما ورد فيه نص قطعي الدلالة قطعي الثبوت , فإنه بلغه مرة واحدة وكان ولا زال حتى الآن صالحا , بل هو أصلح موجود , ولم يجرؤ أحد حتى الآن أن يطعن في صلاحه أو يأتي عليه باستدراك من واقع المجتمع أو من المنطق العقلي سواء كان الأمر من شؤون الدين أو الدنيا , مع أنه بقي كما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم بدون أي تبديل أو تغيير.بل المعروف عندنا في الدين أن من بدل شيئا من ذلك يعتبر كافرا بعد إقامة الحجة عليه .

174- عن الدعاء للكافر أو عليـه :

قرأ لي أخ عزيز هذه الفقرة من موضوع طويل نشرتُه في الأيام الماضية في منتدى من المنتديات " لو فرضنا بأن بوش( عدو الله ورسوله ) هداه الله في يوم من الأيام إلى الإسلام وصلُـح أمره واستقام حالُـه وأصبح عالما من علماء المسلمين أو داعية من الدعاة إلى الله . نفرضُ أن ذلك وقعَ , ولا دليلَ أبدا على أنه لن يقعَ , لأن علمَ الغيبِ علمُـه عند الله وحدهُ . هل يجوزُ لنا عندئذ أن نقول " لا يا الله أنا لن أتبع بوش حتى ولو كان هو عالم أهل السنة والجماعة الوحيد في الدنيا اليوم " !!!. هل يجوزُ هذا , وهل يُباحُ هذا ؟! . والجوابُ هو " لا وألف لا . إن هذا لا يجوز أبدا وهو حرامٌ بكل المقاييس وأولها المقياس الشرعي ". إن المطلوبَ مني إن هدى اللهُ بوش وأصبح عالما أو داعية , أن أُحوِّلَ كراهيتي له إلى حب وأن أُحوِّلَ حرصي على مخالفته إلى حرص على اتباعه والاقتداء به وأن أُحوِّلَ دعائي عليه بالشر إلى دعاء له بالخير , ...ثم أتمنى في النهاية أن يحشرني الله معه – يوم القيامة - ومع غيره من العلماء والدعاة في كل وقت , ومع الأنبياء والأولياء والشهداء والصالحين" . ا. هـ.
قرأ لي الأخ الكريم هذا الكلام ثم سألني – مشكورا - فقال " هناك كفارٌ كفرهُم صريحٌ مثل بوش وغيره من المعادين للإسلام والمسلمين , ومنه فلا يليق أن ندعو لهم بالهداية كأن نقول ( اللهم اهد بوش ) . أنا يبدو لي بأن هذا الدعاء فيه نظر , والله اعلم . كما عادى بوش المسلمين وقتل وسفك دماءهم , فإنني أرى بأنه لا يليق بنا إلا أن ندعوا الله أن ينتقم منه وأن يسلط عليه عذابه الشديد . ما رأيك ؟! " .فأجبـتُـه قائلا :
مما هو معلوم بداهة في ديننا أنه لا يجوز لنا أن نترحم أو أن نستغفر لكافر أو مشرك " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربي من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم " , أي بعد أن نتأكد – بيقين - من أنهم ماتوا بالفعل على الكفر أو الشرك . وأما من مازال حيا منهم , فإنه مهما حارب الله ورسوله والإسلام والمسلمين يجوز لنا أن ندعو له بالخير وبالهداية , فإذا هداه الله جاز لنا بعد ذلك أن نستغفر له ونـترحم عليه .
ومنه فإن من دعا على كافر أو مشرك ( مازال لم يمت بعدُ مثل " بوش" حاليا ) بالشر وبأن ينـتقم الله منه وبأن يعذبه الله في الدنيا وفي الآخرة جاز له ذلك بلا ريب أو شك . وأما من دعا له بالخير وبالهداية وبالإسلام والإيمان فإن ذلك جائز له كذلك وبكل تأكيد . ومنه فإنني – شخصيا – ومع أنني أُبغض بغضا شديدا " بوش " ومع ذلك فإنني أتمنى ومن أعماق قلبي لو يهديه الله للإسلام والإيمان . إن هذا يفرحني وسأعتز به كل الاعتزاز وسأحـتـفل بذلك تعبيرا مني عن فرحتي بانضمام مسلم آخر ومؤمن آخر إلى قائمة المسلمين المؤمنين الموحدين لله تبارك وتعالى . أنا أدعو أحيانا بأن ينتقم الله منه دنيا وآخرة ( وهذا جائز لي ) , وأنا أدعو في أحيان أخرى قائلا " اللهم اهده إلى الإسلام . وأما إن سبق في علمك يا الله أنه لن يهتدي فإنني أسألك أن تُـخزيَـه في الدنيا قبل الآخرة " اللهم آمين ( وهذا جائز لي كذلك ) .
1- هل مثلا لو أتيحت لي الفرصة للتحدث مع بوش عن الإسلام ودعوته إلى الإسلام و ... هل أُغلق هذا الباب أمام نفسي وأمامه هو وأقول له " باب التوبة مغلق أمامك أنت يا بوش لأنك حاربت الله ورسوله والمسلمين كثيرا , وأنت لذلك لا يصلحُ لك إلا انتقام الله منك "!!!. هذا موقفٌ لا يصلح أبدا من الناحية الشرعية , لأن باب التوبة مفتوحٌ أمام العباد ( كل العباد ) ما لم يغرغر أحدهُم , أي ما لم يصل إلى لحظات الاحتضار قبيل وفاته . ثم هذا موقفٌ لا يصلح شرعا لأن الله وحده أعلم بمن ينـتقم منه ومن يعفو عنه , وهو وحده أعلم كذلك بمن يخـتم له بالخير ومن يخـتم عليه بالشر , وهو وحده أعلم بمن يستحق رحمته ومن لا يستحق إلا عذابه .
2- ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم " أو " خير لك مما طلعت عليه الشمس " ولم يستـثن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا مهما كان فاسقا أو فاجرا أو كافرا أو مشركا أو منافقا أو عدوا لله ولرسوله وللمؤمنين والمسلمين .
3- ثم إن مات شخصٌ على الكفر ثم أدخله الله يوم القيامة النار , فإننا لا نشك أبدا ولا يجوز لنا أن نشك أبدا في عدل الله ثم في رحمته سبحانه وتعالى , حتى ولو عاش هذا الشخصُ ألفَ سنة والناس لا يعرفون عنه إلا أنه عابد لله تقي نقي ورع زاهد و... يجب أن نكون على يقين ما دمنا مسلمين مؤمنين أن الله ما أدخله النار إلا لأنه يستحق النارَ , ولأنه يعلم منه ما لا يعلمه الناس منه , ولأنه يعلم الظاهر والخفي وأما الناس فلا يعرفون إلا الظاهر فقط , , ولأن الله هو العدل " ولا يظلم ربك أحدا " .
وفي المقابل : إن مات شخصٌ على الإسلام ثم أدخله الله الجنة يوم القيامة , فإننا لا نشك أبدا ولا يجوز لنا أن نشك ولو للحظة من الزمان في عدل الله ثم في رحمته سبحانه عزوجل , حتى ولو عاش هذا الشخص ( مثل بوش وأكثر من بوش , وفرعون وأكثر من فرعون ) ألف سنة والناس لا يعرفون عنه إلا أنه كافر ومشرك وعدو للإسلام والمسلمين , ولا يعرفون عنه إلا أنه عاش أغلب حياته يحارب الأرض والسماء بالليل والنهار بالقول والفعل , ولا يعرفون عنه إلا أن فيه وعنده " العيوب السبعة " كما يقول الناس في مَـثَـلهم المشهور , ولا يعرفون عنه إلا أنه لم يفعل في حياته خيرا قط . يجب أن نكون على يقين ما دمنا مسلمين مؤمنين أن الله ما أدخله الجنة إلا لأنه يستحقها ( برحمة الله طبعا ) , ولأنه يعلم منه ما لا يعلمه الناس منه , ولأنه يعلم الظاهر والخفي وأما الناس فلا يعرفون إلا الظاهر فقط , , ولأن الله هو العدل " ولا يظلم ربك أحدا " , ولأن الله أحكمُ الحاكمين إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [المائدة:118] . وهذا الكلام – كما هو واضحٌ - يتضمن رد المشيئة إلى الله عز وجل ، فإنه هو وحده الفعال لما يشاء لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:23] .
4- ثم مما نعرفه من سيرة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أن قومَـه بمكة حاربوه طويلا حربا شعواء طويلة وعريضة , انطلاقا من بغضهم له ولله وللدين وللحق وللعدل و ... وأتيحت له الفرص الكثيرة ليدعو عليهم فيستجيب الله له بإذنه تعالى , وعرض عليه الملَـك أن يُـطبق عليهم الجبلين فرفض رسولُ الله صلى الله عليه وسلم واختار الدعاء لهم , وأتيحت له الفرصة في فـتح مكة أن يقـتلهم عن آخرهم , ومع ذلك فإنه لم يفعل بـل قال " اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون " و " إذهبوا فأنتم الطلقاء " و قال الله له " فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك , فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر " وقال الله عنه " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عندتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ، فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم " .
5- ثم مما نعلمه من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان جبارا في الجاهلية , ومع ذلك ما قال رسول الله بأنه لا يصلح له إلا انتقام الله منه , بل كان يدعو الله بأن ينصر الإسلام ويُـعزه بأحد العمرين ( اللهم أعز الإسلام بأحد العُمرين ) , و هما عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام . إن عمر بن الخطاب كان جبارا في الجاهلية , ومع ذلك دعا رسولُ الله اللهَ عزوجل بأن يهديه ويُعز الإسلامَ والمسلمين به . والله استجاب لدعائه فهدى عمر الذي أصبح عظيما من عظماء الإسلام . وعندما أسلم عمر فرح رسول الله والمسلمون بذلك فرحا شديدا مع أن بأسه كان شديدا على المسلمين قبل إسلامه رضي الله عنه .
وأما الرجل الثاني " عمرو بن هشام " الذي هو أبو جهل , والذي هو من هو في عداوته للإسلام والمسلمين , والذي كان فرعونا من الفراعنة الكبار الظالمين الفاسدين في عصره , ومع ذلك دعا رسول الله اللهَ عزوجل أن يهدي ويُعز الإسلامَ بأحد رجلين : هو أو عمر بن الخطاب . وعندما دعا رسولُ الله اللهَ عزوجل أن يهدي أحدهما وأن يُعـز الإسلام به كان كل من الرجلين كافرا , بل كان جبارا في الكفر .
6- ثم إن خالدا بن الوليد رضي الله عنه حارب الإسلام والمسلمين لسنين طويلة وكأن بأسه على المسلمين شديدا جدا , ومع ذلك لم يتمن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبدا أن ينتقم الله منه بل كان يتمنى باستمرار له الهداية والإسلام والحق والخير , وعندما هداه الله إلى الإسلام فرح بإسلامه فرحا شديدا , وسماه " سيف الله " . عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلاً فجعل الناس يمرون فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا ؟ , فأقول : فلان , حتى مر خالد , فقال : من هذا ؟ , قلت : خالد بن الوليد , فقال : نِعْمَ عبد الله , هذا سيفٌ من سيوف الله " رواه الطبراني في الكبير وابن سعد في الطبقات والحاكم في المستدرك .
7- ثم إن " وحشي بن حرب " الذي قتل عم النبي محمد صلى الله عليه وسلم " حمزة بن عبد المطلب " الذي كان عزيزا جدا عنده وكان يحبه كثيرا , لأن بلاءه في الإسلام كان كبيرا وعظيما ولأنه أصبح بعد ذلك سيد الشهداء رضي الله عنه وأرضاه . ومع ذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل بأن وحشيا لا يستحق إلا انتقام الله منه , بل فرح كثيرا بإسلام " وحشي " فيما بعد ( أي عندما أسلمَ ) مع أنه كان قاتلا لحبيبه وعمه حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه .
8- رسول الله محمد صلى عليه وسلم كان يحرص على إسلام عمه أبي طالب حتى مات , وكان يقول له قبيل وفاته " يا عم ! قل لا إله إلا الله أشفع لك بها عند ربي " , أي حتى وإن لم تفعل خيرا , أي حتى ولو قلـتَـها ثم مِـتَّ على الإسلام بعد ذلك . أليس هذا قمة الأدلة على جواز الدعاء للكافر . إن رسول الله كان يتمنى إسلام عمه أبي طالب من أعماق قلبه , ثم حزن حزنا شديدا على عمه لأنه مات على الكفر ( وكذا لأنه فقد بموته ناصرا ومعينا ) . حزن رسول الله لأن الله لم يهد عمه أبا طالب فأنزل الله عليه " إنك لا تهدي من أحببت , ولكن الله يهدي من يشاء " .

175- " سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم " :
إن من يقرأ عن العالم الداخلي للإنسان – على سبيل المثال لا على سبيل الحصر – يجد نفسه مجبرا على الإيمان بأن الله حق وأنه على كل شيء قدير وأنه هو الذي خلقنا وإليه مرجعنا في النهاية.كما أنه سيصل في النهاية إلى أنه لا يمكن أن يكون كل هذا الخـلق العظيم تم بالصدفة ( لا يقول بهذا إلا جاحد أو مجـنون ) , وصدق الله حين يقول ” :سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ) ,وأنه لا يمكن أن يكون كل هذا الخلق لإلهيـن إثنين لأنه ( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ).

176- التعليم في بلادنا لائكي كالسياسة تماما :
وفي هذا الإطار يحاول حاليا " حزب فرنسا "
( عندنا في الجزائر ) أن يلغي مثلا الجامعة الإسلامية من بين مؤسسات الدولة التعليمية في بلادنا , لأنه يرى أنها – والتعليم الديني عموما – هي السبب في تخلفنا وفي نشأة ما يسمى بالإرهاب في الجزائر وفي العالم .
كما يحاول هذا الحزب أن يقدم تدريس اللغة الفرنسية إلى السنة الثانية أو الثالثة ابتدائي كخطوة أولى بطبيعة الحال في انتظار تقديمها إلى السنة الأولى بعد ذلك جنبا إلى جنب مع أختها العربية !!!. وفيما بعد يمكن ( ولِمَ لا ؟! ) أن تُـقدم الفرنسية على العربية على اعتبار أن العربية لغة التخلف وأن الفرنسية - لا الإنجليزية - هي لغة التقدم وهي لغة العلم والتكنولوجيا حاليا !!!.
هذا على مستوى المؤسسات التعليمية , أما على مستوى الإدارة الجزائرية بشكل عام فالفرنسية ما زالت هي السيدة الأولى , والعربية هي – عمليا – اللغة الثانية . وأما قانون تعميم استعمال اللغة العربية فمازال مجمدا حتى الآن , وسيبقى التجميد قائما إلى أجل غير مسمى .
هذا مع ملاحظة أن " حزب فرنسا " ما زال مصرا حتى الآن على الإبقاء على التعليم الجامعي بالفرنسية لا بالعربية مع أنه بالإمكان تعريبه من سنوات وسنوات وبسهولة – إذا توفر الإيمان القوي والإرادة الفولاذية - لأن الإمكانيات المادية متوفرة والمراجع متوفرة كذلك والكثير من إخواننا في دول عربية أخرى مستعدون لتقديم العون لنا . وأما حكاية " لم نقدر " فغير صحيحة البتة , ولكن الصحيح هو أننا حتى الآن " لا نريد " أو أن حزب فرنسا لا يريد للجزائر ذلك .
ومع البرامج التعليمية الجديدة التي بُـدئ في تطبيقها في الابتدائي والمتوسط والثانوي منذ 5 سنوات , يحاول
" حزب فرنسا " أن :
ا- يعيد – بالتدريج وبذكاء – للفرنسية مكانتها من جديد , وذلك في التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي , عوض تعريب التعليم الجامعي .
ب- وكذا يبعد هيمنة وتأثير الإسلام والعلوم الإسلامية على مناهج التعليم في بلادنا , خاصة منها العلوم الإنسانية كالفلسفة والسياسة والاقتصاد والاجتماع والتربية والتعليم وعلم النفس و...هذا مع ملاحظة أن العلوم الكونية كالفيزياء والرياضيات و... لا جنسية لها , ومنه يمكن أن تُؤخذ من مسلم كما يمكن أن تؤخذ من كافر . وأما العلوم الإنسانية فيجب أن تكون منطلقاتها دينية وشرعية وإسلامية , وإلا كنا لائكين وعلمانيين في التعليم سواء اعترفنا بذلك أم لم نعترف بذلك .
فإنا لله وإنا إليه راجعون .

177- الزوج والزوجة بين الحب والمهابة :
علاقة الرجل بزوجته , العلاقة المثالية التي ترضي الله ثم تحقق سعادة الدارين : الدنيا والآخرة . , هذه العلاقة يجب أن تكون مبنية على دعامتين أساسيتين اثنتين :
الأولى : معاملة طيبة وعشرة حسنة لزوجته , يكسب بهما محبتها له .
الثانية : جد وحزم مع زوجته , يكسب بهما هيبتها واحترامها وتقديرها له .
أما إن توفرت المعاملة الطيبة وحدها , فيمكن أن تفهم الزوجة ( مع الوقتِ ) طيبة زوجها معها وكأنها ضعف فتذله وتحتقره وتركب على ظهره ركوبا من الصعب على الرجل أن يتخلص منه بعد ذلك مهما حاول .
وأما إن توفر الجد والحزم وحدهما , فيمكن أن يُنتج مع الوقت خوفا من المرأة لزوجها . وإذا أصبحت المرأة تخاف زوجها فما بقيت للحياة الزوجية طعم ولا لون ولا رائحة , وما بقي لها معنى .
وأحسن ما يجب أن يكون من الزوجة لزوجها : حب ومهابة .
والله أعلم بالصواب وهو وحده الموفق والهادي لما فيه الخير .

178- متى نَحترمُ العاداتِ والتقاليدَ :
الإسلامُ طلبَ منا أن نحترمَ عاداتِ وتقاليدَ الناس الذين يعيشون معنا أو حولنا , ومنه فالعرفُ مصدرٌ من مصادرِ التشريع الإسلامي عند بعض الفقهاء مثل الإمام مالك رضي الله عنه . والعرفُ الذي هو مصدرُ تشريع له بطبيعةِ الحال شروطُـه التي يمكنُ معرفـتُـها من خلال الرجوعِ إلى كتبِ أصول الفقه مثلا . والإنسانُ المسلمُ - وخاصة الداعيةُ – مطلوبٌ منه أن يراعيَ عاداتِ وتقاليدَ الناس الذين يدعوهم إلى الإسلام وإلى آدابه وأخلاقه وتعاليمه و... ليكسبَـهم إلى صفِّـهِ وليجعلهم مستعدين أكثرَ للسماعِ منه ولقبولِ دعوته قبولا حسنا . ولكن ككلِّ شيء آخر فإن الشيءَ إذا زادَ عن حدِّه انقلبَ إلى ضدهِ , ومنه فإن خيرَ الأمورِ أوسطها , بمعنى :
ا- أنه لا يُقبل من المسلمِ الحرصُ المستمرُّ على مخالفةِ الناسِ في كل عاداتهم وتقاليدِهم إلى حدِّ أن يصبحَ شعارُ الشخصِ المسلمِ وكأنه " خالفْ تُعرفْ " , وهو شعارٌ قبيحٌ جدا وسيءٌ جدا .
ب- أنه لا يُقبلُ من المسلمِ أن يحرصَ على الموافقةِ الدائمةِ والمستمرةِ لكل عاداتِ وتقاليدِ الناسِ إلى درجة تقديسِ هذه العادات والتقاليد بحيثُ تصبحُ تساوي – من حيث المكانة والمنزلة – الدينَ , أو تصبحُ هي الأهمَّ ثم يأتي الدينُ بعدها الذي يصبحُ ( هو ) مهما فقط , والمعروفُ أن الأهمَّ مقدمٌ على المُـهِـمِّ .
والعادات والتقاليدُ تُحترمُ مادامت لا تصادمُ شرعا وكذا مادامت غيرَ مكلِّفة . إذا توفر الشرطان معا فأهلا وسهلا بها , وأما إن لم يتوفر الشرطان معا فلا بارك الله فيها .
ومن أجل التوضيح أقول :
1- تعودَ الناسُ على أن الواحدَ لا يزورُ قريبا إلا إذا اشترى " قَـضْـيَـة " معيـنـة ( بلهجة الجزائريين ) فيها لباسٌ أو أكلٌ أو شرابٌ أو ... وأخذهُ معهُ إلى بيتِ القريبِ .
* إن لم يُـكلِّـفْ المؤمنُ نفسَهُ بما يشتريهِ ( بأن كان قادرا على ذلك ) فلا بأس أن يراعيَ التقاليدَ والعاداتِ وأن يراعيَ الشرعَ في صلةِ رحمِهِ , وهذا أحسنُ وأفضلُ الحلولِ بإذن اللهِ .
* * ولكنْ إن قال المؤمنُ " أنا لا أقدرُ على تكلفةِ الشراءِ , وفي نفس الوقتِ أنا لا أقدرُ على مخالفة العاداتِ والتقاليدِ التي تُـحـتِّـم علي أن أشتري شيئا قبلَ أن أزورَ , إذن لا أشتري ولا أزور " , فإننا نقولُ لهُ " كونك لا تقدرُ على الشراء فلم تشترِ هو موقفٌ سليمٌ جدا , لأن احترامَ العاداتِ كما قلنا مطلوبٌ بشرط أن لا تشقَّ على نفسكَ , فإن كانت مراعاةُ العاداتِ تؤدي إلى المشقةِ , فلا بارك الله فيها . إذن الحلُّ في أن تزورَ ولكن بدون أن تشتريَ شيئا , وأنتَ بهذا تراعي الشرعَ ولا تُكلفُ نفسَك , فـتضربُ بذلكَ بحجر واحد عصفورين .
وأما أن لا تزورَ قريـبَـكَ لأنكَ غيرُ قادر على الشراءِ وغيرُ قادر كذلكَ على مواجهة التقاليدَ التي تُحتمُ عليك أن لا تزورَ إلا ومعكَ شيئا اشتريتهُ , فهذا موقفٌ مرفوضٌ لأنكَ بهذا تكونُ قد قدَّمتَ مراعاةَ الناسِ على مراعاةِ الله وشرعهِ حينَ خِـفتَ من كلامِ الناسِ ولم تخفْ من اللهِ الذي أوجبَ عليكَ أن تصلَ رحمَكَ سواء اشتريتَ شيئا أم لم تشترِ أيَّ شيء ".
2- تعودَ الرجالُ – خاصة عندنا في الجزائر – على أن الرجلَ عندما يذهبُ عند أقاربهِ يُـسلِّـمُ على قريـبـته الأجنبية عنه ( أي يُقبلُ المرأةَ على الوجهِ كما يُـقَـبِّـلُ الرجلُ الرجلَ عادة ) مثل ابنة العم أو ابنة الخال أو زوجة العم أو زوجة الخال أو زوجة الأخ أو ... وهو تقبيلٌ حرامٌ بلا أي خلاف بين الفقهاء قديما أو حديثا , وهذا الفعلُ عادةٌ قبيحةٌ جدا وسيئةٌ جدا تعودَ عليها الناسُ من زمان لأسباب عدة منها الجهلُ ومنها قلةُ الحياءِ ومنها ...
* إن زارَ الرجلُ قريبَهُ ولم يُسلِّمْ على أية امرأة أجنبية عنه في بيتِ قريـبِـه , فذلك هو المطلوبُ والمحمودُ والمشروعُ , وفي ذلكَ ما فيه من الأجرِ بسببِ صلةِ الرحمِ وبسببِ الامتناعِ عن التسليمِ المحرمِ على النساء , حتى وإن خالفَ بعض العاداتِ والتقاليدِ . ومخالفةُ التقاليدِ والعاداتِ هنا مطلوبةٌ لأن التقاليدَ مرفوضةٌ شرعا , وذلك لأن العاداتِ تقولُ للرجلِ " سلِّم " , ولكن الشرعَ يقول لهُ " لا تُسلِّمْ ".
* * وأما إن زارَ الشخصُ وسلَّم على النساءِ خوفا من كلامِ الناسِ أو من كلامِ الأقاربِ ولومِهم لهُ , فهذا مرفوضٌ لأن الله أحقُّ - من الناس كلهم ومن كل العادات والتقاليد - أن يخشاهُ المؤمنُ , ولأن الشخصَ بهذهِ الطريقةِ أحسنَ من جهةِ صلةِ الرحم , ولكنه أساء من جهةِ التسليمِ المُـحرمِ على النساءِ الأجنبياتِ .
* * * وأما إن امتنع الرجلُ عن زيارةِ أقاربهِ خوفا من أن يضطرَّ للتسليم المحرم على النساء الأجنبيات ( لأنه لا يقدرُ على الامتناعِ خوفا من كلامِ الأقارب ومن كلام النساءِ ) , فهذا كذلك موقفٌ غيرُ مقبول منه , لأنه أحسنَ حيثُ لم يُـسلم على أجنبية عنه من النساءِ ولكنه في مقابل ذلك أساءَ حينَ قطعَ رحمَهُ خوفا من كلامِ الناس مع أن الخوفَ من اللهِ أولى .
3- تعود الناسُ عندنا في الجزائر على أن العريسَ يأتي في كثير من الأعراس بفرقة موسيقية في حفل زواجه , لـيُـقدِّم لمن يحضرُ العرسَ حفلا يستمرُّ لحوالي 6 ساعات ( حتى قبيل الصبح ) كلها أو جلها غناءٌ ساقط وهابط وموسيقى صاخبةٌ ورقصٌ مائع ومنحل للرجال مع بعضهم البعض أو أمام النساء الأجنبيات , بطريقة لا يُجيزها ولا يُـبيحها ولا يُحلها عالمٌ من العلماء وبطريقة تُسخط الرحمانَ ولا تُـرضي إلا الشيطانَ والعياذ بالله تعالى , هذا فضلا عن إزعاج الناس النيام بمكبرات الصوت طيلةَ الليل , وفضلا عن الخسائرِ المادية الباهظة والأموال الطائلة التي تُـنفق على هذه الفرقة الموسيقية الشيطانية .
* إن لم يأت العريسُ بهذه الفرقة أصلا ولم ينفق عليها سنـتيما , فإنه وإن أغضبَ بعضَ الناسِ وخالفَ بعض التقاليدِ ولكنه في المقابل لم يُـكلفْ نفسَه ماديا وكذلك أرضى اللهَ ولم يُسخطْـهُ في أول يوم من حياته الزوجيةِ .
* * وأما إن أقامَ العريسُ الحفلَ بهذه الفرقة الشيطانية فإنه يكونُ قد أسخطَ اللهَ بارتكابه للحرامِ ويكون كذلك قد كلَّـفَ نفسه ماديا , أي أنه يكونُ قد اشترى النارَ وغضبَ اللهِ وسخطَهُ بالمال . ويكونُ قد فعلَ كلَّ ذلك ( ارتكبَ الحرامَ وكلَّـف نفسه ماديا ) , بسببِ الخوفِ من كلامِ الناس أو من أجل إرضاء الناسِ . فعلَ الحرامَ وكلَّـف نفسه ماديا من أجل مراعاةِ العاداتِ والتقاليد التي قلتُ في البداية بأنه لا يليقُ أن تراعى إلا بشرطين : الأول عدم مخالفة الشرع , ثم الثاني عدم تكليفنا لأنفسنا التكليف الزائد. والشرطان هنا غير متوفرين .
اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة آمين .
179- سؤالٌ يُطرحُ في كل وقت وسؤالٌ لا يمكنُ أن يطرحَ أبدا :

السؤالُ الأول : هل سمعتَ أخي القارىء في حياتك – من واقع الناس اليوم أو من التاريخ القديم أو الحديث - بشخص ضاقت به أحوالُـه وشَقيَ وأصابـهُ ما أصابه من الهم الحَـزن , فراح يسألُ هنا وهناك , يسألُ القريبَ والبعيد , يسألُ من يعرفُ ومن لا يعرف , يسألُ السؤالَ الآتي " يا ناس لقد سِـرتُ لمدة طويلة في طريقِ المعصيةِ والإثم والذنب والظلم والإساءة والتعدي والفسق والفجور والسقاطة و ... طلبا للراحة والهناء والسعادة , وسرتُ على هذا الطريق لسنوات وسنوات , ولكنني لم أجد شيئا من ذلك الذي تمنيتهُ وتوقعتهُ ورجوتهُ , بل لم أجد إلا العكسَ , أي أنني لم أجد إلا الهمَّ والقلق والحزن والكآبة والوسواس و"الخلعة" واليأس والقنوطَ و...فدلوني يا ناس على رجل مؤمن تقي نقي ورع , وعالم بالدين , ويخاف الله , ويستحي منه , ويراعي حدوده , و...أحكي له ما مرَّ بي وأشكو له بَـثي وحُـزني , لعله ينصحني بما يُخرجني مما أنا فيه وبما يهديني إلى سواء السبيل وبما يرشدني إلى الطريق الذي فيه سعادتي الحقيقية في الدنيا وفي الآخرة ". هل سمعتَ أخي القارئ في حياتك بشخص يطرحُ هذا السؤالَ ؟. وأنا أجيبك عوضا عنك بأنك سمعتَ عن الكثيرين ممن طرحوا هذا السؤالَ , وأنا كذلك معك سمعتُ عن الكثيرين ممن طرحوا هذا السؤالَ . وُجدَ هذا الشخصُ من قبل , وهو موجودٌ اليوم , وسيبقى موجودا في دنيا الناس إلى يوم القيامة .
السؤالُ الثاني : ولكن هل سمعتَ – في المقابل – ( أو قرأتَ أو رأيتَ أو ...) عن شخص سار في طريق الحق والعدل وفي طريق الإيمان والتقوى وفي طريق الأدب والخلق وفي طريق الصلاة والصيام والقيام والذكر والدعاء و...ولكن هذا الطريقَ ما حقَّـقَ لـهُ ما يتمناه من الخير في حياته , فأراد أن يغير الطريقَ والسبيلَ . لذلك طلب من الناس أن يَـدُلوه على أسقطِ إنسان فيهم " عن السكير , والمدمن على المخدرات , والسارق , والكاذب , والخائن , والمنافق , والزاني , وقاتل النفس عمدا وبغير حق , والعاق لوالديه , والجاهل لشؤون الدين والدنيا و... " من أجل أن ينصحه ويوجهه إلى ما يمكن أن يريحه ويحقق له الهناء والراحة والسكينة والطمأنينة والسعادة على الأقل في الحياة الدنيا !. هل سمعتَ عن شخص سار في طريق الدين الذي ما حقق لهُ الخيرَ فذهب عند أفسق وأسقط إنسان في قريته أو في مدينته وقال له " يا شيخ أو يا سيد أو يا أستاذ أو يا إمام أو يا ساقط ويا فاسق ويا فاجر (!!!) لقد سمعتُ كثيرا عن عداوتك لله ولرسوله وعن ولائك للشيطان اللعين وللهوى المُضل وللنفس الأمارة بالسوء و... وسمعتُ أنك لا تؤمن بالله أو أنك تؤمن بالله ولكنك لا تصلي ولا تصوم ولا تزكي ولا تحج ولا ... هل يمكنك أيها الشيطان الأكبر... أن تدلني على ما يريحني ويسعدني ويطمئنني على الأقل في الحياة الدنيا !!! ". هل سمعتَ عن شيء من هذا حدث في دنيا الناس في يوم من الأيام ؟!. والجوابُ هو " لا , ثم مليون لا , ثم ما لا نهاية من المرات لا . ما حدث هذا وهو لا يحدثُ اليوم ولن يحدثَ أبدا في يوم من الأيام . وحتى أن تصورَ حدوثِ هذا الأمر , مجرد تصور يُضحكُـنا لأننا نعلمُ يقينا أنه غيرُ ممكن الحدوث . ولو قال لنا شخصٌ " طريقُ الإسلام ما أسعدني , فدلوني على فاسق ينصحُـني !" , فإننا نعرفُ بأنه يمزحُ فقط ويريد أن يرفِّـه عن نفسه وعن أنفسنا بنكتة مضحكة , أو نشكَّ أو نظن أو نجزمَ بأن هذا الشخصَ مجنونٌ .
لماذا أتحدث أنا الآن عن سؤال كثيرا ما يُطرحُ وعن سؤال آخر لا يمكن أن يُـطرحَ ؟!. والجوابُ : من أجل أن نتذكر نحن ونُـذكِّـر غيرَنا باستمرار بهذه الحقيقة الضخمة والهائلة والواضحة والصريحة والبينة و... والتي يجبُ أن نفقهَـها بقلوبنا وعقولنا كما يجبُ أن تكونَ نصبَ أعيننا أينما حللـنا . يجبُ أن نـتذكرُ هذه الحقيقةَ على الدوام ونُـذكِّـر بها كلَّ من نحبُّ من الناسِ : إخوة وأخوات وأقارب وجيران وأصهار وزملاء وأزواج وزوجات وأمهات وآباء وأبناء وبنات و... هذه الحقيقةُ تقولُ بأنه لا يُسعِـدُ الإنسانَ – كلَّ إنسان – في الدنيا إلا شيءٌ واحدٌ هو الدينُ وهو الإسلامُ , ولا شيء آخر غير الدين وغير الإسلام . أما الآخرةُ فلا نقاشَ حولها لأن الكلَّ يؤمن أنها لله وحده وأنه لا يَسعدُ في الآخرة إلا مؤمنٌ ومسلم مطيع لله تعالى . ولكنني أؤكدُ هنا على الدنيا لا على الآخرة , أؤكدُ على الدنيا التي قد يختلفُ في أمرها بعضُ الناسِ , حيث يظنُّ بعضُهم أنه يمكنُ أن يسعدَ بعيدا عن الدين أو يهنأَ بعيدا عن طاعة الله أو يرتاحَ بعيدا عن أركان الإسلام وأركان الإيمان . هذا غيرُ ممكن , وهو مستحيلٌ . ومن الأدلةِ القويةِ ومن الحجج الداحضة ومن البراهين الساطعة على ذلك هذا السؤالُ الذي يُطرحُ في كل وقت وذاك السؤالُ الذي لا يمكنُ أن يطرحَ أبدا .
يجب أن نكون دوما وباستمرار على يقين من :
1-الله يعطي الآخرةَ فقط لمن يحبُّ .
2-وأما الدنيا فيعطيها اللهُ ماديا ( زوجة وسيارات وديار وأموال وتجارة و... ) لمن يحبُّ ولمن لا يحبُّ , ولكن السعادةَ والهناء والراحة والسكينة والطمأنينةَ و... في الدنيا فلا يعطيها اللهُ إلا لمن يحبُّ , أي إلا للمسلمِ المؤمن . وأما لو قال لنا عاصي لله بأنه سعيدٌ فإننا نقول له وبصوت مرتفع وبرأس مرفوع بأنه إما يكذب وإما أنه لا يعرف المقصودَ بالسعادة .
3-الإنسانُ بالإسلام هو كلُّ شيء , وأما الإنسانُ بلا إسلام فهو لا شيء .
4-وبالإسلامِ يحترمكُ الناسُ – عموما - حتى ولو كانوا كفارا أو مسلمين عصاة . الناسُ يحترمونَـك ويُـقدرونك ولو لم يظهروا لك ذلكَ , وإن لم يعترفوا لك مباشرة بهذا الاحترام والتقدير . وحتى إن انتقدكَ عاص في بعض الأحيان فإنه ينتقدكَ لأنه يعرفُ أنك أفضلُ منه , وهو ينتقدكَ من منطلـق الغيرة أو الحسد لك " أخرجوا آل لوط من قريتكم , إنهم أناسٌ يتطهرون " . وحتى إن انتقدك أو حاربك أو قاتلك عدوٌّ كافر في بعض الأحيان فإنه ينتقدك ويحاربك لأنه حاقدٌ على الدين وعلى الله والرسول وهو لا يفعلُ ذلكَ لأنه يرى أنه هو حسنٌ وأما أنت فسيءٌ , وكذلك هو لا يفعلُ ذلك من منطلق أنه أفضلُ منك . وباختصار لا ينتقدُكَ مسلمٌ عاص ولا عدوٌّ كافر إلا من منطلق الغيرة والحسد أو من منطلق الحقد على الدين , ولكن لا يمكنُ أن يكون السببُ أبدا أنه يرى بـأنهُ أفضلُ منك .
لو كان يرى بأنهُ أفضلُ منك فإنه لن ينـتقدَك ولن يحاربَـك . إنه لا ينتقدُك ولا يحاربُـك إلا لأنه وفي أعماق نفسه هو على يقين من أنك أفضلُ منه وأحسنُ منهُ وأخيرُ منه وأكثرُ طيبة وبركة منهُ .
أنت أفضلُ منه بماذا ؟ والجوابُ : بشيء واحد هو الإسلام " إن الدين عند الله الإسلام " " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه , وهو في الآخرة من الخاسرين ".
5-يمكنُ أن تندمَ على أي شيء من متاعبِ الدنيا وقعَ لكَ وكنت تتمنى أن لا يقعَ , أو على أي شيء من متاع الدنيا كنت تتمنى الحصولَ عليه ولم تحصلْ عليه .
ولكنك لن تندمَ أبدا على شيء من الدين التزمتَ به , ولن يأتي عليك يومٌ من الأيام تتمنى فيه لو أنك لم تلتزم به . هذا مستحيلٌ .
ولن تندم أبدا على شيء من وقتك أو جهدك أو مالك أو... أنفقته في سبيل الله , ولن يأتيَ عليك يومٌ من الأيام تتمنى فيه أنك لم تنفق ما أنفقتَ في سبيل الله . هذا غيرُ ممكن.
ولن تندم أبدا على حياة عشـتَـها في ظل الإسلام وطاعة الله , ولن يأتيَ عليكَ يومٌ من الأيام تتمنى فيه أنك عِشـتـهُ في ظل الكفر ومعصية الله . لن يحدث هذا أبدا أبدا أبدا .

180- هل يُـشرع للراقي أن يضع يده على ناصية المريض ؟ :
سواء أكان ذكرا أو أنـثى .
والجواب هو أنني مع كثرة ما قرأتُ حتى الآن في هذه النقطة ما وجدتُ دليلا يعول عليه من السنة النبوية الشريفة على أن ذلك مطلوبٌ في الرقية أو مشروعٌ . لم أجد دليلا يثبتُ ولا دليلا يقول بأن ذلك حرامٌ .
ومنه فإنني – كراقي بسيط - أرى أن استبعاد ذلك خاصة مع الرقية للمرأة أحسنُ وأفضل وأحوط , لأنه من جهة لا فائدة ترجى من ذلك , ولأن في ذلك – من جهة أخرى - سدا للذرائع إلى الحرام فيما بين الرجل والمرأة , والله أعلم .

ليست هناك تعليقات: