الثلاثاء، 17 يونيو 2008

خواطر ( من 161 إلى 170 ) :

بسم الله
عبد الحميد رميته , الجزائر

161- من أفطر متعمدا في رمضان بأكل أو شرب لمدة طويلة :

أولا : أما من أفطر بأكل أو شرب متعمدا في نهار رمضان وهو يعلمُ أنه في رمضان وأنه يحرمُ عليه الفطرُ وكان يقصدُ انتهاكَ حرمةِ رمضانِ , قلتُ : أما من أفطرَ ليوم أو أيام قليلة فإن الذي عليه جمهورُ الفقهاءِ
( منهم مالك وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل ) هو أنه يلزمهُ القضاءُ والكفارةُ , أي قضاءُ اليومِ الذي أفطرَ فيه والكفارةُ بصيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا :
1-أما الحنفية فقالوا : تجب القضاء والكفارة بأمرين , منهما أن يتناول المرءُ غذاء أو ما في معناه عمدا وبدون عذر شرعي , كالأكل والشرب ونحوهما , ويميلُ إليه الطبعُ , وتنقضي به شهوةُ البطنِ .
2-وكذلك فإن الحنابلةَ والمالكيةَ فقالوا : يوجبُ القضاء والكفارةُ شيئان , منهما من أكل أو
شرب متعمدا في نهـار رمضان عالما بعدم جواز الفطر منـتهكا لحرمة الشهرِ .
هذا مع ملاحظة أن الفقهاء الثلاثة " أبو حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل" رضي الله عنهم قالوا بأن كفارة الفطر المتعمد في رمضان هي صيام شهرين متتابعين , فإن لم يستطع الشخصُ الصومَ لمشقة شديدة ونحوها فيلزمه عندئذ إطعامُ ستين مسكينا . وأما الإمامُ مالك رضي الله عنه فقال بأن كفارةَ الفطرِ المتعمد في رمضان هي على التخيير بين الصيام والإطعام , وأفضلهُما الإطعامُ لأن الصيامَ له فقط وأما الإطعامُ فيستفيدُ منهُ الغيرُ .
فإن أفطر إذن شخصٌ في رمضان بأكل أو شرب ليوم أو لأيام قليلة ومعدودة , وجبَ عليه القضاءُ والكفارةُ لأن هذا هو قول الجمهور من جهة أولى ولأن الكفارةَ سهلةٌ وميسورةٌ إلى حد ما بإذن الله تعالى من جهة أخرى , سواء تمت الكفارةُ بالصيامِ أو بالإطعام .
ثانيا : وأما من أفطر بأكل أو شرب متعمدا في نهار رمضان وهو يعلمُ أنه في رمضان وأنه يحرمُ عليه الفطرُ وكان يقصدُ انتهاكَ حرمةِ رمضانِ , قلتُ : من أفطرَ لمدة طويلة كشهر أو أكثر سواء أفطر في بلاد الإسلام أو في بلاد الكفر وسواء أفطر وهو كبير أو وهو صغير ( وبالغٌ بطبيعة الحال ) وسواء كان رجلا أو امرأة , ... فإن كان من الأغنياءِ والميسورين الذين يستطيعون إطعامَ ولو أكثر من ألف فقيرا أو مسكينا فإنه يُـطعمُ ونسألُ الله أن يتقبلَ منه وأن يغفرَ له ذنبَهُ . وأما من لا يقدرُ على الإطعام ممن هم من المستورين – ماديا – أو من الضعفاءِ كما هو حال أغلبية الناس مثلا عندنا في الجزائر , فمن الصعب جدا جدا جدا أن تطلبَ من الواحدِ منهم أن يُكفِّـرَ عن ذنبِهِ بصيامِ شهرين متتابعين عن كل يوم أفطرهُ . مثلا إن كان قد أفطرَ بأكل متعمد في رمضان , أفطر 30 يوما ( سواء أفطر فيها متتابعة أو أفطر فيها متفرقة ) , فمن الصعب جدا جدا جدا أن نطلبَ منه أن يُكَفِّرَ بصيام ( شهرين أي 60 يوما × 30 أي تساوي 1800 يوما , أي ما يعادل 60 شهرا , أي ما يوافق 5 سنوات !!! ) . وهذه مدة طويلة جدا جدا جدا لا يقدرُ على صومها إلا النادرُ من الناسِ , هذا إن وجدَ هذا النادرُ .
ولأن فقهَ الفقهاء كلهم بإذن الله إسلامٌ , ولأن اختلافَ العلماءِ يجبُ أن يكونَ رحمة لا نقمة , ولأن اللهَ لا يُعذِّبُ فيما اختلفَ فيه الفقهاءُ والعلماءُ , ولأن المصيبَ من الفقهاءِ في كلِّ مسألة فقهية لهُ أجران والمخطئَ له أجرٌ واحد , ولأن الصوابَ لا يعلمهُ إلا اللهُ تعالى , ولأن ... فإن الذي أفطرَ عمدا في رمضان بأكل أو شرب لمدة طويلة يمكنهُ الاعتمادُ على مذهب الشافعي في هذه المسألة , الشافعي الذي يرى بأن الكفارة لا تترتب إلا على من أفطر في رمضان من خلال وطء متعمد لزوجة , وذلك لأن الحديثَ الصحيحَ الوارد في كفارة الفطر المتعمد كان متعلقا بصحابي ( رضي الله عن الصحابة أجمعين ) أفطر في رمضان لا بأكل أو شرب ولكن بوطء زوجة . وعند الشافعي رضي الله عنه : من أفطر في رمضان متعمدا بأكل أو شرب : ذنبُهُ عظيمٌ , ولكن لا يترتب عليه إلا قضاءُ ذلك اليوم فقط ( بلا كفارة ) , وعليه بعد ذلك بالإكثارِ من الاستغفار.
ومنه فإن أفطر شخصٌ في رمضان متعمدا وبدون عذر وبأكل أو شرب , من أفطر لـ 30 يوما مثلا ( مجتمعة أو متفرقة ) فإن عليه – على مذهب الشافعي – رضي الله عنه , عليه فقط قضاء 30 يوما لا يُشترطُ فيها التتابعُ , وعليه بكثرةِ الاستغفارِ . وهذا أمر ميسورٌ في دينِ يُسر جاء فيه " طه , ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى " , و" يسروا ولا تعسروا " , و" بشروا ولا تنفروا " , و " ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " و... والحمد لله رب العالمين .
ملاحظة هامة جدا : أرى أنه مثل مسألة القاتل المتعمد للنفس المؤمنة الذي اختلف الفقهاءُ فيه : هل له توبة أم لا ؟. قال العلامة عبد الحميد بن باديس الجزائري رحمه الله " من لم يقتلْ نُبلِّـغ لهُ – من أجل تخويفه من التعدي على حرمات الله - القولَ بأن القاتلَ المتعمدَ خالدٌ في جهنمَ وإن تابَ . وأما من قتلَ بالفعلِ فإننا نفْـتحُ لهُ أبوابَ الرجاءِ في الله ورحمته ونُـبلِّـغُ له قولَ من قالَ من الفقهاء بأن قاتلَ العمدِ كغيره ممن ارتكبوا الكبائر , إن تابَ توبة نصوحا تابَ الله عليه بإذن اللهِ .
وكذلك أنا أرى هنا بأن منْ أفطرَ بالفعلِ في رمضان متعمدا لمدة طويلة فإننا نُـبلِّـغ لهُ الحكمَ على مذهب الشافعي رضي الله عنهُ ونقول لهُ بأنه " ليس عليك إلا القضاءُ وعليك كذلك بحسن التوبة إلى الله وبكثرةِ الاستغفارِ" , وأما من لم يُفطرْ فإننا نُـبلِّـغُ له – من أجل تخويفه حتى لا ينتهكَ حرمةَ رمضان في يوم ما - قولَ الجمهور الذي ينصُّ على أن من أفطرَ متعمدا في رمضان بأكل أو شرب , فإن عليه القضاء والكفارة بصيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا عن كل يوم أفطرَ فيهِ مهما كثرت وتعددت الأيامُ التي أفطرَ فيها . والله ورسولُهُ أعلمُ .
162- أهل السنة والجماعة :
الحركة الإسلامية تتحمل مسؤولية تعميق عقائد أهل السنة والجماعة في نفوس أفرادها وفي نفوس أبناء الشعوب الإسلامية ,كما تتحمل عبء الدفاع عن مذاهب أهل السنة والجماعة العقائدية والفقهية والسلوكية . ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن نكون حياديين بين من يدافع عن أصول الدين , ومن يتهجم عليها , أو بين من يقف مع ثوابت الدين , ومن يقف في مواجهتها , أو بين ما استقر عليه إجماع أهل السنة والجماعة , وبين الشذوذ والانحراف كائنا من كان أهله .
إذا تقرر هذا فإننا نسأل سؤالا مهما في البداية فنقول : من هم أهل السنة والجماعة ؟. وذلك قبل أن ننتقل إلى الحديث عن أصولهم التي يجب على المسلمين جميعا في كل زمان ومكان أن يلتفوا حولها : رجالا ونساء , مثقفين وأميين , كبارا وصغارا , حكاما ومحكومين ,فقراء وأغنياء , ... سواء تعلقت هذه الأصول بالعقيدة أو بالفقه أو بالسلوك أو بالدعوة أو بالحركة أو بالسياسة . يجب عليهم أن يلتفوا حولها وأن يتبنوها و إلا كانوا منحرفين انحرافا قد يخرجهم عن دائرة الإسلام وقد لا يخرجهم .
لقد صح من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة , والنصارى مثل ذلك , وتتفرق أمتي على ثلاث وسبعون فرقة" وخرجه الترمذي هكذا .
وفي سنن أبي داود "وأن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة اثنتان وسبعين في النار وواحدة في الجنة , وهي الجماعة ". والجماعة المرادة هي التي أطلق عليها اسم ( أهل السنة والجماعة ) وهي جماعة أئمة العلماء المجتهدين , فمن خرج مما عـليه علماء الأمة مات ميتة جاهلية , لأن جماعة الله : العلماء , جعلهم الله حجة على العالمين . وهم المعنيون بقوله صلى الله عليه وسلم "إن الله لن يجمع أمتي على ضلالة ", وذلك أن العامة تأخذ عنها دينها , وإليها تفزعُ من النوازل , وهي تبعٌ لها , فمعنى قوله
" سألتُ الله ألا تجتمع أمتي على ضلالة فأعطانيها ", أي لن يـجتمعَ عـلماءُ أمتي على ضلالة .

163- حتى لو فرضنا أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو عبقري العباقرة :
فيستحيل أن يخبرنا من عندياته بالحقائق العلمية الكثيرة والكثيرة جدا التي يأتي العلم في كل يوم ليكتشفها أو ليؤكد صحتها , ولم يحدث ولو مرة واحدة على امتداد أكثر من 14 قرنا من الزمان أن قال العلم بشيء واحد مناقض لنص ثابت ( قطعي الثبوت قطعي الدلالة ) من الكتاب أو السنة , لم يحدث هذا أبدا . أليس هذا دليلا قطعيا على أن محمدا صلى الله عليه وسلم صادق في التبليغ عن الله , وأن القرآن من عند الله وأن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله حقا ؟!.

164- في الإسلام ثوابت ومتغيرات :
في الإسلام ثوابت لا تتغير بتغير المكان والزمان , ومتغيرات تقبل التبديل بضوابط والتغيير بضوابط , كدليل على صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان . وهذا لم يتوفر
( منذ سيدنا آدم صلى الله عليه وسلم وحتى الآن ) إلا فيما جاء به سيدُنا محمد صلى الله عليه وسلم , أي أنه لم يثبتْ حتى الآن أن ثابتا من ثوابت الدين أو أن أصلا من أصول الإسلام أو أن معلوما من المعلومات بالضرورة في الإسلام ثبت خطؤُه أو ثبتَ أنه ما بقي صالحا في هذا الزمان أو أنه أصبحَ غير مناسب في مكان من الأمكنة .لم يحدثْ هذا ولن يحدثَ بإذن الله تعالى في يوم من الأيامِ . ألا يكفي هذا كدليل قاطع على أن ما جاء به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم هو ليس من عنده , ولكن هو من عند العليم الخبير , الذي له الأسماء الحسنى سبحانَـهُ عزوجل ؟! .

165- أسماء الله الحسنى :
من المضحك بمكان أن يتخيل شخصٌ بأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم اخترع من عندياته أسماء الله الحسنى التسعة والتسعين ( بلا زيادة أو نقصان ) الدقيقة جدا والواضحة جدا والمعبرة جدا والتي بها يمكن للناس أن يعرفوا ربهم الذي يقال لهم عنه : " مهما خطر على بالك , فالله مخالف لذلك " . محمد صلى الله عليه وسلم لا يقدر من جهة على كذبة مثل هذه , مهما كان عبقريا . ومن جهة أخرى ما الذي يجنيه من وراء هذه الكلمة ؟! . لا شيء . اللهم إنني أشهد شهادة حق بأنك حق وبأن محمدا نبيك ورسولك بحق وبأن القرآن كلامك ومنهجك وهديك بحق .

166- النساءُ والأعراسُ :
أنا مقتنعٌ هنا – وأنا مع خاطرة من الخواطر المتعلقة بالأعراس - بجملة أمور مهمة وبسيطة وبديهية , أذكرُ منها :
1- إن أردتَ أن تعرفَ مستوى مجتمع من المجتمعاتِ الإسلاميةِ الصغيرة أو الكبيرة ( قُـربا من الإسلامِ أو بعدا عنه ) فانظرْ إلى حالِ الأعراسِ فيها . إنْ وجدتَ بأن الولائمَ والأعراسَ نظيفةٌ وطيبةٌ وتكادُ تكونُ خالية من أيِّ بدعة أو محرم , فاعلمْ أن المجتمعَ بخير بإذنِ اللهِ . وأما إن وجدتَ غير ذلكَ , أي إن وجدتَ بأن العرسَ سيءٌ وخبيثٌ وأن أغلـبَـهُ بدعٌ ومحرماتٌ تُرضي الشيطانَ وتُغضبُ الرحمانَ , فاعلمْ أن المجتمعَ بِشَرّ والعياذُ بالله وأنه يحتاجُ إلى الكثيرِ من الجهدِ والوقتِ والمالِ من أجل إصلاحهِ.
2- إن أغلبَ مفاسدِ أعراسِ المسلمينَ اليومَ آت من النساءِ ضعيفاتِ الإيمانِ , ومن الرجالِ الذين يُسَـلِّمون غالبا زمامَ توجيهِ الأمورِ في الولائمِ والأعراسِ لهؤلاء النسوةِ البعيداتِ عن الإيمانِ الحقيقي بالله واليوم الآخرِ , سواء كنَّ زوجات أو أخوات أو بنات أو أمهات , أو ... الخ...
3-المرأةُ في العرسِ – مهما كانت ضعيفةَ الإيمان أو بعيدة عنِ الإسلامِ - , إن وجدتْ رجلا مسئولا عن إدارةِ أمورِ العرسِ , إن وجدتهُ مسلما مؤمنا قويَّ الشخصيةِ حازما جادا يُـحسِنُ إلى النساءِ ولكنهُ يقيمُ حدودَ اللهِ في العرسِ ولا يسمحُ بحرام أو بدعة ولا يخافُ في اللهِ لومةَ لائم , فإنها قد تستاءُ منه في البدايةِ ولكنها بإذنِ اللهِ غالبا ستهابهُ بعد ذلك ثم ستحترمهُ في النهايةِ . وأما إن وجدت رجلا ضعيفَ الشخصيةِ لا يُـهِـمُّـه في العرسِ إلا أن يفرحَ الناسُ بالحلال أو بالحرام , ولا يُـهِـمُّـه إلا إرضاءُ النساءِ والناسِ ولو بسخطِ الله تعالى , فإنها قد تفرحُ بهِ في البداية , ولكنها بإذن الله وغالبا ستحتقِرُهُ بعد ذلك ولن تحترمَهُ في النهايةِ أبدا .

167- ما الذي يستفيده رسول الله محمد من طاعاتنا ؟! :
ما الذي يجنيه رسول الله ( إذا فرضنا أنه يقول من عندياته ) من كوننا ( حتى الذي عشنا من بعده بمئات أو بآلاف السنين ) نصلي ونصوم ونزكي ونحج ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونجاهد في سبيل الله ونفعل الخير مع الناس و.. أم لا ؟ وما الذي يجنيه رسول الله من كون الناس يسرقون ويكذبون ويخونـون وينافقون ويزنون ويشركون بالله و… أم لا ؟. مهما بحثنا عن الجواب فإننا لن نجد إلا جوابا واحدا مقنعا وهو أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم يبلغ عن الله , وأنه مأمور بذلك . " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك , وإن لم تفعل فما بلغت رسالاته ", هكذا قال الله تعالى له .

168- وجهة نظر بسيطة في مسألة تربوية :
قال قائل كريم أو سأل سائل عزيز " ما رأيك بمن يدعو إلى أن تكون تربية الأطفال عن طريقة إعطائهم الحرية في كل ما يريدونه ، فإذا أرادوا فعل شيء , ونحن متيقنون من أنه ضار أو ما إلى ذلك ، تركناهم يجربوا بأنفسهم حتى يتعلموا . وكذلك يجب أن لا يقول الواحدُ منا لطفله" لا " أبداً , لأن كل ذلك يساعد الأولاد على القيام بأمورهم بأنفسهم ، ويدربهم على الرجولة وقوة الشخصية والثقة بالنفس . وقد شاعت مثل هذه الأفكار , فكيف ترى أنتَ بارك الله بك ؟".
فقلتُ :
1- الكثير من المسائل في تربية الأولاد هي مسائل خلافية لا يجوز التعصب فيها , بمعنى أنه يمكنني أنا أن أتبنى رأيا وأن تتبنى أنت الرأي المخالف , وقد يكون لي أنا بعض الصواب وأنت كذلك قد يكون لك بعض الصواب , مع أن رأيي يخـتـلفُ عن رأيك . 2- هناك فرقٌ بين الولد بعد أن يبلغ وقبل أن يبلغ . أما قبل البلوغ فإن الولدَ لا يكاد يعرف صالحَه , ومنه فإن التشددَ معه يجب أن يكون - في رأيي - أكبر من التشدد مع البالغ أو مع الكبير . 3- يمكن أن أترك الأمر للولد وأعطيه الحرية لأن يفعل ما يشاء , ولا أفرض عليه رأيي أنا , وأتركه يجرب بنفسه , حتى يتعلم وحتى يتربى على الثقة بالنفس وعلى فعل ما هو مقتنع به وعلى ... في مسائل بسيطة لا علاقة لها بالحرام ولا علاقة لها كذلك بالأمور الحياتية الخطيرة التي من الصعب تداركها بعد أن تقع . 4-يمكن أن أنصح ابني أن ينام مبكرا وأن يستيقظ مبكرا حتى يصلي الصبح في وقته وفي جماعة بسهولة وحتى يكون قويا نشطا في النهار . وإن كان له هو رأي آخر غير رأيي أنا , فيمكن أن أتركه لرأيه خلال مدة حتى يتأكد بنفسه وانطلاقا من تجربته الخاصة من أنه من الصعب جدا أن يسهرَ الشخصُ طويلا ثم يُـصلي بسهولة الصبحَ في وقته وفي جماعة , وبحيث يكونُ في النهار نشيطا وقويا .
وكمثال ثاني مشابه للأول , يمكن أن أنصح ابني بأن يراجع دروسه باستمرار ولا يترك المراجعة لما قبل الفروض أو الامتحانات مباشرة , فإن لم يقبل مني ولدي , يمكن أن أتركه لوقت معين غير طويل - ولو على مضض - حتى يتأكدَ بنفسه ومع الوقت , من أنه لن يكون مجتهدا بالفعل ولن يتحصل على النتائج المدرسية الجيدة إلا إن داوم على مراجعة دروسه على طول السنة , ولم يربط المراجعة بفرض أو امتحان . 5- ولكن لا يُـقبل مني أبدا أن أتبع مع ولدي هذا الأسلوب في مسائل متعلقة بالأمور الحياتية الخطيرة التي من الصعب تداركها بعد أن تقع , مثل إن طلب مني ولدي أن أتركه يسهر خارج البيت كما يشاء هو ويدخل إلى البيت متى شاء هو . أنا أرى هنا أنه من غير المستساغ أن أتركه لرأيه , خاصة في سن متقدم ( ما بين 7 و14 سنة أو أكثر من ذلك قليلا ) لأن الولد بهذا السهر ومع هذه الحرية التي يمكن أن أعطيه إياها هنا , يمكن جدا أن يصادق أشرارا أو يتعود على شرب الدخان أو شرب المخدرات أو شرب الخمر أو يتورط في انحراف مع فتيات أو ... وهكذا ... ثم بعد ذلك نجد أنه من الصعب جدا أن نرقع ما وقع , وأن نتخلص من الآثار السيئة لما وقع , وأن نُرجع الولدَ بعد ذلك إلى صوابه . 6-ولا يُـقبل مني كذلك أبدا أن أتَّـبع مع ولدي هذا الأسلوب في مسائل متعلقة بالحرام الذي لا خلاف في أنه حرامٌ , مثل الحالة التي يطلبُ فيها ولدي مني بطريقة مباشرة أو غير مباشرة , أن أترك له جهازا في البيت تحت تصرفه يمكن أن يتفرجَ من خلاله على أفلام ساقطة أو يستمع إلى غناء خليع أو يتابع برامج معادية للدين أو يتفرج على صور مائعة أو ... إنه لا يقبلُ مني أبدا أن أعطي الحرية لولدي هنا في أن يفعل ما يشاء أو أتركه يجرب بنفسه أو ... هذا غيرُ مقبول مني البتة , وهو حرامٌ علي بكل تأكيد , وأنا غيرُ معذور عند الله - إن فعلتُ ذلك مع ابني - مهما كانت نيتي حسنة . والله اعلم بالصواب .

169- " تبت يدا أبي لهب " :
القرآن أخبر الناس بأن أبا لهب من أهل النار, وكذلك زوجته: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ. مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ .سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ .وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ .فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ ).ولو لم يكن القرآن من عند عليم خبير , على كل شيء قدير,لا استغل أبو لهب وزوجته الفرصة- ولو مدفوعين من سائر الكفار- وأعلنا إسلامهما فيثبت عندئذ كذب الرسول-ص- (حاشاه عليه الصلاة والسلام ) فيما يقول بأنه يبلغه عن الله الصادق.فإذا ثبت كذب الرسول صلى الله عليه وسلم ولو مرة واحدة فإن كل ما بناه يتهدم :
ا - دعواه بأنه رسول من عند الله.
ب-إدعاؤه بأن القرآن كلام الله لا كلامه هو.
جـ-ادعاؤه بأن الله موجود.
لكن هل حدث هذا ؟.لا وألف لا,أليس هذا دليلا على صدق النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما يبلغ عن الله سبحانه وتعالى ؟!.

170- عن كظم الغيظ والعفو عن الناس :
سألني سائل فقال " كيف يستطيع الإنسان أن يكون حليما , فأنا بارك الله فيك أُستفز بسرعة , وخاصة عندما يتعرض أحدٌ لمن أُحبُّ بالسب أو الشتم , فأنزلُ – للأسف الشديد - كرد فعل مني , أنزلُ إلى مستواه هو بالسب والشتيمة , ثم أندم بعد ذلك على ذلك". فقلتُ له " هذا نصفُ جواب عن سؤالك :1- فرق بين من يبدأ في جهاد نفسه على الصبر على ظلم الغير من الصغر ومن لا يبدأ ذلك إلا عند الكبر . الأول سهلٌ والثاني صعبٌ .
2- فرقٌ بين حقوق الله التي لا يجوز التساهل فيها وحقوق النفس التي يستحب التسامح معها أو حيالها . - 3إذا قدرنا على مقابلة السيئة بالحسنة فذلك أحسن , وإلا فلا نقابلها بشيء , وإلا - إن ضعفنا- فلا يجوز أن تُقابَـل السيئةُ بأكثر منها .
4- فرق بين أن تغضب لنفسك وبين أن تغضب لعرضِ أخيك . في الأول الأفضل كظم الغيظ , وأما في الثاني فيستحب أن تغضبَ , تغضب ولكن لا تفعل إلا جائزا ولا تقول إلا مباحا .5- هناك سيئات يرتكبها الغيرُ ضدنا أو ضد من نحب , ولكن لا يجوز لنا أن نرد بمثلها . ومنه فمثلا إن سبني أحد أو سب من أحب فلا يجوز لي أن أسبه ( إن سببتُه) إلا باستخدام ألفاظ نظيفة وبدون أن أكذب أو أكفر أو أسب أباه أو أمه أو ...فإن فعلتُ شيئا من ذلك وقعتُ فيما هو حرامٌ .6- من أهم ما يعيننا على كظم الغيظ والعفو عن الناس : * قوة الإيمان بالله واحتساب الأجر عند الله . ** التربية الروحية بجملة أشياء , منها الصلاة جماعة وقيام الليل والنوافل في الصلاة والتطوع في الصيام وزيارة المقبرة وعيادة المريض وحضور الجنائز ومحاسبة النفس وذكر الله والدعاء وتلاوة القرآن و ... *** قراءة قصص العلماء والصالحين وسيرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وسير صحابته رضوان الله عليهم و... خاصة منها التي تتحدث عن مقابلة السيئة بالحسنة وعن الحلم والأناة وعما يشبه ذلك ... **** وضع النفس دوما في مكان من نغضبُ عليه ونريد أن لا نسامحَه أو نريد أن ننتقمَ منه , ولنتذكر حديثَ الرسول محمد صلى الله عليه وسلم " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " , وكذا تذكر " ... لا تغضب ... لا تغضب ... لا تغضب ... تدخل الجنة " و " والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس" .والله وحده الموفق لما فيه الخير .

ليست هناك تعليقات: