الثلاثاء، 17 يونيو 2008

خواطر ( من 211 إلى 220 ) :

بسم الله
عبد الحميد رميته , الجزائر

211- التفرج على الجنس حرام ! :

1- التفرج على الجنس الحرام , حرام على الرجال والنساء , سواء كانوا متزوجين أم غير متزوجين , وسواء تم التفرج على الحقيقة والواقع أو على صورة فقط , وسواء تم التفرج على صورة ملونة أو بيضاء وسوداء فقط , وسواء تم التفرج بنية حسنة أو سيئة.
2- التفرج على الجنس الحرام – فيما بين المتزوجين - حرام سواء أّذِنَ في ذلك الطرفُ الآخر أم لم يأذن بذلك .
3- قد نجد للشخص بعضَ العذر ( حتى ولو كان آثما 100 % من الناحية الشرعية ) إن تفرج على الجنس الحرام مرة أو مرتين أو ثلاثة أو ... خلال مدة قصيرة أو في فترات متباعدة بسبب أن نفسه وشهواته وأهوائه غلبته ثم تاب إلى الله وأناب . قلتُ : قد نجد لهذا الشخص بعضَ العذر , ولكننا لا نجد أبدا ولو عشر عذر ولو 1/100 من العذر لمن يتفرج باستمرار على الجنس الحرام وبدون أي تأنيب للضمير بحيث يصبح الشخص مدمنا على هذا التفرج , لا نجد له أبدا أي جزء من العذر سواء تفرج في كل يوم مرة أو في كل أسبوع مرة أو في كل شهر مرة أو ...
إنني أعتبر أن هذا الشخص الأخير مريض نفسيا وبكل المقاييس , سواء كان متزوجا أم أعزبا . هو مريضٌ ولكنه مكلفٌ ومسئول تمام المسؤولية أمام الله تعالى .
4- من سيئات تفرج الرجل على الجنس الحرام : الإثم عند الله , قسوة القلب , البعد عن الله , تأنيب الضمير الدائم مما ينغص عليه من لذة التفرج , ضياع الوقت الثمين , الخوف الدائم من اطلاع الغير عليه , تطلعه الدائم إلى نساء أخريات غير الزوجة والزهد في الزوجة إن الرجل كان متزوجا , الوقوع في الاستمناء الحرام , طلب وطء الزوجة في الدبر بطريقة محرمة بلا خلاف , الميل إلى العزلة والانطواء عن الناس , و ...
5- يخطئ الرجل خطأ فاحشا حين يتفرج على الجنس الحرام ثم يطلب من زوجته أن تكون في مثل جمال من يتفرج عليها لجملة أسباب منها : أن الدين هو الأساس قبل الجمال , ومنها أن التي يتفرج عليها ليست زوجة في العادة وربة بيت وأم أولاد وإنما هي بغي وعاهرة وساقطة سخرت نفسها وحياتها للجنس من أجل المال , ومنها أن الصور والألوان تكذبُ على الرجل وتُـصور له المرأةَ على صورة أحسن بكثير من صورتها الحقيقية , ومنها أن الزوجة مهماتها الدينية والدنيوية كثيرة جدا منها إمتاع الرجل والاستماع به وأما من يجعل لها مهمة واحدة هي فقط الإمتاع في الفراش فليعلم أنه حيوان تزوج بحيوانة والعياذ بالله تعالى , ومنها أن الرجل مؤمن يجب أن يكون قدوته مؤمنا طائعا لا كافرا ولا عاصيا كما أن الزوجة مسلمة يجب أن تكون أسوتها مسلمة طائعة لا كافرة ولا فاسقة .
6- تفرج الأولاد المراهقين ( من حوالي 15 سنة إلى 25 سنة ) على الجنس الحرام مُدمر جدا لهم بدنيا وأدبيا وأخلاقيا ونفسيا وروحيا و... ومنه يجب أن ينتبه الوالدان لذلك , بحيث عليهما تربية الأولاد على الخوف من الله ثم عليهما إبعادهما لأولادهما عن كل المثيرات الجنسية إن أرادا للأولاد خير الدنيا والآخرة .
7- لا يجوز أبدا للرجل أن يمنع أولاده من التفرج على الجنس الحرام ثم يسمح هو لنفسه بذلك . هذا غير مقبول عرفا وعادة , وهو مرفوض شرعا دينا , كما أنه غير مستساغ عقلا ومنطقا و ...
8- من الصعب جدا أن يتفرج رجل على الجنس الحرام ثم يبقى يؤدي واجباته الدينية من صلاة أو صيام كما يحب الله ورسوله , بل من الصعب جدا أن يبقى – مع هذا التفرج الحرام - مؤديا بطريقة مقبولة حتى لواجباته الدنيوية .
9- هناك أشياء خلقنا الله فطرة ونحن نحب أن نفعلها في وجود الغير مثل التفرج على منافسة رياضية أو على فيلم أو مسلسل أو شريط علمي أو ... كما أن هناك أشياء خلقنا فطرة ونحن نحب أن نفعلها مع الغير وكذلك بيننا وبين أنفسنا فقط مثل الأكل والشرب أو ... ولكن هناك أمر معين , الله خلقنا فطرة – حتى ولو كان بعضنا كفارا - ميالين إلى أن لا نمارسه إلا بعيدا وبعيدا وبعيدا عن بقية البشر بل حتى عن الحيوانات مثل ممارسة الجنس مع المرأة . ومنه فإنه لا يميل إلى ممارسة الجنس أو حتى التفرج عليه أمام ملأ من الناس إلا من انحرف عن الفطرة التي فطر الله الناس عليه وأصبح حيوانا أو أضل من الحيوان والعياذ بالله تعالى .
10-ما ترك الله فتنة أشد على الرجال من النساء كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم , ومنه فيجب أن يكون كل رجل على حذر ثم على حذر ثم على حذر من فتنة المرأة والنساء , سواء في تعامله مع نفسه أو في تربيته لأولاده أو في دعوته لغيره من الرجال .
والله وحده أعلم بالصواب .

212- للمكلف بالإشراف على قسم من أقسام منتدى إسلامي :
أخي الحبيب أعانك الله على هذه المهمة النبيلة التي يلزمك من أجل النجاح فيها الكثير الكثير من الجهد والوقت وسعة الصدر وطول البال , وكذا من الصدق والإخلاص لله .1-حاول أن تتدخل في النقاش حين ترى أن تدخلك يفيد أكثر مما يضر .2- أعرض عن التدخل حين ترى بأن سيئات التدخل أكثر من حسناته . 3-حاول أن تقابل السيئة بالحسنة ما استطعتَ .4- حاول أن تنتصر للحق أو على الأقل لما تراه أنتَ حقا , وتجنب الانتصار لنفسك ما استطعتَ .5- فرق بين الأصول التي لا خلاف فيها والتي يجب التعصب فيها , والمسائل الخلافية التي لا يجوز التعصب فيها بل المطلوب فيها سعة الصدر .6-كن مع إخوانك أخا وأبا مهما كان سِنُّك أنتَ وسن كل واحد منهم , ثم كن مع إخوانك كالشجر يرميه الناس بالحجر وهو يرميهم بالثمر .7- أُطلبْ من الإخوة باستمرار تجنب سب العلماء والدعاة , وكذا تجريح أشخاص أعضاء المنتدى . أفهِـمهم أن المطلوبَ مناقشةُ الأفكار لا الطعن في أشخاص العلماء أو الدعاة أو في أي عضو من أعضاء المنتدى .وفقك الله لكل خير آمين .

213- عن الخروج على الحاكم المسلم :
هذه مسألة من المسائل التي يوجد فيها خلاف كبير بين علماء الإسلام قديما وحديثا , وفيها :1- الفرق بين الدولة الإسلامية العادلة , والدولة الإسلامية الظالمة , والدولة الكافرة .2- الفرق بين الدولة التي يحكمها حاكم يعترف بالحكم الإسلامي ولكنه لا يطبقه , وحاكم آخر لا يعترف بالحكم الإسلامي أصلا .3- الفرق بين حاكم يطبق الإسلام على نفسه بما في ذلك الصلاة , وحاكم آخر يرفض تطبيق الإسلام على نفسه , وحتى الصلاة هو لا يصليها أصلا .والحسين بن علي رضي الله عنه خرج على الحاكم المسلم الظالم , ولا أحد في الدنيا يجرؤ على أن يتهم الحسين ( سيد شباب أهل الجنة ) بأنه جاهل للإسلام أو أنه متعد لحدود الله أو أنه خارجي ولو صلى وصام !!!.وهكذا ... ويترتب عن هذه الخلافات :1- هناك حالات يحرم فيها الخروج على الحاكم .2- وحالات الأفضل فيها عدم الخروج على الحاكم , وحالات أخرى الأفضل فيها الخروج ولكن بشروط .3- وحالات يجب فيها الخروج على الحاكم ولكن بشروط .وهكذا ... فالمسألة إذن فيها تفصيل كبير يمكن أن يجده الواحد منا منشورا في كتب السياسة الشرعية لعلماء قدامى أو معاصرين . والله أعلم بالصواب .

214- العبادات غير معقولة المعنى :
نقرأ في الكثير من الأحيان بأننا نقول " الحمد لله " بعد العطاس بسبب كذا ... ونفعل كذا للعلة كذا ونقول كذا للحكمة كذا ... وهكذا ... وتعليقا على ذلك أقول بأننا نقول بعد العطاس " الحمد لله " لأن الإسلام أمرنا ( استحبابا ) بذلك . ومنه فنحن نفعل ذلك سواء علمنا الحكمة أم لم نعلمها . وحتى إذا علمنا حكمة من الحكم , فالأفضل أن لا نجزم بأنها حكمة إلا إن وردت في كتاب أو سنة صحيحة . وأما إن ذكرها عالم من العلماء المسلمين فالأفضل أن نقول " نظن " ولا نجزم بأنها حكمة بالفعل .وهذا الذي قلته ينطبق على كل العبادات بشكل عام , لأن الأصل في العبادات ( على خلاف المعاملات ) أنها غير معقولة المعنى , ومنه فنحن نفعلها ونلـتزم بها لأن الله أو رسول الله طلب منا ذلك , سواء عرفنا الحكمة
( أو الحكم ) أم لم نعرفها . نحن نلتزم بالفعل لأننا قوم من صفاتنا الأساسية أننا نؤمن بالغيب " الم . ذلك الكتاب لا ريب . فيه هدى للمتقين . الذين يومنون بالغيب و ..."…والله أعلم بالصواب .

215- الاعتراف بالحق في الخطأ :
مهم جدا أن يكون لكل واحد منا حد أدنى في تعامله مع الناس , من حديث رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم " الدين المعاملة " .
ومن هذا الحد الأدنى " الاعتراف للآخر بالحق في الخطأ " , وكذا " يجب على الآخر أن يعترف لنا بحقنا في الخطأ " , وذلك بطبيعة الحال ما دامت الأصول محفوظة ومراعاة ومصونة .وطبعا واضح جدا أن هذا الحق في الخطأ مكفول للعلماء في المسائل الدينية الاجتهادية الفرعية الثانوية التي ليس عليها دليل أو التي لها دليل ظني لا قطعي , وكذا هذا الحق مكفول لعامة الناس المقلدين أمثالي وأمثالك أخي القارئ الكريم في مسائل الدنيا التي لا صلة لها بالدين وبالإسلام .والله أعلم .

216- التصوف والحزبية والديموقراطية :

هي مسائل فيها كثير من الكلام لعلماء الإسلام :1- أما التصوف فمنه حسن ومنه سيء , والمتصوفة منهم صالحون وعباد وأتقياء وأنقياء ومجاهدون وعلماء ودعاة , ومنهم فساق وفجار ومبتدعة وكفار ومرتدين ... والعبرة إذن بالمسمى لا بالإسم . 2-وكذلك فإن الديموقراطية إذا كان معناها الشورى والأخذ برأي الأغلبية في ما يجوز في ديننا , وبناء قوانين البلاد على تحكيم شرع الله لا على اللائكية والعلمانية واستبعاد الدين , فإن الديموقراطية تصبح مقبولة ومستساغة , وأما إذا كان معناها التشاور في مسائل محرمة في ديننا بلا خلاف , وبناء النظام الإسلامي على اللائكية والعلمانية واستبعاد الدين عن الحكم , فإنها تصبح ديموقراطية مرفوضة وتصبح كفرا بواحا . والعبرة كما قلت بالمسمى لا بالإسم . 3-وأما الحزبية فلو منعها علماء مسلمون , فإن علماء مسلمين كثيرين ( خاصة من المعاصرين ) أجازوها وأباحوها - بشروط معينة - , بل يمكن أن تكون الحزبية أحيانا مستحبة أو واجبة , لا مجرد مباحة وجائزة فقط .والله أعلم . أصلح الله أحوال المسلمين ووفقنا الله جميعا لما فيه الخير , آمين .

217- قصة وتعليقان :

هذه قصة يحكيها الدكتور زغلول النجار . يقول الدكتور [ في إحدى السنوات التقيتُ في الحج بشاب إسباني مسلم , كان يؤدي فريضة الحج ومعه ابنه الصغير , وهو حافظ للقرآن . سألته عن قصة إسلامه ، فقال
" الموسيقى هي سبب إسلامي! " , فظننت أنه يمزح , فقلت له متعجباً " هل هذا صحيح ؟ وكيف ذلك ؟". فأجاب الشاب بكل جدية " نعم صحيح , فأنا كنت أدرس الموسيقى وأردت أن أعرف ما هو أصل الموسيقى الكلاسيكية ؟ , فقيل لي ( بيتهوفن وغيره من مشاهير الموسيقى الغربيين ) , ولكني لم أقتنع , واستمررت في البحث حتى وصلت إلى معرفة أن أصل هذه الموسيقى هو ( الموشحات الأندلسية ) , وبدأت بدراستها وقراءتها , وكان أغلبها يتضمن معنى توحيد الله ووصف الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) وأخلاقه التي كانت عظيمة حتى مع أعدائه , فأحببته . وحينها طلبتُ من والدي أن أنـتـقلَ خارج مسكن العائلة لأتفرغ للدراسة . وبالصدفة وجدتُ سكناً في حي للمسلمين واستقبلوني بالترحاب والمعاملة الطيبة وسمعتُ منهم القرآن أثناء صلاتهم فطربتُ له كما لم أطرب لغيره من قبل ولم أجد فيه خللاً موسيقياً أبداً. ودعيتُ لمؤتمر عن الموشحات الأندلسية في دولة المغرب ، وذهب من معي من المسلمين للصلاة وكنتُ بجانب المسجد أستمع لصوت الإمام وهو يقرأ القرآن الذي اخترق قلبي ووجدتُ نفسي أبكي بشدة , لدرجة أنه لما خرج رفاقي من الصلاة ظنوا أنه ربما وصلني خبر عن وفاة واحد من أهلي ، فقلت لهم ( لا , وأنا لا أعرف لماذا أبكي! ) . ولما رجعتُ إلى غرناطة أعلنتُ إسلامي . ودعاني السفير السعودي في مدريد لأداء فريضة الحج . وهناك في المملكة أخذني لمقابلة الملك خالد الذي سألني عن أمنيتي , فقلت له : أن أتعلم الإسلام هنا في بلدكم لأعلِّـمه لأهل بلدي . وفعلاً عشتُ في المملكة لمدة تسع سنوات درستُ فيها حتى حصلتُ على ماجستير دراسات إسلامية وكذلك زوجتي ، ثم رجعت إلى إسبانيا وأنشأتُ مدرسة إسلامية فيها 1200 طفل " .
ويكملُ زغلول النجار حديثه فيقول " لقد قابلته بعد سنوات , ووجدته داعية إسلامياً , وكبـُـر ابنه وأصبح يُـعلٍّـم في المدرسة معه " ] .
ولأن أخا كريما علق على القصة بما يلي " هل نصدق هذه القصة ؟! . إن قراءة كتاب الله بتدبر والاستماع له بإنصات نعمة عظيمة ومتعة أكبر من أي أنغام , وفضل كلام الله على غيره كفضل الله على خلقه ، فلا تحرموا أنفسكم من القرآن كل يوم . ولا يجتمع في القلب حب كلام الله مع حب الموسيقى والغناء ".
فأنا أعلق على تعليق الأخ الفاضل بتعليق آخر :
1- لاشك عند أي مؤمن ومسلم بأن الفرق بين القرآن والموسيقى كالفرق بين السماء والأرض , ولله المثل الأعلى . ولا يجوز أبدا أن نقارن بـيـن القرآن والموسيقى .
2- ولا ريب كذلك في أن الاستماع إلى القرآن أو تلاوته أو حفظه أو ... نعمة عظيمة جدا وجليلة جدا لا يعرف قيمتها إلا من استمتع بها وذاق حلاوتها , كما أنها عبادة من أعظم العبادات , وهي كذلك وسيلة من أكبر وسائل زيادة الأجر وتقوية الإيمان وزيادة البركة في المال والأهل والولد .
3- ومع ذلك فإن سماع الموسيقى الهادئة المصاحبة لكلام نظيف ( عند من أخذ بحلها وجوازها لا عند من أخذ بحرمة ذلك وعدم جوازه ) هي نعمة كذلك , وهي وسيلة ترفيه طيبة بشرط أن لا يكثر منها الشخص , وبشرط أن لا تشغله عن واجب , وبشرط أن لا تكون مرتبطة بأي نوع من أنواع الحرام . ومنه فإن اجتماع الاستماع للقرآن وسماع الموسيقى عند نفس الشخص أمر ممكن جدا بدون أي تناقض ولا تضاد ولا تعاكس .
4- فرق بين " هل يمكن ؟ " , " وهل يُـقبل أو يستساغ ؟ ".
من حيث الإمكان : الشخص حكى قصته ونقلها عنه الدكتور الفاضل زغلول النجار , ولا معنى لتكذيبه فيما حكى أو قص . إذن من حيث الإمكان : هذه القصة ممكنة وقد وقعت بالفعل .
أما " هل يقبل أن يُـسلِم شخصٌ بسبب السماع إلى الموسيقى , هل يقبل هذا ويستساغ أم لا ؟ " , فهذا أمر آخر يمكن أن يختلف فيه الناسُ . أما أنا فإنني أقبل هذا الأمر ( إسلام شخص بسبب الاستماع إلى الموسيقى ) وأستسيغه وأعتبره أمرا عاديا لسبب واحد , وهو أن مسألة سماع الموسيقى ( الهادئة والمصاحبة لكلام نظيف ) هي عندي وفي رأيي مسألة خلافية بين علماء الإسلام قديما وحديثا , بغض النظر عن القول الراجح والمرجوح . ومع ذلك فإن الذي لا يستسيغ إسلامَ شخص بسبب السماع إلى الموسيقى ( على اعتبار أنه يأخذ بقول من قال بحرمة السماع لكل موسيقى ) , فأنا أحترم رأيه كل الاحترام وأضعه على رأسي وعيني . والله أعلى وأعلم .

218- يمكن أن تكون الحجامة أخت الشعوذة :

الحجامة – شرعا - هي إخراج الدم بعد الشرط بالمحجم من أي مكان على البدن . هذا تمييزا للحجامة عن الفصد , والذي يتم على أوردة معينة يعرفها العاملون بهذا المجال .
والحجامة – علميا - عبارة عن شفط جزء من طبقة الجلد بمواضع مختلفة ما بين ظهر , بطن , رأس وقدم وذلك بتوليد ضغط سلبي يؤدى لتجمع الدماء في الشعيرات الدموية بمكان تطبيق الحجامة , ثم يعاد الشفط على نفس الموضع بعد تشريطه لسحب هذه الدماء المحتقنة بما تحتويه من مسببات مرضية ومسببات للألم .
والحجامة حث عليها النبي صلى الله عليه وسلم كوسيلة نافعة , وعوضا عن رفضها أو الاعتراض عليها جملة وتفصيلا كما يريد بعض الناس وبعض الأطباء وبعض المسئولين و ... يفترض أن توضع ضوابط لها وأن لا يسمح بممارستها إلا للمتخصصين , وذلك لأن الحجامة كان لها الدور الأكبر بعد الله في الشفاء من الكثير من الأمراض إلى جانب فوائدها الجمة وإلى جانب كونها مشروعة .
والحجامة سنة مؤكدة عن المصطفى وطريقة علاجية أثبتت فائدتها العظيمة.ومن الأدلة الشرعية للعلاج بالحجامة قوله صلى الله عليه وسلم ( إن أمثل ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري ) . أخرجه البخاري . كما قال : ( إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شرطة محجم أو شربة من عسل أو لذعة بنار توافق داء وما أحب أن أكتوي ). أخرجه البخاري ومسلم . وروى الترمذي وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنه قال رسول الله " ما مررت ليلة أسري بي بملأ من الملائكة إلا كلهم يقول لي عليك يا محمد مر أمتك بالحجامة " . وقال ( نعم الدواء الحجامة ، تذهب الدم وتجلو البصر وتخف الصلب " أخرجه الحاكم والترمذي , وقال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى " وليس طبَّه صلى الله عليه وسلم كطبِّ الأطباء ".
وذهب جمهور الفقهاء ( الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في قول ) إلى جواز اتخاذ الحجامة حرفة وأخذ الأجرة عنها ، واستدلوا بما روى ابن عباس قال " احتجم النبي صلى الله عليه وسلم , وأعطى الحجام أجره " أخرجه البخاري , وذلك بشرط أن يكون الحاجم حاذقا قد بلغ مستوى في حذق صناعته يمكنه من مباشرتها بنجاح , وألا يتجاوز ما ينبغي أن يفعل في مثلها .
والكثير من الناس ينتقدون الحجامة :
· وهم لا يعرفون من الإسلام إلا اسمه .
· أو وهم يريدون أن ينتقدوا الإسلام والمسلمين – من خلال الحجامة – ولو بطريقة غير مباشرة . ومع ذلك فأنا أضيف إلى كل ما قلتُ : يمكن أن تكون الحجامة أخت الشعوذة عندما يمارسها من لا يتقنها , ومن لا يعرف لمن تصلح ولمن لا تصلح , ومن يكذب على الناس فيزعم أنهم مصابون بكذا وكذا من الأمراض وأن الحجامة هي الحل الوحيد لهم , ومن يكذب على الناس فيلصق بهم كل الأمراض من أجل اختلاس أموالهم , ومن يزعم للناس بأن الحجامة هي العلاج لكل الأمراض العضوية والنفسية والعصبية , بل يقول لهم كذبا وزورا وبهتانا بأنها هي الحل حتى لمشاكل لها صلة وثيقة بالقضاء والقدر مثل الشغل والدراسة والتجارة والزواج والحظ و...الخ.......والله تعالى وحده أعلم . وفقنا الله وإياكم جميعا لكل خير , آمين .

219 – الدخول للمنتدى بالذكر وبالصلاة على النبي محمد :
لا شك أن الدخول إلى المنتدى أو إلى أي مكان آخر بذكر معين أو دعاء معين أو بالصلاة على رسول على اعتبار أن ذلك سنة من سنن رسول الله , لا شك أن ذلك يعتبر بدعة لأنه زيادة في الدين , لأن رسول الله ما كان - في الحقيقة والواقع - يفعل ذلك . ولكن الذي يذكر الله أو يصلي على رسول الله أو ... عند الدخول إلى المنتدى أو غير ذلك , إذا فعل ذلك على اعتبار أنه يريد أن يتذكر الله ويزيد أجره عند الله - لا على اعتبار أن ذلك سنة - فإن فعله هذا سيصبح حلالا وجائزا ولا حرج فيه بإذن الله .ومن أمثلة ذلك الاحتفال بالمولد النبوي بالدروس والمحاضرات والندوات والأناشيد والحفلات النظيفة و ... إذا تم على اعتبار أن رسول الله احتفل بمولده فإن ذلك يعتبر بدعة مكروهة أو حراما , وأما إن تم ذلك على اعتبار أنه فقط استغلال لفرصة ذكرى المولد من أجل تذكير النفس والناس بسنة رسول الله وسيرته , فإن الإحتفال يصبح عندئذ جائزا وحلالا ولا غبار عليه على الأقل عند بعض العلماء .
ومنه فإنني أرى بأن الجمع بين أقوال العلماء يتم في رأيي كالآتي :* من لا يصلي على رسول الله عند الدخول للمنتدى على اعتبار أن ذلك بدعة , له ذلك ولا لوم ولا عتاب له . * * ولكن من التزم بالذكر والصلاة على رسول الله كلما دخل للمنتدى أو خرج منه , فإننا نقول له
" لك ذلك وأنت مأجور على ذلك بإذن الله , ولكن احرص على لا تداوم على ذلك بل اترك الأمر عفويا , بحيث تفعل ذلك مرات وتترك ذلك في بعض الأحيان , حتى لا يصبح فعلك كأنه سنة وهو في حقيقة الأمر ليس بسنة لا من قريب ولا من بعيد " .والله ورسوله أعلم.
220 - الدعاء بعد كل صلاة :
الأفضل أن يلتزم به المسلم مرات ويتركه أحيانا حتى لا يصبح الفعل بدعة ( عند بعض العلماء ) , وحتى يخرج المسلم من الخلاف الواقع بين من قال من العلماء بأن الدعاء بعد كل صلاة سنة ومن قال بأنه بدعة.وهذا هو ما قاله الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي حفظه الله تعالى.

خواطر ( من 201 إلى 210 ) :

بسم الله
عبد الحميد رميته , الجزائر

201- عن النظر إلى المخطوبـة :
يستحب من الرجل النظر إلى الخطيبة- التي يريدها أن تكون زوجة له في المستقبل - في بيتها وأمام واحد من محارمها , ويمكنهما أن يتحدثا معا وأن يتعرفا على البعض من أفكار بعضهما البعض العامة . أما بعيدا عن أهل الفتاة فإن التعارف يمكن أن يكون فيه من الشر ما فيه , لأنه قد يكون حراما وقد يكون مقدمة لحرام , فضلا عن أنه تعارف كاذب في الغالب لأن كل واحد منهما يتجمل للآخر بما ليس فيه ولا يمكنه أن يتعرف عليه كما ينبغي ولو عاشره بهذه الطريقة لسنوات وسنوات . وأما الحب فإن أفضل الحب- عموما - هو الذي يأتي بعد الزواج .
والغريب أن بعض أولياء البنات قد يمنعون الخاطب أن ينظر إلى خطيبته ( ابنتهم ) أمام أهلها وعلى كتاب الله ووفق سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم , وفي المقابل يسمحون لابنتهم أن تخرج متى شاءت وكيفما شاءت ومع من شاءت من الذكور بلا قيد ولا ضابط شرعي . نسأل الله الهداية للجميع .

202 -الله وحده أعلم بالأسباب ... :
نتيجة جهل الناس بالإسلام , تجدهم يتدخلون في بعض الأحيان – ولو بنية حسنة – في علم الله الذي لا يعلمه إلا هو . ومن أمثلة ذلك :
ا-إذا أصيب شخص بالسرطان – عافاني الله وإياكم , وشفاني الله وإياكم – يقولون عنه " هذا لأنه سيء وعاصي , لذلك سلط الله عليه هذا المرض الخبيث "!!!.
ب- إذا وقع إعصار في منطقة ما أو وقعت فيضانات أو وقع حريق أو ... يقولون " ذلك بما كسبت أيدي سكان ذلك المكان أو تلك المنطقة "!!!.
جـ-إذا أصيب شخص بمرض غير معروف حتى الآن عند الأطباء , يقولون " ذلك لأن الشخص انحرف عن صراط الله المستقيم "!!!.
وهكذا ... تجد هؤلاء الناس يتدخلون – بهذه الطريقة - في علم الله الذي لا يعلمه إلا هو .
صحيح أنه يجوز لهم أن يقولوا " ربما فعل الله كذا من أجل كذا " , أو يقولون " الله ابتلى فلانا بكذا لأنه يفعل كذا " , ولكن لا يجوز بدا الجزم بشيء ما .
لا يجوز الجزم بشيء :
1-لأن هذا غيب لا يعلمه إلا الله تعالى .
2-ولأن الله يبتلي بالخير كما يبتلي بالشر , وقد يُـصاب المؤمنُ بشر ظاهر والله يريد به خيرا حقيقيا , وقد ينال الكافرَ أو العاصي خيرٌ ظاهر والله يريد به شرا حقيقيا .
3- ولأن الدنيا يعطيها الله لمن يحب ولمن لا يحب , وأما الآخرة فلا يعطيها الله إلا لمن يحب .
4- قد نـتحدث بشكل عام على أن الزلزال قد ينزله الله بمنطقة من أجل أن يعاقبَ أهلها لأنهم بالغوا في معصية الله , ولكن لا يجوز لنا أبدا أن نجزم بأن الله ابتلى منطقة معينة بالزلزال لأنهم بالغوا في معصية الله وانحرفوا عن صراطه المستقيم .
5 - لأنه لا دليل لا من الكتاب ولا من السنة ولا ... على أن الله فعل كذا بفلان أو بالمنطقة الفلانية من أجل كذا ...
6- ولأنه مهما أنزل الله مصيبة أو بلاء بمنطقة أو بشخص فهناك مناطق أسوأ , كما أن هناك أشخاصا أسوأ , فلماذا يسلط الله العذاب في الدنيا على السيء ويترك الأسوأ ؟!.
7- في الكثير من الأحيان , لله تعالى أكثر من حكمة ( وليس حكمة واحدة ) من وراء الشيء الواحد الذي قضاه بين عباده .
8- متى يجوز لنا أن نجزم بشيء ؟! . والجواب : عندما يخبرنا الله بذلك , أو يخبرنا رسول الله عليه الصلاة والسلام بذلك .
9- ولأن الله يفعل ما يشاء , وهو العليم الحكيم , وهو الذي لا يُسألُ عما يفعلُ , وهو وحدهُ الذي يسألُ غيرَهُ .
ومنه فإن الذي يقول على الله بغير علم , يمكن أن يقول الله له " من ذا الذي يتألى علي ؟!". لذا فإن إيماننا بالله وعلمنا بالدين والتزامنا بالإسلام : كل ذلك يحتم علينا أن لا نتدخل في علم الله , وإذا كان لا بد لنا من أن نتكلم , فلنقل " نظن " فقط , ولا نجزم أبدا بشيء .
نسأل الله أن يسترنا وأن يحفظنا وأن يوفقنا لكل خير .

203-بين التنافس على الدنيا وعلى الآخرة :
التنافس على الدنيا الحلال جائز , ولكن الأولى منه والأفضل والأنفع والأطيب والأحسن هو التنافس على طلب الآخرة والجنة . ومنه فإن إيثار الغير مطلوب شرعا ومحمود ولكن في متاع الدنيا , وأما فيما يتعلق بطلب الآخرة فلا يليق أن تقدم أو تؤثر غيرك على نفسك , بل الأنانية هي المطلوبة شرعا والمحمودة . لذلك :
ا- إذا رأيتَ أنك تكاد تموت عطشا وقدمتَ أخاك العطشان على نفسك , فالإيثار هنا محمود ولك أجرٌ على ما فعلتَ مع أخيك لأنك قدمته على نفسك في دنيا .
ب- وأما إذا كنتما في المسجد مثلا : أنت وأخوك في صف , وكانت فرجة موجودة في الصف الذي أمامكما , فلا يليق شرعا أن تؤثر أخاك هنا ( لأن هذه آخرة وليست دنيا ) , بل المطلوب هو أن تسعى – بدون أن تتعارك – لتكون أنت لا أخوك في الصف الأمامي . والله وحده أعلم بالصواب .

204- عن لعن المسلم لأخيه المسلم المعين :
من المعروف بداهة في ديننا أنه لا يجوز للمسلم أبدا أن يلعن أخاه المسلم المعين , لا يجوز له ذلك أبدا مهما أخطأ الأخُ الآخر أو عصى , أو مهما كان الآخرُ فاسقا أو فاجرا أو ... لا يجوز للمسلم أن يلعن آخرَ معينا ما دام مسلما . وحتى الكافرُ فالأولى أن لا يُـلعن إلا إن تأكدنا 100 % بأنه مات على الكفر الذي لا شك في أنه كفر . يجوز أن نقول لعنة الله على الظالمين , ولكن لا يجوز أن نلعن مسلما بعينه مهما كان ظالما , ونفس الشيء يُـقال عن السارق والكاذب والخائن وشارب الخمر والزاني والغش و ... عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : جاء نقلا عن شبكة أنا المسلم :
[ ” ليسَ المؤمِنُ بِطَعّان ولا لعّان ولا فاحِش ولا بَذيء ”. من سب مسلماً فقد فسق لقوله صلى الله عليه وسلم " سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر " ( متفق عليه) . ومن لعن مسلماً فكأنما قتله لقوله صلى الله عليه وسلم " ومن لعن مؤمنا فهو كقتله ومن قذف مؤمنا بكفر فهو كقتله " أخرجه البخاري . قال تعالى " ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون". (الحجرات:11) . ومعنى هذا أن من فعل ذلك كان فاسقاً بعد أن كان مؤمناً . ولا يجوز لمسلم أن يستحل سب المسلم أو شتمه أو عيبه أو غيبته إلا في حق كأن يكون مظلوماً يرد عن نفسه . ولا شك أن الصفح والمغفرة أعظم وآجر عند الله لقوله تعالى " ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور" الشورى : 43 . إن اللعن والسب والشتم والفحش في الكلام والطعن في الأنساب ، كل ذلك ليس من شيم المتقين . وسباب المسلم فسوق يعني أن السابّ نفسه فاسق , لأن سباب المسلم فسوق وقتاله كفر كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم . أما لعن من فعل فعلا معينا دون تخصيص لأحد فهو جائز ، فقد ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه لعن آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه ، ولعن المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء ، ولعن من لعن والديه ، و... ، وقد لعن الله تعالى في القرآن الظالمين والكاذبين , لكن بدون تخصيص لشخص بعينه . والمؤمن بعيد عن السب والشتم ولا يستخدم الألفاظ البذيئة في جد ولا هزل ولا في رضا أو غضب ]. ا.هـ.
ولكن – وكما قلتُ قبل قليل – لا يجوز أبدا أن يلعن المسلمُ أخاه المسلمَ المعينَ مهما كانت حالة الآخرِ من فسوق وعصيان , ومهما كانت نية اللاعنِ طيبة وحسنة . هذا أمر لا خلاف في حرمته وعدم جوازه .
ومع ذلك – وللأسف الشديد – هناك مسلمون يلعنون إخوتهم في الإسلام .

205- الوقت هو الحياة :
الوقت ليس " كالسيف إن لم تقطعه قطعك " , وليس " من ذهب " , وليس ... ولكن الوقت هو الحياة . إنه الثواني والدقائق والساعات والأيام والشهور والسنوات التي يعيشها المرء على هذه الأرض , ومنه فما أغلاه إن استغل في خير وما أتفهه إن استغل في شر .
1- كل واحد منا سيُـسأل يوم القيامة عن الوقت , وكذا عن عمره فيم أفناه , فإن قضاه في طاعة ومع مباحات سعِـد في الدنيا ونجا في الآخرة . وأما إن قضاه مع المعاصي والذنوب والآثام شقي في الدنيا وخسر في الآخرة الخسران المبين .
2- ما أحسن أن نقضي جل أوقاتنا مع الطاعات , ونقضي القليل منها فقط مع المباحات . وإذا عصى الواحد منا اللهَ بين الحين والآخر , ما أحسن وأطيب أن يسارع بالتوبة والاستغفار عسى الله أن يبدل سيئـتـه إلى حسنات .
3- وقت الترفيه عن النفس من خلال مباحات وجائزات إذا نوى المرء به التقوي على عبادة الله تعالى أصبح بإذن الله عبادة من العبادات له عند الله عليه أجر . ولكن مع ذلك يتمنى كل واحد منا أن يكون أغلبُ وقته مع العبادات لا مع المباحات والترفيه عن النفس .
4- كل بن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون , ومنه فـعيبٌ أن نعصي الله ولكن العيب الأكبر في أن نُكثِـر من المعاصي , وعيبٌ أن نعصي الله ولكن العيب الأكبر في أن نصر على العصيان ولا نسارع بالتوبة , وعيبٌ أن نعصي ولكن العيب الأكبر في أن نفرح بالمعصية .
5- الوقتُ إن استغله المؤمنُ فيما ينفعه دنيا وآخرة كان له نعمة من أعظم نعم الله , وأما إن لم يستغله فيما ينفع ويفيد أو استغله فيما يضر , كان عليه نقمة والعياذ بالله تعالى . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ " .
6- مهم جدا جدا جدا لو يسعى كلُّ واحد منا إلى أن يستغل وقته ما استطاع فيما ينفع ويفيد إلى درجة أنه يصبح مع الأيام , ليس لديه الوقت الفراغ الذي لا يجد ما يفعله فيه . هذه أمنية أرى أنها غاليةٌ جدا يجب على كل واحد منا أن يتمنى من الله أن يحققها له .
صحيحٌ أن الشخصَ إذا وصل إلى هذا الحد , بحيث لا يصبح عنده وقت فراغ أبدا , هذا الشخص سيعيش متعبا ولكنني أظن أنه سيعيش مع ذلك سعيدا كل السعادة بإذن الله تعالى , هذا مع أجره الكبير عند الله سبحانه عزوجل .
والله أعلم بالصواب .

206- تناقض بعض الرجال مع بناتهم :
كم عند الناس من تناقضات في حياتهم اليومية . ومن ذلك تناقض بعض الرجال في تعاملهم مع المرأة , خاصة مع البنت . يوجد في مجتمعاتنا رجال لا يهتمون ببناتهم خارج البيت أو داخل البيت في الأحوال والأيام العادية , ومنه تجد الواحدَ منهم لا يراقب ابنته ولا ينصحها ولا يوجهها ولا يوقفها عند حدها إن تعدت حدا من حدود الله في أدب أو خلق أو حياء أو شرف أو عفة أو كرامة أو ... ومنه لا بأس عليها أن تخالط ذكورا أو رجالا وتصافحهم وتسلم عليهم وتتحدث معهم بما يصلح وما لا يصلح من الكلام , وربما تختلي بالواحد منهم وتفعل معه أو يفعل معها ما الله أعلم به , بلا حسيب ولا رقيب من أهلها وخاصة من أبيها . وتجد الواحد منهم لا يراقب ابنته ولا يحاسبها سواء خالطت الرجال بحلال أو بحرام , وسواء تم ذلك داخل البيت أو خارجه .
ولكنك تجد الرجل في المقابل وفي المناسبات الخاصة كالأعراس وغيرها مما يشبهها , تجده يتشدد مع ابنته التشدد الزائد حتى أنه يمكن أن يمنع ابنته من الحلال لا من أجل الله , ولكن مراعاة فقط لتقاليد بالية ما أنزل الله بها من سلطان . ومن هذا المنطلق يمكن أن يمنع الرجلُ مثلا خاطبا جاء يخطب ابنته على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , وجاء يريد رؤيتها لبضع دقائق , في بيتها , وبحجابها , وفي وجود محارمها من الرجال . يمكن أن يمنع الرجلُ هذا الخاطبَ منعا باتا , ويرد على طلبه بعنف , ويزجره بقوة , ويكلمه بفظاظة وغلظة وكأنه طلب حراما أو أراد مستحيلا !!!.

207 – عن الرقص للرجال :
الرقص مما تختص به المرأة لا الرجل . والمرأة لا يجوز لها أبدا -وبلا خلاف بين عالمين مسلمين - أن ترقص أمام أجنبي عنها من الرجال . أما الرجل فرقصه ولو وحده في الغابة , هو من التشبه المذموم للرجال بالنساء سواء كان حراما أو مكروها . وأعتقد أننا لن نجد على سبيل المثال ولو امرأة واحدة من 100 امرأة تعتز بزوجها إذا رأته ( أو سمِعتْ به ) يرقص سواء أمامها فقط في بيت النوم أو أمام رجال أو أمام نساء . وإن وُجدت واحدة من المائة فإنها ربما تفرح بزوجها ( أو تحتقره , لا أدري ! ) لأنها هي الرجل في علاقتها به وهو المرأة , أي أنها تغلبُ زوجها والعياذ بالله . والرجل الذي يرقص مُخنَّث . وإن ادعى أنه برقصه تقدمي , فهو واهم إلا أن يكون تقدميا لا إلى الأمام بل إلى الخلف .
والله أعلم .

208- عن الوقوف على الحياد :
إن الوقوف على الحياد جائز بين الصواب والخطأ , وأما بين الحق والباطل فالحياد يساوي الوقوف مع الباطل والعياذ بالله تعالى , وهو غير جائز باتفاق . كذلك فإن الحياد جائز بين الصواب والخطأ , وأما بين الظالم والمظلوم فالحياد يساوي الوقوف مع الظالم , وهو حرام بلا أي خلاف .

209 – مواقف مقبولة , وموقف واحد مرفوض جدا :
مع كل مسألة خلافية بين الفقهاء يمكن للمسلم أن يقف أي موقف من المواقف الآتية , إلا موقفا واحدا لا يجوز له أبدا ( شرعا وعقلا ومنطقا وعرفا و...) أن يقفه :
1- أن يذكر القولَ الذي يطمئن إليه هو , ولا يذكر الأقوال الأخرى لسبب أو لآخر , بل لا يشير أساسا إلى أن المسألة خلافية .
ومثال ذلك أن يقول " لا يجوز للنساء أن تزرن المقـابـر" ( مع أن المسألة خلافية ) .
2- أن يذكر أقوال الفقهاء المختلفة بدون أية إشارة إلى ما يميل إليه هو من هذه الأقوال .
ومثال ذلك أن يقول " اختلف الفقهاء فيمن لم يجد ماء يتوضأ به ولا صعيدا طيبا يتيمم به , حيث انقسموا إلى أربعة أقوال : يصلي ولا يقضي , يصلي ويقضي , لا يصلي ولا يقضي , لا يصلي ويقضي ".
3- أن يذكر القول الذي يطمئن إليه هو , مع الإشارة إلى الأقوال الأخرى بدون ذكر ضعيف أو قوي أو راجح أو مرجوح من هذه الأقوال .
ومثال ذلك أن يقول " أنا أرى أنه لا بد لنية الصيام الصحيح أن تكون قبل الصبح كما قال المالكية .ومع ذلك لقد قال آخرون من الفقهاء بأنه يجوز أن تكون النية بعد الصبح في صيام التطوع ".
4- أن يذكر القول الذي يطمئن إليه هو , وينبه إلى أنه يميل إليه أو يتبناه وإلى أنه يعتبره راجحا وقويا و... , ويذكر الأقوال الأخرى مع التنبيه إلى أنها مرجوحة وضعيفة في رأي من أخذ هو بقولهم من العلماء , ومع ذلك هو يحترمها ويحترم القائلين بها والعاملين بها .
ومثال ذلك أن يقول " مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية حرام . هذا هو الصحيح والراجح والذي قال به الجمهور . وقال بعض العلماء " تجوز المصافحة " , وهذا قول ضعيف ومرجوح ولم يقل به إلا القليلون . ومع ذلك هو قول شرعي معتبر مهما كان ضعيفا . ومن قال به لن يُـحرم بإذن الله من الأجر الواحد , ومن أخذ به من العامة معذورٌ شرعا بإذن الله , لأنه أخذ من عالم امتثالا لقول الله تبارك وتعالى " اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ".
هذه كلها مواقف مقبولة شرعا , وقد يكون موقفٌ أفضلَ – عموما - من موقف , وقد يصلحُ موقفٌ لشخص ويصلح موقفٌ آخر لشخص آخر , وقد يناسبُ موقفٌ ظرفا ولا يناسبُ ظرفا آخر , وقد يستحسنُ موقفٌ مع ناس ولا يستحسنُ مع آخرين , وقد يُـقبلُ موقفٌ في وقت ولا يُقبل في وقت آخر , وهكذا ...
ولكن الموقف الخامس :
5- أن يذكر الشخصُ قولا يتبناه ويؤيده ويعتبره هو الحق , ويقول بأنه لا قول إلا هذا القول , أو ينبه إلى الأقوال الأخرى ولكنه يعتبرها ضلالا وانحرافا , ويعتبر من قال بها ليسوا علماء بل هم – عنده - جاهلون أو مائعون أو منحلون أو مبتدعة أو ... وأنه ليس لهم أجر على اجتهادهم , بل هم آثمون ... كما يعتبر من أخذ بهذه الأقوال من عامة الناس جهلة وضالين ومنحرفين ومائعين ومنحلين ومبتدعة و ... وأنهم آثمون , وأنه ليس لهم أي عذر عند الله إن أخذوا بهذه الأقوال من هؤلاء الذين يشبهون العلماء , ولكنهم ليسوا علماء !!!.
قلتُ : هذا الموقف غير مقبول ولا مستساغ , وهو مرفوض شرعا ومنطقا وعرفا وعقلا , وهو مرفوض بكل المقاييس . وهذا الموقف قبيحٌ جدا , لأنه لا يأتي إلا نتيجة جهل فضيع بالدين , ولا يصدر إلا من متشدد ومتعصب ومتزمت . وهذا الموقف هو ضد :
أولا : " التبشير والتيسير " المطلوبين في الدين .
ثانيا : وهو ضد الحديث النبوي " من اجتهد فأصاب فله أجران , ومن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد " .
ثالثا : وضد قول الله تعالى " اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" .
رابعا : وهو ضد ما قاله بعض الفقهاء " رأيي صواب يحتمل الخطأ , ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب".
خامسا : وضد ما قاله الإمام الشافعي رضي الله عنه " الله لا يعذب فيما اختلف فيه العلماء " .
سادسا : وهو ضد القول المأثور عن بعض العلماء " اختلاف العلماء رحمة " .
سابعا : وضد الحقيقة المعلومة عند العام والخاص من الناس ومن العلماء بأن " لحوم العلماء مسمومة " . وهو ضد أبسط آداب الكتابة وأخلاق الدعوة إلى الله تعالى .
ومثال ذلك أن يقول :
ا- سماع الموسيقى , أي موسيقى حرام . وهذا هو الحق الذي ما بعده إلا الضلال . وليس في الإسلام إلا هذا القول , والمسألة محل إجماع من طرف الفقهاء قديما وحديثا . ( مع أنها في الحقيقة ليست محل إجماع ) .
ب – الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ( كيفما كان الاحتفال , ومهما كانت نية المحتفلين ) حرام وبدعة شرعية , وضلال وانحراف . وقال بعضهم بأن الاحتفال جائز بشروط معينة . وهذا قول باطل لم يصدر إلا من أشباه علماء , وهو قول لا يجوز الأخذ به , لأنه ضعيف ومرجوح ومخالف للأدلة الثابـتـة من الكتاب والسنة . والأخذ بهذا القول فيه من الميوعة والانحلال ومن الضلال والانحراف , ومن الجرأة على دين الله ما فيه . والمسألة محل إجماع , والخلاف فيها لا يعتد به أبدا . ( مع أن المسألة خلافية في حقيقة الأمر , كانت ومازالت وستبقى خلافية إلى يوم القيامة ) .
جـ - دعاء القنوت في الركعة الثانية من صلاة الصبح غير مشروع ولا سنة ولا مستحبا ولا ... ولم يثبت أبدا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . هذا هو الحق والصواب والراجح والقوي والثابت و... وأما القول بأنه مستحب كما يقول المالكية , فهو قول باطل لا يجوز الأخذ به ومن أخذ به فهو مائع ومنحل وضال ومنحرف ومبتدع و...( مع أن المسألة في حقيقة الأمر كانت ومازالت وستبقى خلافية إلى يوم القيامة , بغض النظر عن الراجح والمرجوح والصواب والخطأ في هذه المسألة ) .
والله أعلى وأعلم .

210- عادة سيئة عند أغلبية الناس ! :

ملاحظة : هذه العادة , حتى وإن كانت موجودة عند أغلبية الناس , إلا أنني أعتقد أن انتشارها يقل كلما قوي إيمان الناس وازداد قربهم من الله تعالى , وتنتشر في المقابل بشكل أكبر كلما ضعف إيمان الناس وبعدوا أكثر عن الله عزوجل .
من العادات السيئة عند أغلبية البشر , سواء كانوا مؤمنين أم كفارا , وسواء كانوا في هذا الزمان أو في زمان مضى , أو كانوا في مكان أو في مكان آخر , أو كانوا في ظرف أو في ظرف آخر , قلتُ من هذه العادات السيئة العادة الآتية :
ا- الناس يصدقون الشر بسهولة : ومنه يمكن أن يوجد في أي مجتمع شخص مؤمن مسلم مستقيم ورع تقي صادق مخلص يحب فعل الخير مع الله ومع الناس و...هذا هو ظاهره لسنوات وسنوات , ربما تتجاوز ال 30 أو ال 40 أو ال 50 سنة . ولكن يحدثُ في يوم من الأيام أن يتورط هذا الشخصُ مثلا في سرقة كبيرة أو صغيرة وينتشر هذا الخبر بين الناس ويسمع به الخاص والعام منهم . ما الذي يحدث عندئذ في أغلب الأحيان والظروف والأمكنة والمجتمعات ؟!. الذي يحدث هو أن أغلبيةَ الناس سيقول الواحد منهم تلميحا أو تصريحا , بلسان الحال أو المقال " آه ثم آه !!. الآن فقط ظهرت حقيقةُ هذا الشخص البشعة ... أنا من زمان لم أكن أبدا مطمئنا إلى هذا الشخص , وكنتُ دوما أتوقع أن لباس الإيمان والإسلام والتقوى والورع الذي يلبسه هو لباس مزيف , وأنا كنتُ دوما في نفسي ميالا إلى أن هذا الشخص شريرٌ وأن مظهره الطيب والمبارك هو مظهرٌ كاذب ومخادع . ألم أقل لكم أكثر من مرة يا إخوتي بأن هذا الشخص لا يعجبني وكنتم تردون علي بكلمات مثل ( اتق الله في أخيك ) و ( أنت مُوسوسٌ وكثيرُ الشكوك ) و ( لا تسيء الظن بأخيك ) وكنتُ أرد عليكم بقولي ( المستقبل بيني وبينكم يا إخوتي ) و ... ألم أطلب منكم يا إخوتي أكثر من مرة أن تتحفظوا من هذا الشخص كما كنت أتحفظُ أنا منه , ولكنكم لم تسمعوا أبدا لكلامي . وها هو الواقع اليوم يؤكد بأنني كنتُ على حق وصواب وبأنكم كنتم مخطئين كل الخطأ كما كنتم مخدوعين بهذا الرجل السيئ "!!!!!!!.
وربما كان هذا الشخص بالفعل مستقيما وصادقا ومخلصا لله , ولكن فقط غلبـتـه نفسُه في يوم من الأيام فسرق , وربما كان خيره بإذن الله أكبر بكثير من شره , وحسناته ربما كانت أكثر بكثير من سيئاته . ومع ذلك فلن يعود الناس إلى الثقة بهذا الشخص من جديد إلا بعد أن يعود إلى استقامـته من جديد ويستمر على ذلك لسنوات طويلة وطويلة .
ب- الناس لا يصدقون الخير إلا بصعوبة : ومنه يمكن أن يوجد في أي مجتمع شخص يكذب ويسرق ويخون , تارك للصلاة ويشرب الخمر ويتناول المخدرات ويزني , ويحب فعل الشر مع الله ومع الناس و ... هذا هو ظاهره لسنوات وسنوات . ولكن يحدثُ في يوم من الأيام أن يعود إلى الله ويبدأ يصلي ويحافظ على الصلاة في وقتها وفي المسجد . ما الذي يحدث عندئذ في أغلب الأحيان والظروف والأمكنة والمجتمعات ؟!. الذي يحدث هو أن أغلبيةَ الناس سيقول الواحد منهم تلميحا أو تصريحا , بلسان الحال أو المقال " إيه .كأن هذا الشخص يريد أن يخدعنا بصلاته !. هو يريدنا أن نصدق بأنه بالفعل تاب إلى الله واستقام أمره على الإسلام والإيمان !. يا رجل هل تحسبنا مجانين أو مغفلين أو أغبياء أو حمقى حتى نصدق بأنك بالفعل تخليت عن فسقك وفجورك ؟!. أفق من نومك يا هذا واعلم أننا لن نصدقك أبدا !. هل يمكن أن نصدق أن شارب الخمر والمدمن على المخدرات تاب إلى الله بالفعل واستقام أمره ؟! . هل يمكن أن نصدق بأن الزاني والكاذب والخائن والسارق و... أصبح يصلي الصلاة في وقتها وفي المسجد في الله ولله .
إنك يا هذا تريد أن تخدعنا بالصلاة لتكسب ثقتنا ثم تواصل مسلسل فسقك وفجورك !. إذن إعلم بأنك واهم في ظنك هذا , ونحن لن نصدقك , لأننا نعلم بأنك كنتَ شريرا وستبقى كذلك بإذن الله وستموتُ على ذلك والعياذ بالله !.إعلم يا هذا , أنك تخدع نفسك فقط , أما الله ثم نحن فإنك لن تخدعنا أبدا ,فلا تتعب نفسك!. إننا لن نصدق أبدا بأنك تصلي لله , وإنما نحن نعتقد جازمين بأن صلاتك في الوقت وجماعة هي للشيطان ليس إلا " !!!!!!!.
وربما كان هذا الشخص بالفعل تائبا بحق وصادقا مع الله ومخلصا لله , بعد أن غلبه الشيطان والهوى والنفس لسنوات طويلة , وربما كان خيره – في المستقبل - بإذن الله أكبر بكثير من شره , وحسناته – في نهاية حياته - ربما كانت أكثر بكثير من سيئاته . ومع ذلك فلن يثق الناس بهذا الشخص إلا بعد أن يداوم على صلاته في الوقت وفي المسجد لمدة طويلة , وإلا بعد أن يتخلى عن فسقه وفجوره ويستمر على ذلك لسنوات طويلة وطويلة .
إذن الناس يصدقون الشر بسهولة , ولكنهم لا يصدقون الخير إلا بصعوبة , للأسف الشديد .
ألا ما أقبح هذه الصفة الموجودة عند أغلبية الناس , وصدق الله العظيم " قُـتل الإنسان ما أكفره " ,
" إنه كان ظلوما جهولا " .

خواطر ( من 191 إلى 200 ) :

بسم الله
عبد الحميد رميته , الجزائر


191- نعم ولكن ! ( عن السماع إلى الموسيقى ) :

أولا : نعم ثم نعم ثم نعم :

1-نعم إن كل غناء صاحبته موسيقى صاخبة هو غناء حرام سماعه بلا خلاف بين عالمين مسلمين .
2-ونعم إن كل غناء كلماته منحلة ومائعة وساقطة وهابطة وفاسقة وفاجرة و...هو غناء حرام سماعه باتفاق كل الفقهاء والعلماء قديما وحديثا .
3-ونعم إن أغلب الغناء السائد في دنيا الناس اليوم , والذي يُبثُّ عبر التلفزيونات والأنترنت والأشرطة والأقراص و... هو غناء حرام سماعه بإجماع كل الفقهاء والعلماء من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى اليوم . وأما الجائز منه والمباح فهو الغناء القليل جدا للأسف الشديد .
4- أنا لا أسمع الغناء الساقط أبدا , كما لا أسمع الغناء المصاحب لموسيقى صاخبة , لا أسمعه أبدا . وأنا في المقابل لا أسمع الموسيقى إلا قليلا جدا جدا جدا , وأسمعها ( عندما أسمعها ) إما لوحدها (كالموسيقى التركية مثلا ) , وإما مصاحبة لأناشيد دينية ( مثل أناشيد سامي يوسف ) .
ثانيا : ولكن أمرَ بعض الإخوة غريبٌ وعجيب :
أنا أتعجب كثيرا من موقف بعض الإخوة الرافض مطلقا للقول بأن بعض العلماء المسلمين قديما وحديثا أباحوا وأجازوا السماع إلى الموسيقى الهادئة المصاحبة لكلام نظيف .
أنا أرى بأن موقف هؤلاء غريبٌ وعجيب لأسباب عدة منها :
1- أن المسألة خلافية وستبقى كذلك إلى يوم القيامة , وهم يريدون بالقوة وبالباطل تحويلها إلى اتفاقية .
2 – أنهم إما أن يستمعوا إلى الموسيقى أو لا يستمعون إليها :
* إن استمعوا إليها : لو سمع هؤلاء الموسيقى الحلال , فإنهم حين يسمعونها وهم مطمئنون إلى أن بعض العلماء قالوا بجواز ذلك , سيسمعون وضميرهم مرتاح كل الارتياح لأن الله لن يعذب شخصا أبدا في مسألة اختلف فيها العلماء ( كما قال الإمام الشافعي رضي الله عنه ) .
وأما إن استمعوا إليها وهم يعتقدون بحرمة السماع , فإنهم سيسمعون وصدورهم منقبضة , وضمير كل واحد منهم غير مرتاح , وكل واحد منهم سيستمع إلى الموسيقى وهو يحس بالذنب والإثم والمعصية و ... وسيعيش باستمرار معذبا وشقيا و...
وما أبعد الفرق بين الأول ( المعتدل ) المرتاح والسعيد , والثاني ( المتعصب ) المعذب والشقي !!!. إن الفرق بينهما كالفرق بين الأرض والسماء .
وكذلك فإننا نسمع الموسيقى ( حين نسمعها ) على اعتبار أن هناك علماء أجازوا ذلك , هذا خير لنا مليون مرة من أن نسمع الموسيقى على اعتبار أننا مضطرون لذلك , و"الضرورات تبيح المحظورات" .
* * إن لم يستمعوا إليها : فسيعيشون على هامش الحياة الدنيا وبعيدا عن الناس , وسيحرمون أنفسهم من خير الدنيا والآخرة الذي يمكن أن يُنالَ بالعيش مع الناس ومخالطتهم والتعرف عليهم وإعطائهم والأخذ منهم والتعاون معهم ودعوتهم إلى الخير والاستفادة منهم والصبر على أذاهم و ... وعندئذ يصبح بطنُ الأرض أولى للواحد منهم من ظهرها .
أقول هذا لأنني أحب أن أكون واضحا وصريحا . من الصعب جدا أن نعيش اليوم بدون أن نسمعَ الموسيقى .
نعم !. لو كان الأمرُ حراما بلا خلاف , فإننا سنقول وبصوت مرتفع " نموت ولا نرتكب ما حرم الله ورسوله " , ولكن هذه المسألة التي نحن بصدد مناقشتها هي مسألة خلافية بين العلماء , ومنه فإن الموقف منها مختلف كل الاختلاف , والمطلوب فيها سعة الصدر لا التعصب .
نحن نسمع الموسيقى شئنا أم أبينا : نسمعها مع الهاتف النـقال ومع نشرة الأخبار في التلفزيون أو الإذاعة ومع المسلسل الديني ومع الفيلم الديني ومع الشريط العلمي ومع التحقيق الاجتماعي أو التاريخي أو السياسي ومع الصور المتحركة ومع درس الفيزياء والطب والرياضيات ودرس العلوم الشرعية و...ومع الشريط أو القرص الخاص بتعليم الصلاة والصيام والإسلام و... ومع المنبه ومع ساعة اليد ومع الساعة الحائطية ومع الآلة الحاسبة ومع ...الخ ...
ومنه فإنني أقول في النهاية بأن أمر إخواننا المتشددين في هذه المسألة عجيب وغريب .
إنهم إما أنهم لا يسمعون الموسيقى البتة , ولا يسمعونها بالفعل , ولا يسمعونها أبدا , فهؤلاء كأنهم لا يعيشون مع الناس , بل يعيشون في الغابة مع " ماوكلي " .
وإما أنهم يسمعونها حقيقة وواقعا , ولكنهم في المقابل – وبسبب تشددهم وتعصبهم وتزمتهم – يقيمون الدنيا ولا يقعدونها على من يسمع الموسيقى , وكذا على من يقول بأن هناك علماء أباحوا السماع للموسيقى الهادئة والمصاحبة لكلام نظيف .
والله أعلم وأعلى . نسأل الله العلم والإيمان والهداية لنا ولإخواننا , آمين .

192 – ما أقبحها من رسائل قصيرة ! :
هناك أولاد وبنات يتداولون عن طريق الهاتف النقال , يتداولون مع زملائهم أو إخوتهم أو مع الأقارب والجيران و ... يتداولون مثل هذه الرسالة وهم فرحون وكذا وهم يضحكون ويمرحون , وكأنهم عثروا على لعبة مسلية , والعياذ بالله تعالى . إنهم يتدولون الرسالة القصيرة الآتية " عن أبي هاتف قال " صلوا أصدقائكم برنّـة ، فإن لم تستطيعوا فـبمساج" متفق عليه أستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم .
1- مهم لو أن كل واحد منا ينبه أهله وأولاده لهذا الأمر . ينبههم لخطورته من الناحية الشرعية : لخطورته على إيمان الشخص من جهة , ولخطورته على قلبه من جهة ثانية . 2- مهم لو ننبه أنفسنا , وكذا من حولنا من الناس أنه لا يجوز الضحك هنا , حتى ولو كانت نيتنا حسنة. . 3-مهم لو ننبه أنفسنا وأهالينا وأولادنا وبناتنا وأقاربنا وجيراننا ومعارفنا و... ننبههم كذلك إلى أن حكم هذا النقل لمثل هذه الرسائل هو حرام من الناحية الشرعية , هو حرام من جهة أن فيه شبهة السخرية والاستهزاء بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم , وأن فيه شبهة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم , لأن المتحدث وإن لم يذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما نقل , إلا أنه قلده في أحاديثه وختم الرسالة ب " متفق عليه" , وكأن مضمون الرسالة حديث نبوي شريف , ومن هنا جاءت شبهة السخرية التي هي كفر , والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو كبيرة من الكبائر . 4- مهم لو ننبه أنفسنا ومن حولنا من الناس بأن هذا الفعل حرام بكل تأكيد , وهو حتى وإن لم يكن كفرا صريحا فهو معصية كبيرة بكل تأكيد . ونحن من جهة أخرى وأخيرة نخاف أن يكون التهاون في هذا الأمر والمبالغة في التهاون , قد يكون مؤديا إلى الكفر في النهاية وفي يوم من الأيام , والعياذ بالله تعالى , وفي ذلك الخسران المبين , فلنحذر ثم فلنحذر .

193- نحن نستأنس بقراءة أو سماع ما يأتي به العلم من علوم ومعارف :
تؤكد صحة وصواب ما جاء في القرآن الكريم أو في السنة النبوية . ولكنني مع ذلك أنبه هنا وبالمناسبة إلى ملاحظتين أساسيتين لهما صلة بالموضوع :
1- نحاول ما استطعنا أن لا نأتي للناس إلا بحقائق علمية تتفق وتقوي ما جاء في القرآن الكريم أو في السنة النبوية.وأما النظريات العلمية التي لم تصل إلى درجة الحقائق العلمية , فالأفضل أن نعرض عنها ونتجاهلها .2- ثم نحن مع ذلك , وإن قوتنا معرفة حقائق علمية معينة , وإن قوت إيمانَـنا ورفعت لنا معنوياتِـنا , فنحن مع ذلك نلتزم - عموما - بالإسلام , وبالواجبات والفروض أو المستحبات , سواء عرفنا الحكمة من ورائها أم لم نعرفها . لماذا ؟ لأن من صفاتنا الأساسية كمؤمنين وكمسلمين , أننا نؤمن بالغيب " الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين , الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون" .والله أعلى وأعلم , وهو وحده الموفق والهادي لما فيه الخير .

194- الواجب في تأديب المرأة إذا كانت ناشزا :
إذا تحقق نشوز المرأة وعظها الزوج برفق وذكرها بما يقتضي رجوعها عما ارتكبته,فإن استمرت على النشوز هجرها في المضجع بألا ينام معها في فراش واحد أو ينام معها في نفس الفراش لكن يعطيها ظهره ( لكن في الحالتين يجب أن ينام معها في نفس البيت ) ولا يباشرها أو ... , فإن لم يفد ذلك ضربها ضربا غير مبرِّح ( لا يكسر عظما ولا يشين جارحة ) إن ظن الإفادة . ويمكن أن يُزادَ في الضرب إن ظن الإفادة . والترتيب السابق واجب شرعا . والهجر والضرب لا يسوغ فعلهما إلا إذا تحقق النشوز , أما الوعظ فلا يشترط فيه تحقق النشوز ولا ظن الإفادة .

195- الإخبار بالغيب :
إخبار سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث وفي القرآن عن أمور غيبية وقعت بالفعل في المستقبل وكما أخبر هو صلى الله عليه وسلم ( ولو خالف الحقيقة مرة لاعترض عليه الكفار والمؤمنون على حد سواء ) , هذا الإخبار يدل دلالة قطعية على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلقى ذلك وحيا من الله . ولو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاذبا
( وهذا مستحيل ) فإنه يحق له أن يفتخر على سائر المخلوقات بأنه وحده الذي يعلم الغيب , لكنه صلى الله عليه وسلم كان المثال الرائع في التواضع , وهو يخبر الناس باستمرار بأنه عبد الله ( أمه امرأة كانت تأكل القديد بمكة ) . والرسول صلى الله عليه وسلم حين يفعل ذلك يخبرنا بالحقيقة كل الحقيقة ليس إلا .

196 : أخت الزوجة أجنبية على الرجل أم لا ؟ :
نعم أخت زوجة الرجل هي أجنبية عليه تحكمها نفس أحكام النساء الأجنبيات ,بمعنى أن الرجل لا يجوز له أن يُقبِّل أختَ زوجته أو ينظر إلى غير الوجه والكفين من جسدها أو يختلي بها أو..أما اعتبارها محرما مؤقتا فمعناه فقط أن الرجل لا يجوز له أن يتزوج بها ما دام متزوجا بأختها"وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف".

197 - مصافحة المرأة الأجنبية تـنقض الوضوء أم لا ؟ :
في المسألة خلاف بين الفقهاء , وعندنا في المذهب المالكي ينتقض الوضوء إذا صافح الرجلُ المرأة الأجنبية وقصد الشهوة حتى ولو لم يجدها , أو وجد اللذة حتى ولو لم يقصدها , أو قصد الشهوة ووجد اللذة في المصافحة . وقال المالكية بأن الوضوء لا ينتقض في الحالة الرابعة فقط:أي إذا لم يقصد الرجل لذة ولم يجدها.

198 - ما الذي يستفيده الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ :

ا- من الكذب –حاشاه – على الله ، حين يدعي بأنه رسول من عند الله وبأن القرآن كتاب الله ، وهو الذي عاش في منتهى البساطة من الناحية المادية ؟! . لقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكفار بأنهم لو وضعوا الشمس في يمينه والقمر في يساره من أجل أن يترك تبليغ الدين ما فعل ( حتى يظهره الله أو أهلك دونه ) .
ب- من الكذب – حاشاه - على الله ، وهو الذي حين خُـيِّـر بين أن يعيش رسولا ملكا أو رسولا عبدا ، اختار الثاني.
جـ- من الكذب – حاشاه - على الله وهو الذي عرض عليه الكفار المال والسيادة والنساء كما يشاء في مقابل تخليه عن دينه , فرفض بقوة ؟!.
د- من الكذب – حاشاه - على الله ، وهو الذي خير زوجاته بين العيش معه مع التقشف , وبين الطلاق إن أحببن الدنيا وزينتها , وهو قادر –لو شاء وكان كاذبا –أن يعيش معهن كأعظم ملوك الدنيا ؟!.

199- بين أسلوب القرآن وأسلوب الحديث :
الفرق الواضح جدا عند علماء اللغة وغيرهم بين أسلوب القرآن وأسلوب الحديث ، يدل قطعا على أن القرآن من عند الله وليس من عند محمد صلى الله عليه وسلم . و من جهة أخرى نحن عقال ولدينا والحمد لله ولو قدر بسيط من الثقافة والعقل والمنطق ، ومن هذا المنطلق أقول بأن من يسمع شيئا و لو بسيطا من القرآن ولو للحظة بسيطة من الزمان يعرف بما لا يدع مجالا للشك بأنه من عند الله و أنه لا يمكن أن يكون من عند بشر ، وهذا ما حدث لكثير من الناس والصحابة ، و منهم عمر - رضي الله عنه - في قصة إسلامه المشهورة .

200 - ألا يجوز لمن يحتاج إلى استعمال المصحف كثيرا أن يمسه ولو بدون وضوء أصغر ؟ :
جوز المالكية لمعلم القرآن أو المتعلم – رجلا كان أو امرأة - أو من يدخل في حكمهما ممن يحتاج كثيرا إلى استعمال المصحف ( كمن يحفظ القرآن أو يراجع حفظ القرآن ) , جوزوا له أن يمس المصحف بشرط حصول الطهارة الكبرى فقط , أي ولو لم يكن متوضئا الوضوء الأصغر . وفي هذا القول ما فيه من رحمة وتيسير على المسلم والمسلمة .
كما يجوز للمرأة عند الكثير من المالكية – حتى تبقى على صلة دائمة بالقرآن الكريم تلاوة أو حفظا – أن تقرأ القرآن الكريم حتى وهي حائض أو نفساء , ولكن من غير المصحف , أي مما تحفظ من القرآن الكريم أو من كتاب تفسير مثلا , لأن كتاب التفسير حكمه ليس هو حكم المصحف.
والله أعلى وأعلم .

خواطر ( من 181 إلى 190 ) :

بسم الله
عبد الحميد رميته , الجزائر

181- لمن يعاني من وسواس في العقيدة أو في العبادة :
الوسواس المتعلق بالعقيدة أو بالعبادة : الصلاة أو الصيام أو ... , أو الإيمان بالله أو الملائكة أو الكتب أو الرسل أو اليوم الآخر أو... هذا الوسواسُ لا يُحارَب عن طريق لوم النفس والخوف من حساب الله وعقابه والخوف من النار يوم القيامة واعتزال الناس والتوقف عن طلب الدنيا الحلال والتوقف عن الاستمتاع بالدنيا بالحلال وانتظار الموت بالليل والنهار, و...بل على العكس يلزم الشخص للتخلص من الوساوس أن يكون على ثقة ويقين من أن الله لن يحاسبَـه على ذلك ( مهما كان الوسواس متعلقا بأشياء كفرية في العقيدة أو في العبادات ) , لأن ذلك فوق طاقـته . ويلزمُـه مع ذلك كثرة الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم , وعدم الاهتمام بهذه الوساوس , وشغل أوقات الفراغ بما ينفع , وتقوية الصلة بالله تعالى , ومخالطة الناس , والتفكير في أشياء أخرى مفيدة متعلقة بالدين أو بالدنيا , وهكذا...
والله وحده أعلم وهو وحده الشافي أولا وأخيرا , وهو وحده الموفق والهادي لما فيه الخير.

182-لأنك تحب أن تكون في الحوار من أهل القرآن , خاصة وأنت تكتب في المنتديات:

الكل والجميع إخوتك تحبهم وإن لم يحبكَ البعضُ منهم . تتفقون وأنتم إخوة وتختلفون وأنتم إخوة كذلك . أصولُ الإسلام العظيم تجمعكم واختلافكم لا يجوز أبدا أن يفسد للود والإخاء الذي بينكم قضية . أنتم إخوة ولستم خصوما . أنتم إخوة ولستم أعداء . يجب أن تدخروا الشدة للأعداء , وأما فيما بينكم فالرحمة هي التي يجب أن تسودَ . يجب أن تدخروا العزة للكفار , وأما فيما بينكم فالذلة هي التي يجب أن تنتشر. أخي الكريم لأنك تحب أن تكون من أصحاب الأدب في الحوار , وأن يكون خلقك من أخلاق القرآن , فإن عليك أن تحاول ما استطعتَ - خاصة وأنت تكتب في المنتديات - أن : 1- تُحسنُ الظن بأخيك , مهما أساء هو الظن بكَ . 2- وتدعوَ له بالخير , مهما فعل هو غيرَ ذلك معكَ . 3- وتدعوَ له بالخير من أعماق قلبكَ وأنتَ تُـحبه , مهما حملَ هو في نفسِـه اتجاهكَ من شر وهو يكرهُـكَ . 4- وتلتمسُ له الأعذارَ مهما لم يلتمسْ هو لكَ أيَّ عذر . 5- وتَـقبلُ أن يخالفـكَ في مسائل اجتهادية فرعية ثانوية , مهما ضاق صدرُه هو عن ذلك . 6- وتقولُ له القولَ اللينَ وتُـذِلُّ نفسكَ له , مهما قال لكَ هو القولَ الخشنَ وأظهرَ هو العزةََ أمامك وأمامَ أخيه المسلم .
7-وتَـدَّخرُ الشدةَ والغلظةَ لعدو الإسلام , مهما سخَّـرها هو معكَ أنتَ , وأنتَ أخوه المسلم . 8- وتـعتبـرُ أنتَ – ما دام الخلاف بينك بين أخيك في مسألة غير أصولية – أن رأيكَ صوابٌ ولكنه يحتمل الخطأَ وتعتبـر في المقابل أن غيرَك على خطأ ولكنه خطأٌ يحتملُ الصوابَ . هذا منهجُـك , مهما سار أخوكَ معكَ بمنهج معكوس ومقلوب , أي على اعتبار أنه هو على صواب لا يحتملُ الخطأَ وأما أنتَ فيعتبركَ على خطأ لا يحتمل أيَّ صواب . 9- وتـحترمُ كلَّ العلماء والدعاة مهما لم تـقـتـنع بالبعضِ من الآراء عند بعضهم في بعضِ المسائل , تحترمهم جميعا وبلا استثناء وتسألُ الله أن يجعلهم من أهل الجنة وأن يحشركَ أنتَ معهم . هذا منهجك , مهما تعصب غيـرُك واحترمَ من اقتنع بـآرائهم ولكنهُ رفض غيرَهم من العلماء والدعاة وطعن فيهم . 10- وتكتفي أنتَ بنقد أفكار غيرك , مهما تحولَّ هو إلى تجريحكَ أنتَ كشخص . 11- وتـتعامل مع غيركَ بروح القرآن وحقيقته مهما تعامل معكَ هو بشكل القرآن فقط . 12-وأنتَ مستعدٌّ لأن تضعَ رقبتكَ أمامه ليطأ عليها من أجل أن يسمح لكَ ويغفر لكَ ولو خطأ بسيطا ارتكبته في حقه هو , تـفعلُ هذا معه مهما أصر هو على ظلم أخيه الظلمَ الكبير بدون أن يهتزَّ عقلُـه أو قلـبُـه من أجل أن يعتذر إليه ِ.
13-وأنتَ إن دعوتَ له بالهداية فعلى اعتبار أنه مهتدي بإذن الله وأنتَ تريد له ولكَ الزيادةَ , مهما تعامل معكَ هو بطريقة مخالفة وسأل الله لك الهدايةَ على اعتبار أنك ضالٌّ ومنحرفٌ . 14- وأنتَ تدعو له بالعلمِ على اعتبار أنه متعلمٌ وأنتَ تـسألُ الله لكَ وله الزيادة , مهما تعامل هو معكَ بطريقة معاكسة وسأل الله لكَ العلمَ على اعتبار أنكَ جاهلٌ .
15- تـختلف أنتَ وأخوكَ في مسائل فرعية ثانوية اجتهادية , ومع ذلك تبقى تحبه وتحترمه وتقدره لأن ما يجمعكَ بهِ أكثر مما يفرقكَ عنه , ويبقى الودُّ والحب والأخوة سائدة بينكَ وبينه . وافقك أخوكَ : هو أخوكَ , وخالفكَ : هو أخوكَ كذلك .أنتَ تسيرُ معه على هذا السبيل مهما تعامل معكَ هو كما تتعاملُ أمريكا مع المسلمين " إما أن تكون معي , وإلا فأنت ضدي ". 16- قال الله تعالى " قولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى" , قال ذلك لرسولين عليهما وعلى رسولنا وسيدنا محمد الصلاة والسلام , ومن أجل الحوار مع فرعون عدو الله وعدو الدين . ومنه فأنتَ تتعامل باللين والحلم والأناة والرحمة والذلة " أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين " , " أشداء على الكفار رحماء بينهم " , " ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ", قلتُ : فأنتَ تـتـعاملُ باللين من باب أولى مع أخيك المسلم . هذا منهجك في الحوار , مهما كان أخوكَ خشنا معك وشديدا معك وفظا غليظا معك , ومهما غضب منكَ أو عليكَ ومهما كان قاسيا عليك . * إنه أخوك , مهما بغى عليكَ . ** تـقبلُ رأسَـهُ ويديه ولو أجاز العلماءُ للواحد منا أن يُـقبلَ رجلي غيرِ أبيه وأمه , لقبَّـلتَ أنتَ رجلَ أخيكَ , لا لشيء إلا لأنه أخوكَ . *** " أخي " , ما أحلاها كلمة إذا أخذناها كما أكد عليها القرآن الكريمُ !. قال الله تعالى " إنما المؤمنون إخوة " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " المسلمُ من سلم المسلمون من لسانه ويده ". وأخوة الإسلام – بعد أركان الإسلام – تعتبـرُ من أعظم الواجبات الإسلامية وأوكدها إطلاقا . والله أعلم بالصواب , وهو وحده الموفق والهادي لما فيه الخير .
حفظكم الله جميعا بلا استثناء , ونفع الله بكم جميعا بلا استثناء , وجعلكم الله جميعا وأهل كل منتدى ( أي منتدى ) من أهل الفردوس الأعلى في جنة رب العالمين آمين .

183- من حق الزوجة على زوجها زيارتها لأهلها :
وذلك لأن المرأة مطالبة ببر والديها وصلة رحمها مثل الرجل تماما . ومنه فإن من واجب الزوج أن يعين زوجته على هذه الطاعة , لأن عقاب من يقطع رحمه عند الله شديد ولأن قطيعة الرحم من كبائر الإثم ومن أقبح المنكرات . وأما عن خروج المرأة لزيارة والديها فيقول جمهور الفقهاء بأنه لا يجوز للزوج أن يمنع الزوجة من زيارة أهلها مرة كل أسبوع إن لم يستطع الأبوان الذهاب إليها لكبر سن أو لمرض أو لموانع أخرى. وقال آخرون بغير ذلك , لأن المسألة ( تحديد المدة ) ليس فيها نص شرعي من الكتاب أو من السنة الصحيحة , ولكنها مبنية فقط على اجتهاد تراعى فيه جملة أمور منها :
1- الزوجة بكر أم ثيب ؟
2- الزوج متزوج بامرأة واحدة أم بأكثر ؟
3- سكن أهل الزوجة قريب من سكن الزوج أم بعيد ؟
4- الزوجة كبيرة في السن أم صغيرة ؟.
5- العادة والعرف السائدان عند أهل الزوجة ثم عند أهل الزوجة .
الخ...
لكن الكل متفق - ومهما كانت الأحوال - على أن من واجبات الزوج اتجاه زوجته أن يسمح لها بأن تزور أهلها ( خاصة الوالدين ) بين الحين والآخر . هذا واجب من واجباته اتجاه زوجته , سواء ذهبت الزوجة عند أهلها في الصباح ورجعت إلى بيت زوجها في المساء , أو ذهبت عند أهلها لتبقى عندهم شهرا أو أكثر أو أقل
كل ذلك جائز , ويستحسن أن يتم بالتراضي بين الزوجين وبلا إفراط ولا تفريط .
كما يلاحظ هنا أمران مهمان :
الأول : لا يجوز أن تطول مدة زيارة الزوجة لأهلها , خاصة إن كان معها أولاد وكان أهلها فقراء , وكانوا يستاءون من طول زيارة ابنتهم لهم بسبب ظروفهم المادية الصعبة .
الثاني : لا يجوز أن تطول مدة الزيارة من الزوجة لأهلها , بحيث يتضرر الزوج من غيابها الطويل عنه , خاصة في السنوات الأولى من بعد الزواج .

184- ما هو لقبكِ يا امرأة ؟ :
من مظاهر التقليد الأعمى للغرب ( أوروبا وأمريكا ) الكافر , وكذا التبعية الصماء البكماء للشرق الملحد ( روسيا ) في المجتمعات الإسلامية اليوم , استيراد القوانين في الاقتصاد والاجتماع والسياسة و...منهم ,عوض الرجوع إلى الإسلام ومناهجه العادلة في شتى المجالات الدينية والدنيوية . ومما أخذه المسلمون من الكفار من قوانين ما هو منصوص عليه عندنا في الجزائر من أن المرأة بعد أن تتزوج تذوب في زوجها ويلغى لقـبُـها حيـث يصبح لقـبُـها هو لقب زوجها . وتبقى كذلك من اليوم الذي تتزوج فيه إلى أن تموت . مثلا إن فرضنا بأن زوجتي إسمها " عائشة " , فإنها تسجل في وثائقها بالإدارة الجزائرية ( بلدية أو دائرة أو ولاية أو وزارة أو ...) باسم ( رميته عائشة ) , مع أن " رميته " هو لقبي أنا ( زوجها ) لا لقبها هي أو لقب عائلتها . والغرب أو الشرق الكافران يلغيان لقب المرأة بمجرد زواجها , ويجعلانها تذوب في زوجها طيلة الجزء الأكبر من حياتها . هما يفعلان ذلك مع أنهما يتشدقان دوما – زورا وكذبا – بأنهما ينصفان المرأة ويسويان بينها وبين الرجل في الحقوق والواجبات وهما دوما يتهمان الإسلام بأنه ضد المرأة وبأنه يظلم المرأة وبأنه يحرمها من حقوقها الأساسية !!!. إلا ما أكذبكم يا قوم , والله ما أنصف المرأة مثل الإسلام , وما ظلمها وهضم حقوقها وداس كرامتها كما فعلتم أنتم , وما زلتم تفعلون معها إلى اليوم " جحدوا بها واستيقـنـتـها أنفسهم ظلما وعلوا " .

185- كيف يحاسب الله الناس يوم القيامة ؟! :
قد يسألُ سائلٌ فيقول "كيف يحاسب الله الناس من عهد آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها في وقت واحد ؟".
ويمكن أن يجاب عن السؤال بطرق مختلفة , منها أن الكمبيوتر على سبيل المثال – الذي هو من صنع الإنسان الذي خلقه الله – يقوم بمئات وآلاف وعشرات الألوف من العمليات في وقت واحد , وفي لحظة واحدة وبسهولة وبساطة متناهيتين. هذا العمل يمكن أن يقوم به الكمبيوتر اليوم , والله وحده أعلم ما الذي يمكن أن يقدمه في المستقبل. هذا جزء بسيط من قدرة الكمبيوتر ( وهو المصنوع ) على العمل الذي يبهر العقول أو يكاد . فما الذي يمكن أن تـقوله لا عن صانع الكمبيوتر ( وهو الإنسان ) بل عن خالق صانع الكمبيوتر الذي هو الله سبحانه وتعالى ؟!.
هذا مع جملة ملاحظات :
1- أن لله المثل الأعلى .
2- وأن الأفضل – في العلوم الإسلامية والشرعية - أن نسأل " لماذا ؟ " , ولا نسأل
" كيف ؟! " , بخلاف العلوم الكونية المادية التي يستحب فيها طرح السؤال " كيف ؟" لا " لماذا ؟" .
3- أن الله لا يُسأل عما يفعلُ , وأما نحن فنُسأَلُ .
4- أن الأفضل عدم التعمق في طرح مثل هذه الأسئلة , لا لأن الجواب عليها غير موجود , ولكن لأن عقولنا قد لا تدرك هذه المسائل , ولأن الشخص قد يرتكب أخطاء في العقيدة أثناء طرح مثل هذا السؤال أو أثناء الإجابة عنه , ولأن الشخص قد يقع في الكفر من كثرة البحث في مثل هذه المسائل المتعلقة بدقائق العقيدة .
والله أعلم .

186- ممارسة الرياضة :
أمر مطلوب ومحمود ومستحب ومستحسن من كل شخص , رجلا كان أو امرأة , مع الانتباه إلى أن المرأة لا يجوز لها أن تمارس الرياضة إلا أمام المرأة . لا يجوز لها أن تمارس الرياضة أمام الرجال حتى ولو كانت لابسة للحجاب وللنقاب . كما أن المرأة تصلح لها رياضات معينة , ولا تصلح لها رياضات أخرى , بسبب الاختلاف في طبيعتها عن الرجل , وكذا بسبب اختلاف المهمة التي خلقها الله من أجل تأديتها على هذه الأرض عن مهمة الرجل .
قلتُ : ممارسة الرياضة أمر مطلوب من كل إنسان إلا من منعه الطبيب عن ممارسة الرياضة أصلا أو عن ممارسة رياضة معينة من الرياضات لسبب أو آخر . هذا أمر لا يختلف عليه إثنان ولا يتناطح من أجله كبشان كما يقولون .
ممارسة الرياضة مطلوبة من كل شخص مع نفسه مهما كان صغيرا أو كبيرا , وفي أي سن كان لما فيها من الفوائد الجمة بدنية ونفسية وعصبية و...

187- الكون لم يُخلق صدفة :
الآيات الكونية في الآفاق وفي الأنفس تدل دلالة قطعية على أن الله موجود وأنه خالقها وخالقها الوحيد, ولا يمكن ولا يجوز أن تكون موجودة بمحض الصدفة إلا في نظر حمار- أكرمكم الله - أو في نظر مجنون . وقول من قال بأن المادة وجدت بنفسها في مرحلة أولى , ثم تفاعلت مع ذاتها فأنـتجت كل هذا الكون المحيط بنا , هذا القول تافه من جهات عدة , منها :
ا- المادة لا يعقل أن تخلق نفسها بنفسها .
ب- الجسم الوحيد لا يمكن ولا يعقل أن يتفاعل مع نفسه , وحتى ( التاء ) في التفاعل لغويا فتفيد وجود جسم ثان على الأقل .

188- التعرض للفتنة أفضل أم أن تجنبها أحسن ؟ :

الشخص يعرض نفسه للفتنة :1- ليثبتَ لنفسه أنه قوي .2- ليزيد من أجره عند الله بمجاهدة النفس وبالثبات حيث يسقط الكثير من المسلمين.3- وليعرف الفتنةَ أكثر حتى يُحذر الناسَ منها , وهو على بينه منها أكثر من غيره.هل هذا هو الأفضل أم أن الأفضل أو الواجب هو تجنب المعركة ( مادام الدخول فيها ليس واجبا شرعا ) وتجنب البلاء , وتجنب الفتنة ؟! :1- لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى وأمر "لا تتمنوا لقاء العدو , ولكن إذا لقيتموه فاثبتوا", أو كما قال عليه الصلاة والسلام.2- لأنه يخافُ على نفسه أن لا يثبتَ في وجه الفتنة , فيعصي ويرتكب المنكرات التي تغضبُ الله .3- لأنه يريد المضمونَ (عدم الدخول في الفتنة) ليسلم له دينه. ويرفض غيرَ المضمون (الدخول في الفتنة) لأنه لا يدري أو ليس متأكدا من أنه سيثبتَ بالفعل.
وملخص الجواب الصحيح عن السؤال المطروح هو ما ورد على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تتمنوا لقاء العدو , ولكن إذا لقيتموه فاثبتوا " أو كما قال رسول الله . ولا يشك عاقل أنّ العافية خير للإنسان , لذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال " سلوا الله العافية في الدنيا والآخرة "، بل كان سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ بالله من جهد البلاء كما رواه الإمام البخاري رحمه الله. إن ابتعاد المؤمن عن تعريض نفسه للفتن والابتلاءات والشبهات أحسن له وأحوط وأفضل و... وحتى إن نقُص الأجر عند الله فإن الخاتمة والعواقب والنتائج عادة طيبة بإذن الله . وأما من فعل العكس وعرَّض نفسه للبلاء والفتنة والشبهة فإن العاقبة غالبا سيئة للأسف الشديد , قد تؤدي إلى الوقوع في صغائر وقد تؤدي في أحيان أخرى إلى كبائر والعياذ بالله . وقد يبقى المرء معها مسلما وعاصيا , وقد ينحرف إلى الكفر والعياذ بالله , وقد كان غنيا عن كل ذلك .وإذا سلِم واحدٌ من عاقبة تعريض نفسه للبلاء , قد لا يسلم 10 أشخاص . وقد تكون نيةُ شخص واحد من وراء ذلك حسنة , ولكن نية 10 أشخاص آخرين سيئة .

189- عن التفرج على مباريات رياضية !:
هناك فرق شاسع بين أن يمارس الشخص الرياضة أو أن يتفرج عليها . أما ممارسة الرياضة فأمر مطلوب من كل شخص مع نفسه مهما كان صغيرا أو كبيرا , وفي أي سن كان لما فيها من الفوائد الجمة بدنية ونفسية وعصبية و...
أما التفرج على من يمارسون الرياضة من خلال التلفزيون أو غيره , فأمر آخر مختلف عن الأول تماما .
إن التفرج على الرياضة عموما , وعلى مباريات كرة القدم خصوصا تحكمه مجموعة قواعد أخرى يمكن أن أذكر منها :
1- لا يجوز أن يكون التفرج على الرياضة مرتبطا بالنظر إلى عورات رجال أو نساء , وإلا أصبح التفرج حراما عندئذ .
2- لا يجوز أن يؤدي التفرج إلى موالاة كافر بحيث نصبح نحبه وندافع عنه ونواليه و ...
3- لا يجوز أن يضيع الواحد منا الوقتَ الكبير في التفرج , لأن في ذلك ما فيه من إسراف وتبذير .
4- لا يجوز أن يكون التفرج على حساب واجب من واجباتنا الدينية أو الدنيوية , مثل الصلاة في وقتها أو الاجتهاد في الدراسة أو ... فإذا تفرج الواحد منا وضيع صلاته حَـرُم عليه هذا التفرج , وكذا إذا تفرج الواحد منا وتكاسل في دراسته لم يلق به أن يتفرجَ .
5- لا يليق أبدا أن يتفرجَ الواحدُ منا ويبالغَ في الفرح من أجل نصر ناله من نحب , كما لا يليق أن يتفرج الواحد منا ويبالغ في الحزن بسبب هزيمة أصابت من نحب .
إذا توفرت هذه الشروط وما كان في حكمها , فأهلا وسهلا بأي تفرج , وإلا فإن التفرج يصبح
" فيه إثم ومنافع " , ولكن إثمه – بكل تأكيد - أكبر من نفعه .
والله أعلم .

190- أنا أريد أن أكون داعية قبل أن أكون قاضيا :

1- أنا لن أُكفِّـرَ عالما مسلما أو داعية إلى الإسلام ( كما يريد لي بعض المتعصبين والمتشددين والمتزمتين الذين أصادفهم هنا وهناك في بعض المنتديات الإسلامية ) إلا إن تأكدتُ 100 % - وليس 99 % - من أنه بالفعل كفرَ بعد إسلام لله وبعد إيمان بالله . أما ما لم يحصل عندي يقين بذلك , فلن أُكفِّرَ أحدا أبدا .
2- وكذلك لن أقول عن داعية مسلم أو عن عالم مسلم بأنه ضال أو فاسق أو فاجر أو مبتدع إلا إن تأكدت 100 % من صحة التهمة . أما ما لم يحصل عندي يقين بذلك , فلن أتهم أحدا أبدا بالفسق أو ... أو بالابتداع .
لن أفعل هذا أو ذاك لأسباب عدة منها :
ا-أنني مقتنع كل الاقتناع أن تكفير الكافر المعين أو تفسيق أو تضليل أو تبديع الشخص المعين , ليس
بفرض عين على كل مسلم ومسلمة .
ب- وحتى إن كان ذلك واجبا وفرضا عينيا , فإنني أعتقد أننا في وقت الواجبات الدينية أكثر من الأوقات المتاحة , ومنه فإنني أقدم واجبات إسلامية ( مثل تعلم الدين الإسلامي , وتعليم التلاميذ بالثانوية وتربيتهم على الإسلام , وعلاج الناس بالقرآن عن طريق الرقية الشرعية , والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , والدعوة الفردية والجماعية , والقيام على الزوجة والأولاد ماديا وأدبيا وأخلاقيا , و...) على واجب التكفير أو التفسيق والتبديع . أنا أقدم هذه على تلك , انطلاقا من القاعدة الإسلامية المعروفة التي تتمثل في وجوب تقديم الأهم على المهم أو تقديم الأهم على الأقل أهمية .
جـ- وحتى إن توفر عندي الوقت الكافي للتكفير أو التفسيق والتبديع للغير , فإنني أعتبر نفسي داعية إلى الإسلام مطلوب مني أن أدعو غيري وأعرفهم بالإسلام , لا قاضيا مطلوب مني أن أحكم عليهم بالكفر أو الفسوق والعصيان . وحتى إن أردتُ أن أجمع بين المهمتين فأنا داعية قبل أن أكون قاضيا .
والله أعلى وأعلم .
بالصواب .

خواطر ( من 171 إلى 180 ) :

بسم الله
عبد الحميد رميته , الجزائر

171 – " الم غلبت الروم في أدنى الأرض " :
أخبر القرآن بأن الروم انهزموا , ولكنهم سينتصرون بعد حين ( ألم ,غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون, في بضع سنين . لله الأمر من قبل ومن بعد.ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ) . لو كان ما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم من عنده ,كيف يجرؤ على أن يغامر بهذه الطريقة ؟!. إن لم ينتصر الروم على الفرس في أقل من 10 سنوات ( بضع ) , فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يصبح كاذبا ( حاشاه ) عندئذ ,ولن يصدقه أحد بعد ذلك,إلا أن يكون كاذبا مثله.هل حدث هذا بالفعل ؟.لا وألف لا.لم يحدث ذلك,بل الذي حدث هو عين ما أخبر به القرآن الكريم.لقد انتصر الروم على الفرس قبل تمام الـ 10 سنوات من نزول البشرى على الرسول صلى الله عليه وسلم.ألا يدل هذا على أن محمدا صلى الله عليه وسلم نبي ورسول , وعلى أنه ليس هناك من هو أصدق من الله عالم الغيب والشهادة سبحانه وتعالى .

172 – عن الصوفية والمتصوفة :
العبرة بالمسمى لا بالإسم . ومنه لا مشكلة ولا مشاحة في التسمية : تصوف أو زهد أو ورع أو تقوى أو...المطلوب ألا نهتم كثيرا بالإسم , وإنما العبرة فقط بالمسمى أولا وأخيرا .ومنه إن كانت الصوفية مساوية للإيمان والتقوى والزهد والورع , ولم يكن فيها ظاهرٌ وباطنٌ ولا سكوت عن الباطل أو عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو عن الجهاد في سبيل الله , كما ليس فيها موالاة للمستعمر وللحكام الظلمة , كما ليس فيها دروشة أو شعوذة أو دجل أو سحر أو عبادة للشيخ , كما ليس فيها بدع ولا محرمات في الذكر والدعاء والصلاة وتلاوة القرآن , ولا فيها ما يخالف إجماعا أو أصلا من أصول الدين أو شيئا مما هو معلوم من الدين بالضرورة أو ...إذا كانت هذه هي خصائص الصوفية التي نتحدث عنها , فأهلا وسهلا بها , ولا بأس عندئذ على أي واحد منا أن يتبنى الصوفية أو أن يكون صوفيا . وأما إن كان في الصوفية أيُّ شيء مما ذكرتُ أو ما كان في حكمه , فإن الصوفيةَ تصبح عندئذ شرا مستطيرا وتصبحُ بلاء عظيما , كما تصبحُ باطلا كبيرا تجب محاربته بالقلم واللسان واليد وبكل سلاح مشروع وممكن
, كما تصبحُ الصوفية عندئذ اتباعا للهوى المُضل وللنفس الأمارة بالسوء وللشيطان اللعين ولا تبقى أبدا عبادة لله تعالى . ومن الصوفية مستقيمون جدا على أمر الإسلام , ومنه فهم علماء وعظماء وأبطال ومجاهدون وشهداء وصالحون وورعون وثقات وزهاد , وهؤلاء موجودون في كل زمان ومكان , يمكن أن نذكر منهم مالك بن دينار وعبد الله بن المبارك والفضيل بن عياض ، وإبراهيم بن أدهم ، وأبي سليمان الداراني ، ومعروف الكرخي ، والسري السقطي ، والجنيد بن محمد ، و.... والشيخ عبد القادر [الجيلاني] والأمير عبد القادر الجزائري و... والمئات على طول التاريخ الإسلامي وعرضه . ولكن من الصوفية كذلك من هم جهلة وفساق وفجار ومبتدعة وخونة ومجرمون , يمكن أن نسمي منهم المئات أو الآلاف , كما كان حال أغلبية الصوفية أثناء فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر ( خاصة في أواخرها ) حيث كان الإمامُ العلامة والمصلحُ الكبير "عبد الحميد بن باديس" رحمه الله رحمة واسعة , كان يحاربُ الاستعمارَ الفرنسي بيد ويحاربُ الصوفيةَ باليد الأخرى لأنهم كانوا للأسف الشديد أدوات الاستعمار وخدامه وأعوانه لسنين طويلة .
ومنه فإنني قلتُ بأن الإسم ليس مهما , وإنما المهم هو المضمون والجوهر , وكذا الصفات ( والخصائص ) التي يتصف بها الصوفي : فإن وافقت الكتاب والسنة وإجماع العلماء فأهلا وسهلا بالصوفية وبالمتصوفة , وأما إن خالفتهما فلا بارك الله فيها وفي أصحابها . وأما عن مصطلح " الصوفية " فيرفضه البعض ويقبل به آخرون . والعبرة كما قلتُ هي في المسمى , ولا يجوز أو لا يليق أبدا أن تكون في الإسم . نسأل الله أن يحفظنا وأن يخـتم لنا بالخير آمين . والله وحده أعلم بالصواب .

173- أصول الدين لا تتبدل ولا تتغير :
مما يدل على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يبلغ عن الله وعلى أن الله بالفعل أحد صمد " لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ . وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ ", أن كل قوانين البشر لا تنضج مرة واحدة وإنما يضعها أصحابها في البداية , وعند تطبيقها يأتي المجتمع بأحداثه ويضغط بهذه الأحداث فيجد المشرعون بأن هناك تغيرات في قوانينهم , فيحاولون تعديلها ويحاولون تغييرها . إن المشرع من البشر حين يشرع يغيب عنه في البداية ما يؤول إليه التطوير , فعندما يظهر له ما كان خفيا عليه يبدل ويغير حتى ما كان يعتبر ثابتا,ويناقش حتى ما كان عنده لا يقبل المناقشة . أما ما جاء النبي صلى الله عليه وسلم مما هو ثابت من ثوابت الدين أو مما ورد فيه نص قطعي الدلالة قطعي الثبوت , فإنه بلغه مرة واحدة وكان ولا زال حتى الآن صالحا , بل هو أصلح موجود , ولم يجرؤ أحد حتى الآن أن يطعن في صلاحه أو يأتي عليه باستدراك من واقع المجتمع أو من المنطق العقلي سواء كان الأمر من شؤون الدين أو الدنيا , مع أنه بقي كما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم بدون أي تبديل أو تغيير.بل المعروف عندنا في الدين أن من بدل شيئا من ذلك يعتبر كافرا بعد إقامة الحجة عليه .

174- عن الدعاء للكافر أو عليـه :

قرأ لي أخ عزيز هذه الفقرة من موضوع طويل نشرتُه في الأيام الماضية في منتدى من المنتديات " لو فرضنا بأن بوش( عدو الله ورسوله ) هداه الله في يوم من الأيام إلى الإسلام وصلُـح أمره واستقام حالُـه وأصبح عالما من علماء المسلمين أو داعية من الدعاة إلى الله . نفرضُ أن ذلك وقعَ , ولا دليلَ أبدا على أنه لن يقعَ , لأن علمَ الغيبِ علمُـه عند الله وحدهُ . هل يجوزُ لنا عندئذ أن نقول " لا يا الله أنا لن أتبع بوش حتى ولو كان هو عالم أهل السنة والجماعة الوحيد في الدنيا اليوم " !!!. هل يجوزُ هذا , وهل يُباحُ هذا ؟! . والجوابُ هو " لا وألف لا . إن هذا لا يجوز أبدا وهو حرامٌ بكل المقاييس وأولها المقياس الشرعي ". إن المطلوبَ مني إن هدى اللهُ بوش وأصبح عالما أو داعية , أن أُحوِّلَ كراهيتي له إلى حب وأن أُحوِّلَ حرصي على مخالفته إلى حرص على اتباعه والاقتداء به وأن أُحوِّلَ دعائي عليه بالشر إلى دعاء له بالخير , ...ثم أتمنى في النهاية أن يحشرني الله معه – يوم القيامة - ومع غيره من العلماء والدعاة في كل وقت , ومع الأنبياء والأولياء والشهداء والصالحين" . ا. هـ.
قرأ لي الأخ الكريم هذا الكلام ثم سألني – مشكورا - فقال " هناك كفارٌ كفرهُم صريحٌ مثل بوش وغيره من المعادين للإسلام والمسلمين , ومنه فلا يليق أن ندعو لهم بالهداية كأن نقول ( اللهم اهد بوش ) . أنا يبدو لي بأن هذا الدعاء فيه نظر , والله اعلم . كما عادى بوش المسلمين وقتل وسفك دماءهم , فإنني أرى بأنه لا يليق بنا إلا أن ندعوا الله أن ينتقم منه وأن يسلط عليه عذابه الشديد . ما رأيك ؟! " .فأجبـتُـه قائلا :
مما هو معلوم بداهة في ديننا أنه لا يجوز لنا أن نترحم أو أن نستغفر لكافر أو مشرك " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربي من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم " , أي بعد أن نتأكد – بيقين - من أنهم ماتوا بالفعل على الكفر أو الشرك . وأما من مازال حيا منهم , فإنه مهما حارب الله ورسوله والإسلام والمسلمين يجوز لنا أن ندعو له بالخير وبالهداية , فإذا هداه الله جاز لنا بعد ذلك أن نستغفر له ونـترحم عليه .
ومنه فإن من دعا على كافر أو مشرك ( مازال لم يمت بعدُ مثل " بوش" حاليا ) بالشر وبأن ينـتقم الله منه وبأن يعذبه الله في الدنيا وفي الآخرة جاز له ذلك بلا ريب أو شك . وأما من دعا له بالخير وبالهداية وبالإسلام والإيمان فإن ذلك جائز له كذلك وبكل تأكيد . ومنه فإنني – شخصيا – ومع أنني أُبغض بغضا شديدا " بوش " ومع ذلك فإنني أتمنى ومن أعماق قلبي لو يهديه الله للإسلام والإيمان . إن هذا يفرحني وسأعتز به كل الاعتزاز وسأحـتـفل بذلك تعبيرا مني عن فرحتي بانضمام مسلم آخر ومؤمن آخر إلى قائمة المسلمين المؤمنين الموحدين لله تبارك وتعالى . أنا أدعو أحيانا بأن ينتقم الله منه دنيا وآخرة ( وهذا جائز لي ) , وأنا أدعو في أحيان أخرى قائلا " اللهم اهده إلى الإسلام . وأما إن سبق في علمك يا الله أنه لن يهتدي فإنني أسألك أن تُـخزيَـه في الدنيا قبل الآخرة " اللهم آمين ( وهذا جائز لي كذلك ) .
1- هل مثلا لو أتيحت لي الفرصة للتحدث مع بوش عن الإسلام ودعوته إلى الإسلام و ... هل أُغلق هذا الباب أمام نفسي وأمامه هو وأقول له " باب التوبة مغلق أمامك أنت يا بوش لأنك حاربت الله ورسوله والمسلمين كثيرا , وأنت لذلك لا يصلحُ لك إلا انتقام الله منك "!!!. هذا موقفٌ لا يصلح أبدا من الناحية الشرعية , لأن باب التوبة مفتوحٌ أمام العباد ( كل العباد ) ما لم يغرغر أحدهُم , أي ما لم يصل إلى لحظات الاحتضار قبيل وفاته . ثم هذا موقفٌ لا يصلح شرعا لأن الله وحده أعلم بمن ينـتقم منه ومن يعفو عنه , وهو وحده أعلم كذلك بمن يخـتم له بالخير ومن يخـتم عليه بالشر , وهو وحده أعلم بمن يستحق رحمته ومن لا يستحق إلا عذابه .
2- ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم " أو " خير لك مما طلعت عليه الشمس " ولم يستـثن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا مهما كان فاسقا أو فاجرا أو كافرا أو مشركا أو منافقا أو عدوا لله ولرسوله وللمؤمنين والمسلمين .
3- ثم إن مات شخصٌ على الكفر ثم أدخله الله يوم القيامة النار , فإننا لا نشك أبدا ولا يجوز لنا أن نشك أبدا في عدل الله ثم في رحمته سبحانه وتعالى , حتى ولو عاش هذا الشخصُ ألفَ سنة والناس لا يعرفون عنه إلا أنه عابد لله تقي نقي ورع زاهد و... يجب أن نكون على يقين ما دمنا مسلمين مؤمنين أن الله ما أدخله النار إلا لأنه يستحق النارَ , ولأنه يعلم منه ما لا يعلمه الناس منه , ولأنه يعلم الظاهر والخفي وأما الناس فلا يعرفون إلا الظاهر فقط , , ولأن الله هو العدل " ولا يظلم ربك أحدا " .
وفي المقابل : إن مات شخصٌ على الإسلام ثم أدخله الله الجنة يوم القيامة , فإننا لا نشك أبدا ولا يجوز لنا أن نشك ولو للحظة من الزمان في عدل الله ثم في رحمته سبحانه عزوجل , حتى ولو عاش هذا الشخص ( مثل بوش وأكثر من بوش , وفرعون وأكثر من فرعون ) ألف سنة والناس لا يعرفون عنه إلا أنه كافر ومشرك وعدو للإسلام والمسلمين , ولا يعرفون عنه إلا أنه عاش أغلب حياته يحارب الأرض والسماء بالليل والنهار بالقول والفعل , ولا يعرفون عنه إلا أن فيه وعنده " العيوب السبعة " كما يقول الناس في مَـثَـلهم المشهور , ولا يعرفون عنه إلا أنه لم يفعل في حياته خيرا قط . يجب أن نكون على يقين ما دمنا مسلمين مؤمنين أن الله ما أدخله الجنة إلا لأنه يستحقها ( برحمة الله طبعا ) , ولأنه يعلم منه ما لا يعلمه الناس منه , ولأنه يعلم الظاهر والخفي وأما الناس فلا يعرفون إلا الظاهر فقط , , ولأن الله هو العدل " ولا يظلم ربك أحدا " , ولأن الله أحكمُ الحاكمين إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [المائدة:118] . وهذا الكلام – كما هو واضحٌ - يتضمن رد المشيئة إلى الله عز وجل ، فإنه هو وحده الفعال لما يشاء لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:23] .
4- ثم مما نعرفه من سيرة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أن قومَـه بمكة حاربوه طويلا حربا شعواء طويلة وعريضة , انطلاقا من بغضهم له ولله وللدين وللحق وللعدل و ... وأتيحت له الفرص الكثيرة ليدعو عليهم فيستجيب الله له بإذنه تعالى , وعرض عليه الملَـك أن يُـطبق عليهم الجبلين فرفض رسولُ الله صلى الله عليه وسلم واختار الدعاء لهم , وأتيحت له الفرصة في فـتح مكة أن يقـتلهم عن آخرهم , ومع ذلك فإنه لم يفعل بـل قال " اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون " و " إذهبوا فأنتم الطلقاء " و قال الله له " فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك , فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر " وقال الله عنه " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عندتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ، فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم " .
5- ثم مما نعلمه من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان جبارا في الجاهلية , ومع ذلك ما قال رسول الله بأنه لا يصلح له إلا انتقام الله منه , بل كان يدعو الله بأن ينصر الإسلام ويُـعزه بأحد العمرين ( اللهم أعز الإسلام بأحد العُمرين ) , و هما عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام . إن عمر بن الخطاب كان جبارا في الجاهلية , ومع ذلك دعا رسولُ الله اللهَ عزوجل بأن يهديه ويُعز الإسلامَ والمسلمين به . والله استجاب لدعائه فهدى عمر الذي أصبح عظيما من عظماء الإسلام . وعندما أسلم عمر فرح رسول الله والمسلمون بذلك فرحا شديدا مع أن بأسه كان شديدا على المسلمين قبل إسلامه رضي الله عنه .
وأما الرجل الثاني " عمرو بن هشام " الذي هو أبو جهل , والذي هو من هو في عداوته للإسلام والمسلمين , والذي كان فرعونا من الفراعنة الكبار الظالمين الفاسدين في عصره , ومع ذلك دعا رسول الله اللهَ عزوجل أن يهدي ويُعز الإسلامَ بأحد رجلين : هو أو عمر بن الخطاب . وعندما دعا رسولُ الله اللهَ عزوجل أن يهدي أحدهما وأن يُعـز الإسلام به كان كل من الرجلين كافرا , بل كان جبارا في الكفر .
6- ثم إن خالدا بن الوليد رضي الله عنه حارب الإسلام والمسلمين لسنين طويلة وكأن بأسه على المسلمين شديدا جدا , ومع ذلك لم يتمن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبدا أن ينتقم الله منه بل كان يتمنى باستمرار له الهداية والإسلام والحق والخير , وعندما هداه الله إلى الإسلام فرح بإسلامه فرحا شديدا , وسماه " سيف الله " . عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلاً فجعل الناس يمرون فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا ؟ , فأقول : فلان , حتى مر خالد , فقال : من هذا ؟ , قلت : خالد بن الوليد , فقال : نِعْمَ عبد الله , هذا سيفٌ من سيوف الله " رواه الطبراني في الكبير وابن سعد في الطبقات والحاكم في المستدرك .
7- ثم إن " وحشي بن حرب " الذي قتل عم النبي محمد صلى الله عليه وسلم " حمزة بن عبد المطلب " الذي كان عزيزا جدا عنده وكان يحبه كثيرا , لأن بلاءه في الإسلام كان كبيرا وعظيما ولأنه أصبح بعد ذلك سيد الشهداء رضي الله عنه وأرضاه . ومع ذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل بأن وحشيا لا يستحق إلا انتقام الله منه , بل فرح كثيرا بإسلام " وحشي " فيما بعد ( أي عندما أسلمَ ) مع أنه كان قاتلا لحبيبه وعمه حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه .
8- رسول الله محمد صلى عليه وسلم كان يحرص على إسلام عمه أبي طالب حتى مات , وكان يقول له قبيل وفاته " يا عم ! قل لا إله إلا الله أشفع لك بها عند ربي " , أي حتى وإن لم تفعل خيرا , أي حتى ولو قلـتَـها ثم مِـتَّ على الإسلام بعد ذلك . أليس هذا قمة الأدلة على جواز الدعاء للكافر . إن رسول الله كان يتمنى إسلام عمه أبي طالب من أعماق قلبه , ثم حزن حزنا شديدا على عمه لأنه مات على الكفر ( وكذا لأنه فقد بموته ناصرا ومعينا ) . حزن رسول الله لأن الله لم يهد عمه أبا طالب فأنزل الله عليه " إنك لا تهدي من أحببت , ولكن الله يهدي من يشاء " .

175- " سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم " :
إن من يقرأ عن العالم الداخلي للإنسان – على سبيل المثال لا على سبيل الحصر – يجد نفسه مجبرا على الإيمان بأن الله حق وأنه على كل شيء قدير وأنه هو الذي خلقنا وإليه مرجعنا في النهاية.كما أنه سيصل في النهاية إلى أنه لا يمكن أن يكون كل هذا الخـلق العظيم تم بالصدفة ( لا يقول بهذا إلا جاحد أو مجـنون ) , وصدق الله حين يقول ” :سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ) ,وأنه لا يمكن أن يكون كل هذا الخلق لإلهيـن إثنين لأنه ( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ).

176- التعليم في بلادنا لائكي كالسياسة تماما :
وفي هذا الإطار يحاول حاليا " حزب فرنسا "
( عندنا في الجزائر ) أن يلغي مثلا الجامعة الإسلامية من بين مؤسسات الدولة التعليمية في بلادنا , لأنه يرى أنها – والتعليم الديني عموما – هي السبب في تخلفنا وفي نشأة ما يسمى بالإرهاب في الجزائر وفي العالم .
كما يحاول هذا الحزب أن يقدم تدريس اللغة الفرنسية إلى السنة الثانية أو الثالثة ابتدائي كخطوة أولى بطبيعة الحال في انتظار تقديمها إلى السنة الأولى بعد ذلك جنبا إلى جنب مع أختها العربية !!!. وفيما بعد يمكن ( ولِمَ لا ؟! ) أن تُـقدم الفرنسية على العربية على اعتبار أن العربية لغة التخلف وأن الفرنسية - لا الإنجليزية - هي لغة التقدم وهي لغة العلم والتكنولوجيا حاليا !!!.
هذا على مستوى المؤسسات التعليمية , أما على مستوى الإدارة الجزائرية بشكل عام فالفرنسية ما زالت هي السيدة الأولى , والعربية هي – عمليا – اللغة الثانية . وأما قانون تعميم استعمال اللغة العربية فمازال مجمدا حتى الآن , وسيبقى التجميد قائما إلى أجل غير مسمى .
هذا مع ملاحظة أن " حزب فرنسا " ما زال مصرا حتى الآن على الإبقاء على التعليم الجامعي بالفرنسية لا بالعربية مع أنه بالإمكان تعريبه من سنوات وسنوات وبسهولة – إذا توفر الإيمان القوي والإرادة الفولاذية - لأن الإمكانيات المادية متوفرة والمراجع متوفرة كذلك والكثير من إخواننا في دول عربية أخرى مستعدون لتقديم العون لنا . وأما حكاية " لم نقدر " فغير صحيحة البتة , ولكن الصحيح هو أننا حتى الآن " لا نريد " أو أن حزب فرنسا لا يريد للجزائر ذلك .
ومع البرامج التعليمية الجديدة التي بُـدئ في تطبيقها في الابتدائي والمتوسط والثانوي منذ 5 سنوات , يحاول
" حزب فرنسا " أن :
ا- يعيد – بالتدريج وبذكاء – للفرنسية مكانتها من جديد , وذلك في التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي , عوض تعريب التعليم الجامعي .
ب- وكذا يبعد هيمنة وتأثير الإسلام والعلوم الإسلامية على مناهج التعليم في بلادنا , خاصة منها العلوم الإنسانية كالفلسفة والسياسة والاقتصاد والاجتماع والتربية والتعليم وعلم النفس و...هذا مع ملاحظة أن العلوم الكونية كالفيزياء والرياضيات و... لا جنسية لها , ومنه يمكن أن تُؤخذ من مسلم كما يمكن أن تؤخذ من كافر . وأما العلوم الإنسانية فيجب أن تكون منطلقاتها دينية وشرعية وإسلامية , وإلا كنا لائكين وعلمانيين في التعليم سواء اعترفنا بذلك أم لم نعترف بذلك .
فإنا لله وإنا إليه راجعون .

177- الزوج والزوجة بين الحب والمهابة :
علاقة الرجل بزوجته , العلاقة المثالية التي ترضي الله ثم تحقق سعادة الدارين : الدنيا والآخرة . , هذه العلاقة يجب أن تكون مبنية على دعامتين أساسيتين اثنتين :
الأولى : معاملة طيبة وعشرة حسنة لزوجته , يكسب بهما محبتها له .
الثانية : جد وحزم مع زوجته , يكسب بهما هيبتها واحترامها وتقديرها له .
أما إن توفرت المعاملة الطيبة وحدها , فيمكن أن تفهم الزوجة ( مع الوقتِ ) طيبة زوجها معها وكأنها ضعف فتذله وتحتقره وتركب على ظهره ركوبا من الصعب على الرجل أن يتخلص منه بعد ذلك مهما حاول .
وأما إن توفر الجد والحزم وحدهما , فيمكن أن يُنتج مع الوقت خوفا من المرأة لزوجها . وإذا أصبحت المرأة تخاف زوجها فما بقيت للحياة الزوجية طعم ولا لون ولا رائحة , وما بقي لها معنى .
وأحسن ما يجب أن يكون من الزوجة لزوجها : حب ومهابة .
والله أعلم بالصواب وهو وحده الموفق والهادي لما فيه الخير .

178- متى نَحترمُ العاداتِ والتقاليدَ :
الإسلامُ طلبَ منا أن نحترمَ عاداتِ وتقاليدَ الناس الذين يعيشون معنا أو حولنا , ومنه فالعرفُ مصدرٌ من مصادرِ التشريع الإسلامي عند بعض الفقهاء مثل الإمام مالك رضي الله عنه . والعرفُ الذي هو مصدرُ تشريع له بطبيعةِ الحال شروطُـه التي يمكنُ معرفـتُـها من خلال الرجوعِ إلى كتبِ أصول الفقه مثلا . والإنسانُ المسلمُ - وخاصة الداعيةُ – مطلوبٌ منه أن يراعيَ عاداتِ وتقاليدَ الناس الذين يدعوهم إلى الإسلام وإلى آدابه وأخلاقه وتعاليمه و... ليكسبَـهم إلى صفِّـهِ وليجعلهم مستعدين أكثرَ للسماعِ منه ولقبولِ دعوته قبولا حسنا . ولكن ككلِّ شيء آخر فإن الشيءَ إذا زادَ عن حدِّه انقلبَ إلى ضدهِ , ومنه فإن خيرَ الأمورِ أوسطها , بمعنى :
ا- أنه لا يُقبل من المسلمِ الحرصُ المستمرُّ على مخالفةِ الناسِ في كل عاداتهم وتقاليدِهم إلى حدِّ أن يصبحَ شعارُ الشخصِ المسلمِ وكأنه " خالفْ تُعرفْ " , وهو شعارٌ قبيحٌ جدا وسيءٌ جدا .
ب- أنه لا يُقبلُ من المسلمِ أن يحرصَ على الموافقةِ الدائمةِ والمستمرةِ لكل عاداتِ وتقاليدِ الناسِ إلى درجة تقديسِ هذه العادات والتقاليد بحيثُ تصبحُ تساوي – من حيث المكانة والمنزلة – الدينَ , أو تصبحُ هي الأهمَّ ثم يأتي الدينُ بعدها الذي يصبحُ ( هو ) مهما فقط , والمعروفُ أن الأهمَّ مقدمٌ على المُـهِـمِّ .
والعادات والتقاليدُ تُحترمُ مادامت لا تصادمُ شرعا وكذا مادامت غيرَ مكلِّفة . إذا توفر الشرطان معا فأهلا وسهلا بها , وأما إن لم يتوفر الشرطان معا فلا بارك الله فيها .
ومن أجل التوضيح أقول :
1- تعودَ الناسُ على أن الواحدَ لا يزورُ قريبا إلا إذا اشترى " قَـضْـيَـة " معيـنـة ( بلهجة الجزائريين ) فيها لباسٌ أو أكلٌ أو شرابٌ أو ... وأخذهُ معهُ إلى بيتِ القريبِ .
* إن لم يُـكلِّـفْ المؤمنُ نفسَهُ بما يشتريهِ ( بأن كان قادرا على ذلك ) فلا بأس أن يراعيَ التقاليدَ والعاداتِ وأن يراعيَ الشرعَ في صلةِ رحمِهِ , وهذا أحسنُ وأفضلُ الحلولِ بإذن اللهِ .
* * ولكنْ إن قال المؤمنُ " أنا لا أقدرُ على تكلفةِ الشراءِ , وفي نفس الوقتِ أنا لا أقدرُ على مخالفة العاداتِ والتقاليدِ التي تُـحـتِّـم علي أن أشتري شيئا قبلَ أن أزورَ , إذن لا أشتري ولا أزور " , فإننا نقولُ لهُ " كونك لا تقدرُ على الشراء فلم تشترِ هو موقفٌ سليمٌ جدا , لأن احترامَ العاداتِ كما قلنا مطلوبٌ بشرط أن لا تشقَّ على نفسكَ , فإن كانت مراعاةُ العاداتِ تؤدي إلى المشقةِ , فلا بارك الله فيها . إذن الحلُّ في أن تزورَ ولكن بدون أن تشتريَ شيئا , وأنتَ بهذا تراعي الشرعَ ولا تُكلفُ نفسَك , فـتضربُ بذلكَ بحجر واحد عصفورين .
وأما أن لا تزورَ قريـبَـكَ لأنكَ غيرُ قادر على الشراءِ وغيرُ قادر كذلكَ على مواجهة التقاليدَ التي تُحتمُ عليك أن لا تزورَ إلا ومعكَ شيئا اشتريتهُ , فهذا موقفٌ مرفوضٌ لأنكَ بهذا تكونُ قد قدَّمتَ مراعاةَ الناسِ على مراعاةِ الله وشرعهِ حينَ خِـفتَ من كلامِ الناسِ ولم تخفْ من اللهِ الذي أوجبَ عليكَ أن تصلَ رحمَكَ سواء اشتريتَ شيئا أم لم تشترِ أيَّ شيء ".
2- تعودَ الرجالُ – خاصة عندنا في الجزائر – على أن الرجلَ عندما يذهبُ عند أقاربهِ يُـسلِّـمُ على قريـبـته الأجنبية عنه ( أي يُقبلُ المرأةَ على الوجهِ كما يُـقَـبِّـلُ الرجلُ الرجلَ عادة ) مثل ابنة العم أو ابنة الخال أو زوجة العم أو زوجة الخال أو زوجة الأخ أو ... وهو تقبيلٌ حرامٌ بلا أي خلاف بين الفقهاء قديما أو حديثا , وهذا الفعلُ عادةٌ قبيحةٌ جدا وسيئةٌ جدا تعودَ عليها الناسُ من زمان لأسباب عدة منها الجهلُ ومنها قلةُ الحياءِ ومنها ...
* إن زارَ الرجلُ قريبَهُ ولم يُسلِّمْ على أية امرأة أجنبية عنه في بيتِ قريـبِـه , فذلك هو المطلوبُ والمحمودُ والمشروعُ , وفي ذلكَ ما فيه من الأجرِ بسببِ صلةِ الرحمِ وبسببِ الامتناعِ عن التسليمِ المحرمِ على النساء , حتى وإن خالفَ بعض العاداتِ والتقاليدِ . ومخالفةُ التقاليدِ والعاداتِ هنا مطلوبةٌ لأن التقاليدَ مرفوضةٌ شرعا , وذلك لأن العاداتِ تقولُ للرجلِ " سلِّم " , ولكن الشرعَ يقول لهُ " لا تُسلِّمْ ".
* * وأما إن زارَ الشخصُ وسلَّم على النساءِ خوفا من كلامِ الناسِ أو من كلامِ الأقاربِ ولومِهم لهُ , فهذا مرفوضٌ لأن الله أحقُّ - من الناس كلهم ومن كل العادات والتقاليد - أن يخشاهُ المؤمنُ , ولأن الشخصَ بهذهِ الطريقةِ أحسنَ من جهةِ صلةِ الرحم , ولكنه أساء من جهةِ التسليمِ المُـحرمِ على النساءِ الأجنبياتِ .
* * * وأما إن امتنع الرجلُ عن زيارةِ أقاربهِ خوفا من أن يضطرَّ للتسليم المحرم على النساء الأجنبيات ( لأنه لا يقدرُ على الامتناعِ خوفا من كلامِ الأقارب ومن كلام النساءِ ) , فهذا كذلك موقفٌ غيرُ مقبول منه , لأنه أحسنَ حيثُ لم يُـسلم على أجنبية عنه من النساءِ ولكنه في مقابل ذلك أساءَ حينَ قطعَ رحمَهُ خوفا من كلامِ الناس مع أن الخوفَ من اللهِ أولى .
3- تعود الناسُ عندنا في الجزائر على أن العريسَ يأتي في كثير من الأعراس بفرقة موسيقية في حفل زواجه , لـيُـقدِّم لمن يحضرُ العرسَ حفلا يستمرُّ لحوالي 6 ساعات ( حتى قبيل الصبح ) كلها أو جلها غناءٌ ساقط وهابط وموسيقى صاخبةٌ ورقصٌ مائع ومنحل للرجال مع بعضهم البعض أو أمام النساء الأجنبيات , بطريقة لا يُجيزها ولا يُـبيحها ولا يُحلها عالمٌ من العلماء وبطريقة تُسخط الرحمانَ ولا تُـرضي إلا الشيطانَ والعياذ بالله تعالى , هذا فضلا عن إزعاج الناس النيام بمكبرات الصوت طيلةَ الليل , وفضلا عن الخسائرِ المادية الباهظة والأموال الطائلة التي تُـنفق على هذه الفرقة الموسيقية الشيطانية .
* إن لم يأت العريسُ بهذه الفرقة أصلا ولم ينفق عليها سنـتيما , فإنه وإن أغضبَ بعضَ الناسِ وخالفَ بعض التقاليدِ ولكنه في المقابل لم يُـكلفْ نفسَه ماديا وكذلك أرضى اللهَ ولم يُسخطْـهُ في أول يوم من حياته الزوجيةِ .
* * وأما إن أقامَ العريسُ الحفلَ بهذه الفرقة الشيطانية فإنه يكونُ قد أسخطَ اللهَ بارتكابه للحرامِ ويكون كذلك قد كلَّـفَ نفسه ماديا , أي أنه يكونُ قد اشترى النارَ وغضبَ اللهِ وسخطَهُ بالمال . ويكونُ قد فعلَ كلَّ ذلك ( ارتكبَ الحرامَ وكلَّـف نفسه ماديا ) , بسببِ الخوفِ من كلامِ الناس أو من أجل إرضاء الناسِ . فعلَ الحرامَ وكلَّـف نفسه ماديا من أجل مراعاةِ العاداتِ والتقاليد التي قلتُ في البداية بأنه لا يليقُ أن تراعى إلا بشرطين : الأول عدم مخالفة الشرع , ثم الثاني عدم تكليفنا لأنفسنا التكليف الزائد. والشرطان هنا غير متوفرين .
اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة آمين .
179- سؤالٌ يُطرحُ في كل وقت وسؤالٌ لا يمكنُ أن يطرحَ أبدا :

السؤالُ الأول : هل سمعتَ أخي القارىء في حياتك – من واقع الناس اليوم أو من التاريخ القديم أو الحديث - بشخص ضاقت به أحوالُـه وشَقيَ وأصابـهُ ما أصابه من الهم الحَـزن , فراح يسألُ هنا وهناك , يسألُ القريبَ والبعيد , يسألُ من يعرفُ ومن لا يعرف , يسألُ السؤالَ الآتي " يا ناس لقد سِـرتُ لمدة طويلة في طريقِ المعصيةِ والإثم والذنب والظلم والإساءة والتعدي والفسق والفجور والسقاطة و ... طلبا للراحة والهناء والسعادة , وسرتُ على هذا الطريق لسنوات وسنوات , ولكنني لم أجد شيئا من ذلك الذي تمنيتهُ وتوقعتهُ ورجوتهُ , بل لم أجد إلا العكسَ , أي أنني لم أجد إلا الهمَّ والقلق والحزن والكآبة والوسواس و"الخلعة" واليأس والقنوطَ و...فدلوني يا ناس على رجل مؤمن تقي نقي ورع , وعالم بالدين , ويخاف الله , ويستحي منه , ويراعي حدوده , و...أحكي له ما مرَّ بي وأشكو له بَـثي وحُـزني , لعله ينصحني بما يُخرجني مما أنا فيه وبما يهديني إلى سواء السبيل وبما يرشدني إلى الطريق الذي فيه سعادتي الحقيقية في الدنيا وفي الآخرة ". هل سمعتَ أخي القارئ في حياتك بشخص يطرحُ هذا السؤالَ ؟. وأنا أجيبك عوضا عنك بأنك سمعتَ عن الكثيرين ممن طرحوا هذا السؤالَ , وأنا كذلك معك سمعتُ عن الكثيرين ممن طرحوا هذا السؤالَ . وُجدَ هذا الشخصُ من قبل , وهو موجودٌ اليوم , وسيبقى موجودا في دنيا الناس إلى يوم القيامة .
السؤالُ الثاني : ولكن هل سمعتَ – في المقابل – ( أو قرأتَ أو رأيتَ أو ...) عن شخص سار في طريق الحق والعدل وفي طريق الإيمان والتقوى وفي طريق الأدب والخلق وفي طريق الصلاة والصيام والقيام والذكر والدعاء و...ولكن هذا الطريقَ ما حقَّـقَ لـهُ ما يتمناه من الخير في حياته , فأراد أن يغير الطريقَ والسبيلَ . لذلك طلب من الناس أن يَـدُلوه على أسقطِ إنسان فيهم " عن السكير , والمدمن على المخدرات , والسارق , والكاذب , والخائن , والمنافق , والزاني , وقاتل النفس عمدا وبغير حق , والعاق لوالديه , والجاهل لشؤون الدين والدنيا و... " من أجل أن ينصحه ويوجهه إلى ما يمكن أن يريحه ويحقق له الهناء والراحة والسكينة والطمأنينة والسعادة على الأقل في الحياة الدنيا !. هل سمعتَ عن شخص سار في طريق الدين الذي ما حقق لهُ الخيرَ فذهب عند أفسق وأسقط إنسان في قريته أو في مدينته وقال له " يا شيخ أو يا سيد أو يا أستاذ أو يا إمام أو يا ساقط ويا فاسق ويا فاجر (!!!) لقد سمعتُ كثيرا عن عداوتك لله ولرسوله وعن ولائك للشيطان اللعين وللهوى المُضل وللنفس الأمارة بالسوء و... وسمعتُ أنك لا تؤمن بالله أو أنك تؤمن بالله ولكنك لا تصلي ولا تصوم ولا تزكي ولا تحج ولا ... هل يمكنك أيها الشيطان الأكبر... أن تدلني على ما يريحني ويسعدني ويطمئنني على الأقل في الحياة الدنيا !!! ". هل سمعتَ عن شيء من هذا حدث في دنيا الناس في يوم من الأيام ؟!. والجوابُ هو " لا , ثم مليون لا , ثم ما لا نهاية من المرات لا . ما حدث هذا وهو لا يحدثُ اليوم ولن يحدثَ أبدا في يوم من الأيام . وحتى أن تصورَ حدوثِ هذا الأمر , مجرد تصور يُضحكُـنا لأننا نعلمُ يقينا أنه غيرُ ممكن الحدوث . ولو قال لنا شخصٌ " طريقُ الإسلام ما أسعدني , فدلوني على فاسق ينصحُـني !" , فإننا نعرفُ بأنه يمزحُ فقط ويريد أن يرفِّـه عن نفسه وعن أنفسنا بنكتة مضحكة , أو نشكَّ أو نظن أو نجزمَ بأن هذا الشخصَ مجنونٌ .
لماذا أتحدث أنا الآن عن سؤال كثيرا ما يُطرحُ وعن سؤال آخر لا يمكن أن يُـطرحَ ؟!. والجوابُ : من أجل أن نتذكر نحن ونُـذكِّـر غيرَنا باستمرار بهذه الحقيقة الضخمة والهائلة والواضحة والصريحة والبينة و... والتي يجبُ أن نفقهَـها بقلوبنا وعقولنا كما يجبُ أن تكونَ نصبَ أعيننا أينما حللـنا . يجبُ أن نـتذكرُ هذه الحقيقةَ على الدوام ونُـذكِّـر بها كلَّ من نحبُّ من الناسِ : إخوة وأخوات وأقارب وجيران وأصهار وزملاء وأزواج وزوجات وأمهات وآباء وأبناء وبنات و... هذه الحقيقةُ تقولُ بأنه لا يُسعِـدُ الإنسانَ – كلَّ إنسان – في الدنيا إلا شيءٌ واحدٌ هو الدينُ وهو الإسلامُ , ولا شيء آخر غير الدين وغير الإسلام . أما الآخرةُ فلا نقاشَ حولها لأن الكلَّ يؤمن أنها لله وحده وأنه لا يَسعدُ في الآخرة إلا مؤمنٌ ومسلم مطيع لله تعالى . ولكنني أؤكدُ هنا على الدنيا لا على الآخرة , أؤكدُ على الدنيا التي قد يختلفُ في أمرها بعضُ الناسِ , حيث يظنُّ بعضُهم أنه يمكنُ أن يسعدَ بعيدا عن الدين أو يهنأَ بعيدا عن طاعة الله أو يرتاحَ بعيدا عن أركان الإسلام وأركان الإيمان . هذا غيرُ ممكن , وهو مستحيلٌ . ومن الأدلةِ القويةِ ومن الحجج الداحضة ومن البراهين الساطعة على ذلك هذا السؤالُ الذي يُطرحُ في كل وقت وذاك السؤالُ الذي لا يمكنُ أن يطرحَ أبدا .
يجب أن نكون دوما وباستمرار على يقين من :
1-الله يعطي الآخرةَ فقط لمن يحبُّ .
2-وأما الدنيا فيعطيها اللهُ ماديا ( زوجة وسيارات وديار وأموال وتجارة و... ) لمن يحبُّ ولمن لا يحبُّ , ولكن السعادةَ والهناء والراحة والسكينة والطمأنينةَ و... في الدنيا فلا يعطيها اللهُ إلا لمن يحبُّ , أي إلا للمسلمِ المؤمن . وأما لو قال لنا عاصي لله بأنه سعيدٌ فإننا نقول له وبصوت مرتفع وبرأس مرفوع بأنه إما يكذب وإما أنه لا يعرف المقصودَ بالسعادة .
3-الإنسانُ بالإسلام هو كلُّ شيء , وأما الإنسانُ بلا إسلام فهو لا شيء .
4-وبالإسلامِ يحترمكُ الناسُ – عموما - حتى ولو كانوا كفارا أو مسلمين عصاة . الناسُ يحترمونَـك ويُـقدرونك ولو لم يظهروا لك ذلكَ , وإن لم يعترفوا لك مباشرة بهذا الاحترام والتقدير . وحتى إن انتقدكَ عاص في بعض الأحيان فإنه ينتقدكَ لأنه يعرفُ أنك أفضلُ منه , وهو ينتقدكَ من منطلـق الغيرة أو الحسد لك " أخرجوا آل لوط من قريتكم , إنهم أناسٌ يتطهرون " . وحتى إن انتقدك أو حاربك أو قاتلك عدوٌّ كافر في بعض الأحيان فإنه ينتقدك ويحاربك لأنه حاقدٌ على الدين وعلى الله والرسول وهو لا يفعلُ ذلكَ لأنه يرى أنه هو حسنٌ وأما أنت فسيءٌ , وكذلك هو لا يفعلُ ذلك من منطلق أنه أفضلُ منك . وباختصار لا ينتقدُكَ مسلمٌ عاص ولا عدوٌّ كافر إلا من منطلق الغيرة والحسد أو من منطلق الحقد على الدين , ولكن لا يمكنُ أن يكون السببُ أبدا أنه يرى بـأنهُ أفضلُ منك .
لو كان يرى بأنهُ أفضلُ منك فإنه لن ينـتقدَك ولن يحاربَـك . إنه لا ينتقدُك ولا يحاربُـك إلا لأنه وفي أعماق نفسه هو على يقين من أنك أفضلُ منه وأحسنُ منهُ وأخيرُ منه وأكثرُ طيبة وبركة منهُ .
أنت أفضلُ منه بماذا ؟ والجوابُ : بشيء واحد هو الإسلام " إن الدين عند الله الإسلام " " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه , وهو في الآخرة من الخاسرين ".
5-يمكنُ أن تندمَ على أي شيء من متاعبِ الدنيا وقعَ لكَ وكنت تتمنى أن لا يقعَ , أو على أي شيء من متاع الدنيا كنت تتمنى الحصولَ عليه ولم تحصلْ عليه .
ولكنك لن تندمَ أبدا على شيء من الدين التزمتَ به , ولن يأتي عليك يومٌ من الأيام تتمنى فيه لو أنك لم تلتزم به . هذا مستحيلٌ .
ولن تندم أبدا على شيء من وقتك أو جهدك أو مالك أو... أنفقته في سبيل الله , ولن يأتيَ عليك يومٌ من الأيام تتمنى فيه أنك لم تنفق ما أنفقتَ في سبيل الله . هذا غيرُ ممكن.
ولن تندم أبدا على حياة عشـتَـها في ظل الإسلام وطاعة الله , ولن يأتيَ عليكَ يومٌ من الأيام تتمنى فيه أنك عِشـتـهُ في ظل الكفر ومعصية الله . لن يحدث هذا أبدا أبدا أبدا .

180- هل يُـشرع للراقي أن يضع يده على ناصية المريض ؟ :
سواء أكان ذكرا أو أنـثى .
والجواب هو أنني مع كثرة ما قرأتُ حتى الآن في هذه النقطة ما وجدتُ دليلا يعول عليه من السنة النبوية الشريفة على أن ذلك مطلوبٌ في الرقية أو مشروعٌ . لم أجد دليلا يثبتُ ولا دليلا يقول بأن ذلك حرامٌ .
ومنه فإنني – كراقي بسيط - أرى أن استبعاد ذلك خاصة مع الرقية للمرأة أحسنُ وأفضل وأحوط , لأنه من جهة لا فائدة ترجى من ذلك , ولأن في ذلك – من جهة أخرى - سدا للذرائع إلى الحرام فيما بين الرجل والمرأة , والله أعلم .

خواطر ( من 161 إلى 170 ) :

بسم الله
عبد الحميد رميته , الجزائر

161- من أفطر متعمدا في رمضان بأكل أو شرب لمدة طويلة :

أولا : أما من أفطر بأكل أو شرب متعمدا في نهار رمضان وهو يعلمُ أنه في رمضان وأنه يحرمُ عليه الفطرُ وكان يقصدُ انتهاكَ حرمةِ رمضانِ , قلتُ : أما من أفطرَ ليوم أو أيام قليلة فإن الذي عليه جمهورُ الفقهاءِ
( منهم مالك وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل ) هو أنه يلزمهُ القضاءُ والكفارةُ , أي قضاءُ اليومِ الذي أفطرَ فيه والكفارةُ بصيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا :
1-أما الحنفية فقالوا : تجب القضاء والكفارة بأمرين , منهما أن يتناول المرءُ غذاء أو ما في معناه عمدا وبدون عذر شرعي , كالأكل والشرب ونحوهما , ويميلُ إليه الطبعُ , وتنقضي به شهوةُ البطنِ .
2-وكذلك فإن الحنابلةَ والمالكيةَ فقالوا : يوجبُ القضاء والكفارةُ شيئان , منهما من أكل أو
شرب متعمدا في نهـار رمضان عالما بعدم جواز الفطر منـتهكا لحرمة الشهرِ .
هذا مع ملاحظة أن الفقهاء الثلاثة " أبو حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل" رضي الله عنهم قالوا بأن كفارة الفطر المتعمد في رمضان هي صيام شهرين متتابعين , فإن لم يستطع الشخصُ الصومَ لمشقة شديدة ونحوها فيلزمه عندئذ إطعامُ ستين مسكينا . وأما الإمامُ مالك رضي الله عنه فقال بأن كفارةَ الفطرِ المتعمد في رمضان هي على التخيير بين الصيام والإطعام , وأفضلهُما الإطعامُ لأن الصيامَ له فقط وأما الإطعامُ فيستفيدُ منهُ الغيرُ .
فإن أفطر إذن شخصٌ في رمضان بأكل أو شرب ليوم أو لأيام قليلة ومعدودة , وجبَ عليه القضاءُ والكفارةُ لأن هذا هو قول الجمهور من جهة أولى ولأن الكفارةَ سهلةٌ وميسورةٌ إلى حد ما بإذن الله تعالى من جهة أخرى , سواء تمت الكفارةُ بالصيامِ أو بالإطعام .
ثانيا : وأما من أفطر بأكل أو شرب متعمدا في نهار رمضان وهو يعلمُ أنه في رمضان وأنه يحرمُ عليه الفطرُ وكان يقصدُ انتهاكَ حرمةِ رمضانِ , قلتُ : من أفطرَ لمدة طويلة كشهر أو أكثر سواء أفطر في بلاد الإسلام أو في بلاد الكفر وسواء أفطر وهو كبير أو وهو صغير ( وبالغٌ بطبيعة الحال ) وسواء كان رجلا أو امرأة , ... فإن كان من الأغنياءِ والميسورين الذين يستطيعون إطعامَ ولو أكثر من ألف فقيرا أو مسكينا فإنه يُـطعمُ ونسألُ الله أن يتقبلَ منه وأن يغفرَ له ذنبَهُ . وأما من لا يقدرُ على الإطعام ممن هم من المستورين – ماديا – أو من الضعفاءِ كما هو حال أغلبية الناس مثلا عندنا في الجزائر , فمن الصعب جدا جدا جدا أن تطلبَ من الواحدِ منهم أن يُكفِّـرَ عن ذنبِهِ بصيامِ شهرين متتابعين عن كل يوم أفطرهُ . مثلا إن كان قد أفطرَ بأكل متعمد في رمضان , أفطر 30 يوما ( سواء أفطر فيها متتابعة أو أفطر فيها متفرقة ) , فمن الصعب جدا جدا جدا أن نطلبَ منه أن يُكَفِّرَ بصيام ( شهرين أي 60 يوما × 30 أي تساوي 1800 يوما , أي ما يعادل 60 شهرا , أي ما يوافق 5 سنوات !!! ) . وهذه مدة طويلة جدا جدا جدا لا يقدرُ على صومها إلا النادرُ من الناسِ , هذا إن وجدَ هذا النادرُ .
ولأن فقهَ الفقهاء كلهم بإذن الله إسلامٌ , ولأن اختلافَ العلماءِ يجبُ أن يكونَ رحمة لا نقمة , ولأن اللهَ لا يُعذِّبُ فيما اختلفَ فيه الفقهاءُ والعلماءُ , ولأن المصيبَ من الفقهاءِ في كلِّ مسألة فقهية لهُ أجران والمخطئَ له أجرٌ واحد , ولأن الصوابَ لا يعلمهُ إلا اللهُ تعالى , ولأن ... فإن الذي أفطرَ عمدا في رمضان بأكل أو شرب لمدة طويلة يمكنهُ الاعتمادُ على مذهب الشافعي في هذه المسألة , الشافعي الذي يرى بأن الكفارة لا تترتب إلا على من أفطر في رمضان من خلال وطء متعمد لزوجة , وذلك لأن الحديثَ الصحيحَ الوارد في كفارة الفطر المتعمد كان متعلقا بصحابي ( رضي الله عن الصحابة أجمعين ) أفطر في رمضان لا بأكل أو شرب ولكن بوطء زوجة . وعند الشافعي رضي الله عنه : من أفطر في رمضان متعمدا بأكل أو شرب : ذنبُهُ عظيمٌ , ولكن لا يترتب عليه إلا قضاءُ ذلك اليوم فقط ( بلا كفارة ) , وعليه بعد ذلك بالإكثارِ من الاستغفار.
ومنه فإن أفطر شخصٌ في رمضان متعمدا وبدون عذر وبأكل أو شرب , من أفطر لـ 30 يوما مثلا ( مجتمعة أو متفرقة ) فإن عليه – على مذهب الشافعي – رضي الله عنه , عليه فقط قضاء 30 يوما لا يُشترطُ فيها التتابعُ , وعليه بكثرةِ الاستغفارِ . وهذا أمر ميسورٌ في دينِ يُسر جاء فيه " طه , ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى " , و" يسروا ولا تعسروا " , و" بشروا ولا تنفروا " , و " ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " و... والحمد لله رب العالمين .
ملاحظة هامة جدا : أرى أنه مثل مسألة القاتل المتعمد للنفس المؤمنة الذي اختلف الفقهاءُ فيه : هل له توبة أم لا ؟. قال العلامة عبد الحميد بن باديس الجزائري رحمه الله " من لم يقتلْ نُبلِّـغ لهُ – من أجل تخويفه من التعدي على حرمات الله - القولَ بأن القاتلَ المتعمدَ خالدٌ في جهنمَ وإن تابَ . وأما من قتلَ بالفعلِ فإننا نفْـتحُ لهُ أبوابَ الرجاءِ في الله ورحمته ونُـبلِّـغُ له قولَ من قالَ من الفقهاء بأن قاتلَ العمدِ كغيره ممن ارتكبوا الكبائر , إن تابَ توبة نصوحا تابَ الله عليه بإذن اللهِ .
وكذلك أنا أرى هنا بأن منْ أفطرَ بالفعلِ في رمضان متعمدا لمدة طويلة فإننا نُـبلِّـغ لهُ الحكمَ على مذهب الشافعي رضي الله عنهُ ونقول لهُ بأنه " ليس عليك إلا القضاءُ وعليك كذلك بحسن التوبة إلى الله وبكثرةِ الاستغفارِ" , وأما من لم يُفطرْ فإننا نُـبلِّـغُ له – من أجل تخويفه حتى لا ينتهكَ حرمةَ رمضان في يوم ما - قولَ الجمهور الذي ينصُّ على أن من أفطرَ متعمدا في رمضان بأكل أو شرب , فإن عليه القضاء والكفارة بصيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا عن كل يوم أفطرَ فيهِ مهما كثرت وتعددت الأيامُ التي أفطرَ فيها . والله ورسولُهُ أعلمُ .
162- أهل السنة والجماعة :
الحركة الإسلامية تتحمل مسؤولية تعميق عقائد أهل السنة والجماعة في نفوس أفرادها وفي نفوس أبناء الشعوب الإسلامية ,كما تتحمل عبء الدفاع عن مذاهب أهل السنة والجماعة العقائدية والفقهية والسلوكية . ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن نكون حياديين بين من يدافع عن أصول الدين , ومن يتهجم عليها , أو بين من يقف مع ثوابت الدين , ومن يقف في مواجهتها , أو بين ما استقر عليه إجماع أهل السنة والجماعة , وبين الشذوذ والانحراف كائنا من كان أهله .
إذا تقرر هذا فإننا نسأل سؤالا مهما في البداية فنقول : من هم أهل السنة والجماعة ؟. وذلك قبل أن ننتقل إلى الحديث عن أصولهم التي يجب على المسلمين جميعا في كل زمان ومكان أن يلتفوا حولها : رجالا ونساء , مثقفين وأميين , كبارا وصغارا , حكاما ومحكومين ,فقراء وأغنياء , ... سواء تعلقت هذه الأصول بالعقيدة أو بالفقه أو بالسلوك أو بالدعوة أو بالحركة أو بالسياسة . يجب عليهم أن يلتفوا حولها وأن يتبنوها و إلا كانوا منحرفين انحرافا قد يخرجهم عن دائرة الإسلام وقد لا يخرجهم .
لقد صح من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة , والنصارى مثل ذلك , وتتفرق أمتي على ثلاث وسبعون فرقة" وخرجه الترمذي هكذا .
وفي سنن أبي داود "وأن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة اثنتان وسبعين في النار وواحدة في الجنة , وهي الجماعة ". والجماعة المرادة هي التي أطلق عليها اسم ( أهل السنة والجماعة ) وهي جماعة أئمة العلماء المجتهدين , فمن خرج مما عـليه علماء الأمة مات ميتة جاهلية , لأن جماعة الله : العلماء , جعلهم الله حجة على العالمين . وهم المعنيون بقوله صلى الله عليه وسلم "إن الله لن يجمع أمتي على ضلالة ", وذلك أن العامة تأخذ عنها دينها , وإليها تفزعُ من النوازل , وهي تبعٌ لها , فمعنى قوله
" سألتُ الله ألا تجتمع أمتي على ضلالة فأعطانيها ", أي لن يـجتمعَ عـلماءُ أمتي على ضلالة .

163- حتى لو فرضنا أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو عبقري العباقرة :
فيستحيل أن يخبرنا من عندياته بالحقائق العلمية الكثيرة والكثيرة جدا التي يأتي العلم في كل يوم ليكتشفها أو ليؤكد صحتها , ولم يحدث ولو مرة واحدة على امتداد أكثر من 14 قرنا من الزمان أن قال العلم بشيء واحد مناقض لنص ثابت ( قطعي الثبوت قطعي الدلالة ) من الكتاب أو السنة , لم يحدث هذا أبدا . أليس هذا دليلا قطعيا على أن محمدا صلى الله عليه وسلم صادق في التبليغ عن الله , وأن القرآن من عند الله وأن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله حقا ؟!.

164- في الإسلام ثوابت ومتغيرات :
في الإسلام ثوابت لا تتغير بتغير المكان والزمان , ومتغيرات تقبل التبديل بضوابط والتغيير بضوابط , كدليل على صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان . وهذا لم يتوفر
( منذ سيدنا آدم صلى الله عليه وسلم وحتى الآن ) إلا فيما جاء به سيدُنا محمد صلى الله عليه وسلم , أي أنه لم يثبتْ حتى الآن أن ثابتا من ثوابت الدين أو أن أصلا من أصول الإسلام أو أن معلوما من المعلومات بالضرورة في الإسلام ثبت خطؤُه أو ثبتَ أنه ما بقي صالحا في هذا الزمان أو أنه أصبحَ غير مناسب في مكان من الأمكنة .لم يحدثْ هذا ولن يحدثَ بإذن الله تعالى في يوم من الأيامِ . ألا يكفي هذا كدليل قاطع على أن ما جاء به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم هو ليس من عنده , ولكن هو من عند العليم الخبير , الذي له الأسماء الحسنى سبحانَـهُ عزوجل ؟! .

165- أسماء الله الحسنى :
من المضحك بمكان أن يتخيل شخصٌ بأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم اخترع من عندياته أسماء الله الحسنى التسعة والتسعين ( بلا زيادة أو نقصان ) الدقيقة جدا والواضحة جدا والمعبرة جدا والتي بها يمكن للناس أن يعرفوا ربهم الذي يقال لهم عنه : " مهما خطر على بالك , فالله مخالف لذلك " . محمد صلى الله عليه وسلم لا يقدر من جهة على كذبة مثل هذه , مهما كان عبقريا . ومن جهة أخرى ما الذي يجنيه من وراء هذه الكلمة ؟! . لا شيء . اللهم إنني أشهد شهادة حق بأنك حق وبأن محمدا نبيك ورسولك بحق وبأن القرآن كلامك ومنهجك وهديك بحق .

166- النساءُ والأعراسُ :
أنا مقتنعٌ هنا – وأنا مع خاطرة من الخواطر المتعلقة بالأعراس - بجملة أمور مهمة وبسيطة وبديهية , أذكرُ منها :
1- إن أردتَ أن تعرفَ مستوى مجتمع من المجتمعاتِ الإسلاميةِ الصغيرة أو الكبيرة ( قُـربا من الإسلامِ أو بعدا عنه ) فانظرْ إلى حالِ الأعراسِ فيها . إنْ وجدتَ بأن الولائمَ والأعراسَ نظيفةٌ وطيبةٌ وتكادُ تكونُ خالية من أيِّ بدعة أو محرم , فاعلمْ أن المجتمعَ بخير بإذنِ اللهِ . وأما إن وجدتَ غير ذلكَ , أي إن وجدتَ بأن العرسَ سيءٌ وخبيثٌ وأن أغلـبَـهُ بدعٌ ومحرماتٌ تُرضي الشيطانَ وتُغضبُ الرحمانَ , فاعلمْ أن المجتمعَ بِشَرّ والعياذُ بالله وأنه يحتاجُ إلى الكثيرِ من الجهدِ والوقتِ والمالِ من أجل إصلاحهِ.
2- إن أغلبَ مفاسدِ أعراسِ المسلمينَ اليومَ آت من النساءِ ضعيفاتِ الإيمانِ , ومن الرجالِ الذين يُسَـلِّمون غالبا زمامَ توجيهِ الأمورِ في الولائمِ والأعراسِ لهؤلاء النسوةِ البعيداتِ عن الإيمانِ الحقيقي بالله واليوم الآخرِ , سواء كنَّ زوجات أو أخوات أو بنات أو أمهات , أو ... الخ...
3-المرأةُ في العرسِ – مهما كانت ضعيفةَ الإيمان أو بعيدة عنِ الإسلامِ - , إن وجدتْ رجلا مسئولا عن إدارةِ أمورِ العرسِ , إن وجدتهُ مسلما مؤمنا قويَّ الشخصيةِ حازما جادا يُـحسِنُ إلى النساءِ ولكنهُ يقيمُ حدودَ اللهِ في العرسِ ولا يسمحُ بحرام أو بدعة ولا يخافُ في اللهِ لومةَ لائم , فإنها قد تستاءُ منه في البدايةِ ولكنها بإذنِ اللهِ غالبا ستهابهُ بعد ذلك ثم ستحترمهُ في النهايةِ . وأما إن وجدت رجلا ضعيفَ الشخصيةِ لا يُـهِـمُّـه في العرسِ إلا أن يفرحَ الناسُ بالحلال أو بالحرام , ولا يُـهِـمُّـه إلا إرضاءُ النساءِ والناسِ ولو بسخطِ الله تعالى , فإنها قد تفرحُ بهِ في البداية , ولكنها بإذن الله وغالبا ستحتقِرُهُ بعد ذلك ولن تحترمَهُ في النهايةِ أبدا .

167- ما الذي يستفيده رسول الله محمد من طاعاتنا ؟! :
ما الذي يجنيه رسول الله ( إذا فرضنا أنه يقول من عندياته ) من كوننا ( حتى الذي عشنا من بعده بمئات أو بآلاف السنين ) نصلي ونصوم ونزكي ونحج ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونجاهد في سبيل الله ونفعل الخير مع الناس و.. أم لا ؟ وما الذي يجنيه رسول الله من كون الناس يسرقون ويكذبون ويخونـون وينافقون ويزنون ويشركون بالله و… أم لا ؟. مهما بحثنا عن الجواب فإننا لن نجد إلا جوابا واحدا مقنعا وهو أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم يبلغ عن الله , وأنه مأمور بذلك . " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك , وإن لم تفعل فما بلغت رسالاته ", هكذا قال الله تعالى له .

168- وجهة نظر بسيطة في مسألة تربوية :
قال قائل كريم أو سأل سائل عزيز " ما رأيك بمن يدعو إلى أن تكون تربية الأطفال عن طريقة إعطائهم الحرية في كل ما يريدونه ، فإذا أرادوا فعل شيء , ونحن متيقنون من أنه ضار أو ما إلى ذلك ، تركناهم يجربوا بأنفسهم حتى يتعلموا . وكذلك يجب أن لا يقول الواحدُ منا لطفله" لا " أبداً , لأن كل ذلك يساعد الأولاد على القيام بأمورهم بأنفسهم ، ويدربهم على الرجولة وقوة الشخصية والثقة بالنفس . وقد شاعت مثل هذه الأفكار , فكيف ترى أنتَ بارك الله بك ؟".
فقلتُ :
1- الكثير من المسائل في تربية الأولاد هي مسائل خلافية لا يجوز التعصب فيها , بمعنى أنه يمكنني أنا أن أتبنى رأيا وأن تتبنى أنت الرأي المخالف , وقد يكون لي أنا بعض الصواب وأنت كذلك قد يكون لك بعض الصواب , مع أن رأيي يخـتـلفُ عن رأيك . 2- هناك فرقٌ بين الولد بعد أن يبلغ وقبل أن يبلغ . أما قبل البلوغ فإن الولدَ لا يكاد يعرف صالحَه , ومنه فإن التشددَ معه يجب أن يكون - في رأيي - أكبر من التشدد مع البالغ أو مع الكبير . 3- يمكن أن أترك الأمر للولد وأعطيه الحرية لأن يفعل ما يشاء , ولا أفرض عليه رأيي أنا , وأتركه يجرب بنفسه , حتى يتعلم وحتى يتربى على الثقة بالنفس وعلى فعل ما هو مقتنع به وعلى ... في مسائل بسيطة لا علاقة لها بالحرام ولا علاقة لها كذلك بالأمور الحياتية الخطيرة التي من الصعب تداركها بعد أن تقع . 4-يمكن أن أنصح ابني أن ينام مبكرا وأن يستيقظ مبكرا حتى يصلي الصبح في وقته وفي جماعة بسهولة وحتى يكون قويا نشطا في النهار . وإن كان له هو رأي آخر غير رأيي أنا , فيمكن أن أتركه لرأيه خلال مدة حتى يتأكد بنفسه وانطلاقا من تجربته الخاصة من أنه من الصعب جدا أن يسهرَ الشخصُ طويلا ثم يُـصلي بسهولة الصبحَ في وقته وفي جماعة , وبحيث يكونُ في النهار نشيطا وقويا .
وكمثال ثاني مشابه للأول , يمكن أن أنصح ابني بأن يراجع دروسه باستمرار ولا يترك المراجعة لما قبل الفروض أو الامتحانات مباشرة , فإن لم يقبل مني ولدي , يمكن أن أتركه لوقت معين غير طويل - ولو على مضض - حتى يتأكدَ بنفسه ومع الوقت , من أنه لن يكون مجتهدا بالفعل ولن يتحصل على النتائج المدرسية الجيدة إلا إن داوم على مراجعة دروسه على طول السنة , ولم يربط المراجعة بفرض أو امتحان . 5- ولكن لا يُـقبل مني أبدا أن أتبع مع ولدي هذا الأسلوب في مسائل متعلقة بالأمور الحياتية الخطيرة التي من الصعب تداركها بعد أن تقع , مثل إن طلب مني ولدي أن أتركه يسهر خارج البيت كما يشاء هو ويدخل إلى البيت متى شاء هو . أنا أرى هنا أنه من غير المستساغ أن أتركه لرأيه , خاصة في سن متقدم ( ما بين 7 و14 سنة أو أكثر من ذلك قليلا ) لأن الولد بهذا السهر ومع هذه الحرية التي يمكن أن أعطيه إياها هنا , يمكن جدا أن يصادق أشرارا أو يتعود على شرب الدخان أو شرب المخدرات أو شرب الخمر أو يتورط في انحراف مع فتيات أو ... وهكذا ... ثم بعد ذلك نجد أنه من الصعب جدا أن نرقع ما وقع , وأن نتخلص من الآثار السيئة لما وقع , وأن نُرجع الولدَ بعد ذلك إلى صوابه . 6-ولا يُـقبل مني كذلك أبدا أن أتَّـبع مع ولدي هذا الأسلوب في مسائل متعلقة بالحرام الذي لا خلاف في أنه حرامٌ , مثل الحالة التي يطلبُ فيها ولدي مني بطريقة مباشرة أو غير مباشرة , أن أترك له جهازا في البيت تحت تصرفه يمكن أن يتفرجَ من خلاله على أفلام ساقطة أو يستمع إلى غناء خليع أو يتابع برامج معادية للدين أو يتفرج على صور مائعة أو ... إنه لا يقبلُ مني أبدا أن أعطي الحرية لولدي هنا في أن يفعل ما يشاء أو أتركه يجرب بنفسه أو ... هذا غيرُ مقبول مني البتة , وهو حرامٌ علي بكل تأكيد , وأنا غيرُ معذور عند الله - إن فعلتُ ذلك مع ابني - مهما كانت نيتي حسنة . والله اعلم بالصواب .

169- " تبت يدا أبي لهب " :
القرآن أخبر الناس بأن أبا لهب من أهل النار, وكذلك زوجته: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ. مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ .سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ .وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ .فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ ).ولو لم يكن القرآن من عند عليم خبير , على كل شيء قدير,لا استغل أبو لهب وزوجته الفرصة- ولو مدفوعين من سائر الكفار- وأعلنا إسلامهما فيثبت عندئذ كذب الرسول-ص- (حاشاه عليه الصلاة والسلام ) فيما يقول بأنه يبلغه عن الله الصادق.فإذا ثبت كذب الرسول صلى الله عليه وسلم ولو مرة واحدة فإن كل ما بناه يتهدم :
ا - دعواه بأنه رسول من عند الله.
ب-إدعاؤه بأن القرآن كلام الله لا كلامه هو.
جـ-ادعاؤه بأن الله موجود.
لكن هل حدث هذا ؟.لا وألف لا,أليس هذا دليلا على صدق النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما يبلغ عن الله سبحانه وتعالى ؟!.

170- عن كظم الغيظ والعفو عن الناس :
سألني سائل فقال " كيف يستطيع الإنسان أن يكون حليما , فأنا بارك الله فيك أُستفز بسرعة , وخاصة عندما يتعرض أحدٌ لمن أُحبُّ بالسب أو الشتم , فأنزلُ – للأسف الشديد - كرد فعل مني , أنزلُ إلى مستواه هو بالسب والشتيمة , ثم أندم بعد ذلك على ذلك". فقلتُ له " هذا نصفُ جواب عن سؤالك :1- فرق بين من يبدأ في جهاد نفسه على الصبر على ظلم الغير من الصغر ومن لا يبدأ ذلك إلا عند الكبر . الأول سهلٌ والثاني صعبٌ .
2- فرقٌ بين حقوق الله التي لا يجوز التساهل فيها وحقوق النفس التي يستحب التسامح معها أو حيالها . - 3إذا قدرنا على مقابلة السيئة بالحسنة فذلك أحسن , وإلا فلا نقابلها بشيء , وإلا - إن ضعفنا- فلا يجوز أن تُقابَـل السيئةُ بأكثر منها .
4- فرق بين أن تغضب لنفسك وبين أن تغضب لعرضِ أخيك . في الأول الأفضل كظم الغيظ , وأما في الثاني فيستحب أن تغضبَ , تغضب ولكن لا تفعل إلا جائزا ولا تقول إلا مباحا .5- هناك سيئات يرتكبها الغيرُ ضدنا أو ضد من نحب , ولكن لا يجوز لنا أن نرد بمثلها . ومنه فمثلا إن سبني أحد أو سب من أحب فلا يجوز لي أن أسبه ( إن سببتُه) إلا باستخدام ألفاظ نظيفة وبدون أن أكذب أو أكفر أو أسب أباه أو أمه أو ...فإن فعلتُ شيئا من ذلك وقعتُ فيما هو حرامٌ .6- من أهم ما يعيننا على كظم الغيظ والعفو عن الناس : * قوة الإيمان بالله واحتساب الأجر عند الله . ** التربية الروحية بجملة أشياء , منها الصلاة جماعة وقيام الليل والنوافل في الصلاة والتطوع في الصيام وزيارة المقبرة وعيادة المريض وحضور الجنائز ومحاسبة النفس وذكر الله والدعاء وتلاوة القرآن و ... *** قراءة قصص العلماء والصالحين وسيرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وسير صحابته رضوان الله عليهم و... خاصة منها التي تتحدث عن مقابلة السيئة بالحسنة وعن الحلم والأناة وعما يشبه ذلك ... **** وضع النفس دوما في مكان من نغضبُ عليه ونريد أن لا نسامحَه أو نريد أن ننتقمَ منه , ولنتذكر حديثَ الرسول محمد صلى الله عليه وسلم " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " , وكذا تذكر " ... لا تغضب ... لا تغضب ... لا تغضب ... تدخل الجنة " و " والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس" .والله وحده الموفق لما فيه الخير .