السبت، 3 يوليو 2010

من 401 إلى 420

بسم الله
عبد الحميد رميته , الجزائر

401- يقضي أكثر من ساعة ونصف يوميا مع إفساد شعره !!! :
من مظاهر فساد أحوال التربية والتعليم في بلادنا دنو الهمة أو دناءة الهمة عند الكثير من تلاميذنا , بحيث أصبح الواحد منهم ليست له أية رغبة في أن يكون أفضل من غيره من التلاميذ أو من الناس , أو في أن يكون غده أحسن من يومه أو في أن يبذل الجهد الذي يقدر على بذله من أجل دنيا حلال أو من أجل آخرة , أو في أن يستغل وقته فيما يـنـفع ويُـفيد . حدث هذا ومازال يحدث إلى درجة أننا أصبحنا نلاحظ الفرق الكبير بين مستوى تلاميذ العام الماضي ( 2006-2007 م ) وتلاميذ هذا العام ( 2007-2008 م ) تعليميا وأدبيا وأخلاقيا , وكأنه فرق بين جيلين لا فرق بين تلاميذ سنتين دراسيتين متتاليتين , فإنا لله وإنا إليه راجعون .
ومن مظاهر دنو الهمة أو دناءتها :
تلميذ نسأله في الأيام الماضية " كم تقضي من الوقت يوميا مع تسريح الشعر أو إفساده بالGEL ؟ , فيجيب التلميذ وهو يقسم بالله معتزا بما يقسم عليه " أقضي مع شعري في كل يوم بين ساعة ونصف إلى ساعتين" !!!. وأترك الكلمة بدون تعليق لأنها غنية عن أي تعليق .
402- هل يمكن أن يشفى المريض قبل أن يعالج بالدواء عند طبيب أو بالرقية عند راق ؟:
يحدث هذا في بعض الأحيان والتفسير نفسي.مثلا قد تحس امرأة أنها مهملة من طرف أهلها فتشتكي من أشياء تقلقها عضوية أو نفسية حقيقية أو وهمية, وتطلب من أهلها أن يأخذوها عند طبيب معين ترتاح إليه أو عند راق معين تطمئن إليه.يضطر الأهل إلى أن يبذلوا جهدا ووقتا ومالا من أجل أن يأخذوها عند من طلبته. وبمجرد أن يجلس معها الراقي أو الطبيب ويبدأ في السماع منها والحديث معها وتقديم النصائح المناسبة لها تشعر المرأة وكأنها شفيت مما كانت تحس به من قبل,وذلك قبل الرقية أو قبل العلاج الطبي.حدث هذا مرات ومرات خاصة إذا كانت ثقة المرأة بالطبيب أو الراقي كبيرة وكانت تعاني من إهمال من طرف أهلها . وللأطباء أو علماء النفس تفسيراتهم الخاصة بهذه الظاهرة .
403- سألني سائل كريم ( عن تصوير الجن ) :
فقال " أنا أعـرفُ كثيرا من الناس رأوا الجن وبصور مختلفة ... فنستطيع أن نراهم فما المانع إذن من تصويرهم ؟. هذا سؤال استشكال وطلب للحقيقة لأنني لست أجزمُ بإمكان تصويرهم ".
فأجبتُهُ : قلتَ " أنا أعرف كثيرا من الناس رأوا الجن وبصور مختلفة " . 1- الجن عالم غيب , ومنه مهما قلتَ بأن فلانا رأى الجن , فيمكنني أن أصدقكَ وأن لا أصدقك ولا لوم علي في الحالتين . وأما إن قلتَ لي بأنه توجد دولة في العالم تسمى فرنسا مثلا , فإنه يجب علي أن أسلِّم لك بما قلتَ لي لأنك تتكلمُ عن عالم شهادة وتستطيع أن تقيم 1000 دليلا ودليلا على ما تقول لي . 2- تمنيتُ لو أنكَ قلت " أنا أعرفُ كثيرا من الناس يظنون أنهم رأوا الجن وبصور مختلفة " هذا الكلام أدقُّ من قولك " رأوا " . أنا وأنت أخي الكريم ليس لنا الدليلُ القطعي على أن ناسا رأوا بالفعل جنا . ليس لنا دليلٌ على ذلك إلا أن يكون الدليلُ وحيا , لأن الدليلَ على علم الغيب هو الوحيُ والوحيُ فقط . أما إن قلتَ لي شيئا عن الجن وليس لك دليلٌ عليه من الوحي , فأنا حرٌّ في أن أصدقَ أو أكذبَ ما قلتَ لي . 2- ثم أنت تقول " بصور مختلفة " , إذن حتى إن كان ما يراه هؤلاء الناسُ جنا فإن الجن لم يظهرْ لهم بالصور الحقيقية , وأما منذ سنوات , فلقد طلعت علينا الكثيرُ من وسائلِ الإعلام تقول لنا بأن الذي تم تصويره في مكان ما هو بالفعل جنٌّ وأن الصورةَ الملتقطة والمنشورة عبر الأنترنت وعبر الكثير من وسائل الإعلام كانت هي الصورةَ الحقيقيةَ , وهذا كلامٌ فارغ بطبيعة الحال , لأنه لا دليل عليه . 3- ثم في النهاية إن فرضنا بأن شخصا رأى جنا وبصور مختلفة وتم تصويره بالفعل , فنحنُ كما قلتُ لسنا مشتاقين لرؤية صورة الجن الحقيقية أو غير الحقيقية .
وسألني آخر , قائلا " ما أعرفـهُ أنه يمكن للجني أن يتمثل بشكل القط الأسود أو شكل كلب أكرمكم اللهفماذا تقول في هذا ؟".
فقلتُ "ما قلتـهُ صحيح , ولكن : * صعب جدا أن نجزم بأن هذا الكلب بالذات أو هذا القط بالذات أو ... هو جني متشكل في صورة " كذا " أو " كذا " . * ثم إن فرضنا بأننا عرفنا – بيقين - بطريقة أو بأخرى بأن هذا الجسم الذي أمامنا هو جني تشكل في صورته , فإن هذا يؤكد ما أقوله هنا , بأن هذا شكلٌ آخر وليس هو صورة الجن الحقيقية أو ليس هذا هو شكل جسم الجن الحقيقي " . والله أعلم بالصواب .
404- بين المال القليل والمال الكثير :
أضربُ بعضَ الأمثلة لبيان أنه بالمال القليل يعظمُ الانتفاعُ بالشيء , ولكن بالمالِ الكثير يكادُ ينعدمُ الاستمتاعُ :
عندما تكون متوسط الحال : لا فقيرا ولا غنيا كما هو حالُ الكثير من الناس في كل زمان ومكان , وتطلبُ منك زوجـتُـك أن تشتري لها مثلا فستانا , ولكنك تُـسوِّف لمدة معينة بسبب أنك لا تقدرُ على الشراء لأنك لا تملكُ المبلغَ الكافي . وتبقى الزوجةُ تُـذكرك بين الحين والآخر وأنت تُسوف وفي مرة تعلنُ لها بأنك سمعتَ وفي مرة أخرى تُـظهرُ لها وكأنكَ لم تسمعْ , وهكذا... وفي يوم من الأيام وعندما تملكُ المبلغَ الكافي تشتري لزوجتكَ ما طلبتْ , وأنتَ شاكرٌ لله الذي مكنكَ من ذلك , وفرحٌ جدا لأنك ستشتري لشريكةِ حياتك شيئا عزيزا طلبـتْـه وألحتْ في طلبهِ . وعندما تأخذُ الفستانَ لزوجتِـك تكون هي في أشدِّ الشوقِ له , فتشكرُ الزوجةُ اللهَ كلَّ الشكر ثم تشكرُ زوجَـها وتفرحُ وتُسرُّ وتعتزُّ كلَّ الاعتزاز بما اشتريتهُ لها .
وأما عندما تكون غنيا : فلقد حكى لي أكثر من غني بأن زوجـتَـه عندما تطلبُ منه 50 مليونا من السنتييمات ( وهو مبلغ كبير جدا عندنا في الجزائر ) في الصباحِ فإنه يعطيها إياهُ في المساءِ وبكل سهولة وبلا أي عناء . هل يسعدُ هو بما يُـقدم لزوجته ؟ في الغالب لا يجدُ أيَّ طعم أو لون أو رائحة للسعادةِ . وهل تفرحُ زوجـتُـه بما قدَّم لها الزوجُ ؟ في الغالب لا تجد أيَّ طريق للفرح , لأنها لم تنتظرْ ما طلبته إلا بضعَ ساعات ثم هي ليس عندها في الحياةِ ما تتوقُ لامتلاكِـه لأنها تمتلكُ تقريبا كلَّ شيء ما دامت من سنوات وسنوات تحصلُ وبكل سهولة على كلِّ ما تطلبُ وبمجرد أن تطلـبَـهُ . يحكي لي هذا الغني ما يحكي ثم يقولُ لي " والله لا يعرفُ أيُّ واحد من أفرادِ أسرتي أيَّ طعم للسعادةِ من سنوات وسنوات !!!". صحيحٌ أن هذا ليس هو حالُ كلِّ الأغنياءِ ( حاشا الأغنياء الشاكرين ) , ولكنني متأكدٌ بإذنِ اللهِ تبارك وتعالى أن هذا الكلامَ الذي أقولُه يَـصحُّ في الكثيرِ من الأغنياءِ , لا بل يصحُّ في أغلبيةِ الأغنياءِ .
وصدق من قال " السعادة تتوقف على ما نستطيع إعطاؤه , لا على ما نحصل عليه " و " السعادة ليست في إمتلاك كل شيء , وإنما في القناعة بأقل شيء " .
واللهُ أعلم .
405- هل يفطرُ شخصٌ في بلد على رؤيةِ بلد آخر للهلال ؟ :
مثلا في هذا العام ( 1428 هـ) أفطرت أغلبُ البلدانِ الإسلامية يوم الجمعة 12 أكتوبر بناء على أن هلالَ شوال رؤي ليلةَ الجمعة , وأما 4 بلدان منها الجزائر فإنها أفطرت يوم السبت 13 على اعتبار أن رؤية الهلال لم تتحقق لها ليلةَ الجمعة فأكملت عدةَ شعبان ثلاثين يوما كما أوصى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم " فإن غُـمَّ عليكم فأكملوا عدةَ شعبان ثلاثين يوما ". والسؤالُ المطروحُ : هل يجوزُ لي أنا مثلا ( في الجزائر ) أن أُفطرَ يوم الجمعة بناء على رؤية أغلبِ الدولِ الإسلامية للهلالِ , أفطرُ يومَ الجمعةِ وأغلبُ أهلِ بلدي صائمون لأنهم لن يفطروا إلا يومَ السبتِ . هل يجوز لي هذا أم لا ؟ .
والجوابُ : ا-يجوزُ لي أن أفطرَ بناء على قولِ الجمهورِ الذي يؤكدُ على أن رؤيةَ الهلال في بلد ملزمةٌ لكل البلاد الأخرى التي تشتركُ مع هذا البلد في جزء من الليل. والإلزامُ هنا موجهٌ في الأصل وبالدرجةِ الأولى لولاة الأمر , ولكنهُ موجهٌ كذلك لأفرادِ وآحادِ المسلمين . هذا مع ملاحظتان : الأولى أنني هنا لستُ بصدد ذكرِ الرأي الأفضلِ وإنما أنا هنا بصدد ذكر ما يجوزُ وما لا يجوزُ فقط بغض النظر عن الأفضل والأحسن , والثانية هو أنني إن أفطرتُ فيجبُ علي أن أراعيَ مشاعرَ الناس بحيث لا أفطرُ أمامهم بل لا أفطر إلا بعيدا عنهم , من أجلهم حتى لا أستفزَّهم ومن أجلي أنا حتى لا أُتهم بأنني من المستهترين بشهرِ الصيام .
ب- يجوز لي أن أصومَ مع قومي وأهل بلدي يوم الجمعة , ما داموا يعتمدون على رؤية الهلال لا على الحساب , ومادام هناك علماء وفقهاء قالوا بأن لكل بلد رؤيته حتى بالنسبة للبلدان الإسلامية المشتركة مع بعضها البعض في جزء من الليل . قال الشيخُ بن باز رحمه الله تعالى رحمة واسعة كجواب على السؤال الآتي " ماذا أفعل لو رؤي الهلال في بعض الدول الإسلامية ، ولكن الدولة التي أعمل بها أتمت شهر رمضان ثلاثين يوماً ؟ " , قال " عليك أن تبقى مع أهل بلدك ، فإن صاموا فصم معهم ، وإن أفطروا فأفطر معهم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "الصوم يوم تصومون ، والإفطار يوم تفطرون ، والأضحى يوم تضحون" . ولأن الخلافَ شرٌّ ، فالواجبُ عليك أن تكون مع أهل بلدك ، فإذا أفطر المسلمون في بلدك فأفطر معهم ، وإذا صاموا فصم معهم".ثم قال " ...فالواجب على المسلمين أن يصوموا جميعاً إذا رأوا الهلال ، ويفطروا برؤيته ، لعموم قوله عليه الصلاة والسلام " إذا رأيتم الهلال فصوموا ، وإذا رأيتم الهلال فأفطروا ، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين "، فإذا اطمأن الجميعُ إلى صحة الرؤية وأنها حقيقية ثابتة فالواجب الصوم بها والإفطار بها ، لكن إذا اختلف الناسُ في الواقع ولم يثق بعضهم ببعض ، فإن عليك أن تصوم مع المسلمين في بلدك ، وعليك أن تفطر معهم..." . انتهى كلام بن باز رحمه الله .
هذا جائزٌ وهذا جائزٌ وفي كل خيرٌ بإذن الله , والله ورسوله أعلمُ .
406- تعليقا على مقال في منتدى عن الهلال والحساب :
منشور في منتدى من المنتديات تحت عنوان " هلال رمضان بين الحساب الفلكي والرؤية " أقول :
1- أما الكلام الأول المتعلق بحركة القمر والشمس والشروق والغروب , وعن الرؤية الممكنة والمستحيلة للهلال مع بداية كل شهر عربي , و ... فلا تعليق لي عليه لأنه كلام اختصاصيين .2- القول بأن هناك بلدانا مثل السعودية تقبل أحيانا شهادة الشاهد برؤية الهلال ولو كانت الرؤية غير ممكنة .
أنا أرفض هذا الكلام ( وإن احترمتُ صاحبَه لأننا نناقشُ أفكارا ولا نطعنُ في أشخاص ) لأن هناك فرقا بين أن تكون الرؤية غير ممكنة بالفعل وبين أن يقول الحسابُ بأنها غير ممكنة . أنا أستاذ علوم فيزيائية وأنا أحترم العلم والعلماء وأضع العلم والتكنولوجيا على رأسي وعيني , ومع ذلك أنا أرى بأن العلم حتى الآن ( ولا أدري ما سيكون غدا أو بعد غد ) يخبط خبط عشواء وهو غير دقيق وهو بعيد جدا عن الصواب . ومنه فأنا لا أقول
" دولة مثل السعودية تقبل شهادة شاهد برؤية الهلال , مع أن الرؤية مستحيلة " ولكنني أقول " الهلالُ رؤي في أكثر من مكان مع أن علماء الفلك - أو بعضهم - زعموا وادعوا بأن الرؤية غير ممكنة " , بمعنى أنني أعتبر بأن الخطأ من جهة عدم دقة الحساب العلمي لا من جهة التشكيك في رؤية من رأى الهلال . هذا فضلا عن أن الشرع دعا للرؤية لا للحساب " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته " .3- جاء في المقال" وحسب اعتقادنا فإن المملكة المغربية هي أفضل دولة عربية في تحديد بدايات الأشهر الهجرية ، وكذلك فإن نظام التحري في سلطنة عمان مشابه لذلك ، ولكن يبقى النظام المغربي هو الأفضل". هذا كلام غريب جدا وعجيبٌ جدا بالنسبة إلي : ا- أما حسابُ ليبيا فهو مرفوض جملة وتفصيلا , لأنه يضربُ بعرض الحائط حديثَ النبي محمد صلى الله عليه وسلم , وكذا قولَ جمهور العلماء أو يرفضُ شبهَ الإجماع على أن العملَ بالحساب لا يجوزُ . ب- وأما المملكة المغربية فيكفي دليلا على بُعدِها عن العمل بالرؤية وكذا دليلا على بُعدِها حتى عن العملِ بالحساب الذي عليه أغلبُ الفلكيين , أنها غالبا ومن سنوات طويلة وطويلة تبدأُ الصيامَ وحدها وتُفطرُ وحدها . ومنه فأنا أرى أن هذا الكلامَ عن المغرب غريب وعجيب!!!.
4- جاء في المقال " وفي المقابل فإن معظم الدول الإسلامية تدعو المواطنين لتحري الهلال ، وتقبل شهادة أي مواطن برؤية الهلال، مع العلم أن هذا الشاهد قد لا يكون على علم بوقت ومكان الهلال ولا حتى بشكله ، فإذا ما شاهد أي جرم في السماء اعتقده الهلال . فعلى سبيل المثال صام ملايين المسلمين في السعودية عام 1984م 28 يوما فقط ؛ لأن أحد الشهود رأى كوكبي عطارد والزهرة فاعتقدهما الهلال !. إن تحري الهلال بشكل جماعي قد يكون ضرورة لا مفر منها ؛ فهو الطريقة الأمثل لتأكد الشاهد بأن ما يراه هو الهلال وليس شيئا آخر".
وأنا أقول هنا :
ا-أغلب الفقهاء يشترطون لثبوت الرؤية التي تُـلزم الأمة أن يكون العدد " إثنان" على الأقل . وأما شهادة الواحد فهي فقط ملزمة لنفس الشاهد فقط .
ب- أما القول " صام ملايين المسلمين في السعودية عام 1984م 28 يوما فقط ؛ لأن أحد الشهود رأى كوكبي عطارد والزهرة فاعتقدهما الهلال " , فإنني أقبله كنكتة أما كحقيقة فلا أقبله أبدا . من السذاجة بمكان اتهام دولة أو مجموعة كبيرة من الدول بأنهم أغبياء وحمقى ومغفلون و... حتى يختلط عليهم الأمر فيروا عطارد أو الزهرة ويظنونه " القمر أو الهلال " !!!. ثم لماذا لم يختلط هذا الأمر على الناس من مئات السنين حتى يختلط عليهم فقط عام 1984 م !؟ . ثم أيحسنُ بنا أن نظن في الله هذا الظن السيئ , أي في أن الله يكلفنا بالاعتماد على رؤية الهلال ثم يترك لنا تشابها كبيرا أمامنا بين القمر وكواكب أخرى حتى يختلط علينا الأمر. ويكون الله بذلك وكأنه يريد أن يكلفنا بما لا نطيق , حاشاه سبحانه وتعالى أن يفعل ذلك !.
5- قال صاحبُ المقال " إن تحري الهلال بشكل جماعي قد يكون ضرورة لا مفر منها " . وهذا كلام مقبولٌ وسليمٌ وينصُّ عليه الفقهاءُ وتعمل به أغلبُ الدول التي تعتمدُ على رؤيةِ الهلالِ في تحديدِ المواسم الدينيةِ .
6- قال صاحبُ المقال " تأخذ بعض الدول الإسلامية بمبدأ اتحاد المطالع ؛ فإذا علمت أن إحدى الدول قد أعلنت ثبوت رؤية الهلال فإنها تتبعها فورا حتى دون التأكد من صحة رؤية الهلال ( على أراضيها ) ، ومثال ذلك الأردن ". وهذه في الحقيقة حسنةٌ من الحسنات تُشكر الدولةُ عليها ولا تنتقدٌ من أجلها كما يفعلُ المقالُ , لأن هذا هو قولُ الجمهور , أي إذا رُؤيَ الهلالُ في دولة وجب على الجميع الصيامُ أو الإفطارُ .
ملاحظة : الواجبُ المطلوب هو تشكيلُ لجان مشتركة فيها من كل دولة مجموعة أشخاص , مهمتها أن تتحرى رؤيةَ الهلال ( في ليالي الشك من كل شهر هجري ) من خلال الأماكن الاستراتيجية المناسبة في دول مختلفة تشتركُ مع بعضها البعض في جزء من الليل . ويمكن لهؤلاء الأشخاص ولدولهم الاستعانة بالأجهزة والعيون الاصطناعية مهما كانت تسمياتها , وذلك من أجل تقوية رؤية الهلال مع بداية كل شهر عربي . وعندما تثبتُ الرؤيةُ يتم الإعلانُ المشتركُ عنها على مستوى كل الدول التي تشتركُ مع بعضها في جزء من الليل.
وبهذه الطريقة لا تكون الرؤية هي رؤيتي الخاصة كجزائري أو رؤيتك الخاصة كمغربي أو تونسي أو سعودي أو إماراتي أو قطري أو بحريني أو ... وإنما هي رؤية الأمة الإسلامية كلها المشتركة مع بعضها البعض في جزء من الليل .
7- جاء في المقال أن السعودية لم تعمل في أكثر من مرة برؤية البعض من جاراتها الدول القريبة منها ( اليمن 1420 هـ , واليمن والأردن وفلسطين ومصر في عام 1424 هـ) . وأنا لا أدري السببَ الحقيقي من وراء ذلك : ربما هو عدم ثقة في رؤية الغير أو ربما لأن السعودية تعملُ بقول من قال من الفقهاء بأن لكل بلد رؤيته , أو ربما ... ولكن في كل الأحوال أنا أرى بأن اتفاقَ المسلمين على العمل بالرؤية فقط وعلى اعتماد قول من قال بأن رؤيةَ الهلال في أي بلد مُلزمةٌ للجميع , أنا أرى بأن الأخذَ بهذا القول هو الأولى للجزائر وللسعودية ولليبيا وللمغرب وللأردن وللكل من أجل خير المسلمين حاضرا ومستقبلا دنيا وآخرة , والله أعلم .
8-قال صاحبُ المقال : فقد ذكر السبكي في فتاواه أن الحساب إذا نفى إمكانية الرؤية البصرية ؛ فالواجب على القاضي أن يرد شهادة الشهود ، قال : "لأن الحساب قطعي والشهادة والخبر ظنيان ، والظني لا يعارض القطعي، فضلا عن أن يُقَدم عليه ... أما شهادة الشهود فـتُحمل على الوهم أو الغلط أو الكذب ". وهنا يمكن أن نقول بأن هذا الكلام قد يَـصح وقد يُقبل وقد يُعتبر عندما يكون الحسابُ قطعيا بالفعل , ولكن وبما أن الحسابَ حتى اليوم ليس قطعيا ولا يشبه القطعيَّ لا من قريب ولا من بعيد , فإن رؤية الهلال – بالعين المجردة أو بواسطة الأجهزة المتوفرة - تبقى هي الأصل ولا يجوز أن تُـرد بحال من الأحوال اعتمادا على حساب فلكي يثبتُ في كل عام - ومنذ حوالي 30 سنة - بأنه ليس يقينا وإنما هو ظنٌّ , بل في كل عام يثبتُ أنه لم يصل بعد إلى مرتبة الظن ولكنه فقط – وحتى اليوم - وهمٌ من الأوهام ليس إلا . إِذن رؤيةُ الهلال وشهادةُ الشهود هي الأصلُ , وأما الحسابُ الفلكي الذي تثبتُ مخالفتُه للصوابِ تقريبا في كل عام فإنه هو الذي يُحملُ على الوهم أو الغلط أو الكذب .
9-ذكر صاحبُ المقال مجموعة من الفقهاء الذين أجازوا – بشروط - الاعتمادَ على الحسابِ الفلكي في تحديد مواعيد المواسم الدينية , والحقيقةُ هو أن عددَ من منعَ ولم يُـجِـزْ وحرَّم الاعتمادَ على الحساب الفلكي , عددَهم من الفقهاءِ والعلماء هو أكبرُ بكثير ممن أباحَ وأحلَّ وأجازَ . العددُ أكبرُ بكثير سواء من القدامى أو من المعاصرين .
10-إن لم تتفقْ كلُّ الدولِ التي تشتركُ مع بعضها البعض في جزء من الليل , إن لم تتفقْ على رؤية واحدة كما نـتمنى وكما هو قولُ جمهورِ العلماء والفقهاء المسلمين قديما وحديثا , فإن من المهمِّ جدا أن تكونَ عمليةُ تحري الهلال – في كل دولة - عملية رسمية جماعية كما يحدثُ اليوم في أكثر من دولة , فـتُـعَيِّـن الدولةُ مناطقَ مختلفة تصلحُ لتحري الهلالِ ، وتدعو المواطنينَ الراغبين بتحري الهلالِ بالتوجهِ لهذه المناطقِ ، على أن يوجدَ في كل منطقة شخصٌ ذو دراية بتحري الأهلةِ . هذا والله ورسوله أعلم .
407- بين التقويم الميلادي والتقويم الهجري :
مواقيتُ الصلاة للسنة كلها مرتبطة بحركة الشمس المضبوطة إلى حد كبير والمتصلة بدورها بالشهور الميلادية . ومنه فإن الشهور الميلادية نستطيع وبسهولة معرفة الذي فيه منها 28 أو 29 يوما , وكذلك الذي فيه منها 30 أو 31 يوما .كما يمكن أن نعرف وبكل سهولة مواقيت الصلاة للصلوات الخمس لأي يوم من أيام السنة وفي أية بقعة من بقاع العالم الطويل والعريض . هذا كله أمرٌ سهل وبسيط وممكنٌ ويسير , وخاصة في السنوات الأخيرة حيث عن طريق الكمبيوتر يمكن أن تعطيه خط الطول والعرض لأية منطقة في العالم فيعطيك ( عن طريق بعض البرامج الخاصة ) وخلال ثواني , يعطيك مواقيت الصلاة المضبوطة إلى حد كبير لعام كامل.
أما مواقيتُ المواعيد الدينية كبداية رمضان وموعد عيد الفطر وموعد عيد الأضحى وموعد أول محرم و... فهي مرتبطة بحركة القمر المتصلة بدورها بالشهور القمرية العربية الهجرية . وحركةُ القمر رغم كل ما قيل عنها وعن انضباطها حتى الآن من طرف الكثير من الاختصاصيين هنا وهناك وخلال ما يقرب من 50 سنة تقريبا , فإن الواقعَ يؤكدُ باستمرار وكل عام بأنها غير مضبوطة وبأنه يستحيلُ حتى الآن التنبؤ بها ولو قبل ذلك بيومين فقط
( 48 ساعة ) , بدليل أننا نلاحظُ ومن أكثر من 10 سنوات أنه في كل عام يؤكد اختصاصيون في علم الفلك بأن الهلالَ يستحيلُ أن يظهر في الليلة " كذا " أو في الليلة " الفلانية " , ومع ذلك فإن الهلال يظهرُ في تلك الليلة وبشكل واضح وفي كثير من بلاد المسلمين . وأذكر هنا :
ا-نكتة طريفة وحقيقية وقعت في العام 1427 هـ , وذلك عندما أكد الكثيرُ من الفلكيين أن الهلالَ يستحيل أن يظهر في بداية رمضان في الليلة " كذا " , ثم ظهرَ بعد ذلك في أغلبية البلاد العربية خصوصا , وبعد ذلك طلعَ علينا بعضُ الفلكيين في بعض وسائل الإعلام بمقولة مضحكة ( ليبرروا بها خطأهم عندما أكدوا ما ليس مؤكدا ) حيث قالوا بأن البلدانَ ( مثل السعودية وغيرها ) التي زعمت أنها رأت الهلالَ في بداية رمضان في الليلة " كذا " , هي لم ترَ القمرَ وإنما رأت كوكبا آخر !!!. وأنا أعتبرُ أن هذه نكتة بايخة لأن الهلالَ رآه كثيرون وفي أكثر من مكان , ثم كيفَ لم يختلط الأمرُ على الناس بين القمرِ وكوكب آخر منذ مئات السنين , ولم يختلط هذا الأمرُ على الناس إلا في القرنِ الخامس عشر : قرن العلم والتكنولوجيا .
ب- ونكتة أخرى واقعية تتمثل في أنه في الفترة التي كانت تعملُ فيها الجزائرُ بالحساب لحوالي 12 أو 13 سنة ( من عام 75 إلى حوالي 88 ) , وكانت الجزائر غالبا تتأخر في تلك الفترة عن أغلبية بلدان العالم العربي والإسلامي في بداية رمضان وفي عيد الفطر وحتى في عيد الأضحى , كانت تتأخر غالبا بيوم واحد . ومنه فإن هلالَ اليومِ الثاني ( في الحقيقة ) هو هلالُ اليوم الأول عند الجزائر , وكان التلفزيون الجزائري يُـقدم لنا في بعض السنوات وفي بداية رمضان وبالضبط في ليلة 2 رمضان التي تعتبرها الجزائرُ – بالحساب – ليلة 1 رمضان , كان يقدمُ لنا شخصا يقول للجزائريين الجملة التي أصبحَ الكثيرُ من الجزائريين يتداولونها كنكتة " وإن بدا الهلالُ كبيرا فهو بن يومه "!!!. أي حتى ولو رأيتم شخصا بشارب ولحية , فهو رضيعٌ ولم تلده أمُّـه إلا اليوم !!!.
قلتُ : حركةُ القمرِ غيرُ مضبوطة ولو قبل ب 48 ساعة , لذلك فإن الحسابَ لحركة القمر فيه من الظن ما فيه , ومنه فإن اليوميات (Calendriers ) التي أُنشئت منذ حوالي 50 سنة , والتي يتمُّ من خلالها تحديدُ عدد أيام كل شهر هجري ( 29 أو 30 يوما ) فيها من الخطأ ما فيها , بدليل أنه ليس عندنا – نحن العرب والمسلمين -يومية واحدة , بل توجد لدينا أكثر من يومية واحدة . وأحيانا نجدُ في الدولةِ الواحدة أكثرَ من يومية واحدة . وكذلك نجد هذه اليوميات داخل دولة واحدة أو فيما بين الدول , نجدها في الكثيرِ من الأحيان متناقضة ومختلفة , مما يؤكد على أن حركةَ القمر غيرُ مضبوطة وأن الاعتمادَ على الحسابِ في تحديدِ المواعيد الدينية هو أمرٌ باطلٌ .
وأذكرُ :
1-أنني سألتُ منذ حوالي 30 سنة الدكتور " بشير التركي" الذي له اختصصات متصلة بعلم الفلك والفيزياء النووية عن حركة القمر , فأكد لي بأنها غير مضبوطة نهائيا وأنه لا يمكن التنبؤ بشكل صحيح ومؤكد 100 % بأن الهلال سيظهر في الليلة كذا أو أنه لن يظهر ولو قبل 48 ساعة . ومنه - قال لي – بأن كلا من العلم الصحيح والشرع الحنيف يفرضان على المسلمين الاعتمادَ على طريقة واحدة من أجل معرفة المواعيد الدينية , ألا وهي رؤية الهلال سواء تمت بالعين المجردة أو بالأجهزة . وصدقَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم القائل
" صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ".
2-أنني سمعتُ في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات - عندما كانت الجزائرُ تعتمدُ على الحسابِ وترفضُ العملَ بالهلال – وفي أكثر من عام , بأن عددا من الناس العدول والثقات يرونَ الهلالَ في الليل على اعتبار أن الغد مثلا هو أولُ رمضان فيتصلون بإمام المنطقة أو بمديرية الشؤون الدينية أو بوزارة الشؤون الدينية ليخبروهم بالأمر , ولكن النتيجةَ هو أن السلطةَ تطلعُ علينا بعد العِشاء لتخبرَنا بأن بعدَ الغدِ – وليس الغد - هو أولُ رمضان , اعتمادا على يومية مُـعدة سلفا فيـها المواعيدُ الدينية ل25 سنة ( من 1975 إلى 2000 م ) . بل حدثَ في بعضِ الأحيانِ أن الإمامَ بعد أن يسمعَ شهادةَ الشهودِ على ظهورِ الهلالِ في الليل لا يُـبلِّغُ للسلطاتِ بالأمرِ ولكنه يقدمُ في الغدِ درسا في المسجد , وفيه يسُبُّ الشهودَ ويعتبرهم ضالين ومنحرفين وخارجين على القانون
و"خوانجية " نسبة إلى الإخوان المسلمين (!) , فإنا لله وإنا إليه راجعون. والله وحده أعلم بالصواب , وهو الموفق والهادي لما فيه الخير .
408- مسألتان ومسألة واحدة :
فيما يتعلق بالاعتمادِ على رؤيةِ الهلالِ من أجلِ تحديدِ مواعيد المواسم الدينية أذكر هنا 3 مسائل : اثنتان متفقٌ عليهما بين علماء الإسلام , وأما الثالثة فمختلفٌ فيها .
أما المسألتان المتفق عليهما فهما :
1- لا خلافَ بين علماء الإسلام على أنه لا يجوزُ الاعتماد على الحساب من أجل تحديد مواعيد المواسم الدينية. وإن أردتُ الدقةَ أكثرَ فإنني أقولُ بأن شبهَ إجماع منعقدٌ على أنه يحرمُ على الأمة الإسلامية الاعتمادُ على الحسابِ , وقلتُ " شبه إجماع " على اعتبار أن هناك قولا – ولكنه شاذٌّ في نظر العلماء والفقهاء – يبيحُ الاعتمادَ على الحسابِ . هذا القولُ شاذٌّ والشاذُّ يُحفظُ ولا يُقاسُ عليهِ ولا يُعتمدُ عليهِ . هو شاذٌّ لأنه من جهة مخالفٌ للنصوص الإسلامية الشرعية الواضحة التي تأمرُ بالاعتماد على رؤيةِ الهلال , ولأنه من جهة أخرى مخالفٌ لمقتضياتِ العلمِ الصحيح والواقعِ الصريح اللذين يؤكدان باستمرار على أن الحسابَ ظنٌّ وليس يقينا " وإن الظنَّ لا يغني من الحق شيئا ".
2- بالنسبة للبلدين اللذين لا يشتركان مع بعضهما البعض في جزء من الليل كأن يكون بينهما حوالي 6 ساعات ( أو أكثر ) [ كما هو الحال بين الجزائر ووسط أمريكا مثلا ] , بحيث إن كان في أحدهما ليلٌ فإن النهارَ قد طلعَ في البلدِ الآخر . بالنسبة لبلدين مثل هذين اتفق العلماءُ قديما وحديثا على أن رؤيةَ أحدِهما للهلال ليست ملزمة للبلدِ الآخر , بمعنى أن الفقهاءَ اتفقوا بالنسبة لهذين البلدين على أن لكل بلد رؤيته الخاصة به . وعليه فمن الطبيعي بالنسبة لهذين البلدين أن يصومَ أحدهما مع بداية رمضان في يوم وأن يصومَ البلدُ الآخر في يوم آخر , وكذلك الأمرُ بالنسبة للفطر ولعيد الفطر مع نهاية رمضان . وأما بالنسبة للوقوف بعرفة ولموعد عيد الأضحى فلأنهما شعيرتان مرتبطتان بالحج وبمكة والمدينة فإن اتباعَ السعودية في ذلك يصبحُ – على الأقل عند البعضِ من العلماءِ والفقهاء - أمرا مطلوبا بداهة .
ملاحظة : مع أنني قلتُ قبل قليل " وأما بالنسبة للوقوف بعرفة ولموعد عيد الأضحى فلأنهما شعيرتان مرتبطتان بالحج وبمكة والمدينة فإن اتباعَ السعودية في ذلك يصبح أمرا مطلوبا بداهة " , ومع ذلك فإنني – وللأمانة – أقول بأن هناك من العلماء من لم يُفرِّق بين عيد الفطر وعيد الأضحى . [ القول بأنه إذا رؤي الهلال في بلد لزم جميع البلدان هو مذهب جمهور العلماء ، وقد اختاره الشيخ ابن باز رحمه الله.والقول باعتبار اختلاف المطالع هو الأصح عند الشافعية ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية واختاره من المعاصرين الشيخ ابن عثيمين ].
· قال الشيخ ابن باز رحمه الله بعد أن ذكر اختلاف العلماء في العمل باختلاف المطالع من دخول الشهر وخروجه : " والذي يظهر لي أن اختلافها لا يؤثر ، وأن الواجب هو العمل برؤية الهلال – وهو قول الجمهور -صوماً وإفطاراً وتضحية متى ثبتت رؤيته ثبوتاً شرعياً في أي بلد ما " . ثم قال " وإذا قلنا باعتبار اختلاف المطالع في الحكم أو لم نَقُلْ به ، فالظاهر أن الحكم في رمضان والأضحى سواء ، لا فرق بينهما فيما أعلمه من الشرع " انتهى كلامه رحمه الله ...من مجموع فتاوى ابن باز.
· وفي فتوى للشيخ ابن عثيمين رحمه الله ذَكَر أنه يميل إلى الأخذِ باختلاف المطالعِ , وأنه يرى أن اختلافَ المطالعِ يُعمَل به في عيد الأضحى كما يُعمل به في دخول شهر رمضان وخروجه .وعلى هذا فلا إشكال – في رأيه رحمه الله - في أن عيدَ الأضحى يكون في بلد يوم الجمعة ، ويكون في بلد آخر يوم السبت ، وهكذا ، بناء على تعدد الرؤية واختلافها .
أما المسألةُ المختلفُ عليها أو فيها فمتعلقةٌ بالبلدين اللذين يشتركان مع بعضهما البعض في جزء من الليل كما هو حال أغلبية بلدان العالم العربي وحتى الإسلامي ( مثلا بيننا في الجزائر وبين تونس ساعة واحدة , وبيننا وبين السعودية ساعتان , وبيننا وبين الإمارات العربية المتحدة 3 ساعات , وهكذا فإن أغلب البلدان الإسلامية ليس بينها وبين بعضها البعض أكثر من 3 ساعات ) , بحيث أن الليلَ في بلد هو الليلُ في سائر البلدان الأخرى والنهارَ في بلد هو النهارُ في سائر البلدان الأخرى .أما في هذه المسألة فوقع الخلاف بين الفقهاء قديما وحديثا على قولين :
ا- الأول وهو قول الجمهور الذي ينصُّ على أنه إن رؤي الهلال في بلد واحد وجب على جميع البلاد الأخرى أن تلتزم به , فإن كنا مع بداية رمضان وجب على الجميع الصيامُ وإن كنا مع نهاية رمضان وجب على الجميع الفطرُ والعيدُ . وإن أخذنا بهذا القول وجب – مع نهاية رمضان لهذا العام 1428 هـ - على الجزائر وسوريا وسلطنة عمان ومصر أن تفطرَ يوم الجمعة 12 أكتوبر ( لا السبت 13) بناء على أن هلالَ شوال ظهر ليلة الجمعة في أغلبِ البلدان الإسلامية الأخرى التي تشتركُ مع الدول الأربعة في جزء لا بأس به من الليل. وأكبر فائدة في هذا الذي يقولُ به الجمهورُ هو أن فيه تحقيق الوحدة بين المسلمين أولا من الناحية النفسية والشعورية ثم ثانيا من النواحي الأخرى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتربوية والتعليمية , وفي هذا ما فيه من خير .
ب-الثاني وهو قول له كذلك قيمته واعتباره ومكانته ومنزلته وله أيضا حجته ودليله بغض النظر عن ما هو الرأي الراجح أو المرجوح , وينص على أنه لكل بلد رؤيته . وإن أخذنا بهذا القول لم يجب – مع نهاية رمضان لهذا العام 1428 هـ - على الجزائر وسوريا وسلطنة عمان ومصر أن تفطرَ يوم الجمعة 12 أكتوبر بناء على أن هلالَ شوال ظهر ليلة الجمعة في أغلبِ البلدان الإسلامية الأخرى , وإنما يجوز للدول الأربعة أن تفطرَ وأن تحتفلَ بعيد الفطر يوم السبت 13 أكتوبر : كل بلد بناء على رؤيته الخاصة .
والله وحده أعلم بالصواب.
409- فرق بين القبول والصحة :
حيث لكل عبادة من العبادات كالصلاة مثلا , لها شروط صحة مثل " لا تصح الصلاة إلا مع دخول الوقت , ولا تصح إلا بوضوء , ولا تصح الصلاة إلا بتكبير وتسليم و..." , وهذا أمر نعلمه من أفواه العلماء أو من بطون الكتب . وأما القَـبول ( بفتح القاف لا بضمه ) فعِـلمُ ذلك عند الله وحده , وهو مرتبط عادة بالصواب وكذا بالإخلاص لله وحده . والناس يخطئون عادة حين يسألون " أنا صليتُ بالطريقة كذا , فهل يقبلُ الله مني أم لا ؟ " , والصواب هو أن نسأل " هل تصح صلاتي أم لا ؟ " .
وأما " هل يقبل الله مني ؟ " , فلا أحدَ في الدنيا كلها يستطيع أن يجيب على هذا السؤال .
410- فرق بين المبطلات والمحرمات :
فرق بين مبطلات الصلاة أو الصيام مثلا , أي فرق بين الأشياء التي إذا فعلـتَـها أثناء الصلاة أو الصيام بطلت صلاتك أو صيامك وأصبحت عبادتُـك غير صحيحة , وبين الأشياء أو الأمور المحرم فعلها أو قولها . إن هذه المبطلات قد تكون جائزة من حيث الأصل ومباحة , ولكنها تبطل العبادة . مثلا الضحك حلال , ومع ذلك هو مبطل للصلاة إن وقع فيها , والأكل والشرب حلال من حيث الأصل , ومع ذلك فهما مبطلان للصيام إن وقع أحدهما فيما بين طلوع الفجر وغروب الشمس من يوم الصوم .
وضد ذلك , هو أن الأمر قد يكون من حيث الأصل حراما,ومع ذلك هو لا يبطل العبادة وإن أنقص من أجرها. مثلا النظر إلى وجه أجنبية بشهوة ( بدون خروج ماء ) هو حرام , ومع ذلك حتى ولو وقع من الشخص أثناء صلاته فإن صلاته صحيحة فقهيا بإذن الله . والسرقة حرام بلا خلاف , ومع ذلك إن وقعت من الصائم فإن صيامه صحيح حتى وإن نقص أجره ( وقال قلة من العلماء بأن المعاصي تبطل الصيام , وهو قول مخالف لقول الجمهور ) . وهكذا ...
والكثير من الناس لا يفرقون بين المحرمات والمبطلات , وهم لذلك يتصورون بأن كل حرام يُـبطل العبادة , وهذا غير صحيح .
والله أعلم بالصواب , وهو وحده الموفق والهادي لما فيه الخير .
411- صور قراءة القرآن الكريم وحكم كل صورة :
قراءة القرآن الكريم جماعة لها أربع صور :
الأولى : أن يقرأ الواحد والباقون يستمعون إليه . وهذه جائزة وغير مكروهة بلا خلاف بين عالمين إثنين . قال بن تيمية رحمه الله تعالى " وأما قراءة واحد والباقون يستمعون له , فلا يكره بلا خلاف , وهي مستحبة . وهي التي كان الصحابة يفعلونها كأبي موسى الأشعري وغيره ".
الثانية : أن يقرأ قارئ ثم يقطع , ثم يعيد غيره ما قرأ الأول , وذلك من أجل مدارسة القرآن . وهذه الصورة مستحبة باتفاق الفقهاء , لأن جبريل كان يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن برمضان , وكان يعرض كل واحد منهما القرآن على الآخر . وحتى لو كان القارئ واحدا والمعيد هو باستمرار الثاني , فإن القراءة تبقى مستحبة غير مكروهة بإذن الله تعالى .
الثالثة : أن يقرأ قارئ ثم يقطع , ثم يقرأ غيره بما بعد قراءة الأول ولا يعيد قراءة الأول. وتسمى قراءة الإدارة . وهذه القراءة ذهب جمهور الفقهاء إلى أنها حسنة ولا تكره , وذهب الحنابلة إلى كراهة تلك الصورة . قال بن تيمية
" وقراءة الإدارة حسنة عند أكثر العلماء ". وقد سئل مالك رضي الله عنه عن ذلك فقال " لا بأس به " . وقال آخرون " إذا اتفق الحنابلة مع الجمهور على استحباب الصورة الثانية فلا معنى لكراهة الصورة الثالثة , إذ لا فرق بين أن يعيد القارئ ما قرأ الأول أو يبدأ الثاني في القراءة من حيث انتهى الأول".
الرابعة : أن يقرأ الكل مجتمعين بصوت واحد .
مذهب الحنابلة والشافعية استحباب ذلك , وهو القول الثاني عند الأحناف . وقال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى " قراءة الإدارة حسنة عند أكثر العلماء , ومن قراءة الإدارة قراءتهم مجتمعين بصوت واحد , وللمالكية قولان في كراهتها ". وعلى القول بكراهة مالك لهذه الصورة ورد عنه قوله رحمه الله " وهذا لم يكن من عمل الناس " . والقول بكراهة هذه الصورة هو المعتمد عند الحنفية .
وفي كل الأحوال فإن الأولى أن يقرأ واحد ويستمع الآخرون أو الباقون .
412- المنافع والمصالح المترتبة عن قراءة القرآن جماعة :
هذه القراءة الجماعية بصوت واحد , إن تمت من أجل الحفظ أو مراجعة الحفظ ( لا من أجل التلاوة التعبدية ) , فيها جملة فوائد يمكن أن نذكر منها :
1- تعهد القرآن الكريم ، فهي تساعد على حفظه وضبطه ومراجعته وعدم نسيانه ، وهي بذلك تحقق الاستجابة للأمر النبوي الوارد فيما رواه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " تعــاهدوا القرآن ، فو الذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عُقُلها " مسلم.
وقد حمل بعض المفسرين قوله تعالى" ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى " على نسيان القرآن بعد حفظه.
إذن من فوائد هذه القراءة الجماعية التعاون على الحفظ أو المراجعة لأن المسلم الواحد لمفرده يمكن أن يضعف , ولكنه بإخوانه يتقوى . 2- ومن فوائدها تسميع كتاب الله تعالى لمن يريد سماعه من عوام المسلمين ، إذ لا يقدر العامي على تلاوته فيجد بذلك سبيلا إلى سماعه ، ثم إن كثيرين حفظوا القرآن من خلال مواظبتهم على الحزب مع الجماعة . 3- ومن حسناتها التماس الفضل المذكور في حديث " ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده " ، فقد استفيد منه أن كل قوم اجتمعوا لما ذُكر حصل لهم الأجر من غير اشتراط وصف خاص فيهم من علم أو صلاح أو زهد . 4- ومن إيجابياتها أن ينتبه المسلم إلى مواضع الخلل في حفظه للقرآن بطريقة من الصعب أن ينتبه إليها لو كان يحفظ القرآن أو يراجعه لوحده .
وبالجملة فإن أدلة المانعين لقراءة القرآن جماعة هنا في الجزائر , لا تخرج عن أمرين اثنين : أقوى ما يستدل به المانعون هو أن الاجتماع لقراءة القرآن بدعةٌ ، إذ لم يثبت على زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه . ويستدلون لذلك بأدلة منها:
ما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من أحدث في ديننا ما ليس منه فهو ردٌّ " . متفق عليه . ومقتضى هذا الاستدلال أن قراءة القرآن الكريم جماعة على الطريقة المعهودة محدثة وهي من الابتداع المنهي عنه .
والتحقيق العلمي ينتهي إلى أن البدعة المنهي عنها في دين الله عزّ وجلّ لها شرطان: الأول : أن تكون حادثة لم تكن في الصدر الأول . والثاني : أن تناقض أصلاً من أصول الإسلام قرآنًا أو حديثًا نبويًّا شريفًا أو إجماعاً .فإذا اجتمع الشرطان كان الأمر المحدَث هو البدعة الضلالة الذي يُحمل عليه حديث " كل بدعة ضلالة ".أما إذا لم يجتمع الشرطان فإما أن يكون الأمر غير محدث أصلا بل كان موجودا في الصدر الأول فلا يكون بدعة ، أو أن يكون محدثا ولكنه لا يناقض أصلا من كتاب أو سنة أو إجماع فلا يكون حينئذ بدعة أيضا.وإن أطلق اسم البدعة عليه فإنما هو إطلاق بالمعنى اللغوي لا بالمعنى الديني الاصطلاحي والشرعي.فالأمر المحدث إن كان حسنا فمقبول وإن كان قبيحا فممنوع ؛ والقبيح ما ناقض أصلا من أصول الشريعة ، والحسن ما وافقها.
والقاعدة في كل أمر محدث قبل أن نصدر حكم الله فيه ، أن نعرضه على أدلة الكتاب والسنة والإجماع ، فيكون حكمه ما نصت عليه هذه الأدلة بغضِّ النظر عن كونه محدثا أو غير محدث. قال شهاب الدين القرافي " البدعة إذا عَرضت تُعْرض على قواعد الشريعة وأدلتها ، فأي شيء تناولها من الأدلة والقواعد ألحقت به ".وربّ تصرف محدث يصحّ إطلاق اسم البدعة عليه في اللغة ، ولكنه في ميزان الشرع سنّةٌ أو واجبٌ. قال بن الأثير " البدعة بدعتان بدعة هُدًى وبدعة ضلال ، فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو في حِيِّز الذم والإنكار ، وما كان واقعًا تحت عموم ما ندب الله إليه وحضّ عليه الله أو رسوله فهو في حيِّز المدح ، وما لم يكن له مثال موجود كنوع من الجود والسخاء وفعل المعروف ، فهو من الأفعال المحمودة ، ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل له في ذلك ثوابًا فقال " مَنْ سَنَّ سُنّة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها ".وعلى هذا فهل قراءة القرآن الكريم جماعة على طريقة الحزب الراتب والسائدة في الجزائر بدعة ؟ هل شرطا البدعة والضلالة متوفران فيها : ا- أمّا أنها محدثة ، فلا يناقش في ذلك أحد ، فهي طريقة لم تكن على زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولذلك قال عنها الإمام مالك رضي الله عنه " لا أعرفه عن السلف ". ب- وأما أنها تناقض نصا في كتاب الله تعالى أو سنة النبي صلى الله عليه وسلم فالعكس هو الصحيح : فقد استند من اعتمد على القراءة الجماعية للقرآن الكريم على طريقة " الحزب الراتب" إلى أدلة من النقل والعقل , منها : * الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده " . ** ومنها ما ثبت عن معاوية رضي الله عنه قال "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على حلقة من أصحابه فقال : ما أجلسكم ؟ قالوا : جلسنا نذكر الله تعالى ونحمده على ما هدانا للإسلام ومنّ به علينا ، قال : آلله ما أجلسكم إلا ذاك ؟ أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم ولكنه أتاني جبريل فأخبرني أن الله تعالى يباهي بكم الملائكة "
رواه مسلم. *** ومنها ما روي عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه " كان يدرس القرآن معه نفر يقرؤون جميعا ". **** ومنها استحسان العلماء الذين عليهم المدار في الفتوى لهذه الطريقة . فقد نقل الإمام أبو العباس الونشريسي أنه شوهد الإمام ابن عرفة رحمه الله يجمع الثلاثة والأربعة في حزب واحد للتجويد ، وشوهد أبو الحسن البطرني يجمع الثلاثة في القراءة ". ***** ومنها أن القراءة بهذه الكيفية المعهودة عادة حسنة لا تخالف الشرع ، والعادة الحسنة إذا لم تخالف الشرع ولم تناقض أصلا من أصوله فلها اعتبارها ، ولهذا قال العلماء " الثابت بالعرف كالثابت بالنص ".فهذه الكيفية مما جرى به العمل ، ولا يصحّ تغيير هذا العمل إلا إذا صادم وناقض أدلة الشريعة الصريحة. يشهد على ذلك تصريح الجمّ الغفير من العلماء الأعلام ، من ذلك : ا- قول عيسى السكتاني " فإذا اتّضح لك توجيه ما جرى به العمل لزم إجراء الأحكام عليه لأن مخالفة ما جرى به العمل فتنة وفساد كبير".
ب- قول أبي إسحاق الشاطبي " والأَولى عندي في كل نازلة يكون فيها لعلماء المذهب قولان ، فيعمل الناس فيها على موافقة أحدهما ، وإن كان مرجوحا في النظر ، أن لا يعرض لهم ، وأن يجروا على أنهم قلّدوه في الزمان الأول وجرى به العمل ، فإنهم إن حملوا على غير ذلك كان في ذلك تشويش للعامة وفتح لأبواب الخصام
جـ- وقول ابن عبد البر " إذا رأيت الرجل يعمل بالعمل الذي اختلف فيه وأنت ترى غيره فلا تنهه ". د - وقول أبي العباس الونشريسي " والاستشهاد بعمل أهل البلد ببعض الأقوال الفقهية دون بعض أمر معروف شهير عند الخاص والعام لا يجهله من له بالطلب أقلّ تلبس ". وغير هذه النصوص كثيرة في المذهب المالكي وفي غيره من مذاهب الأمصار ، وتستند كلها على أدلة من نصوص الكتاب العزيز والسنة النبوية الشريفة . وهي تدل في مجموعها أن ما جرى به العمل في الأمصار له سلطان ولو كان مرجوحا شرط ألا يصادم ويناقض أصلا من أصول الشريعة .وما قراءة القرآن الكريم على هذه الطريقة المعهودة إلا عمل جارٍ منذ قرون بهذه الديار ، ففيم النزاع ؟ ****** ومن أدلتهم أيضا أن هذه الطريقة فيها منافع جمّة ، ومصالح لا تعدّ إذا أحسن القارئ القراءة وتأدب بآدابها ، واحترم الوقوف ، وأحكام الترتيل ، ومخارج الحروف . وإن كان هناك ناس يقرأون القرآن جماعة ولا يقفون عند الحدود الشرعية للقراءة فإن آخرين يقرأونه جماعة ويلتزمون بحدوده إلى حد كبير , ومنه فلا يجوز التعميم أبدا . والعمل إذا تضافر عليه أهل الأمصار والأعصار ، ولم يرد من الشرع ما يمنعه أو يقرُّه ، فهو من المصالح المرسلة التي تأكدت فيها المصلحة .وبالجملة فإن الذين أحدثوا طريقة " الحزب الراتب " لحفظ القرآن الكريم واستدامة استحضاره لم يبتدعوا البدعة الضلالة التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بل أحدثوا طريقة علمية تربوية في الحفظ والاستحضار مثلما أحدث عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما طرقا في حفظ الدين .
ولقد نشأ عن هذا الاختيار نظام ديني اجتماعي يعتبر الخروج عنه فتنة وفسادا كبير . ومنه فالذي لا يريد أن يقرأ القرآن جماعة له ذلك وهو حر في اختياره ونيته بإذن الله طيبة , وله إن شاء الله عليها أجر . ولكن الذي يقرأ القرآن جماعة مع تجنب سيئات هذه القراءة أو التقليل منها لا يجوز لومه كذلك ولا الإنكار عليه ولا اتهامه بأنه مبتدع أو اتهامه في نيته , وله على فعله أجر بإذن الله فضلا عن الفوائد الدنيوية والأخروية التي يكسبها بالمداومة على هذا الحزب الراتب لمدة طويلة .ثم : قال ابن لبّ " أما قراءة الحزب في الجماعة على العادة فلم يكرهه أحد إلا مالك على عادته في إيثار الاتباع ، وجمهور العلماء المالكية على جوازه واستحبابه , وقد تمسكوا في ذلك بالحديث الصحيح .وبعض العلماء حملوا المنع على المعلم يغرر في تعليم تلامذته قراءة القرآن ، فإنهم إن قرأوا جماعة لا يعرف الحافظ منهم من غير الحافظ ؛ وبالتالي فإنه لا يفي بحقهم في التعلم في مقابل الأجر الذي يتقاضاه . فسّر ذلك القابسي عندما سئل فأجاب " إن اجتماعهم على القراءة بحضرته يخفي عليه القوي الحفظ من ضعيفه ". فإذا زالت علة الغرر زال الحكم بزوالها بإذن الله تعالى .لذلك علّق أبو العباس الونشريسي على اشتهار ذلك عن بعض الأعلام بقوله " لكن إنما يقرؤون لله تعالى ، فلا يدركهم هذا الحكم المذكور ، وهذا بعد تسليم جواز الاجتماع على القراءة وهو مذهب الجمهور ، وتعضده الآثار الصحيحة , أي أنهم لا يتقاضون على تعليمهم أجرا ، فلا يلحقهم حكم الكراهة . أما جواز القراءة الجماعية في غير وجه التعليم المأجور فهو مسلَّم كما ترى. وعلى فرض عدم التسليم ، واستصحاب الخلاف ، فقد سبق سوق عبارات الفقهاء الصريحة في أنه " لا إنكار في مورد الخلاف" .ونضيف عليها قول أبي عبد الله السجلماسي " وإذا كان القول المعمول به راجحا بالعمل ، لم يجز للقاضي ولا المفتي العدول عنه إلى غيره ، وإن كان مشهورا ". وقول القاضي المجاصي " وخروج القاضي عن عمل بلده ريبة قادحة ، لكن يقتصر من العمل على ما ثبت ، ويسلك المشهور فيما سواه ". وخلاصة القول أن شروط البدعة غير متوفرة في قراءة القرآن جماعة على طريقة " الحزب الراتب ", بل إنّ الأدلة التي استند إليها معتمدو هذا المنهج من القوة والتنوّع بحيث تنفي كل ريب أو شك في مشروعية الطريقة بإذن الله. إن أقلّ ما يمكن أن يقال : إنّ قراءة القرآن جماعة بصوت واحد جائزة إن لم تكن مندوبة ومستحبة ، وذلك إذا كانت القراءة صحيحة خالية من اللحن ومن الكبر والرياء ، بحيث يراد منها الحفظ والضبط والمراجعة ، ولا يعتقد فاعل ذلك أنه يقدم على مكروه تقليدا لمالك ، بل يعتقد معنى الحديث النبوي الشريف المتقدم وتقليد من يستحب ذلك ويستحسنه والله أعلم بالصواب .أما هجر هذه الطريقة ومنعها حتى أمسى بعض الأئمة يؤمون التراويح من المصاحف ، وآخرون يلحنون في القراءة ، ولا يكادون يحفظون من كلام الله إلا قليلا ، بل يعجزون عن الاستشهاد بآي القرآن فخطير خطورة هجر القرآن ذاته. وإننا نحذر هؤلاء من مثل هذا الغلو ، فإن نسيان القرآن فيه وعيد شديد محتمل . ألم يقل عليه الصلاة والسلام "إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب ".
413- من سيئات قراءة القرآن الكريم جماعة :
قراءة القرآن الكريم بصوت واحد وجماعة جائز كما قلنا , إذا لم يتضمن محظوراً أو ممنوعا أو حراما , ومن المحظور :
1- أن يحصل به تشويش على من حولهم , فيمنع عن ذلك ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه وهم يصلون ويجهرون بالقراءة فقال صلى الله عليه وسلم " كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض في القرآن ". 2-ومنها أيضاً أي من المحاذير أن يتخذ هذا على سبيل الطرب وهز الظهور وتحريك البطون ، وما أشبه ذلك مما يفعله بعض الناس كأصحاب الطرق الصوفية المنحرفة , فهذا أيضاً يمنع أي مسلم منه , وهو حرام بكل تأكيد .
3- ومنها أيضاً أن يحصل به إعراض عن تلاوة الإنسان لنفسه بسبب أنه تعود على هذه الطريقة . تعود عليها إلى درجة أصبح معها لا يستطيع أن يقرأ القرآن لنفسه تلاوة تعبدية بينه وبين نفسه أو بينه وبين الله وحده يراعي فيها الخشوع والإخلاص وتطبيق المدود وأحكام الترتيل والتدبر و ... فإن هذا كذلك محظور ويجب تجنبه . ومنه فإننا نقول ونؤكد على أن قراءة القرآن الكريم جماعة لا يجوز أبدا أن تكون بديلا عن التلاوة التعبدية اليومية التي يلتزم بها كل مسلم بينه وبين نفسه من خلال نصف حزب أو حزب أو حزبين أو ... يقرأه في كل يوم بعيدا عن الآخرين .
4- ومنها ترك الاستماع والإنصات عندما يقرأ الجميع بصوت واحد , وكذا لزوم تخليط بعضهم على بعض .
لهذه الأسباب وغيرها مما يشبهها أو للبعض فقط من هذه الأسباب كره مالك رضي الله عنه وغيره قراءة القرآن الكريم جماعة .
فإذا سلمت قراءة القرآن جماعة من هذه المحاذير فلا بأس بها ، وإذا كان الرجل إذا قرأ وحده صار أقرب إلى استحضاره وإلى تدبره كان ذلك أولى له عندئذ من القراءة الجماعية .
414- فتوى العلامة ابن عثيمين رحمه الله رحمة واسعة وفقه بعض المالكية :
1- قال بن عثيمين رحمه الله " الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه ... إذا كان المقصود أنهم يقرءون جميعا بصوت واحد ومواقف ومقاطع واحدة فهذا غير مشروع وأقل أحواله الكراهة ؛ لأنه لم يؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة رضي الله عنهم . لكن إذا كان ذلك من أجل التعليم فنرجو أن يكون ذلك لا بأس به ... وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ".
وبعض المالكية حاولوا أن يجمعوا بين القول بالكراهة والقول بالاستحباب , بالتفريق بين :
ا - التلاوة التعبدية التي يلتزم بها المسلم عادة بشكل ورد يومي واستجابة لأمر الله " اتل ما أوحي إليك من كتاب ربك " , " ورتل القرآن ترتيلا " , حيث قالوا بأن القراءة الجماعية للقرآن وبصوت واحد من أجل هذه التلاوة التعبدية , تعتبر بدعة مكروهة لأنها مخالفة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والسلف الصالح .
ب- وأما القراءة الجماعية فيما بين جماعة يقرأون القرآن , من أجل التعليم كما قال بن عثيمين أو من أجل تهيئة أنفسهم لحفظ القرآن أو من أجل مراجعة ما يحفظون كما هو حال الكثيرين ممن تعودوا على الحزب الراتب في مساجد المغرب العربي منذ أكثر من 1000 سنة , فهي جائزة ومستحبة . وحتى إن اعتبرت بدعة فإنها تصبح بدعة حسنة بإذن الله تعالى . هذا مع الحرص بطبيعة الحال على التقليل من سيئاتها ما استطعنا إلى ذلك سبيلا .
والله أعلى وهو وحده أعلم بالصواب .
415- مطلوب منا القول الحسن حتى مع الكفار :
وللتوضيح أقول :
ا- أما في ساحة المعركة بين المؤمنين والكفار , فالشدة هي المطلوبة ( ولو بشروط ) , والكذب جائز , والحرب خدعة , وهكذا ...
ب- وأما في التعامل اليومي فيما بيننا وبين الكفار الذين يعيشون معنا أو حولنا , وكذا ونحن ندعو الكفار إلى دين الله تعالى , فالمطلوب منا اللين والرفق والتيسير والتبشير , وكذا القول الحسن , والله أعلم .
وفي الحياة اليومية نجد أنفسنا أحيانا أمام عبارتين الفرق بسيط جدا بينهما من حيث الشكل والمظهر , ولكن الفرق كبير بينهما من حيث الحقيقة والجوهر . والمطلوب من المؤمن أن يهتم بالحقيقة أكثر من اهتمامه بالشكل , وبالجوهر أكثر من اهتمامه بالمظهر .
في يوم من الأيام كنت جالسا مع بعض الأساتذة في " نادي " الثانوية التي أدرسُ فيها , نتجاذبُ أطراف الحديث.
وفي لحظة من اللحظات تذكرت أن عندي شغلا معينا ينتظرني . إستأذنتُ ممن كان معي من الأساتذة وقمتُ من المجلس وخطوتُ بضعَ خطوات في اتجاه باب " النادي ". عندئذ التقيتُ بأستاذ آخر داخل قال لي " عندما رأيتَـني داخلا هممتَ أنتَ بالخروج !" , قلت له " لا ! ليس هذا هو ما حدثَ , وإنما الذي حدثَ هو أنه عندما هممتُ أنا بالخروجِ دخلتَ أنت ". ابتسم الجميعُ وقال الأساتذة للداخل " الفرق شاسعٌ بين ما قال لك الأستاذ رميته وما قلتَه أنت له ".
نسأل الله التوفيق والسداد , والحمد لله رب العالمين .
416- ما هي الخواص المشتركة بين الأمراض النفسية والأمراض الراجعة إلى السحر أو العين أو الجن ؟ :
أنا أؤكد باستمرار وفي أكثر من مناسبة على جملة خواص مشتركة منها إثنتين مهمتان :
ا- إن أعراض السحر والعين والجن تتداخل إلى حد ما مع أعراض الأمراض النفسية .
ب- تشخيص هذه الأمراض وتلك يغلب عليه الظن لا اليقين .
هذا مع ملاحظة أن السحر والعين والجن أغلبه يكون لأسباب خفية أكثر منها ظاهرة , بخلاف الأمراض النفسية فإن أكثريتها له أسباب ظاهرة أكثر منها خفية .
ومثال بسيط على هذا الفرق : رجل أصبح بين عشية وضحاها يكره زوجته بدون أي سبب ظاهر. إنك تجده يقول لك : " والله ما رأيتُ وما سمعتُ منها إلا الخير , لكنني أصبحت أنفر منها ولا أرتاح إلا إذا كنت بعيدا عنها!". إن هذا الرجل يمكن جدا أن يكون مسحورا ويحتاج إلى رقية والطبيب لن ينفعه بشيء . أما المرأة التي رأت رجلا يعتدي جنسيا على طفلة صغيرة ذات 8 سنوات ثم تقدم للزواج منها رجال ورجال فرفضت وأصرت على الرفض على اعتبار أنها كرهت الرجال والزواج . إن هذه المرأة ينفعها بإذن الله طبيب أو خبير نفساني أما الرقية فأظن أنها لن تنفعها في شيء .
والله أعلم بالصواب , وهو وحده الشافي من كل داء .
417 – غير متفقين ولذلك هم يبحثون عن رقية :
رجل عمره 65 سنة ماتت زوجته ثم تزوج بامرأة أخرى , وهي تعيش معه إلى اليوم . لديه أولاد متزوجون ومتزوجات . هو يشتكي من أنهم لا يتفقون مع بعضهم البعض وكذا لا يتفقون معه هو. والرجل قلق جدا من أكثر من سنة ويريد الآن رقية للعائلة ككل حتى تصبح العلاقة طيبة بين أفرادها . هل يمكن ذلك أم لا, مع العلم أن الرجل يريد للمشكل حلا بدون اجتماع أفراد العائلة لأنهم لا يريدون أن يجتمعوا بطبيب ولا براق ؟.
ج : هذا الرجل يطلب سرابا . يجب أن ينتبه الرجل ومن يعاني من مثل ما يعاني منه هو إلى جملة حقائق أساسية :
الأولى : قلقه مرتبط بسبب ولن يتخلص من القلق إلا بالتخلص من السبب .
الثانية : الرقية لا تشرع من أجل نشر المحبة بين الناس , ولكنها تشرع مثلا من أجل التخلص من بغض ( أو كراهية ) جاء نتيجة لسحر أو عين أو جن .
الثالثة: وحتى على فرض أن أولاد الرجل وبناته بهم عين أو سحر أو جن , فإن المطلوب الجلوس معهم والتحدث إليهم قبل أن يرقيهم الراقي .
وكما أنه لا يُقبل منا أن نترك المريض في الدار ونطلب من الطبيب في العيادة أن يعطينا وصفة نستعين بها على شراء الدواء للمريض , فكذلك لا يقبل منا أن نترك المريض هنا وهناك ونطلب من الراقي أن يرقيه بدون أن يراه ويستمع إليه وينصحه ويوجهه ويقرأ عليه القرآن .
والمطلوب هنا أن يُجمع أفراد الأسرة بطريقة أو بأخرى ويجلس معهم من يجلس معهم ليسمع منهم . فإذا كان سبب الخلاف معروفا ( وهو الغالب ) فالمشكلة عندئذ تحل عن طريق النصيحة والتوجيه والصبر وطول البال , ولا تعالج أبدا عن طريق الرقية . أما إذا فرضنا بأن كل أفراد الأسرة أكدوا بأنهم يكرهون بعضهم البعض بدون أدنى سبب ظاهر ( وقلما يكون الأمر كذلك ) , فعندئذ يمكن أن يتدخل الراقي لحل المشكلة بإذن الله برقية لكل فرد أو برقية للبيت .
418- هل صحيح أن من علامات المصاب بجن أو بسحر أن لا يستطيع التحديق في عين الراقي طويلا ربما بسبب خوف الجن من الراقي ؟:
ج : إن هذا الكلام فيه من الظن ما فيه كالجزء الأكبر من كلام الكثير من رقاة اليوم . نعم لقد ذكر كتاب " دليل المعالجين " بأن بريقا زائداً وملحوظا يُرى في عيني المسحور , وأنه غالبا ما تجد المريض لا يستطيع تركيز النظر في عين الراقي وقت الرقية ولكنة يميل بالنظر إلى أعلى وإلى أسفل . وقال غيره بأن تلك الصفات تنطبق في الغالب على من به سحر مأكول أو مشروب . وأظن أن هذه العلامة قد تظهر على عيني المصاب وقد لا تظهر , كما أن المريض قد تكون إصابته نفسية أو عضوية ( وليس به سحر أو عين أو جن ) ومع ذلك هو لا يستطيع أن يحدق في عيني الراقي لسبب أو آخر . وأنا بالمناسبة أنصح نفسي وأنصح إخواني الرقاة أن لا يجزموا بشيء إلا بناء على دليل أو يقين , وأن لا يحولوا الظن أو الشك أو الوهم إلى يقين . إن هذا مما ينفر الناس أو بعضهم من الرقية والرقاة بل حتى من الإسلام , فلننتبه جميعا ولنحذر .
419 - إذا لم يستطع الشخص النوم مع كثرة ما حاول , هل الإلحاح في المحاولة أفضل أم التخلي مؤقتا أفضل ؟ :
إذا لم تنفع المحاولات المتكررة فالأفضل للمرء أن يترك الفراش ويذهب إلى مكان آخر لممارسة نشاط معين نافع , وكذا لقضاء الوقت فيما ينفع من أمور الدين والدنيا كرياضة خفيفة أو مطالعة نافعة أو قراءة قرآن أو ذكر لله أو دعاء أو أكل بسيط أو تفرج مفيد على التلفزيون أو قيام ليل أو اغتسال أو ...
وعليه أن يتجنب الإلحاح في طلب النوم لأن الإلحاح قد يؤدي إلى نتائج عكسية .
والله أعلم بالصواب .420- بين حالك في المنتديات وحالك في الحقيقة والواقع :
قالت أخت من الأخوات في يوم من الأيام " بغض النظر عن الهدف الأساسي لدخول المنتديات , كان لابد أن يؤثر التعامل مع الأعضاء سلبا أو إيجابا في نفسية العضو . وأحد تلك التأثيرات هي ظهور العضو بشخصيه تختلف عن شخصيته الأساسية , بمعنى آخر يمكن للعضو أن يكتسب مع الوقت نفاقا اجتماعيا يمكنه من التعامل مع بقية الأعضاء بلباقه وبلطف تُـكسبه محبتَـهم واحترامهم وتقديرهم مع أنه في حقيقة الأمر وخارج المنتديات هو شخصٌ آخر مختلفٌ تماما . وقد تستغربون لماذا أطلقُ عليه نفاقا إجتماعيا , ولماذا لا يكون نفاقاً إجتماعياً وأنت تجد العضو لبقاً عذب الألفاظ يتعامل بكل الود والإحترام مع الأعضاء , بينما تجده سييء الخلق بذيء الألفاظ مع أهل بيته وأصدقائه وكل من حوله .ترى ما الداعي لأن ينسلخ الإنسان من شخصيته كليـا بالمنتدى ليظهر بمظهر لائق محبب للنفس ؟.
ألم يدرك و لو لمرة واحدة تأثير حسن أخلاقه وعذوبة ألفاظه مع الأعضاء على نفسيته , فيعمل على تهذيب نفسه خارج نطاق الشاشة ؟!.هل يلجأ العضو للنفاق الإجتماعي بالمنتدى ليشعره بالسعادة ولو كانت مؤقتة وكاذبة ؟ ولماذا لا يدرك أسباب تلك السعادة فيعمل على تطبيقها بحياته الواقعية والعملية ؟لماذا لا يكون لتعاملنا بالمنتدى تأثير حسن إيجابي على تصرفاتنا في حياتنا اليومية مع الناس كل الناس ؟لماذا لا نرتقي بتصرفاتنا – خارج المنتديات - إلى أعلى الدرجات لنكسب قلوب من حولنا من البشر كل البشر , لا فقط من خلال شاشة رقمية .أخي العضو هل أنت ممن يزيف حقيقة نفسه ؟هل تظهر على المنتدى وتتعامل مع الأعضاء بشخصية مغايرة تماما لشخصيتك الأصلية ؟هل تؤيد النفاق الإجتماعي بالمنتدى لكسب محبة الأعضاء واحترامهم و تقديرهم ؟وهل تزييفك لحقيقتك هو عبارة عن هروب من واقع أليم أنت تسعى لنسيانه ولو لسويعات قليلة بالمنتدى ؟!".
فعلقتُ على كلمة الأخت وتساؤلاتها بقولي " أختي الكريمة , هذا موضوع مهم جدا , وأسئلتكِ تستحق التوقف عندها طويلا , والظاهرة موجودة بالفعل .ولكنني مع ذلك أجيبك فقط عن سؤال واحد : أنا لا أقـبـل أبدا أن أكون في المنتدى طيبا وأنا في حقيقة الأمر مع من حولي من الناس في حياتي اليومية خبيثا . لا أقبل أن أظهر في المنتدى إلا كما أنا في حقيقة أمري ومع سائر الناس من حولي . هذا الذي أشرتِ أنتِ إليه موجود وله أسبابه المختلفة , ولكنه وبكل تأكيد ظاهرة سلبية وسيئة . وحتى ولو كانت مرضا فإنني أظن وأعتقد أن الشخص مسؤول عنها ويحاسبه الله عليها مهما كانت الأسباب والدوافع والنيات , والله أعلم " .

ليست هناك تعليقات: