السبت، 3 يوليو 2010

من 221 إلى 250

بسم الله
عبد الحميد رميته , الجزائر
221- التخلي عن الحجاب لصالح الدعوة ! :
هل يجوز للمرأة أن تتخلى عن الحجاب حتى لا تلفت الانتباه إليها , ولا يقال عنها بأنها " متزمتة " , ويرضى الناس عنها , وتتمكن من دعوة غيرها إلى الدين بكل سهولة ؟.
ج : يمكن أن تتنازل المرأة عن أشياء معينة ( فيها خلاف في الدين ) .. من أجل كل ما ذكر في السؤال , ولكن لا يجوز لها أبدا من أجل ذلك كذلك أن تفعل ما هو محرم باتفاق مهما كانت نيتها حسنة . إن على الأخت المسلمة السائلة أن تعلم :
ا- بأن الله تعبدنا بالوسائل كما تعبدنا بالغايات , ومنه فالغاية النبيلة يجب أن نصل إليها بالأسلوب النظيف لا المتسخ وبالطاعة لا بالمعصية وبالمعروف لا بالمنكر .
ب- كما أن عليها أن تعلم بأن إرضاء الناس غاية لا تدرك وأن رضا الله هي الغاية التي يمكن أن يدركها كل من طلبها : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كلكم يدخل الجنة إلا من أبى … من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى ".
جـ- إذا كان المؤمن متزمتا بالفعل , فإن تزمته بالفعل قد يُنفِّر الناس من الدين . أما المسلمة المعتدلة مثلا فإذا نفر منها ناس فإنهم ينفرون في الحقيقة ( وغالبا ) من الدين الذي تحملـه هي لا من تشددها , لأنها من الأساس ليست متشددة وإنما هي ملتزمة بأوامر الله وواقفة عند حدوده سبحانه وتعالى.
إن الذي يكره الحجاب يا أُخيَّه هو غالبا يكره الدين في حد ذاته , فتمسكي بدينك وادعي له بالهداية .
د- ثم لنفترض أنك خلعت الحجاب لتكون فرصتك أفضل في الدعوة إلى الإسلام "كما يقول بعض الجاهلون" ثم سألك سائل - وأنت سافرة - عن حكم الإسلام في اللباس الشرعي ، وعن عورة المسلمة بالنسبة للأجنبي عنها , فبماذا ستجيبين ؟! هل ستكذبين أم ستقولين الحقيقة ؟!. وعندما تجيبين بالصدق أو بالكذب ستخسرين احترامه حتما لأنك إذا صدقت تكونين قد أوقعت نفسك في التناقض بين ما تقولين وما تطبقين , وهذه مصيبة. أما إذا كذبتِ فتلك مصيبة أعظم لأنك تصبحين داعية للشيطان وليس للرحمان وما بقيت لك من الدعوة شيء .
222- لماذا يلجأ الأطفال إلى الكذب عادة ؟ :
كثيرا ما يلجأ الأطفال والشباب في حالة انحرافهم إلى تلفيق الأكاذيب كنوع من التوافق النفسي المنحرف,وذلك من أجل تلبية حاجاتهم في القيام بنشاط ممنوع أو غير مسموح به اجتماعيا مع محاولة إيهام الأهل في نفس الوقت بحسن نواياهم وعدم الخروج عن أوامرهم.وعادة ما يكون هذا السلوك شائعا في كل مراحل الطفولة ومرحلة الطفولة الوسطى والطفولة المتأخرة على وجه الخصوص , حيث يعتبر الطفل ما يقوم به من نشاطات وما يقيمه من علاقات من قبيل الأسرار الشخصية والخاصة التي لا يجوز البوح بها أو إفشاؤها حتى لأقرب أفراد أسرته. ويهدف الطفل ( من وراء الكذب ) بشكل أساسي إلى تحاشي العقاب المنتظر الذي يمكن أن يصيبه لو علم الآباء أو الأهل بحقيقة الأمر , كما قد يهدف الطفل من وراء الكذب إلى تحقيق مصلحة ذاتية يصعب تحقيقها في الأحوال العادية التي تنتفي فيها الأكاذيب .
223- " يعاني من مرض نفسي وأنا أبحث له عن رقية " ! :
هذه جملة أسمعها من كثير من المرضى أو من بعض أفراد عائلاتهم .
وأنا أقول :
أولا : بأن تشخيص المرض بأنه حالة نفسية قد يكون صوابا وقد يكون خطأ . فإذا كان التشخيص خطأ ( بمعنى أن المرض ليس نفسيا كما قيل ) فقد تصبح الرقية مطلوبة وقد تكون هي الحل وقد تكون هي الحل الوحيد بإذن الله .
ثانيا : التشخيص إن كان صوابا ( بمعنى أن المرض نفسي بالفعل ) :
ا- فقد أقبلُ أن أرقي المريض إذا كان قد استشار أكثر من طبيب ولم ينفعوا سواء في تشخيص المرض أو في علاجه . ومع ذلك فإنني عندما أرقي هذا المريض أخبـُره أو أخبـُر أهله بأن الذي ينفعه – بإذن الله- بالدرجة الأولى ليس الرقية وإنما السماع منه والحديث معه وتقديم النصائح والتوجيهات المناسبة له من جهة وكذا الجهد الكبير الذي يبذله المريض من أجل العمل بهذه النصائح والتوجيهات من جهة أخرى .
ب- ولكنني لا أقبل – غالبا - أن أرقي المريض إذا لم يستشر أي طبيب وإنما اعتمد على أوهام أو سراب من أجل إقناع نفسه بأن حقيقة الإصابة هي سحر أو عين أو جن بدون أي دليل أو برهان .
وأقول للمريض في هذه الحالة : " إذا عرف السبب بطل العجب ", وما دام المرض نفسيا فلابد إذن من الذهاب عند اختصاصي في الأمراض النفسية لا عند راق شرعي .
224 – الزوجان بين الطمع والطموح :
مما يجب أن يكون معلوما عند الزوجين – كوسيلة من وسائل استقرار حياتهما الزوجية – أن عليهما أن ينظرا إلى مدخول العائلة المادي أولا ثم أن يبنيا على أساسه المستوى المادي للمعيشة التي على الأسرة أن تعيشه , ولا بأس على الزوجين أن يطلبا باستمرار تحسين المدخول بالحلال , وليعلما أن الطموح محمودٌ . أما العكس فلا يمت إلى الحكمة بصلة , أي أن يضعَ الزوجان ( خاصة الزوجة ) في البداية مستوى للمعيشة معينا يريدان أن يعيشاه مع الأولاد , ثم بعد ذلك يعملان الممكن والمستحيل والحلال والحرام من أجل أن يوفرا المدخولَ الذي يساعدهما على أن تعيش العائلة كما يحبَّان.إن هذا ليس طموحا , ولكنه طمعٌ والطمع مذمومٌ دوما . والله أعلم بالصواب .
225- عندما تغضب المرأة :
نجدها ترتاح أكثر إذا نالت – في مقابل ذلك - من زوجها شيئا من الحب بدلا من النصيحة . والرجل يميل غالبا في مواجهة غضب الزوجة إلى أن يلعبَ دور الأب الناصحِ , بينما نجد أن ما تحتاجه المرأة حقيقة هو أن يقوم الرجل معها بدور الأم الحنون . والحقيقة أن المرأة – غالبا - لا تحتاج في غضبها لأكثر من 5 دقائق من الاهتمام بها وإظهار الحب لها ليزول الغضب عنها ، إلا إذا كانت الأزمة التي تتعرض لها خطيرة جدا . ومن طبع أغلب الرجال أنهم يأخذون ما تقوله المرأة حرفيا- حين تغضب - بينما قد لا تعني المرأة نفسَ المعنى ( مثلا عندما تقول : " إني أكاد أجن " ) . وإن كانت المرأة مطلوب منها في المقابل أن تضبط أعصابها فلا تقول إلا ما يليق , وأن تكظم غيظها فلا يصدرُ منها إلا ما يصلُح .
226 – بين غيرة المرأة وحرية الرجل :
المرأة لا تتبرم بالزواج , ولكن الرجل هو الذي يسأمه ويضجر منه . إن الرجل حريص من جهة على زوجته وبيته وأولاده ، ولكنه حريص من جهة أخرى على الحياة العامة . وهذا ما لا تفهمه المرأة في الغالب , ومن هنا تنشأ في قلبها عاطفة الغيرة . فهي تغار من القسط من الحرية الذي يتمتع به زوجها في الخارج ، وتخشى أن تتحول هذه الحرية وتتبدل من حرية بريئة إلى حرية في الاتصال بامرأة أجنبية , وفي هذه الظاهرة تشترك معظم الزوجات مهما كن مثقفات ومتعلمات . ويجب أن نلتمس العذر للمرأة الغيور لأن الرجل المتعلق جدا في العادة بالنساء هو الذي يثير فيها هذه الغيرة ، لكن خطأ المرأة ينحصر في غيرتها المبالغ فيها والتي تنتهي في الكثير من الأحيان إلى عكس المراد منها ، أي إلى فقدان الزوج وزعزعة دعائم الأسرة . والواقع هو أن شيئا من اهتمام الرجل بامرأته ومن إقباله عليها ومن العطف والرعاية والحنان كفيل بأن يلطف من غيرة المرأة ويردها إلى صوابها وأن يضاعف من إحساسها بالاستقرار والأمن ويزيد في تضحياتها ، ويدفعها لمنح زوجها قسطه المنشود من الحرية بلا أدنى اعتراض .
227 - جمال المرأة إلى زوال :
إن المرأة تشعر في الكثير من الأحيان من صميم قلبها أن جمالها مهما كان كبيرا لا يستطيع الاحتفاظ بالرجل , حتى ولو كان زوجَها ولها معه أولاد , وحتى ولو بذلت في سبيل راحته وبيته صفوة جهودها . وهذا الشعور هو الذي يُفسدُ في بعض الأحيان خُلُقَ المرأة ويجعلها شديدة الغيرة كثيرة الوسواس والشكوك , تسرف في التبرج الحلال لزوجها وتبالغ في الاهتمام بمظهرها لتوقعَ زوجها في فخ اللذة التي يهواها والتي هي نقطة ضعفه الأولى في الحياة .
228- العنوسة عند الجامعيات :
لأن الرجال –غالبا- لا يحبون الزواج من مثقفات ثقافة عالية لأنهم يرون أن ذلك قد يتناقض مع قوامة الواحد منهم على المرأة .
- ولأن الطالبة الجامعية لا تفارق مقاعد الدراسة الجامعية إلا بعد ال 25 سنة من عمرها ، وهو سن متأخر نسبيا بالنسبة لتزوج المرأة .
- ولأن الرجل في الكثير من الأحيان يراعي- وهذه نقطة ضعف عنده - في المرأة صغر سنها وصفات خِلقية أو خُلقية معينة فيها أكثر مما يبحثُ عن ثقافتها الواسعة .
هذه أسباب أساسية لانتشار العنوسة عند الجامعيات , تؤدي إلى أن المرأة الجامعية تجد في الكثير من الأحيان فرص الزواج أمامها أقل بكثير مما تجدها من هي أقل منها ثقافة أومن هي مستقرة في بيتها . أنا الآن أتحدث عن ظاهرة موجودة , وما أعطيت فيها رأيا , أو أنا أصف واقعا , ولم أعطِ حكما .
وأذكر هنا على سبيل النكتة طالبة من الطالبات في كلية الطب بالجامعة , كانت تدرس عندي أيام زمان بالثانوية , قالت لي في يوم ما وهي تتحدث عن هذه الظاهرة التي تتمثل في انتشار العنوسة بين الجامعيات وخاصة بين الدرسات في الطب أو الطبيبات حيث تطول الدراسة لأكثر من 7 سنوات , ويمكن أن تستمر حتى إلى ال 11 أو ال 12 سنة تقريبا. قالت لي الطالبة " إذا أرادت طالبةٌ أن تتعرف على أخرى فإنها تقول لها ( أنت متزوجة أم طبيبة ؟!)" , وذلك لأن الطبيبات من الصعب تزوجهن , ولأن عدد العوانس في أوساط الطبيبات أكبر من عددهن عند فئات أخرى . وتحكي لي طبيبة من الطبيبات- مسئولة في المستشفي بمدينة ... وهي متأسفة " هذه يا أستاذ أمامك قائمة لحوالي 100 طبيبة تعملن هنا على مستوى ولاية ..., وسن كل واحدة منهن تجاوز ال 35 سنة ومع ذلك لم تتزوج منهن إلا حوالي 20 % فقط" .
229- الحب قبل الزواج :

هل لا بد من الحب قبل الزواج ؟. الجواب : ليس شرطا , بل إن الحب الذي يأتي قبل الزواج بالطرق غير المستقيمة ( اختلاط دائم وخلوة غير مشروعة وقبلة ومداعبة و.. ) غالبا ما يكون حبا غير دائم . وأما إذا بني الزواج على أساس من الدين والأمانة والتقوى , فإن الحب إن لم يأت قبل الزواج , فسيأتي بإذن الله بعد الزواج ويكون قويا تزداد قوته مع الأيام , حتى وإن بدأ ضعيفا . وأما حكاية التعارف الذي يطلبه بعض الشباب بين الرجل والمرأة , حتى إذا اطمأن أحدهما إلى الآخر أقبل على الزواج منه , وإلا اتجه إلى وجهة أخرى : ا- إن هذا التعارف من وحي الشيطان لا من وحي الرحمان . ب-وهذا التعارف دخيل علينا نحن المسلمين وليس من شعاراتنا الأصيلة . جـ - والرجل في الحقيقة لن يتـعرف على المرأة كما ينبغي إلا بالسؤال عنها أولا ثم بالزواج منها ثانيا , والمرأة كذلك . ومن ظن أنه بكثرة الاتصال ( قبل الزواج ) سيتـعرف على الآخر فإنه واهم وساذج . د- خلال فترة التعارف كل واحد منهما يكذب على الآخر ويتكلف له حتى يظهر له على أحسن صورة . هـ- وإذا قضى الرجل حاجته ( ... ) - لا قدر الله - من المرأة قبل الزواج منها فيمكن جدا أن يرميها بعد ذلك ويتنصل بسهولة من وعوده لها بالزواج , وتكون عندئذ هي الخاسرة الأولى
( اجتماعيا لا دينيا ) قبل أن يكون هو كذلك خاسرا .
ثم أضيف فأقول : أي الحبـين أعظم بركة وأكثر نفعا وأدوم خيرا : الحب بعد الزواج أم الحب قبل الزواج ؟
والجواب هو : من حيث الواقع خاصة في زماننا هذا , أصبحت أغلب حالات الزواج مبنية على حب سابق أو على شيء يبدو أنه حب . وقد نختلف في أسباب هذه الظاهرة الجديدة وفي كونها ظاهرة صحية أم مرضية , لكنني أعتقد أن من أسبابها الكثيرة التقليد الأعمى للأجنبي الكافر حين تعلمنا منه عن طريق وسائل الإعلام المختلفة خاصة التلفزيون والفيديو والسينما والأنترنت و ... وعن طريق الاحتكاك به , أنه لن يسعد الإنسان بزواجه إلا إذا تعرَّف على شريكة حياته وأحبها قبل الزواج أما إذا تزوج منها بدون معرفة سابقة وبدون حب سابق فإنه سيشقى بزواجه أو على الأقل لن يسعد به !!! . ومن هنا فإنني وإن أكدت على أنه لا مانع شرعا من أن يتعرف الرجل على المرأة ( والعكس ) قبل أن يتزوجا إذا تمت مراعاة شروط شرعية معينة وتم التقيد بقيود معينة وتم التوقف عند حدود معينة وعدم تجاوزها , لكنني مقتنع كذلك بأن التطور وإن حُمِد في بعض الأحيان فإنه ليس محمودا في كلها . نعم إن طريقة أجدادنا وآبائنا في الزواج ليست دائما هي الطريقة المثلى لأن الرجل منهم في كثير من الأحيان كان يتزوج من المرأة بدون أن يعرف عنها شيئا : لا بدنيا وعضويا ولا فكريا وعقليا ولا نفسيا وعصبيا ولا أدبيا وخلقيا ولا …وفي هذا من الجهل والجفاء والبعد عن الدين وروحه ما فيه , لكن طريقة أولاد وأبناء هذا الجيل (جيل ما بعد 1980م مثلا ) في الزواج فيها كذلك من العيوب ما فيها للأسف الشديد , وخير الأمور أوسطها كما يقول ديننا . وأرجع إلى مسألة الحب والزواج لأقول بأنني أعتقد بأن الواقع والإحصائيات في العالم العربي خاصة تؤكد خلال ال 20 سنة الأخيرة على أن الحب بعد الزواج لا قبله أعظم بركة وأطول عمرا وعلى أن حالات الطلاق أكثر في الزواج الذي قيل عنه بأنه بني على الحب حينا وعلى الغرام حينا آخر .
230 - الرجل مهما أعطاه الله , لا بد له أن يتزوج :
حتى تكتمل راحته ويكتمل توازنه النفسي والبدني , و.. وإذا كان الزواج فيه ما فيه من التعب والمشقة , فإن الحياة ليس لها معنى كبير بدونه . ومتاعب الزواج تُكَوِّن الرجالَ والنساءَ في آن واحد , فضلا عن أن السعي على شريك الحياة وعلى الأولاد في مرتبة الجهاد في سبيل الله من حيث الأجر عند الله . وما يقال من أن العزوبة أفضل من الزواج كلام لا دليل عليه من الشرع ولا رصيد له من الواقع . يكفي أن الزواج شرعة رب العالمين وسنة الأنبياء , فيه تواصل النسل والبناء النفسي وإحصان الفرج والتعاون على طاعة الله وتعمير الأرض وتربية الأولاد وتكوين الأجيال المسلمة وفيه ما فيه . وأحبُّ دوما أن أقول للشاب الغير متزوج :" أنت ما زلت طفلا ما دمت لم تتزوج , حتى ولو كان عمركَ 40 سنة ", وكذلك للفتاة التي ما زالت لم تتزوج : " أنتِ ما زلتِ طفلة إلى أن تتزوجي , حتى ولو بلغتِ الأربعين ", وأحب أن أّذَكِّر كذلك بقول الشيخ يوسف القرضاوي أطال الله عمرَه ونفع بعلمه الإسلامَ والمسلمين , في هذا الموضوع : " لا معنى لجنة يعيش فيها الإنسان وحده بدون زوج أو زوجة ". هذا عن الزواج في الجنة , فما بالك بالزواج في الدنيا ؟!.
231- الإسلام بين الاعتقاد والتطبيق :
طالبات في جامعة قسنطينة سألنني عام 1976 م عندما كنتُ في الجامعة وكنت أسكن في حي نحاس نبيل ( بجانب الجامعة الإسلامية ) , حيث كنت أقدم دروسا دينية بين الحين والآخر للطالبات في مسجد الحي المقسم إلى قسمين إثنين : قسم للذكور وقسم للإناث , يفصل بين القسمين ستار كثيف يمنع الرؤية من قسم إلى آخر . سألتني بعض الطالبات في يوم من الأيام " ما الرأي يا شيخ فيما صنعناه منذ أيام مع أخت من الأخوات متحجبة حجابا كاملا , ولكنها تخالط الذكور وتصادقهم وتصافحهم وتقبلهم وتختلي بهم وتفعل معهم المحرمات والمحرمات ... فرضنا عليها بالقوة أن تنزع الحجاب حتى لا تشوه عند الناس صورة الحجاب " , فقلت لهن " هذا حرام بكل تأكيد , ولا خلاف في ذلك بين عالمين . إن الحرام لا يحارب بفعل حرام آخر". إن الزنا ومقدماته حرام ولكن التبرج كذلك حرام , ولا يجوز أبدا أن نطلب العفة بترك الحجاب , ولا أن نطلب الحجاب بالزنا ومقدماته . ومن رحمة الله بنا أن الله يحاسبنا على كل عبادة على حدة , ومنه فإذا صام شخص ولم يصل فله أجر الصيام ولكنه يأثم على ترك الصلاة , حتى وإن كان أجر الصيام أقل .وكذلك من لبست الحجاب وزنت , لها بإذن الله أجر الحجاب وتأثم على الزنا حتى وإن كان أجر حجابها ناقصا . وهكذا فكل عبادة مستقلة عن الأخرى , وهذا من رحمة الله بنا نحن المسلمين المؤمنين . ا - أما من ناحية الاعتقاد فإما أن نؤمن بالإسلام كله وإلا فنحن كفار , أي أن من لم يؤمن ولو بأصل من أصول الدين يعتبر كافرا لأن الإسلام من حيث الاعتقاد لا يتجزأ أبدا " خذوا الإسلام جملة أو دعوه " . ومنه فمثلا من لم يؤمن بنبوة سيدنا محمد فهو كافر وإن آمن بكل شيء آخر , ومن اعتقد بأن القرآن محرف هو كافر وإن اعتقد بكل شيء آخر , ومن اعتقد بأن الحجاب ليس فرضا على المرأة فهو كافر وإن سلم بكل شيء آخر , وهكذا ... ب - وأما من حيث التطبيق , فالله يحاسب على كل عبادة على حدة , وهذا من تمام رحمة الله بنا . وأما لو أن الله طلب منا أن نطبق الإسلام جملة وإلا كنا كفارا فإننا سنهلك جميعا لأنه لا أحد يطبق الإسلام كاملا ( من غير الأنبياء ) , و" كل بن آدم خطاء , وخير الخطائين التوابون" و" ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم , وما نهيتكم عنه فانتهوا . "
232 - ماذا عن تعلق المرأة بالعطف والحنان ؟ :
إن الرسول محمدا أوصى بالنساء خيراً وحث على حسن معاملتهن "رفقاً بالقوارير" , وكان الرسول محمد كذلك خير وأروع مثال للاهتمام ورعاية زوجاته .
ويعامل الرجل المرأة عادة على أنها رجل مثله , لكن المرأة لا تأخذ الأمور كما يأخذها الرجل , إذ أنه يهتم بأساسيات المشكلة لكن المرأة تهتم بالتفاصيل وتعطيها أهمية أكبر من لب الموضوع . إن المرأة لا تريد التعامل بالمنطق دائماً ولا تريد أن تحاسب بدقة على كل كلمة تتـفوه بها.
إنها تريد أن يتغاضى الرجل عن تقلبات مزاجها ، وألا يغضب من دلالها عليه ومن بعض متطلباتها غير المهمة بالنسبة له . إن هوية المرأة وثقتها بنفسها تعتمد كثيراً على مقدار تقدير الآخرين لها سواء كزوجة أو كأم .
نعم ! من المؤكد أن هذا الكلام لا ينطبق على كل الرجال أو على كل النساء لكنني أظن أنه ينطبق على الأغلبية من الجنسين .
وإن كل ما ذُكر لا يعني المرأة فقط , أي أنها ليست هي الوحيدة التي تحتاج إلى الحنان , فالرجل أيضاً يحتاج للحنان ولكنني أظن أن تعلق المرأة بذلك أعظم بكثير .
والمرأة مستعدة أن تعطي للرجل كل ما يريد منها بشرط أن يُظهر لها الاهتمام الكافي بها أولاً , ومنه فإن كل الذي قلناه هو في النهاية في صالح الرجل ومن أجل سعادته وسعادة زوجته .
233- المرأة تريد من الرجل أن يكون زوجا وأما أكثر مما تريده أن يكون زوجا وأبا :
ومعنى ذلك أن حاجتها بشكل خاص وحاجة الإنسان - أي إنسان- بشكل عام إلى الحنان أكثر من حاجتها إلى غيره. إن هذه الحقيقة لا تأتي من فراغ وإنما هي قائمة على الملاحظات المستمرة ومتابعة العديد من المرضى الذين يعانون- نفسيا- بسبب تجاهل الآخرين لهم وإهمالهم للمتطلبات الإنسانية لديهم . والشعور بأن هناك من يهتم ويحرص ويتفاعل مع احتياجاتنا النفسية هو الذي يمكن أن نسميه " الحنان ". ومعنى ما ذكر كذلك هو أن من يتعامل مع المرأة من منطلق إشعارها بالحنان هو الذي ينجح في فهمها ويستطيع أن يخرج منها أفضل صفاتها ، وهو بهذا سينعم بكل ما تستطيع أن تعطيه المرأة بعد ذلك من اهتمام ورعاية . إن المرأة عطاء بلا حدود بشرط أن نفهمها. إن المرأة عندما تذرف الدمع تريد أن تشعر بأن هناك من يستقبل هذه الدموع ويتأثر بها ويسأل عن سببها , والأهم من ذلك هي تريد ألا يستخف بها أو يقلل من أهميتها ( مع ملاحظة أن بعض دموع المرأة لا يجوز أن تقابل من الرجل إلا بالإهمال واللامبالاة إذا نزلت بغرض إخضاع الرجل وإذلاله وإسكاته والسيطرة عليه و...). إن المرأة عندما تشعر بالضيق والاكتئاب تريد أن تجد من يهتم بالاستماع إليها بصدق ولا تريد من يوهمها بالإنصات وهو في الحقيقة لا يستمع إليها بكل جوارحه . إنها تريد أن تشعر من خلال نظرات زوجها – خاصة - بأنه يفهمها بدون أن تتكلم ويحس بها بدون أن تتأوه . هي تريد أن يبين لها رغبته في حل مشاكلها حتى وإن لم ينجح في ذلك , وهذا هو الحنان . إن ما يهم المرأة هو الشعور بالاهتمام من طرف من تعيش معه ، وهي لن تكتفي ولن تكف عن الاحتياج والمطالبة للحصول على هذا الاهتمام لأنه غذاؤها النفسي واليومي . وإن لم تحصل عليه فستصاب بالاكتئاب والعصبية الزائدة والنرفزة لأقل شيء , ولن تسامح أو تغفر لزوجها عدم إدراكه لاحتياجاتها النفسية ، وسينعكس ذلك سلباً على جميع أفراد الأسرة . إن المرأة تريد من زوجها الحنان وتتمناه بدون أن تطلب ذلك منه بطريقة مباشرة , لذا سوف تستـفز المرأة زوجها وتثير غضبه بطرق متعددة حتى يستطيع أن يدرك من تلقاء نفسه ما تهدف إليه من حاجة إلى الاهتمام والحنان . وإن لم يفهم الزوج هذه الرسالة التي تقول ببساطة : " إني أحتاج إلى اهتمامك بي " يكون قد وضع أول حجر في تدهور العلاقة الزوجية ، وسوف تمر الأيام وهو لا يعي ما الذي حدث ، ولماذا تسيء زوجته معاملته ، ولماذا تقصد إثارته وعدم تلبية ما يرضيه برغم بساطة ما يطلب؟! . والسبب أنها تريده أن يعطيها الحنان والاهتمام أولاً. وقد ينتهي المطاف بالزوجين إلى استشارة طبيب نفسي ، ويكون الدافع خلافات زوجية عديدة أدت إلى إصابة كل منهما بالقلق والاكتئاب ، وغالباً ما ينعكس هذا على أبنائهم .إن المرأة تريد أن تأخذ أولاً حتى تشعر بالاطمئنان والأمان ، وبعد ذلك فإن عطاءها سيكون بلا حدود ، وستـتـفانى في إرضاء وإسعاد زوجها بإذن الله .
234- من لم تكفه زوجة واحدة لن تكفه مائة زوجة :
إن الرجل التي لا ترضيه امرأة واحدة يمنحها حبَّه وعطفَه كزوجة له وكأم لأولاده وكربة لبيته , إن هذا الرجل يستبعدُ جدا أن ترضيه عشرات النساء , وذلك لأن جمع النساء كجمع المال كلما تضخَّم المبلغُ تطلَّع الجامعُ إلى الزيادةِ . هذا إلا في حالات شاذة ونادرة يكون فيها الرجل مؤمنا تقيا ورعا , ومع ذلك لا تكفيه امرأة واحدة ( كان عادلا معها محسنا لها معاملا لها المعاملة الطيبة ومعاشرا لها العشرة الطيبة ) , فيتزوج عندئذ بامرأة ثانية ( من أجل جنس أو غيره من الأغراض الطيبة والنظيفة ) أو بأكثر من ثانية ليحصِّن نفسه ودينه أو ليخدم دينه ودنياه , فهذا لا حرج عليه ويبارك الله له في زواجه بإذن الله .
235 - الحب شيء غير الصداقة :
الحب عاطفة تفسيرها صعب جدا : كيف تنشأ وكيف تحيا وكيف تموت ؟!.
والحب ليس الصداقة , بل هو أكثر تعقيدا وبكثير . وأعظم الحب حبنا لله ثم للوالدين وكذا حب الزوج لزوجته أو العكس , وكذا حب الخير للناس أجمعين . والذي يحب بقدر ما يكون صريحا مع الآخر- خاصة إن كان زوجا - بقدر ما يكون الآخر صريحا معه ، وفي العادة تزداد الصراحة مع الوقت أي مع طول العشرة .
والصراحة التي تجلب الحبَّ والمودة والرحمة هي الصراحة التي تأتي بالتدريج , لا الصراحة التامة التي تأتي دفعة واحدة ومن أول لحظة .
236- هل مصافحة المرأة الأجنبية تـنقض الوضوء أم لا ؟
ج : هناك فرق بين ما هو حرام فعله ويأثم فاعله , وبين ما هو مبطل للصلاة .
ا- ومنه فهناك أشياء يحرم فعلها ولكنها لا تبطل الصلاة ( حتى ولو أنقصت من أجر الصلاة , وحتى ولو أَثم فاعلُـها ) مثل النظر إلى الحرام أثناء الصلاة , سواء على أرض الواقع أو في التلفزيون أو غيره .
ب- وعلى الضد من ذلك هناك أشياء هي في أصلها حلال ومباحة , ومع ذلك إذا فُعِلت أثناء الصلاة فإنها تُـبطل الصلاةَ , وعلى الشخص أن يعيد الصلاة وجوبا , وذلك مثل الأكل أو القهقهة أثناء الصلاة .
إذن مصافحة المرأة الأجنبية تجوز أو لا تجوز : المسألة خلافية ( بين من أباح ومن حرم ) كانت وما زالت وستبقى خلافية بغض النظر عن القول الراجح والمرجوح , وإن كان الاحتياط والحذر يقتضي - في رأيي- تجنب المصافحة ولو للنساء العجائز ( وهذا الذي أعمل أنا به منذ 1975 م وحتى الآن ) .
وأما هل تُـنقضُ مصافحةُ المرأة الوضوءَ الأصغر أم لا ؟ في المسألة خلاف كذلك بين الفقهاء . وعندنا في المذهب المالكي ينتقضُ الوضوء إذا صافح الرجلُ المرأةَ الأجنبية وقصد الشهوة حتى ولو لم يجدها , كما ينتقضُ الوضوءُ إن وجد الرجلُ اللذةَ حتى ولو لم يقصدها , كما ينتقضُ الوضوءُ إن قصد الرجلُ الشهوةَ ووجد اللذة في المصافحة . وقال المالكية بأن الوضوء لا ينتقضُ ( ويبقى صحيحا ) في الحالة الرابعة فقط : أي إذا لم يقصد الرجل لذة ولم يجدها أصلا .
والله أعلم .
237- إن السعادة والحب ... :
ليسا بالسيارة ولا بالدار الجديدة ولا بالملابس والحلي ولا .. , بل بالشخص الذي نحبُّ سواء كان رجلا أو امرأة . إن أعظم نعمة هي العطاء : عطاء الذات . وأعظم لحظة في حياة الزوجين – مثلا - قد تكون حين يدرك أحدهما ما تكبده الآخر من أجل راحة شريكه في الحياة الدنيا ومن أجل البيت والأولاد , وحين يضحي أحدهما بأغلى ما عنده من جهد ومال ووقت من أجل سعادة الآخر , وحين يحب أحدهما الآخر ويتفانى في خدمته والإحسان إليه .
إن حب كل زوج للآخر هو أغلى وأفضل وأطيب وأنفع بإذن الله تعالى من الدنيا وما فيها .
والله أعلم .
238- ما هي السيئات النفسية لفراق الابن لوالديه من الصغر ؟ :
فراق الابن لوالديه خاصة قبل إتمام ثلاثة أعوام له – غالبا ولا أقول دوما - آثار سلبية كثيرة منها :
1- تعدد المسئولين عن تربية الطفل وما يترتب عليه من اختلاف أو تضارب في أساليب التربية يؤدي بلا شك لاضطراب في سلوك الطفل (العدوانية , الانطواء ...) .
2- تَفْقِد علاقة الوالدين بالابن المعنى الأصلي لها ، فلا يكون الأب والأم سوى " بنك " يصرف ولا يعرف شيئًا عن الطفل " وأشد خصوصياته ". ومنه فلا معنى لأن نطلب من طفل لم يستمتع بحنان ورعاية والديه أن يعرف معنى لبر الوالدين .
239- " لا حياء في الدين " :
بعض الناس عندما يريدون السؤال عن شيء محرج يقولون في بدايته لا حياء في الدين , فهل هذه المقولة صحيحة ؟.
ج : " لا حياء في الدين " كلمة ليس عليها أي غبار من الناحية الشرعية , لأن المقصود منها ليس أن " الحياء ليس من الدين " , وإنما المقصود منها أنه لا حياء في السؤال عن الدين , أي لا يجوز أن يستحي الشخصُ وهو يسأل عن مسألة دينية ولو كانت متعلقة بالجنس مثلا كالحيض والنفاس , والمذي والمني , والوضوء والغسل , والجنابة والاحتلام و ...هذا هو مقصود من يقول " لا حياء في الدين " , ومنه فلا غبار أبدا على من قال هذه الكلمة بهذه النية الحسنة والطيبة والجائزة .وأما كلمة " لا حياء في الدين " بمعنى أن الحياء ليس من خلق ولا من آداب الإسلام , فهذا أمر لا يقول به شخص مهما كان ضعيف الإيمان أو جاهلا بالإسلام .
" لا حياء في الدين " ليس بِحديث , ولكنه فقط من كلام الناس . والناس يَقصدون بقولهم " لا حياء في الدين " أن الدِّين الإسلامي لا يَمنع من السؤال حتى عن المسائل الدقيقة المتعلقة بالجنس وبالثقافة الجنسية أو غيرها مما يشبهها , أي أنه " لا حياء في النقاش المتعلق بالدين " أو أن " أمور الدين لا يستحيى منها " .وهذا هو مصداق ما ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها " رحم الله نساء الأنصار ، لم يمنعهن حياؤهن أن يتفقهن في الدين".هذا هو مقصود من يُطلق هذا القول , وهو المفهوم عند الأغلبية الساحقة من الناس , إن لم أقل عند كل الناس مهما كانوا جاهلين وبعيدين عن الدين . ومع ذلك نحن نجد بين الحين والآخر بعض الإخوة يقولون بأنه يكره أو يحرم قول المسلم " لا حياء في الدين " . لو قال هذا الأخ : الأولى أن لا نقول " لا حياء في الدين " بل نقول قولا آخر أبلغ وأحسن وأفضل مثل " إن الله لا يستحي من الحق " أو " لا حياء في طلب العلم " أو ... , لكان كلامه مقبولا جدا . أما أن يقول بأن هذا القول مكروه أو حرام فهو قول غريب وعجيب . وإذا سألتَ هذا الأخ " لماذا هو حرامٌ " أجابك " لأن الحياء في حقيقة الأمر جزء من الدين! " .وهذا جواب غريب ودليل عجيب لأنه لا أحد في الدنيا كلها مهما كان جاهلا بالدين يفهم من " لا حياء في الدين " أن الحياء ليس جزء من الدين وأن الدين بريء من الحياء . لماذا هذا الفهم , ثم بناء التحريم أو الكراهة عليه ؟!. لماذا ؟!. والله وحده أعلم بالصواب .
240- هل تجوز الرقية لكافر أم لا ؟ .
الأصل أنها جائزة حتى يثبت العكس . ومن الأدلة على جواز رقية الكافر الحديث النبوي الصحيح " انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها ، حتى نزلوا على حي من أحياء العرب ، فاستضافوهم ، فأبوا أن يضيفوهم ، فلدغ سيد ذلك الحي ، فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء ، فقال بعضهم : لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا , لعلهم أن يكون عندهم شيء ، فأتوهم فقالوا : يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه ، فهل عند أحد منكم من شيء؟. فقال بعضهم : نعم ، والله إني لأرقي ، ولكن استضفناكم فلم تضيفونا ، فما أنا براق حتى تجعلوا لنا جعلاً ، فصالحوهم على قطيع من الغنم ، فانطلق يتفل عليه، ويقرأ : الحمد لله رب العالمين ، فكأنما أنشط من عقال ، فانطلق يمشي وما به قَلَبَة ، فقال فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه ، فقال بعضهم : اقتسموا ، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان ، فننظر ما يأمرنا ، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكروا له ذلك، فقال " وما يدريك أنها رقية ؟ " ، ثم قال :" قد أصبتم ، اقتسموا ، واضربوا لي معكم سهماً".
وسيِّدُ القوم كان كافرا فرقاه أبو سعيد فشفي وكأنما نشط من عقال , وأخبَروا النبي محمدا صلى الله عليه وسلم , فلم ينكر عليهم : لا الرقية لكافر ولا أخذ الأجرة على الرقية , والله أعلم بالصواب .
ثم : إن الطب الاصطناعي الكيميائي وكذا طب الأعشاب كل منهما طب من أجل علاج الأبدان , وكذا فإن الطب النفسي شرع من أجل علاج الأمراض النفسية . وإذا كان كل نوع من هذه الأنواع الثلاثة جائز ومباح بلا خلاف سواء تم لعلاج مسلم أو لعلاج كافر ( بل إنه فرض كفاية إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين , وإذا لم يقم به أحدٌ قد يأثم الجميع ) , فما الذي يمنع من الرقية لكافر وهذه الرقية تؤدي غرضا مماثلا للغرض الذي يراد تحقيقه من الأنواع الأخرى من الطب ؟!.
إن الأنواع الأخرى تعالج البدن أو الروح وكذلك فالرقية فتعالج البدن أو الروح أو تعالجهما معا.
صحيح أن الكافر إذا كان حيا لا تطلب له إلا الهداية , وكذلك فإن الدعاء له بالرحمة بعد وفاته حرام باتفاق , أما الرقية فهي دعاء للمسلم أو للكافر بالشفاء مما يعاني من مرض عضوي أو نفسي وليست دعاء للمريض بالمغفرة أو بالرحمة , ومنه فالأصل كما قلت أن الرقية مشروعة للمسلم وللكافر في نفس الوقت .
241- هل يبدأ الفتى التفكير في رعاية إخوته وأخواته قبل الفتاة أو العكس ؟
( وهي نقطة تُـحسبُ للمرأة على حساب الرجل ) :
إن الفتاة تبدأ في الاهتمام برعاية وحفظ إخوتها وأخواتها قبل الفتى , وفي مقابل شاب صغير واحد بدأ من الصغر في الاهتمام بإخوته نجد في المقابل عشر شابات يبدأن من الصغر في هذا الاهتمام . ويبدو هذا مفهوماً وواضحا وبينا في إطار نظريات التحليل النفسي الحديثة ، وكذا في إطار الواقع العملي المشهود في كل زمان ومكان , والذي من السهل فيه أن نرى بأن الأنثى تبدأ في ممارسة دور الأمومة قبل الذكر بكثير . ومنه فإننا نلاحظ وباستمرار وفي كل ظرف وزمان ومكان بأن الأنثى ولو ظلمها أخوها مثلا واعتدى عليها وأساء إليها وحرمها من حقوقها و ... فإنها تفكر باستمرار فيه وفي مصلحته وتحاول أن تقابل سيئته بحسنات لا بحسنة واحدة , وتبذل الغالي والرخيص من أجل خدمته وحسن معاشرته وطيب معاملته , وتعطيه على الدوام الكثير من العطف والحنان , وتتمنى له من أعماق قلبها الهناء والسعادة في الدنيا وفي الآخرة . كل هذا في الوقت الذي نجد فيه الولد الذكر لا يفكر في مصلحة أخته إلا بعد سنوات من بدء تفكيرها فيه , وحتى عندما يفكر الفتى في مصلحتها فإنه يعطيها غالبا أقل بكثير مما تعطيه هي . وهذه حسنة من الحسنات التي تحسبُ للمرأة وتُحسبُ على الرجل , أو هي نقطة تُحسب للمرأة على حساب الرجل .
ثم ملاحظة أخيرة : يقال أيضا بأن المرأة , حتى بعد زواجها فإن قلبها يظل دائما متعلقا بأهلها ومنه فإنها تكون غالبا أحن من الرجل على والديها .
والله وحده أعلم بالصواب , وهو وحده الموفق والهادي لما فيه الخير .
242 – فرق كبير جدا بين حب وحب :
كل إنسان مؤمن خلقه الله فطرة وهو يتمنى أن يُحَـبّ من الله أولا ثم من أكبر عدد ممكن من الناس , وهذه من فطرة الله التي فطر الناس عليها " لا تبديل لخلق الله " . صحيح أن حب الله لنا هو الأساس الأول عندنا لأن فيه خير الدنيا والآخرة , ولأن الطريق إلى نيله واضح ومفهوم وجلي , ولأن ذلك من مقتضيات الإيمان بالله والإخلاص له . وصحيح أنه بقدر حرصنا على حب الله لنا وزهدنا في قيمتنا عند الناس ( خاصة فيما له صلة بالعبادات ) بقدر ما يكون أجرنا أكبر عند الله تعالى .
ولكن - ومع ذلك - فإن كل واحد منا يتمنى عادة وغالبا أن يكون محبوبا - بعد الله - عند أكثرية الناس .
وما أبعد الفرق بين أن يحبك الناسُ حقيقة لأنك أهل لأن تُـحبَّ بسبب أدبك وخلقك ومحبتك لله أولا ثم محبتك للخير ومحبتك للناس أجمعين ثانيا , وبين أن يُـظهر الناسُ محبتَـك فقط طمعا فيك أو خوفا منك .
إن محبة الناس لك الطيبة والمباركة والتي هي من محبة الله بإذن الله هي محبتهم لك لأنك مؤمن مسلم صادق مخلص وهذه المحبة مباركة وتؤكي أكلها كل حين بإذن ربها , كما أنها محبة دائمة فيها خير الدنيا والآخرة .
وأما تظاهرُ الناس بأنهم يحبونك لا لشيء إلا طمعا في مال أو جاه أو دنيا فانية أو ... أو خوفا من بطش أو عقاب أو انتقام أو ... فإن هذا الحب ( إن قبلنا بتسميته حبا ) سيءٌ وقبيح وخبيثٌ , وفائدته – إن وجدت – دنيوية بحتة ومؤقتة ومنزوعة البركة للأسف الشديد .
ومنه فاحرص يا مؤمن ما حييتَ على محبة الله لك أولا وكن في ذلك صادقا ومخلصـا , ثم كن على يقين بعد ذلك أن محبة الناس لك الطيبة المباركة والتي أشرتُ إليها قبل قليل ستأتيك بإذن الله تلقائيا وعفويا بدون أن تطلبها أو حتى تفكر فيها ولو للحظة واحدة من الزمان . والله أعلى وأعلم بالصواب .
243- ما هي أسباب الخوف عند الأطفال ؟ : هي كثيرة , يمكن أن نذكر منها أهمها :1-العقاب القاسي للطفل , ومنه فالضرب الشديد أو المستمر للطفل قد يُشعر الطفل بالخوف وعدم الأمان . والفرقُ شاسعٌ بين أن يُقلع الطفل عن الشيء خوفا من العقاب وبين أن يفعل ذلك احتراما واستجابة لأمر والديه 2-تسلط الآباء وشدة السيطرة على أغلب حركات الطفل دون أن يتركوا له حرية التفكير , فيتولد عنده الخوف من الوقوع في الخطأ .3-تخويف الطفل من أمور لا يجوز أن نخوف الطفل منها مثل الطبيب وغيره . إن الطب وما يشبهه موضوعات يجب أن ترتبط في ذهن الولد بفائدتها وقيمتها الحقيقية ولا تستعمل كوسائل للعقاب أو لإثارة الخوف منها في نفسه حتى تصبح مصدر خوف له .4-إرغام الطفل على النوم أو المذاكرة أو شرب دواء معين أو...لأن هذه الأشياء كلها يجب أن تكون محببة للأطفال كما يجب أن يربوا على الإقبال عليها من تلقاء أنفسهم , ولا يجوز أن تصبح رموزا للإرهاب ووسائل التخويف والعقاب .5- ومن أهم الأسباب خوف الآباء أنفسهم , إذ كيف يُطلب من طفل ألا يخاف من شيء معين بينما والداه أو أحدهما أشد خوفا من ذلك الشيء . إن حالات الخوف كغيرها من الحالات الانفعالية يمكن أن تنقل من فرد إلى آخر بالتأثير , وهذا ما يسمى بعامل الإيحاء .
244- ماذا عن سيئات الرقية الجماعية ؟ :من غرائب الرقية عند البعض ممن يعالج بالقرآن : الرقية الجماعية والتي يمارسها البعض من أدعياء الرقية في الجزائر أو غيرها , والتي يجلس فيها الراقي أمام 5 أو 10 أو 15 أو 20 من المرضى في قاعة واحدة , ويرقيهم في نفس الوقت . إن هذه الرقية غير مناسبة وغير مقبولة وغير مستساغة من وجوه عدة منها :ا- أن المريض يكشفُ أسراره بمثل هذه الرقية لكثير من الناس الذين يعرفهم والذين لا يعرفهم ,والمريض – عادة - لا يحبُّ أن يطَّلعَ على أسراره أحدٌ من الناس , خاصة إن كان امرأةً . إن القراءة الفردية , بمعنى الخلوة بالمريض ( أو المريضة مع محرمها ) وسؤاله عن حالته والقراءة عليه مباشرة وما يجده المريض من اهتمام به أكثر مع توجيه الرقية وتركيزها عليه , ومع ما في ذلك من الفائدة في تحديد حالته المرضية وستر لأسراره , لا شك أن ذلك كله أنفع بكثير وأفضل من الرقية الجماعية . ب- لا تتاح الفرصة للراقي أن يسمع من كل مريضٍ كما ينبغي , وأن ينصحه كما يلزم . والمعلوم بداهة خاصة عند من يمارس الرقية الشرعية , أن السماع من المريض ثم تقديم النصائح والتوجيهات المناسبة له أمرٌ مُهمٌّ جدا على طريق العمل من أجل علاجه . وهذا أمر مشاهدٌ ومعلوم ومعروفٌ .جـ- لا يتمكن الراقي بهذه الطريقة من أن يُشخِّصَ مرضَ المريضِ وأن يعرفَ طبيعته , لأن المريض لا يحبُّ في العادة أن يتكلم مع الراقي عندما يجدُ نفسه في قاعة واحدة وفي وقت واحد مع مجموعة كبيرة من الناس سواء كان يعرفهم أو لا يعرفهم .د- هذه الطريقة يمكن جدا أن تكون سببا في إصابة من لم يكن مصابا أصلا . يحدث هذا أثناء وجوده في جو مشحون ومكان قد يسبب له رعبا , فهذا يُصرع أمامه وذاك يصرخ بكل شدة وهذا جني يعاهد على الخروج وآخر يزمجر ويهدد ويتوعد . وفي هذا الوضع الذي يتسم بالفوضى ما الذي نتوقع أن يحدث للمريض ( وقد لا يكون مريضا أصلا ) ؟. غالبا لن يخرج سليما , فقد يصاب بالمس من الجن أو قد يتأثر نفسيا , وفي أحسن الأحوال سوف يأخذ انطباعات عكسية وسيئة عن العلاج بالرقية الشرعية .هـ- بهذه الطريقة قد تنكشف عورات المريض أمام الناس لأنه قد يُصرع ويتخبط ( بسبب مس الجن أو بسبب الصرع الطبي ) فتنكشف عورته ويذهب ماء وجهه ويظهر في منظر سيء ( وخاصة إذا كان ذا منصب وصاحب مكانة أو كان امرأة أو... ). ولا شك أن ذلك كله لا يُقره الشرع الذي جاء بالحفاظ على العورات وأمر بسترها .ولقد جاء عن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية في الحكم الشرعي في الرقية الجماعية " الرقية لا بد أن تكون على المريض مباشرة ".والمضحك المبكي أن هذا الراقي يقول للمريض: " أغمض عينيك وقل لي ماذا ترى؟ " , فإذا أخبره المريض بأنه لا يرى شيئا , ألح عليه الراقي قائلا:" لا بد أن ترى شيئا "! , وشر البلية ما يُضحك . والحقيقة تقتضي مني أن أقول بأن المريض قد يكون مصابا بسحر أو عين أو جن أو بمرض عضوي أو نفسي أو قد لا يكون به شيء , ولكن هذا الراقي مريض بمرض من نوع آخر أخطر وأصعب يتمثل في جهله وكبريائه وعناده ونفاقه وتشويهه للدين وللرقية وكذبه على الناس . ووالله لو أن السلطة في بلادنا لها أدنى غيرة على الدين وشعائره لحاربت هؤلاء الرقاة أولا ثم انتقلت بعد ذلك إلى محاربة السحرة والكهنة و ...
245- قد يشفى المريض ولو بقراءة الإنجيل عليه ! : 1- ليس كل من يقال عنه بأنه مصاب بالجن هو مصاب بالفعل , ثم ليس كل من يقال عنه بأنه شفي من إصابته قد شفي بالفعل . هذا أولا . 2- غالبا لا نتخلص من الجن الذي يؤذي الشخص إلا بالقرآن , ولكن يحدث في بعض الأحيان أن يخرج الجن من الممسوس ولو عند قراءة أجزاء من الإنجيل أو من التوراة أو ...أو ... عليه .والجواب على هذا الإشكال , هو أن الدليل على أن القرآن حق وأن الإنجيل والتوراة محرفان ومنه فهما باطلان , قلتُ : الدليل على ذلك ليس أبدا أن الجني خرج به من جسد المريض أم لم يخرج به . الدليل على أن القرآن حق هو بالدرجة الأولى الإعجاز الذي نجده مبثوثا في طيات آيات القرآن الكريم كله , هذا الإعجاز متعدد الجوانب بما فيه الإعجاز اللغوي والأدبي والبياني وكذا الإعجاز العلمي وغير ذلك , سواء منه الإعجاز الذي عرفناه وعلمنا به حتى اليوم أو الإعجاز الذي ما زال لم يُكتشف بعد إلى اليوم , لأن كنوز القرآن تبقى تكتشف في كل يوم وإلى يوم القيامة بإذن الله تعالى . هذا الإعجاز متعدد الجوانب - ما علمنا منه وما لم نعلم بعد - هو الدليل والحجة والبرهان .وأما كون القرآن يؤذي الجن ويطردهم من جسد الممسوس , فهو أمر آخر مهم ولكنه ثانوي ولا يجوز أن يعتمد عليه كحجة وكدليل وكبرهان على أن القرآن حق . لماذا ؟ . لأن الله يبتلي العباد بالخير وبالشر , ومنه فيمكن أن نجد في الحقيقة والواقع شخصا مصابا بجن وإذا قرأنا عليه القرآن شفي المريض تماما وفي الحين , وكذلك يمكن أن نصادفا مسيحيا يقرأ الإنجيل المحرف على المريض
( الذي لم يشف بالقرآن ) فيخرج منه الجني , ويمكن أن نقرأ في بعض الأحيان على المصاب بجن درسا في الفيزياء أو الكيمياء فيشفى ! , ويمكن أن نعطي للمريض قليلا من الطعام ليأكله فيشفى من إصابته بالجن , بل يمكن لشخص أن يسب الله ورسوله أمام المصاب بجن فيشفى المريض بإذن الله بطبيعة الحال . ولا يجوز أبدا أن نستنتج من كل ما سبق بأن الأكل هو علاج المصاب بجن , ولا أن نستنتج بأن سب الله ورسوله حق , لأنه عن طريق ذلك تم تخلص المريض من مرضه .والله وحده أعلم بالصواب .
246- هجر القرآن ومس الجن ! :
سألني سائل كريم " هل صحيح أن كل من هجر القرآن يُمس ؟!". فأجبته : " هذا ليس صحيحا , لأن الكثيرين هجروا القرآن ومع ذلك لم يُصَـب أحد منهم بجن , وكذلك ما أكثر الناس المؤمنين الأتقياء الأنـقياء والورعين الذين أصيبوا بجن في لحظة من لحظات ضعفهم أو خوفهم الشديد أو فرحهم الزائد أو حزنهم العميق أو ... إصابة الشخص بمس الجن ليست مرتبطة بكون الشخص محافظا على القرآن أو هاجرا له . إن مس الجن بلاء من الله سبحانه وتعالى , يمكن أن يصيب الله به التقيَ أو الفاجر , المسلمَ أو الكافر . نعم مس الجن يصيب - عموما - البعيدَ عن الله أكثر بكثير مما يصيب القريبَ من الله , ولكن مع ذلك يمكن جدا أن نجد تقيا مصابا أو فاجرا سليما , والله وحده أعلم بالصواب .
247- النفور من الاحتلام ومس الجن :هل نفور المرأة الدائم من أي احتلام وقع أو يقع لها خاصة قبل الزواج , هل هو دوما دليل على أنها مصابة بجن أم لا ؟. والجواب : لا ! أبدا . هو لا يدل على الإصابة بالجن إلا في البعض من الأحيان . أما في أغلب الأحيان فيمكن جدا أن يكون السبب نفسيا . ومعنى هذا أن الشابة – خاصة إذا كانت متدينة ومتأدبة ومتخلقة و ... وجاهلة بالثقافة الجنسية في نفس الوقت - عندما تظن أن رؤيتها لنفسها في المنام وهي نائمة مع رجل أجنبي يمارس معها الجنس عيبٌ وحرامٌ ومنكرٌ و ... تصبح تحذر الاحتلام قبل أن يقع حذرا كبيرا كما تستاء منه استياء كبيرا بعد وقوعه , وتصبح بعد الاحتلام منقبضة الصدر ...والسبب هنا ليس إصابة بالجن أو العين أو السحر وإنما جهل المرأة بالثقافة الجنسية وعدم علمها بأن الاحتلام أمر عادي وطبيعي ولا شيء فيه شرعا .فإذا تعلمت المرأة وتيقنت من ذلك زال النفور عنها.
متى إذن يمكن اعتبار رؤية المرأة في النوم لرجل يتصل بها جنسيا , مسا للجن ؟.
والجواب هو : إذا رأت المرأة رجلا على صورة أحد محارمها أو رجلا أجنبيا في صورة قبيحة جدا , ورأته في أغلبية الليالي , ورأته في المنام يجامعها بالقوة وهي غير راغبة فيه , ثم إذا استيقظت في الصباح وجدت ضيقا في صدرها واشمئزازا مما وقع لها . إذا حدث كل هذا وتكرر كثيرا , يمكن أن يكون دليلا على أنها مصابة بجن .
والله أعلم بالصواب .
248- هل الأحلام المزعجة تدل دوما دلالة قطعية على مس من الجن ؟! : ظنية ربما , وأما قطعية فلا , وأغلب الأحلام المزعجة التي يشتكي منها الناس عادة مرتبطة بحالة الشخص النفسية في النهار , ومنه فإذا حرص المرء على محاربة أغلب القلق في نفسه بالنهار , ثم توضأ قبل النوم وقرأ شيئا من القرآن وذكر الله ودعاه , فإنه سينام غالبا النومة الهنيئة والسعيدة بإذن الله !. ثم إن الأحلام المزعجة لا يجوز اعتبارها مشكلة تبحث عن حل (سواء عند طبيب عضوي أو نفسي أو عند راقي) إلا : 1- إذا تكررت لمدة طويلة . أما إذا كانت لا تأتي إلا في فترات متباعدة جدا فلا يجوز أن تكون مصدرا لأي قلق .2- إذا كان الشخص مازال يعاني منها حتى الآن . وأما إذا كان قد عانى منها في يوم من الأيام ثم تخلص منها بعد ذلك فلا يجوز أن يشغل باله بها الآن . والله أعلم .
249- رجل طلبت منه جنية أن يتزوج منها ووعدته بتحقيق الكثير من الأمنيات المادية العزيزة عليه . هل يقبل أم لا ؟ .
بغض النظر عن إمكانية الزواج أم لا وعن جوازه أم لا , فالذي أؤكد عليه أنه إن تم بالفعل وكان جائزا شرعا , فالرجل منصوح بشدة أن لا يقبل بهذا الزواج لأن الرجل الإنسي يتزوج بإنسية والجني يتزوج بجنية , ولأن الزواج إن تم وكان جائزا بالفعل فإن الخاسر الأول والخاسر لا محالة هو الرجل : بدنيا ونفسيا وإيمانيا . إن الأصل في الجن أنهم يكذبون وإن الأصل فيهم أنهم يقدمون شبه خدمة للإنسي ( أو خدمة حرام مغلفة بحلال ) ويقدم هو لهم في المقابل خدمات , ويخدمونه في شيء ويتسلطون عليه في أشياء بدنية ونفسية , وقد يساعدونه على طاعة واحدة في مقابل إجباره على ارتكاب معاصي عدة , فالحذر ثم الحذر أيها الرجل وإياك أن تلقي بنفسك إلى التهلكة !. والله وحده أعلم بالصواب .
سألني أخ فاضل فقال " وكيف يتزوج بها يا أستاذ والجنية مخلوق غير مرئي , وإن تم هذا الزواج فكيف تكون المعاشرة الزوجية بينهما ؟!. وهل يعقل أن تنجب هذه الجنية من هذا الرجل ؟!أعلم أن سؤالي قد يكون غبياً , ولكنه الفضول , وأنا أريد أن أعرف الجواب ".
فأجبته " لا , السؤال ليس غبيا بل ذكيا جدا , وطرحه الكثيرون قبلك .إن إمكانية هذا الزواج فيها من الخلاف ما فيها . ولأنها متعلقة بالغيب والدليل على الغيب هو الكتاب والسنة , ولأنه لا دليل قطعي في الكتاب أو السنة على إمكانية هذا الزواج أو عدم إمكانيته , فإن المسألة تصبح ظنية واجتهادية , وفرعية ثانوية : من قال " الزواج ممكن " له ذلك , ومن قال " غير ممكن " له ذلك , والمسألة في كل الأحوال ليست أصولية , ومنه تؤمن بها أو لا تؤمن , أنت حر , ولا حرج عليك في ذلك أبدا من الناحية الشرعية .هذا من حيث إمكانية الزواج وكيف تتم المعاشرة ؟!.وأما عن التزاوج بينهما فغير ممكن , وهو مستحيل ثم مستحيل مليون مرة . مستحيل أن يتم تزاوج بين جني وإنسية أو بين إنسي وجنية .والله أعلم بالصواب" .
250- بين الحناء والماكياج : الحناء ليس فيه شيء للمرأة : هو وسيلة لتزين المرأة , وسيلة جائزة ومباحة لها سواء تمت داخل البيت أو خارجه , وسواء كانت المرأة وحدها أو أمام الناس .والحناء جائزة بطبيعة الحال خارج البيت , إذا كانت في يدي المرأة
( اللتين يجوز إظهارهما وكشفهما أمام الأجنبي من الرجال عند مجموعة من العلماء والفقهاء ) . إذن الحناء جائزة للعاملة وللدارسة وكذا لغيرهما من نساء المسلمين داخل البيت وخارجه .وأما بين الحناء والماكياج فهناك فروق أساسية عدة أذكر منها :1- أن الحناء جائزة للمرأة داخل البيت وخارجه , وأما الماكياج فهو حرام على المرأة خارج البيت أمام الأجانب من الرجال , ولا يجوز الماكياج إلا للمرأة داخل البيت أمام الزوج أو المحارم من الرجال فقط .2- الحناء ليست لها مادة , ومنه يجوز ويصح الوضوء فوقها , وكذلك تصح الصلاة بهذا الوضوء . وأما الماكياج فهو مادة وجسم , ومنه فلا يجوز ولا يصح الوضوء فوقه , والصلاة التي يمكن أن تصلى بهذا الوضوء باطلة .3- الحناء طيبة ومباركة شرعا ومفيدة ونافعة صحيا وطبيا , وفيها من الجمال والزينة ما فيها عند أغلبية البشر . وأما الماكياج ففيه من الأضرار الصحية والطبية على جلد المرأة ووجهها وعينيها و ... ما فيه , والذي يشجع عليه ويقوم بالإشهار له هم تجار وليسوا أطباء . والماكياج ( خاصة الإكثار منه ) يُـقبِّـح غالبا صورة المرأةِ أكثر مما يجملها .
ثم إن الماكياج يبطل الوضوء بشرطين : ا- أن يوضع الماكياج على الأعضاء التي يجب غسلها في الوضوء ( الوجه واليدين) . ب- وأن يتم الوضوء على الماكياج , أي بعد وضع الماكياج . وأما إن توضأت المرأة ثم وضعت الماكياج بعد وضوئها , فلا شيء في ذلك بالنسبة للوضوء وكذا بالنسبة للصلاة .
ثم إذا توضأ الشخص فوق الماكياج فإن الوضوء باطل بكل تأكيد , وأما إذا ذاب الماكياج مع الوضوء فإن الوضوء يكون صحيحا عندئذ . ولكن إن كان بعض الماكياج يذوب مع الماء فإن أغلبيته لا يذوب بمجرد وضع الماء على اليد أو الوجه . والله وحده أعلم بالصواب .

ليست هناك تعليقات: