الاثنين، 15 يونيو 2009

الخواطر من 281 إلى 290 :

بسم الله
عبد الحميد رميته , الجزائر

281- ما الحكم في صيام من أصبح جنبا حتى أذن مؤذن الصبح , هل صيامه صحيح أم لا ؟
ج : صيامه صحيح ولا غبار عليه , ومع ذلك يجب عليه الاغتسال بعد الأذان حتى لا تفوته صلاة الصبح في وقتها . ومع ذلك فإن من أصابته جنابة ( في رمضان ) وأصبح جنبا حتى طلع عليه الفجر, فظن إباحة الفطرِ فأفطر لا يعتبر آثما , لأنه معذور بجهله . أما من ناحية الصيام فإنه فاسد وعليه القضاء وجوبا .
282- هل حب الرجل للمرأة الأجنبية عنه , بمعنى حبه لها كما يحب الرجل زوجته , هل هذا الحب مشروع في الدين أم لا ؟
ج : أقول بداية بأن أعظم الحب وأساس كل حب سليم هو حب الرجل المؤمن أو المرأة المؤمنة لله عز وجل ثم أسأل قبل أن أجيب : ألا يحس كل رجل ( إلا من كان مريضا ) من بعد البلوغ وحتى يموت , بالميل نحو المرأة عموما أو نحو نساء معينات؟. وألا تحس كل امرأة ( إلا من كانت مريضة ) من بعد البلوغ وحتى وقت متأخر من عمرها , بالميل نحو الرجال عموما أو نحو رجال معينين ؟ والجواب حتما هو" نعم " أو " بلى ". وإذا كان الجواب ب " نعم " فمعنى ذلك أن هذا الميل وهذا الإحساس وهذا الشعور فطري وواقعي , ولما كان الإسلام دين الفطرة ولما كان دينا من خصائصه الأساسية : الواقعية , فالحب إذن بالمعنى المذكور سابقا يصبح مشروعا بكل تأكيد .
283- هل ننصح الشاب غير المتزوج بممارسة الرياضة أم لا ؟
ج : إن الرياضة وسيلة للإنقاص من الرغبة الجنسية القوية كما قلت من قبل وليست وسيلة لزيادة هذه الرغبة , لذلك ينصح الشاب غير المتزوج بالرياضة مع الصبر والصلاة والصيام ومع ... كوسائل للتغلب على الرغبة الجنسية القوية , في انتظار تمكن هذا الشاب من الزواج .
284 - ما الذي يترتب على فطر الحامل أو المرضع ؟
ج : أما الحامل فيجب عليها أن تقضي الأيام التي أفطرت فيها , وأما المرضع فتقضي وتطعم بعدد الأيام التي أفطرت فيها .
285 - هل العشق الذي نقرأ عنه في كتب السير والتراجم وفي القصص والروايات وفي كتب التاريخ وفي الشعر والقصائد , هل هو موجود بالفعل أم هو محض خيال ؟
ج : العشق بمعنى الحب المبالغ فيه من الرجل أو من المرأة , حقيقة موجودة في عالم الناس في كل زمان ومكان وإن كانت حقيقة نادرة الوجود , ولا ينكر وجوده إلا جاهل . والعشق بلاء كبير لا يتمناه لنفسه عاقل لأن الغالب أن شره أكبر بكثير من خيره . والعاشق إذا وجد طريقا إلى معشوقه فقد حُلت المشكلة (!) , أما إذا سُد الطريق أمامه بسبب أو بآخر , راجع إلى الطرف الآخر أو إلى أهل الرجل أو أهل المرأة أو ... فليس له إلا أن يعمل من أجل نسيان الآخر وإلا فقد يموت هما وغما أو قد يُجن أو ... ومما يساعده على النسيان صيام التطوع والنوافل من الصلوات والصدقة والإنفاق في سبيل الله والذكر والدعاء والتضرع إلى الله وزيارة المقابر ومحاسبة النفس والمطالعة الدينية وسماع الدروس الدينية , كما تساعد الرياضةُ الرجلَ كثيرا على النسيان . هذا وإذا كان العاشق رجلا فإن من أهم ما يسليه ويساعده على النسيان السعي من أجل التزوج من امرأة أخرى غير التي يعشق , وحتى ولو بدا له بأنه لن يحبها وبأنها لن تُنسيه معشوقته فإنه بإذن الله واهم . والله أعلم بالصواب .
286- ما الحكم في فتاة تلبس الحجاب لكنها في الصيف تذهب إلى شاطئ البحر لتسبح أمام الأجانب بلباس يكشف من جسدها أكثر مما يستر ؟
ج : هي مأجورة على حجابها وآثمة على تبرجها . وإذا صدقت المرأة في لبسها للحجاب فإن حجابها سينهاها عن كشف عورتها للرجال على الشاطئ في يوم من الأيام بإذن الله , وستندم عندئذ على كل لحظة كشفت فيها ولو شعرة من رأسها لأجنبي عنها من الرجال . اللهم اهدنا أجمعين .
287- ما حكم الإسلام في النمص ؟
ج : النمص هو نتف شعر الحواجب وترقيقها , وهو حرام . أما إذا زاد الشعر عن الحد الطبيعي بحيث أصبح يُقبح المرأة فيجوز الترقيق للصغيرة أو للكبيرة . إن رسول الله لعن النامصات والمتنمصات ، كما روى الشيخان عن عبد الله بن مسعود رضي الله : " لعن الله الواشمات والمستوشمات ، والنامصات والمتنمصات ، والمتفلجات للحسن المغيرات لخلق الله "، ثم قال : ما لي لا ألعن من لعن النبي صلى الله عليه وسلم . وجماهير أهل العلم يستدلون بهذا الحديث على تحريم النمص قليله وكثيره . وإنما يقوى الخلاف بين العلماء فيما لو تنمصت المرأة ورققت شعر الحواجب للتزين لزوجها وبإذن منه ، فبعض أهل العلم يجيز ذلك مستدلاً بقول عائشة رضي الله عنها لما سئلت عن الحِفاف فقالت للسائلة : إن كان لك زوج فاستطعتِ أن تنتزعي مقلتيك فتصنعيهما أحسن مما هما فافعلي . ويحمل الحديث على أن المراد به من فَعلَ ذلك للتدليس .
والله أعلم .
288- ما الذي يجب على الشاب ( أو الشابة ) الذي ما زالت الظروف المساعدة على الزواج ما زالت غير مواتية له ؟. ماذا يفعل ليكبح جماح شهوته حتى يتزوج ؟
ج : جزء من الجواب متضمن في السؤال , أي أن الشخص المؤمن يجب أن يكبح جماح شهوته ويمنع من إشباعها بالحرام حتى تتاح له الفرصة للزواج سواء كان رجلا أو امرأة . إن الصبر مطلوب شرعا وهو أمر لا مفر منه . وليكن شعار المؤمن هو حديث الرسول عليه الصلاة والسلام :"يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج , ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ". ويمكن للمؤمن أن يستعين فضلا عن الصيام بالصلاة والرياضة والمطالعة الدينية وشغل أوقات الفراغ فيما هو نافع دينا أو دنيا والاجتهاد في الدراسة أو العمل أو الاجتهاد في البحث عن عمل , وبالبعد عن الاختلاط بالنساء إلا عند الضرورة والتقليل من الحديث معهن وتجنب ملامستهن , واجتناب النظر إلى عورات النساء الأجنبيات , والحرص على عدم الاقتراب من ممارسة الاستمناء , و ... وعلى المؤمن أن ينتبه إلى :
ا- أنه لا يجوز أبدا أن نسمع لمن يقول بأن الكبت مُضر بصحة الإنسان بدنيا ونفسيا !!. إن هذا الكلام باطل شرعيا وطبيا وواقعيا , والحمد لله لقد عشتُ - وأمثالي ملايين وملايين- حوالي 15 سنة بعد البلوغ بدون معرفة أية امرأة أو ممارسة أي حرام مع امرأة , ثم تزوجتُ على كتاب الله وسنة رسوله , وما أُصِـبتُ لا بكبت ولا بما يشبه الكبت , بل إنني في أتم صحتي وعافيتي وإن من أهم ما أعتز به في حياتي هو أن صفحة علاقتي بالمرأة الأجنبية بيضاء تماما بإذن الله , ولله الحمد .
ب- إن الله يعوض للشاب إذا منع نفسه من الحرام وعمل من أجل تقوية نفسه روحيا , يعوض له بأكثر مما فقد بكثير : سكينة وطمأنينة وراحة بال وقوة عزيمة وإرادة وحلاوة إيمان يجد طعمها في قلبه و ... مما لا يمكن أن يتوفر لمن قضى شبابه منغمسا في أوحال الجنس الحرام والرذيلة .
جـ- إن الرجل إذا عاش نظيفا وطاهرا وعفيفا ثم تزوج نظيفا تنعكس نظافته بإذن الله إيجابا على حياته بعد ذلك مع زوجته وأولاده , خاصة إذا حرص على التعاون مع زوجته على طاعة الله. ولقد أخبر أكثر من رجل من هذا النوع الذي عاش ما قبل الزواج لزوجته ولزوجته فقط , أخبر عن نفسه بأن الحب بينه وبين زوجته بقي أو كاد يبقى لعشرات السنين كما كان في الشهر الأول الذي يسميه بعضهم " شهر العسل " .
د- ثم يجب أن لا ينسى الشاب ( وهو يجاهد نفسه لمنعها من الحرام ) أنه على قدر الجهد على قدر الأجر , وأنه " ألا إن سلعة الله غالية , ألا إن سلعة الله الجنة " , وكما يُـقال عندنا في الجزائر " اللي عول على رمضان يعول على الجوع والعطش" , واللي عول على الجنة لا بد له من دفع الثمن ومن الصبر على الحرام واحتساب الأجر عند الله تعالى .
289- ما حكم الدين في تحدث التلميذ أو الطالب أو العامل أو ... مع زميلاته في الدراسة أو العمل بدون قصد سيئ منه أثناء الحديث ؟
ج : إن الأصل في خطاب الرجل للمرأة الأجنبية أن يكون على قدر الحاجة , وألا يشتمل على خضوع بالقول ولا على خلوة بها في مكان منفرد . هذه هي الضوابط التي وضعها خالق الذكر والأنثى وهو أعلم بما يصلحهما
( ألا يعلم من خلق هو اللطيف الخبير ) وأي اتصال بينهما لم تتوفر فيه هذه الضوابط قد يفضي إلى ما لا تحمد عقباه , والملاحظ للأسف الشديد أن أغلب حديث الرجال مع النساء في دنيا الناس اليوم لا تتوفر فيه هذه الضوابط خاصة في بعض المجتمعات , وكذلك فإن أغلب الفساد بين الرجال والنساء يبدأ من حديث غير منضبط ثم ... حتى ينتهي بالزنا أو مقدماته والعياذ بالله تعالى . والأفضل لكل واحد منا – رجلا كان أو امرأة - أن يميل في هذا الأمر بالذات إلى التشدد مع نفسه أكثر مما يميل إلى التساهل معها , إذا أراد السلامة لنفسه حاضرا ومستقبلا , في الدنيا وفي الآخرة .
290- ما الذي يجوز للرجل من المرأة بين العقد والدخول ؟ :
ج : أما قبل العقد الشرعي , ولو بعد الخِطبة فقد قلتُ من قبل بأنه لا يجوز له منها إلا النظر إلى الوجه والكفين ( عند من رأى بأن الوجه والكفين ليسا من عورتها ) . وأما بعد العقد وقبل الدخول فيجوز له منها كل شيء بما في ذلك الجماع , لكن مع ملاحظة ما يلي : ا- ليس كل ما يجوز شرعا هو الأفضل والأولى شرعا , إذ أن هناك كثيرا من الأشياء أجاز الدين فعلها , لكنه جعل الأولى تركها أو جعل تركها مستحبا . ب-عرفا : الكثير من المجتمعات لا تحب للرجل أن يتصل بالمرأة (أو أن يكثر من الاتصال بها) بين العقد والدخول , ولو كانت زوجته شرعا , وأنا أرى أن هذا عرف طيب يستحب احترامه . جـ - إذا جامع الرجل زوجته بين العقد والدخول أو اختلى بها على رأي بعض الفقهاء , فإنه إن طلقها بعد ذلك فإنه لا يستحق من المهر شيئا , أي أنه يجب عليه أن يعطيها المهر كاملا غير منقوص حتى وإن كان لم يُولم بعدُ أو لم يدخل بها بعدُ من خلال عرس ووليمة ( أي أن خلوة واحدة تكلفه مهرا كاملا ) , فلينتبه الرجل إلى ذلك . د- إذا استمتع بها بما دون الجماع بين العقد والدخول فإنه يُخاف عليه أن يتخلى عنها بعد أن قضى منها ما قضى , ويُفسخ الزواج ويقع الطلاق وتفسد العلاقة بين شخصين وبين عائلتين ويندم كل واحد منهما . وإن كانت المرأة هي الخاسرة بالدرجة الأولى معنويا , فإن الرجل هو الخاسر الأول ماديا لأنه يجب أن يدفع لها نصف المهر إذا طلقها بدون عذر شرعي . وفي كل الأحوال , إذا استمتع الرجل بزوجته بين العقد والدخول بطريقة أو بأخرى فإن ليلة الدخول التي يُفترض أن تكون أحسنَ ليلة في حياة المرء تصبح لا قيمة لها ولا طعم ولا لون ولا رائحة لها , لأنها تصبح ليلة يدخلُ فيها الشخص على آخر وقد رأى منه كل شيء من قبل وسمع منه كل شيء من قبل .
ثم ألخص بعضَ ما قلتُ : أما قبل العقد ولو بين الخطبة والعقد فالخلوة حرام وكذلك النظر إلى غير الوجه والكفين حرام وكذلك مس المرأة حرام , أما اللقاءات المتكررة وكثرة الحديث بدون لمس أو نظر محرم أو خلوة فإنه جائز ولكنني لا أنصح به لأن سيئات كل ذلك أكثر من الحسنات , هذا إن كانت هناك حسنات حقيقية لا وهمية . وأما بين العقد والدخول فلقد قلتُ بأن كل شيء جائز حتى الجماع مع ملاحظات ذكرتُها , ولكنني أنصح هنا بالتقليل من الاتصالات ومن اللقاءات ومن الحديث بين الزوجين في حدود الاستطاعة , لأن العرف السائد عند الآباء والأجداد والذي يُطلب منا احترامه يرفضُ كلَّ ذلك من الرجل والمرأة بين العقد والدخول , ولأن ليلة الدخول بعد ذلك تصبح لا قيمة لها كما قلتُ من قبل .
قال لي أخ كريم وفاضل " بل هناك من أهل العلم من ذهب إلى جواز النظر إلى ما هو أبعد من الوجه والكفين قبل العقد , وذلك كالنظر إلى شعرها مثلا لحديث " انظر إلى ما يدعوك لنكاحها " . وهذا دليل قوي على جواز ذلك , وبن حزم ممن ذهب إلى هذا القول . وأذكر أنني سألت الشيخ
" محمد شقرة " عن ذلك فقال لي " نعم يجوز له ذلك " .
ثم قال لي " بل لا يجوز له جماع المرأة بين العقد والدخول , لأن المسلمين عند شروطهم . ومن جامع فهو آثم لمخالفة الشرط , ولكن ليس لما فعل حكم الزنا . وذلك لأن هذا يترتب عليه مفاسد عظيمة " .
فأجبته قائلا :
1- أما من قال بأنه يجوز للرجل قبل العقد أن ينظر إلى ما هو أكثر من الوجه والكفين , فأنا أحترم قوله ولكنني لست مقتنعا أبدا به . أنا شخصيا أحترم قوله , لأنه قول قاله بعض العلماء , ولكنني لا آخذ به لأنني أرى في ذلك خطورة كبيرة وكبيرة جدا . ثم أنا أرى أننا إذا فتحنا ذلك الباب فإننا سنفتح على أنفسنا باب شر كبير , لأن كل رجل يمكن أن يدعي بأنه يريد أن يتزوج بفلانة ومنه فهو يريد أن يرى منها شعرها أو صدرها أو ساقيها أو ... ثم لا ندري إن كان سيكتفي بذلك أم سيطلب المزيد , ثم يمكن جدا أن يرميها بعد ذلك ويتنصل من كافة وعوده لها بالزواج. أما هو فلن يتأثر بعد ذلك دنيويا كثيرا , وأما هي فإن المجتمع الذي لا يرحم ربما سينتقم منها حين يزهد فيها وفي الزواج منها أغلبية الرجال , بدعوى أن فلانا رأى منها كذا أو كذا من جسدها ثم تركها , خاصة وأن الرجال عموما لا يتسامحون في مثل هذه الأمور إن صدرت من المرأة .وأنا شخصيا لا أقبل أبدا لرجل يطلب ابنتي للزواج ويقول لي " أنا أريد أن أرى منها كذا وكذا من جسدها حتى أطمئن إليها " أو " أنا أريد أن أرى منها الصدر أو الساق أو الفخذ أو ... حتى أطمئن " , وهكذا ...!!!. مما ستترتب عليه مفاسد حقيقية عظيمة لا أول لها ولا آخر . لن أقبل منه ذلك أبدا , خاصة وأن من قال بجواز النظر ( من الرجل الذي يريد أن يخطب لنفسه امرأة ) إلى غير الوجه والكفين من المرأة , قال بالجواز ولم يقل أبدا بالوجوب . ومنه فأنا أرى أن من اقتنع بالجواز هو حر أن يسمح لابنه أن يرى شعر المرأة إن أراد الزواج بها , وكذا أن يسمح لابنته أن يرى الأجنبي عنها شعرها إن أراد الزواج منها , ولكنني أنا شخصيا لن أسمح أبدا لابني أن ينظر إلى غير الوجه والكفين ممن يريدها زوجة له كما لن أسمح لأجنبي أبدا أن يرى من ابنتي غير الوجه والكفين من جسدها , مهما كان قصده حسنا .
أتمنى أن يكون كلامي واضحا .2- وأما عن جواز جماع الرجل للمرأة بين العقد والدخول أو عدم جوازه فهي مسألة خلافية : أنا قلتُ قولا وأنت قلتَ قولا آخر , وما دامت المسألة خلافية فلا يلام الشخصُ شرعا , إن أخذا بهذا القول أو بذاك . الكثير من الفقهاء المسلمين القدامى قالوا بجواز الجماع , وكذا من المعاصرين منهم بن باز رحمه الله قالوا بجواز الجماع كذلك . ثم هذا كلام غريب كيف نقول بأن الجماع حرام ولكنه ليس زنا ؟!. ما دخل الزنا هنا والمرأة هي زوجة الرجل وحليلـتـه ؟!. إن الزنا غير متبادر لأذهان الناس من الأساس , وهو غير متبادر كذلك في أذهان علمائنا وفقهائنا مهما كانوا متشددين ومضيقين . إن ذلك – أي بعد العقد - ( زواج ) بكل ما في الكلمة من معنى ومن مقتضى ، ويثبت به الولد إجماعا ، وتثبت به كل الأحكام ، إلا ما كان من قضية المهر تـنـصـيـفا . ومنه فإن هذا النفي للزنا لا ينبغي ولا يليق أبدا .ومع ذلك أنا أضيفُ , وهذا رأيي المتواضع الذي أعتبره صوابا ولكنه يحتمل الخطأ : أنا أرى تناقضا بين كلامك الأول والثاني , أخي الكريم : ا - أنت في الأول تدعو إلى التسامح والتساهل مع رجل أجنبي ليرى من المرأة غير الوجه والكفين , مع أنها قبل العقد ما زالت أجنبية عنه , حتى ولو كانت مخطوبة . ب- ثم أنت بعد ذلك تدعو إلى التشدد وعدم التسامح مع رجل يجامع امرأة أو يداعبها أو ... , مع أنها زوجته شرعا وزوجته الحلال , حتى وإن لم يدخل بها بعدُ .أنا أرى أن هذا تناقضا : الرجل يرى من أجنبية عنه غيرَ الوجه والكفين بدعوى أنه يريد الزواج منها ويمكن جدا أن يكون كاذبا عليها : يطلع على عورتها ثم يرميها غير متأسف على حالها , ثم نُـحرِّم بعد ذلك على رجل – بين العقد والدخول - أن يجامع امرأة مع أنها زوجته الحلال ؟!.ومع ذلك فرغم أنني قلتُ بأنه يجوز له أن يجامعها بين العقد والدخول , إلا أنني رأيتُ وأكدتُ على أن الأفضل أن لا يجامعها , وحتى أن لا يتصل بها ولو بالهاتف , أو على الأقل الأفضل أن لا يكثر من الاتصال بها بالهاتف أو بغيره .هذا ومع ملاحظة أنني أنا عندما تزوجت منذ 25 سنة لم أر زوجتي بين العقد والدخول إلا مرة واحدة , وفقط لبضع ثواني في البلدية ( أثناء العقد البلدي ) , ثم لم أرها بعد ذلك إلا ليلة الدخول , وأنا معتز بهذه الطريقة كل الاعتزاز .لو أتيحت لي الفرصة للزواج مرة ثانية لتزوجتُ بنفس الطريقة , لأنني أرى أنها الأحسن والأطيب والأكثر بركة " .
ثم أقول وأؤكد من جديد : لا يجوز اطلاع الرجل من المرأة على غير الوجه والكفين مهما كانت نيته ونيتها حسنة ولو كان قصد كل واحد منهما هو الزواج الذي هو نصف الدين . إن الغاية عندنا في الدين لا تبرر الوسيلة , بل إن الدين يأمرنا أن نقدم الأسباب النظيفة للوصول إلى غايات نظيفة . إن المرأة لو أطلَعت كل رجل ادعى أنه يريد أن يتزوج منها على عورتها المُخففة والمغلظة لحدث شر عظيم والعياذ بالله تعالى , لأن كل رجل عندئذ يريد أن يمتع نظره بالتفرج على عورة امرأة سيدعي لها بأنه يريد أن يتزوج منها , وإذا صدق واحد في ادعائه سيكذب عشرة أشخاص , وعورات النساء ستصبح مكشوفة لكل غاد ورائح !.
ثم إن الذي ينظر إلى عورة المرأة الأجنبية قد يكتفي بالنظر فقط وقد يطمع في أكثر من ذلك , وإذا طمع فيما هو أكثر من النظر وأرادت المرأة أن تقاوم فقد تقدر على المقاومة وقد لا تقدر . والذي تسمح له امرأة أن ينظر إلى عورتها باسم الزواج يزهد في الزواج منها غالبا بعد ذلك , لأنه يصبح ينظر إليها على أنها ساقطة لا تصلح أن تكون زوجة أو ربة بيت أو أم أولاد لأنها كما كشفت له ما كشفت بدون عقد شرعي يمكن أن تكون قد كشفت أكثر لغيره من الرجال الأجانب عنها . ومن المُضحكات المبكيات أن شابة سألتني في يوم من الأيام "خطيبي ( مازال لم يعقد عليها بعدُ ) يريد أن ينال مني ( بالجماع ) بدعوى أنه يحب أن يتعلم كيف يُجامع , فإذا تعلم وتأكد تقدم لخطبتي !!!. فهل أطاوعه على ما يريد أم لا ؟! ". وانظر أيها القارئ الكريم كيف يريد بعض الشباب الساقط استغلال سذاجة البعض من فتياتنا للتغرير بهن ولتدنيس شرفهن !.
وأنا أنصح المرأة أن لا تحتج في منع الرجل من النظر منها إلى ما لا يحل أو الاستمتاع منها بما لا يحل , أن لا تحتج باحتمال كون الرجل غير جاد في رغبته في الزواج , لأنه سيجيبها غالبا " أنا جاد والله , وأريد الحلال وأريد الزواج !. ذريني فقط أنال منك كذا ولا تخافي !" , وهو في الغالب يكذبُ عليها , لأن الرجلَ قد يكون مأمونا على كل شيء إلا على المرأة الأجنبية , والله ما خلق في الرجل شهوة مثل شهوة الجنس , ونقطة ضعف الرجل الكبرى هي دوما المرأة . ولكنني أنصح المرأة أن تحتج بالشرع والدين لأنه لا يقدر عندئذ على أي رد , وأن تحتج وهي شجاعة وجريئة
" إن الدين يمنعك ويُحرِّم عليك أن تنظر إلى شعرة من رأسي أو تمسها ما دمتُ أجنبية عنك , أي ما دام العقد الشرعي للزواج لم يتم بعدُ , وحتى ولو كنت خطيبتك " . ويجب على المرأة أن تُتبع القولَ بالعملِ فتمنع نفسها عنه إلا بالحلال . وإذا رفضتْ وانصرف هو عنها , فلا يجوز لها أبدا أن تتحسر عليه لأنه غالبا ساقط لا قيمة له.
والله وحده أعلم بالصواب .

ليست هناك تعليقات: