بسم الله
عبد الحميد رميته , الجزائر
عبد الحميد رميته , الجزائر
231- الإسلام بين الاعتقاد والتطبيق : طالبات في جامعة قسنطينة سألنني عام 1976 م عندما كنتُ في الجامعة وكنت أسكن في حي نحاس نبيل ( بجانب الجامعة الإسلامية ) , حيث كنت أقدم دروسا دينية بين الحين والآخر للطالبات في مسجد الحي المقسم إلى قسمين إثنين : قسم للذكور وقسم للإناث , يفصل بين القسمين ستار كثيف يمنع الرؤية من قسم إلى آخر . سألتني بعض الطالبات في يوم من الأيام " ما الرأي يا شيخ فيما صنعناه منذ أيام مع أخت من الأخوات متحجبة حجابا كاملا , ولكنها تخالط الذكور وتصادقهم وتصافحهم وتقبلهم وتختلي بهم وتفعل معهم المحرمات والمحرمات ... فرضنا عليها بالقوة أن تنزع الحجاب حتى لا تشوه عند الناس صورة الحجاب " , فقلت لهن " هذا حرام بكل تأكيد , ولا خلاف في ذلك بين عالمين . إن الحرام لا يحارب بفعل حرام آخر". إن الزنا ومقدماته حرام ولكن التبرج كذلك حرام , ولا يجوز أبدا أن نطلب العفة بترك الحجاب , ولا أن نطلب الحجاب بالزنا ومقدماته . ومن رحمة الله بنا أن الله يحاسبنا على كل عبادة على حدة , ومنه فإذا صام شخص ولم يصل فله أجر الصيام ولكنه يأثم على ترك الصلاة , حتى وإن كان أجر الصيام أقل .وكذلك من لبست الحجاب وزنت , لها بإذن الله أجر الحجاب وتأثم على الزنا حتى وإن كان أجر حجابها ناقصا . وهكذا فكل عبادة مستقلة عن الأخرى , وهذا من رحمة الله بنا نحن المسلمين المؤمنين . ا - أما من ناحية الاعتقاد فإما أن نؤمن بالإسلام كله وإلا فنحن كفار , أي أن من لم يؤمن ولو بأصل من أصول الدين يعتبر كافرا لأن الإسلام من حيث الاعتقاد لا يتجزأ أبدا " خذوا الإسلام جملة أو دعوه " . ومنه فمثلا من لم يؤمن بنبوة سيدنا محمد فهو كافر وإن آمن بكل شيء آخر , ومن اعتقد بأن القرآن محرف هو كافر وإن اعتقد بكل شيء آخر , ومن اعتقد بأن الحجاب ليس فرضا على المرأة فهو كافر وإن سلم بكل شيء آخر , وهكذا ... ب - وأما من حيث التطبيق , فالله يحاسب على كل عبادة على حدة , وهذا من تمام رحمة الله بنا . وأما لو أن الله طلب منا أن نطبق الإسلام جملة وإلا كنا كفارا فإننا سنهلك جميعا لأنه لا أحد يطبق الإسلام كاملا ( من غير الأنبياء ) , و" كل بن آدم خطاء , وخير الخطائين التوابون" و" ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم , وما نهيتكم عنه فانتهوا . "
232 - ماذا عن تعلق المرأة بالعطف والحنان ؟ :
إن الرسول محمدا أوصى بالنساء خيراً وحث على حسن معاملتهن "رفقاً بالقوارير" , وكان الرسول محمد كذلك خير وأروع مثال للاهتمام ورعاية زوجاته .
ويعامل الرجل المرأة عادة على أنها رجل مثله , لكن المرأة لا تأخذ الأمور كما يأخذها الرجل , إذ أنه يهتم بأساسيات المشكلة لكن المرأة تهتم بالتفاصيل وتعطيها أهمية أكبر من لب الموضوع . إن المرأة لا تريد التعامل بالمنطق دائماً ولا تريد أن تحاسب بدقة على كل كلمة تتـفوه بها.
إنها تريد أن يتغاضى الرجل عن تقلبات مزاجها ، وألا يغضب من دلالها عليه ومن بعض متطلباتها غير المهمة بالنسبة له . إن هوية المرأة وثقتها بنفسها تعتمد كثيراً على مقدار تقدير الآخرين لها سواء كزوجة أو كأم .
نعم ! من المؤكد أن هذا الكلام لا ينطبق على كل الرجال أو على كل النساء لكنني أظن أنه ينطبق على الأغلبية من الجنسين .
وإن كل ما ذُكر لا يعني المرأة فقط , أي أنها ليست هي الوحيدة التي تحتاج إلى الحنان , فالرجل أيضاً يحتاج للحنان ولكنني أظن أن تعلق المرأة بذلك أعظم بكثير .
والمرأة مستعدة أن تعطي للرجل كل ما يريد منها بشرط أن يُظهر لها الاهتمام الكافي بها أولاً , ومنه فإن كل الذي قلناه هو في النهاية في صالح الرجل ومن أجل سعادته وسعادة زوجته .
233- المرأة تريد من الرجل أن يكون زوجا وأما أكثر مما تريده أن يكون زوجا وأبا :
ومعنى ذلك أن حاجتها بشكل خاص وحاجة الإنسان - أي إنسان- بشكل عام إلى الحنان أكثر من حاجتها إلى غيره. إن هذه الحقيقة لا تأتي من فراغ وإنما هي قائمة على الملاحظات المستمرة ومتابعة العديد من المرضى الذين يعانون- نفسيا- بسبب تجاهل الآخرين لهم وإهمالهم للمتطلبات الإنسانية لديهم . والشعور بأن هناك من يهتم ويحرص ويتفاعل مع احتياجاتنا النفسية هو الذي يمكن أن نسميه " الحنان ". ومعنى ما ذكر كذلك هو أن من يتعامل مع المرأة من منطلق إشعارها بالحنان هو الذي ينجح في فهمها ويستطيع أن يخرج منها أفضل صفاتها ، وهو بهذا سينعم بكل ما تستطيع أن تعطيه المرأة بعد ذلك من اهتمام ورعاية . إن المرأة عطاء بلا حدود بشرط أن نفهمها. إن المرأة عندما تذرف الدمع تريد أن تشعر بأن هناك من يستقبل هذه الدموع ويتأثر بها ويسأل عن سببها , والأهم من ذلك هي تريد ألا يستخف بها أو يقلل من أهميتها ( مع ملاحظة أن بعض دموع المرأة لا يجوز أن تقابل من الرجل إلا بالإهمال واللامبالاة إذا نزلت بغرض إخضاع الرجل وإذلاله وإسكاته والسيطرة عليه و...). إن المرأة عندما تشعر بالضيق والاكتئاب تريد أن تجد من يهتم بالاستماع إليها بصدق ولا تريد من يوهمها بالإنصات وهو في الحقيقة لا يستمع إليها بكل جوارحه . إنها تريد أن تشعر من خلال نظرات زوجها – خاصة - بأنه يفهمها بدون أن تتكلم ويحس بها بدون أن تتأوه . هي تريد أن يبين لها رغبته في حل مشاكلها حتى وإن لم ينجح في ذلك , وهذا هو الحنان . إن ما يهم المرأة هو الشعور بالاهتمام من طرف من تعيش معه ، وهي لن تكتفي ولن تكف عن الاحتياج والمطالبة للحصول على هذا الاهتمام لأنه غذاؤها النفسي واليومي . وإن لم تحصل عليه فستصاب بالاكتئاب والعصبية الزائدة والنرفزة لأقل شيء , ولن تسامح أو تغفر لزوجها عدم إدراكه لاحتياجاتها النفسية ، وسينعكس ذلك سلباً على جميع أفراد الأسرة . إن المرأة تريد من زوجها الحنان وتتمناه بدون أن تطلب ذلك منه بطريقة مباشرة , لذا سوف تستـفز المرأة زوجها وتثير غضبه بطرق متعددة حتى يستطيع أن يدرك من تلقاء نفسه ما تهدف إليه من حاجة إلى الاهتمام والحنان . وإن لم يفهم الزوج هذه الرسالة التي تقول ببساطة : " إني أحتاج إلى اهتمامك بي " يكون قد وضع أول حجر في تدهور العلاقة الزوجية ، وسوف تمر الأيام وهو لا يعي ما الذي حدث ، ولماذا تسيء زوجته معاملته ، ولماذا تقصد إثارته وعدم تلبية ما يرضيه برغم بساطة ما يطلب؟! . والسبب أنها تريده أن يعطيها الحنان والاهتمام أولاً. وقد ينتهي المطاف بالزوجين إلى استشارة طبيب نفسي ، ويكون الدافع خلافات زوجية عديدة أدت إلى إصابة كل منهما بالقلق والاكتئاب ، وغالباً ما ينعكس هذا على أبنائهم .إن المرأة تريد أن تأخذ أولاً حتى تشعر بالاطمئنان والأمان ، وبعد ذلك فإن عطاءها سيكون بلا حدود ، وستـتـفانى في إرضاء وإسعاد زوجها بإذن الله .
234- من لم تكفه زوجة واحدة لن تكفه مائة زوجة :
إن الرجل التي لا ترضيه امرأة واحدة يمنحها حبَّه وعطفَه كزوجة له وكأم لأولاده وكربة لبيته , إن هذا الرجل يستبعدُ جدا أن ترضيه عشرات النساء , وذلك لأن جمع النساء كجمع المال كلما تضخَّم المبلغُ تطلَّع الجامعُ إلى الزيادةِ . هذا إلا في حالات شاذة ونادرة يكون فيها الرجل مؤمنا تقيا ورعا , ومع ذلك لا تكفيه امرأة واحدة ( كان عادلا معها محسنا لها معاملا لها المعاملة الطيبة ومعاشرا لها العشرة الطيبة ) , فيتزوج عندئذ بامرأة ثانية ( من أجل جنس أو غيره من الأغراض الطيبة والنظيفة ) أو بأكثر من ثانية ليحصِّن نفسه ودينه أو ليخدم دينه ودنياه , فهذا لا حرج عليه ويبارك الله له في زواجه بإذن الله .
235 - الحب شيء غير الصداقة : الحب عاطفة تفسيرها صعب جدا : كيف تنشأ وكيف تحيا وكيف تموت ؟!.
والحب ليس الصداقة , بل هو أكثر تعقيدا وبكثير . وأعظم الحب حبنا لله ثم للوالدين وكذا حب الزوج لزوجته أو العكس , وكذا حب الخير للناس أجمعين . والذي يحب بقدر ما يكون صريحا مع الآخر- خاصة إن كان زوجا - بقدر ما يكون الآخر صريحا معه ، وفي العادة تزداد الصراحة مع الوقت أي مع طول العشرة .
والصراحة التي تجلب الحبَّ والمودة والرحمة هي الصراحة التي تأتي بالتدريج , لا الصراحة التامة التي تأتي دفعة واحدة ومن أول لحظة .
236- هل مصافحة المرأة الأجنبية تـنقض الوضوء أم لا ؟
ج : هناك فرق بين ما هو حرام فعله ويأثم فاعله , وبين ما هو مبطل للصلاة .
ا- ومنه فهناك أشياء يحرم فعلها ولكنها لا تبطل الصلاة ( حتى ولو أنقصت من أجر الصلاة , وحتى ولو أَثم فاعلُـها ) مثل النظر إلى الحرام أثناء الصلاة , سواء على أرض الواقع أو في التلفزيون أو غيره .
ب- وعلى الضد من ذلك هناك أشياء هي في أصلها حلال ومباحة , ومع ذلك إذا فُعِلت أثناء الصلاة فإنها تُـبطل الصلاةَ , وعلى الشخص أن يعيد الصلاة وجوبا , وذلك مثل الأكل أو القهقهة أثناء الصلاة .
إذن مصافحة المرأة الأجنبية تجوز أو لا تجوز : المسألة خلافية ( بين من أباح ومن حرم ) كانت وما زالت وستبقى خلافية بغض النظر عن القول الراجح والمرجوح , وإن كان الاحتياط والحذر يقتضي - في رأيي- تجنب المصافحة ولو للنساء العجائز ( وهذا الذي أعمل أنا به منذ 1975 م وحتى الآن ) .
وأما هل تُـنقضُ مصافحةُ المرأة الوضوءَ الأصغر أم لا ؟ في المسألة خلاف كذلك بين الفقهاء . وعندنا في المذهب المالكي ينتقضُ الوضوء إذا صافح الرجلُ المرأةَ الأجنبية وقصد الشهوة حتى ولو لم يجدها , كما ينتقضُ الوضوءُ إن وجد الرجلُ اللذةَ حتى ولو لم يقصدها , كما ينتقضُ الوضوءُ إن قصد الرجلُ الشهوةَ ووجد اللذة في المصافحة . وقال المالكية بأن الوضوء لا ينتقضُ ( ويبقى صحيحا ) في الحالة الرابعة فقط : أي إذا لم يقصد الرجل لذة ولم يجدها أصلا .
والله أعلم .
237- إن السعادة والحب ... : ليسا بالسيارة ولا بالدار الجديدة ولا بالملابس والحلي ولا .. , بل بالشخص الذي نحبُّ سواء كان رجلا أو امرأة . إن أعظم نعمة هي العطاء : عطاء الذات . وأعظم لحظة في حياة الزوجين – مثلا - قد تكون حين يدرك أحدهما ما تكبده الآخر من أجل راحة شريكه في الحياة الدنيا ومن أجل البيت والأولاد , وحين يضحي أحدهما بأغلى ما عنده من جهد ومال ووقت من أجل سعادة الآخر , وحين يحب أحدهما الآخر ويتفانى في خدمته والإحسان إليه .
إن حب كل زوج للآخر هو أغلى وأفضل وأطيب وأنفع بإذن الله تعالى من الدنيا وما فيها .
والله أعلم .
238- ما هي السيئات النفسية لفراق الابن لوالديه من الصغر ؟ :
فراق الابن لوالديه خاصة قبل إتمام ثلاثة أعوام له – غالبا ولا أقول دوما - آثار سلبية كثيرة منها :
1- تعدد المسئولين عن تربية الطفل وما يترتب عليه من اختلاف أو تضارب في أساليب التربية يؤدي بلا شك لاضطراب في سلوك الطفل (العدوانية , الانطواء ...) .
2- تَفْقِد علاقة الوالدين بالابن المعنى الأصلي لها ، فلا يكون الأب والأم سوى " بنك " يصرف ولا يعرف شيئًا عن الطفل " وأشد خصوصياته ". ومنه فلا معنى لأن نطلب من طفل لم يستمتع بحنان ورعاية والديه أن يعرف معنى لبر الوالدين .
239- " لا حياء في الدين " : بعض الناس عندما يريدون السؤال عن شيء محرج يقولون في بدايته لا حياء في الدين , فهل هذه المقولة صحيحة ؟.
ج : " لا حياء في الدين " كلمة ليس عليها أي غبار من الناحية الشرعية , لأن المقصود منها ليس أن " الحياء ليس من الدين " , وإنما المقصود منها أنه لا حياء في السؤال عن الدين , أي لا يجوز أن يستحي الشخصُ وهو يسأل عن مسألة دينية ولو كانت متعلقة بالجنس مثلا كالحيض والنفاس , والمذي والمني , والوضوء والغسل , والجنابة والاحتلام و ...هذا هو مقصود من يقول " لا حياء في الدين " , ومنه فلا غبار أبدا على من قال هذه الكلمة بهذه النية الحسنة والطيبة والجائزة .وأما كلمة " لا حياء في الدين " بمعنى أن الحياء ليس من خلق ولا من آداب الإسلام , فهذا أمر لا يقول به شخص مهما كان ضعيف الإيمان أو جاهلا بالإسلام .
" لا حياء في الدين " ليس بِحديث , ولكنه فقط من كلام الناس . والناس يَقصدون بقولهم " لا حياء في الدين " أن الدِّين الإسلامي لا يَمنع من السؤال حتى عن المسائل الدقيقة المتعلقة بالجنس وبالثقافة الجنسية أو غيرها مما يشبهها , أي أنه " لا حياء في النقاش المتعلق بالدين " أو أن " أمور الدين لا يستحيى منها " .وهذا هو مصداق ما ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها " رحم الله نساء الأنصار ، لم يمنعهن حياؤهن أن يتفقهن في الدين".هذا هو مقصود من يُطلق هذا القول , وهو المفهوم عند الأغلبية الساحقة من الناس , إن لم أقل عند كل الناس مهما كانوا جاهلين وبعيدين عن الدين . ومع ذلك نحن نجد بين الحين والآخر بعض الإخوة يقولون بأنه يكره أو يحرم قول المسلم " لا حياء في الدين " . لو قال هذا الأخ : الأولى أن لا نقول " لا حياء في الدين " بل نقول قولا آخر أبلغ وأحسن وأفضل مثل " إن الله لا يستحي من الحق " أو " لا حياء في طلب العلم " أو ... , لكان كلامه مقبولا جدا . أما أن يقول بأن هذا القول مكروه أو حرام فهو قول غريب وعجيب . وإذا سألتَ هذا الأخ " لماذا هو حرامٌ " أجابك " لأن الحياء في حقيقة الأمر جزء من الدين! " .وهذا جواب غريب ودليل عجيب لأنه لا أحد في الدنيا كلها مهما كان جاهلا بالدين يفهم من " لا حياء في الدين " أن الحياء ليس جزء من الدين وأن الدين بريء من الحياء . لماذا هذا الفهم , ثم بناء التحريم أو الكراهة عليه ؟!. لماذا ؟!. والله وحده أعلم بالصواب .
240- هل تجوز الرقية لكافر أم لا ؟ .
الأصل أنها جائزة حتى يثبت العكس . ومن الأدلة على جواز رقية الكافر الحديث النبوي الصحيح " انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها ، حتى نزلوا على حي من أحياء العرب ، فاستضافوهم ، فأبوا أن يضيفوهم ، فلدغ سيد ذلك الحي ، فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء ، فقال بعضهم : لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا , لعلهم أن يكون عندهم شيء ، فأتوهم فقالوا : يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه ، فهل عند أحد منكم من شيء؟. فقال بعضهم : نعم ، والله إني لأرقي ، ولكن استضفناكم فلم تضيفونا ، فما أنا براق حتى تجعلوا لنا جعلاً ، فصالحوهم على قطيع من الغنم ، فانطلق يتفل عليه، ويقرأ : الحمد لله رب العالمين ، فكأنما أنشط من عقال ، فانطلق يمشي وما به قَلَبَة ، فقال فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه ، فقال بعضهم : اقتسموا ، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان ، فننظر ما يأمرنا ، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكروا له ذلك، فقال " وما يدريك أنها رقية ؟ " ، ثم قال :" قد أصبتم ، اقتسموا ، واضربوا لي معكم سهماً".
وسيِّدُ القوم كان كافرا فرقاه أبو سعيد فشفي وكأنما نشط من عقال , وأخبَروا النبي محمدا صلى الله عليه وسلم , فلم ينكر عليهم : لا الرقية لكافر ولا أخذ الأجرة على الرقية , والله أعلم بالصواب .
ثم : إن الطب الاصطناعي الكيميائي وكذا طب الأعشاب كل منهما طب من أجل علاج الأبدان , وكذا فإن الطب النفسي شرع من أجل علاج الأمراض النفسية . وإذا كان كل نوع من هذه الأنواع الثلاثة جائز ومباح بلا خلاف سواء تم لعلاج مسلم أو لعلاج كافر ( بل إنه فرض كفاية إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين , وإذا لم يقم به أحدٌ قد يأثم الجميع ) , فما الذي يمنع من الرقية لكافر وهذه الرقية تؤدي غرضا مماثلا للغرض الذي يراد تحقيقه من الأنواع الأخرى من الطب ؟!.
إن الأنواع الأخرى تعالج البدن أو الروح وكذلك فالرقية فتعالج البدن أو الروح أو تعالجهما معا.
صحيح أن الكافر إذا كان حيا لا تطلب له إلا الهداية , وكذلك فإن الدعاء له بالرحمة بعد وفاته حرام باتفاق , أما الرقية فهي دعاء للمسلم أو للكافر بالشفاء مما يعاني من مرض عضوي أو نفسي وليست دعاء للمريض بالمغفرة أو بالرحمة , ومنه فالأصل كما قلت أن الرقية مشروعة للمسلم وللكافر في نفس الوقت .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق