541- ولا جيوش الدنيا كلها ولا مخابرات الدنيا كلها :
يقال بأن الإنسان ما سمي " إنسان " إلا لأنه ينسى .
والنسيان قد يكون نعمة وقد يكون نقمة .
وقد يكون نعمة في وقت ونقمة في وقت آخر , وقد يكون نعمة في ظرف ونقمة في ظرف آخر , وقد يكون نعمة في مكان ونقمة في مكان آخر .
ونسيان الموت خصوصا إن كثر وزاد عن حده أصبح علامة ضعف زائد للإيمان وعلامة طول أمل مذموم وعلامة شدة غفلة عن الله تعالى واليوم الآخر.
وأما إن نقص نسيان الموت أو زاد تذكر الموت عن حد معين فإنه يصبح وسواسا ومرضا يحتاج إلى خبير أو طبيب نفساني لمعالجته . وهذا العلاج قد ينفع ويفيد خلال ساعات , ولكنه قد يستمر لسنوات وسنوات . تذكر الموت الزائد يصبح مرضا ووسواسا لأنه يدعو صاحبه إلى عدم الأكل والشرب والحركة والبناء والتعمير و.... كما يدعوه إلى انتظار الموت حتى يموت أو ليبقى طيلة حياته وهو مريض في صورة حي أو ووهو حي لكن بطن الأرض أولى به .
وأنا أتحدث عن الموت أؤكد على أن الموت سر عظيم من أسرار الله تعالى " يسألونك عن الروح , قل الروح من أمر ربي , وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " , كما أؤكد على أنه لا يمكن لشخص مؤمن أن يعصي الله تبارك وتعالى وهو موقن بأنه سيموت في يوم من الأيام وسيحاسب على ما قدمت يداه . هذا مستحيل , وهذا غير ممكن . لا يمكن أن يُـقدم أحدنا على ذنب أو إثم أو معصية لله عزوجل أو ... إلا وهو ناسي للموت وما بعده.وصدق من قال " الناس نيام حتى إذا ماتوا انتبهوا ".
ونحن نتذكر الموت التذكر المفيد والنافع والمتوسط ( بلا إفراط ولا تفريط ) يا ليتنا نتذكر معه دوما وأبدا وفي كل وقت وحين , يا ليتنا نتذكر أمرين بسيطين وبديهيين ومهمين في نفس الوقت , وهما :
الأول : بعد أن يدخلَ الميتُ – كل ميت – قبرَه وليس معه إلا عمله الصالح أو الطالح , وتاركا وراءه ماله وأهله , لا يمكن ولا يمكن ولا يمكن مليون ومليار وما لا نهاية من المرات , لا يمكن لمخابرات الدنيا كلها مؤمنة وكافرة , من بداية الدنيا إلى نهايتها ( ولو اجتمعت ) أن تأتي أهل هذا الميت بخبر واحد - مهما كان بسيطا - عن أحوال الميت الخيرة أو الشريرة والمتعلقة بما بعد موت الميت في أية لحظة من اللحظات . هذا مستحيل ثم مستحيل ثم مستحيل مهما حاول أهل الميت معرفة هذا الخبر ومهما كان مالهم وجاههم ونفوذهم وسلطانهم ومهما كانت قوتهم ومهما ....
الثاني : بعد أن يدخلَ الميتُ – كل ميت – قبرَه وليس معه إلا عمله الصالح أو الطالح , لا يمكن ولا يمكن ولا يمكن مليون ومليار وما لا نهاية من المرات , لا يمكن لجيوش الدنيا كلها مؤمنة وكافرة , من بداية الدنيا إلى نهايتها ( ولو اجتمعت ) أن تدافع عن الميت وهو في قبره ضد ما يمكن أن يُواجهَ به من عذاب إن كان من المسيئين في حياته الدنيا . لا يمكن لجيوش الدنيا كلها أن تدافع عن الميت في قبره ولو لثانية واحدة من الزمان . هذا مستحيل ثم مستحيل ثم مستحيل مهما حاولت هذه الجيوش أن تدافع عن الميت ومهما كان مال أهل الميت وجاههم ونفوذهم وسلطانهم ومهما كانت قوة الجيوش التي تمت الاستعانة بها ومهما ....
اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة وأسعدنا في الدارين واختم لنا بالخير واجعلنا جميعا من أهل الجنة , آمين .
542- من مظاهر تحكم المرأة في زوجها ( الذي لا يحبه أحدٌ لأي زوج أو لأي رجل ) :
1 - أن يعصي الله من أجل إرضائها , كأن يترك صلاة تفوته من أجل أية خدمة يقدمها لها .
2 - أن يراها تعصي الله بالغيبة والبهتان وسوء الظن و... مثلا ثم يسكتُ عنها ابتغاء مرضاتها .
3- أن يكلف نفسه ماديا ما لا يطيق ( وقد يسرق أو يأتي بالمال بالطرق المحرمة ) من أجلها هي .
4 - أن يعق أمه ويحرمها من حقوقها عليه هو , وذلك من أجل زوجته .
5- أن يستمتع بها في الفراش بمقابل مادي يدفعه لها , كما يحدث ذلك عند بعض الأزواج الضعاف وبعض الزوجات المفتونات بالدنيا للأسف الشديد .
6 – أن يعادي ويكره ويبغض وهو مغمض العينين كل من تعاديه وتخاصمه زوجته , وأن يوالي ( وهو ساد للأذنين وملغي للعقل ) كل من تحبه وترضى عنه زوجته .
والله وحده أعلم بالصواب .
543- فرق بين الفرض أو الواجب والنافلة أو التطوع : معروف أن الإسلام أوامر ونواهي , وأن شرائعه وحدوده تحكمها الأحكام الخمسة : واجب ومستحب ومباح ومكروه وحرام .
ومعروف كذلك أن الفرض أو الواجب لا عذر لنا – عموما – في تركه أو التخلي عنه إلا في حالة الضرورة القصوى , كما أن الحرام لا عذر لنا – عموما – في فعله أو ارتكابه إلا عند الضرورة القصوى من باب " الضرورات تبيح المحظورات" , مع التأكيد على أن الضرورة تقدر بقدرها .
الصلاة واجبة على كل مسلم ولا عذر له في تركها وإلا أثم وأذنب وعصى , والصيام فرض على كل مسلم ولا يجوز له أن يفطر إلا إن كان مريضا أو مسافرا أو مكرها أو ناسيا أو مخطئا أو ... وهكذا ...
والسرقة حرام على كل مسلم ولا تجوز إلا عند الضرورة كمجاعة أو غيرها , وشرب الخمر غير جائز إلا لمكره , وهكذا ...
هذا بالنسبة للفرض أو الواجب , وأما النافلة أو التطوع فأمرهما مختلف .
ليس مطلوبا من كل المسلمين أن يُـقبلوا على فعل المستحبات أو المندوبات ولا أن يتركوا المكروهات بنفس الدرجة وبنفس القوة وبنفس الطريقة .
ومنه فإن كنتَ – أيها المؤمن - قوي الإقبال على فعل كل المستحبات في الإسلام وعلى ترك كل المكروهات في الدين ( وهو أمر يكاد يكون مستحيلا , إن لم يكن مستحيلا بالفعل إلا على رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام ) فهذا شيء جيد للغاية وهو أمر طيب جدا , وأنتَ أيها المؤمن على خير كبير وعظيم .
ولكنك إن لم تقدر على ذلك ورأيتَ نفسك نشطا في فعل مستحبات ومتكاسلا قليلا مع فعل مستحبات أخرى , فافعل ما قدرتَ عليه وأكثر مما نشطتَ فيه , واعلم أنك على خير بإذن الله وأنك على الإسلام وعلى الدين القيم , وأنك متبع ولست مبتدعا بأي حال من الأحوال .
لا بأس أبدا من الناحية الشرعية ( إن كان الواحدُ منا مؤديا للفرائض مجتـنبا للمحرمات ) أن أجتهد أنا مثلا في مراجعة ما حفظتُ من القرآن الكريم , وتجتهد أنت في الإكثار من المطالعة الدينية , ويجتهد ثالث في عيادة المرضى والمستشفيات , ويجتهد رابع في زيارة المقبرة , ويجتهد خامس في الذكر والدعاء , ويجتهد سادس في قيام الليل , ويجتهد سابع في صيام التطوع , ويجتهد ثامن في حلقات الذكر والتدريس , ويجتهد تاسع في التصدق والإنفاق في سبيل الله , ويجتهد عاشر في خدمة الناس ومساعدتهم على حل مشاكلهم المختلفة والمتنوعة , وهكذا ... لا بأس علينا جميعا ... لا بأس على أي منا أن ينشط في أشياء مستحبة وقد يتكاسل بعد ذلك في فعل مستحبات أخرى .
إذا نشط أحدنا في مستحبات وتهاون قليلا في أخرى فإنه على خير وعلى دين وعلى حق وعدل , وهو متبع وليس مبتدعا ... كلنا بإذن الله مأجورون وغير آثمين ... وأما من هو الأكثر أجرا فالله وحده أعلم بذلك , لأن ذلك مرتبط بجملة عوامل منها العمل الذي فيه نفع أكبر للغير وكذا العمل الموافق أكثر للكتاب والسنة وكذا العمل الأكثر إخلاصا لله عزوجل و...
هذا مع ملاحظة أن اختلاف الناس في هذا الأمر فطري وطيب ومبارك ومقصود من الله تبارك وتعالى " ولذلك خلقهم " , وإلا أصبحت الحياة لا تطاق وأصبح الكون مملا وأصبح الإنسان مخلوقا مشوها , والله وحده أعلم بالصواب .
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك , آمين .
544- " صل وإلا أدخلك الله النار " : الدعوة إلى الله تبارك وتعالى فرض عين على كل مسلم , كل على حسب مقدرته , وأجر الجميع على الله .
والدعوة إلى الله واجب ملقى على عاتق كل واحد منا – رجالا ونساء , كبارا وصغارا , مثقفين وأميين , ... - من باب تقديم الأسباب , وأما النتائج في النهاية فعلى الله سبحانه وتعالى وحده لأن الهداية والرشاد بيد الله وحده .
والدعوة إلى الله مطلوبة شرعا من كل واحد منا بالحكمة والموعظة الحسنة وعن طريق الجدال بالتي هي أحسن . وعلى قدر التزامنا بآداب الدعوة إلى الله وعلى قدر محاولاتـنا لأن نكون قدوة عملية لما ندعو الناس إليه ... وكلما أخلصنا دعوتنا لله وكلما احتسبنا الأجر عنده وحده ... كلما كانت ثمرة الدعوة إلى الإسلام أكبر وكلما كان أجرنا عند الله أعظم .
ولأن الهداية بيد الله وحده " إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء " , فإننا نلاحظ من واقع الناس المعاش ومن معرفتنا بالإسلام أن من كتب الله له الهداية سيهتدي ولو بعد حين , ومن كتب الله عليه الضلالة بإذن الله " لن تجد له وليا مرشدا " ... كما نلاحظ أن من كتب الله له الهداية في وقت من الأوقات سيهتدي من تلقاء نفسه أو من خلال دعوة طفل صغير أو من خلال إشارة بسيطة جاءته من إنسان ( ولو كان كافرا ) أو من حيوان أو من نبات أو من جماد ... وأما من لم يكتب الله له الهداية في وقت معين فلن يهتدي في ذلك الوقت ولو أتيته بعلماء الدنيا كلهم يقدمون له المواعظ والدروس والمحاضرات والندوات و... بأحسن طريقة وبأفضل أسلوب .
ومما له صلة بهذا الموضوع أذكر القصة الطريفة التي حكتها لي إحدى محارمي منذ حوالي 25 سنة خلت . قالت :
[[ تزوجتُ برجل يكبرني بحوالي 15 سنة , وكان يعجبني في كل شيء ( سلوكا وأدبا ) إلا أنه للأسف الشديد لم يكن يصلي . وكان تركه للصلاة هو الذي يؤرق وينغص علي حياتي معه . حاولت معه من أجل دعوته إلى الإلتزام بالصلاة مرارار وتكرارا , واستعملت معه الكثير من اللين والقليل من الشدة , وأسررت في دعوتي له حينا وجهرت حينا آخر , و... حتى تعبتُ ومللتُ وكدت أيأس , ولم يبق أمامي إلا الدعاء والتوسل والتضرع إلى الله أن يهدي زوجي إلى صراطه المستقيم وإلى الإلتزام بعماد الدين : الصلاة .
وفي يوم من أيام الشتاء البارد , وبالضبط في ليلة من لياليه الباردة وبعد صلاة العشاء مباشرة , كنتُ أنا وزوجي وولدي الأصغر - الذي لم يتعد عمره السنتين – ملتفين حول المدفأة . وفي لحظة من اللحظات وبدون مقدمات قال ولدي الأصغر كلمة لأبيه ( أنا أجزم أن الولد لم يسمعها مني من قبل , فمن أين أتى أو جاء بها ؟!. أنا لا أدري ) ... قال له بلهجة حازمة وجادة وعفوية وبريئة في نفس الوقت " صل يا أبي وإلا أدخلك الله النار " .
نظرتُ إلى الولد متعجبة من جرأته ومتسائلة عن مصدر الكلمة التي تفوه بها وخائفة من رد فعل زوجي ... قرصتُ رجلَ ولدي معاتبة إياه وغمزته بعيني حتى لا يعيد ما قال , ثم حاولتُ أن أغير الموضوع حتى لا أحرج زوجي , ولكن زوجي اصفر لون وجهه وبهت وتسمرت عيناه وهو ينظر إلى الحائط مفكرا فيما قال له ولده ... اضطررتُ أنا بدوري إلى السكوت مراعية سكوت زوجي ... وبعد حوالي دقيتين تكلم زوجي وقال بلغة الواثق من نفسه وكأنه كان نائما لسنوات وسنوات ولم يستيقظ إلا الآن ... قال لي " لا تحاولي تغيير الموضوع ... إن الملائكة هي التي تكلمت على لسان ولدنا ... سخني لي الماء قبل موعد صلاة الصبح لأغتسل وأصلي الصبح ... ووالله لن أترك الصلاة بإذن الله من اليوم فصاعدا , لن أتركها ما حييتُ "]] ...
وبالفعل فإن الرجل التزم بالصلاة منذ تلك الليلة وهو محافظ عليها إلى اليوم , والحمد لله رب العالمين .
اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى , آمين .
545- " الحقيقة فقط هي التي تجرح " : يقول المثل الفرنسي
"Il n ya que la verite qui blesse " , بمعنى أن الحقيقة فقط هي التي تجرح أو بمعنى أنه لا يليق أن ننزعج إلا من الحقيقة والحقيقة فقط .
والحقيقة التي تجرحنا يجب ان تدفعنا دفعا لأن نصحح أخطاءنا أو نطلب السماح والعفو ممن اعتدينا عليهم أو ظلمناهم , أو نتوب إلى الله من ذنوبنا ومعاصينا .
وأما ما عداها مما يقوله الناس عنا مما هو ليس بصحيح وليس بحقائق وليس بوقائع وإنما هو فقط كذب علينا ليس إلا وزور وبهتان فلا يليق أن نهتم به أو نلقي له بالا أو نشغل أنفسنا به من قريب أو من بعيد . صحيح أنه قد يستحب منا أحيانا أن نرد على ما يقال عنا من كذب وزور وبهتان , أن نرد بقوة وبالتي هي أحسن وبالدليل والبرهان من أجل تبرئة ساحتنا إذا كان عندنا أمل في أن الآخرين سيسمعون أو يقبلون منا , وأما في الحالة المعاكسة فإن السكوت أولى والإعراض عن الكاذب والجاهل أفضل وأحسن وأطيب وأنفع .
إذا سرقنا بالفعل وعُـرف عنا بأننا سرقنا فمن حقنا أن ننزعج وأن نقلق و ... والواجب علينا أن نتوب إلى الله ونرد الحقوق إلى أصحابها أولا قبل أن نتمنى السمعة الطيبة وسط الناس .
وإذا كذبنا بالفعل وعُـرِف عنا بأننا كذبنا فمن حقنا أن نضطرب وأن نحزن و ... والواجب علينا هو التوبة إلى الله ثم تمني السمعة الطيبة بعد سوء السمعة .
وإذا شربنا الخمر بالفعل وعُـرِف عنا بأننا شربنا الخمر فمن حقنا أن نتأثر وأن تفسد أحوالنا و... والواجب علينا أن نتوب إلى الله أولا ثم نتمنـى من الناس أن يتذكروا مع الوقت استقامتنا وتوبتنا وأن ينسوا اعوجاجنا وانحرافنا .
وهكذا ...
وأما ما يقال عنا بين الحين والآخر من أكاذيب من طرف أفراد أو جماعات بدوافع مختلفة منها الجهل والغيرة والحسد وحب إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا والرغبة في الكذب وتشويه سمعة الغير والتعصب و... فلا يليق أبدا أن ننزعج منه أو نقلق بسببه أو نضطرب من أجله أو نهتم به أو نحزن له أو نتأثر به أو تفسد أحوالنا من أجله , أو ... لا لشيء إلا :
1- لأنه كذب .
2- ولأن دعوة المظلوم " ليس بينها وبين الله حجاب " .
3- ولأن عاقبة الكذب وخيمة .
4- ولأنه " لا يحيق المكر السيء إلا بأهله " .
5- ولأن من حفر حفرة لأخيه وقع فيها .
6- ولأن " الظلم ظلمات يوم القيامة " .
7- ولأن " الحقيقة فقط هي التي تجرحٌُ ".
8- وفي النهاية لأن تجارب الناس خلال آلاف السنين علمتنا بأن حبل الكذب قصير .
.......
والواقع المؤسف يؤكد لنا دوما بأن الكثير من حزن الناس وقلقهم واضطراب أحوالهم هو آت من كونهم جُـرِحوا بسبب كذب عليهم لا بسبب حقائق ثبتت ضدهم .
وإذا صح هذا الكلام في كثير من الرجال فإنه يصح ثم يصح ثم يصح في أغلبية النساء اللواتي تخاف الواحدة منهن من كلام الناس خوفا شديدا مهما كان كذبا وزورا وبهتانا ومهما كان لا يمت إلى الحقيقة بأية صلة .
ثم إن الكثير من الناس هنا وهناك , ومن أيام زمان يصابون بأمراض قد يقصر وقد يطول علاجها ... وقد يتخلون عن واجبات دينية او يرتكبون معاصي ومخالفات شرعية إما خوفا من كلام الناس أو نقذهم الهدام والكاذب أو تحت تأثير هذا الكلام وذلك النقد .
اللهم إنا نسألك رضاك والجنة ونعوذ بك من سخطك والنار , آمين .
546 – تناقض وفرق :
أولا : تناقض وأنانية : في دنيا الناس تناقضات كثيرة وفي عالم الناس اختلاف كبير . ومن أمثلة ذلك أن الواحد منا إن كانت له بنت أو أخت أو أي واحدة من محارمه تزوجت برجل طيب ومحسن يعاشر امرأته معاشرة طيبة ويعامل زوجته معاملة حسنة , فإن جميعنا يفرح فرحا كبيرا بهذا الزوج ويعتز اعتزازا عظيما بهذا الزواج على اعتبار أن ابنتنا أو أختنا أو ... محظوظة بهذا الزوج وعلى اعتبار أن الله كتب لها الخير وأنه قدر لها ما يسعدها في حياتها الدنيا مع زوج مؤمن طيب ومحسن وصاحب أدب وخلق .
وأما لو توزج إبننا أو أخونا بامرأة ورأيناه يحسن إليها ويعاملها معاملة طيبة ويعاشرها عشرة حسنة ويحاول ما استطاع أن يسعدها ( مع بقائه قواما عليها وجادا وحازما معها ) , فإننا عوض أن نفرح نحن نحزن غالبا , وعوض أن نحسن الظن بالأخ أو الإبن أو ... فإننا نسيء الظن به في أكثر الأحيان , وعوض أن نعتبر حسن معاملته لزوجته أمرا طيبا ومباركا ومحمودا فإننا نعتبره أمرا سيئا يدل على أن الرجل مغلوب من طرف زوجته , وعوض أن نعتز بهذا الرجل ( أخ أو إبن أو ... ) ونسأل الله أن يكثر من أمثاله فإننا ننتقده ونطعن في رجولته ونتأسف عليه ونسأل الله أن لا يرينا مثله ما حيينا .
وهذا الذي أذكره هنا هو نوع من أنواع التناقض عند الكثير من البشر سواء كانوا رجالا أو نساء , كما أنه أمر سيئ للغاية وفيه من الأنانية الكثير والكثير .
ثانيا : فرق من الفروق : لقد قلت وأعدت القول مرارا وتكرارا لمئات المرات خلال عشرات السنين بأن المرأة عموما ليست أفضل من الرجل كما أنه هو ليس أفضل منها ( أو هو أفضل منها في أشياء وهي أفضل منه في أشياء أخرى كما قال بعض العلماء قديما وحديثا ) وأنها ليست نصفا , ولكنها باختصار مكملة للرجل وكفى .
المرأة لها حسنات وسيئات والرجل له حسنات وسيئات كذلك . والرجل مطلوب منه أن يتغلب باستمرار على نفسه وهواه والشيطان وعليه أن يطلب من الله العون على ذلك . والمرأة كذلك مطلوب منها أن تتغلب ما دامت حية على نفسها وهواها والشيطان ولتطلب القوة من الله على ذلك . ومن الفروق الكثيرة الموجودة بين الرجل والمرأة أن المرأة مهما أحبت زوجة ولدها فإنها لا يمكن أن تحبها إلى درجة أن تتمنى لها أن تكون أفضل منها أو إلى درجة أن تعترف بأنها أحسن منها دينا أو دنيا . وأما الرجل فهو على الضد من ذلك : هو غالبا يفرح جدا ويتمنى من أعماق قلبه أن يسخر الله لابنته رجلا يكون أحسن وأفضل منه ولو في كل شيء . والرجل لا يجد أبدا أي حرج في أن يعلن ولو على الملأ بأن صهره فلان ( زوج ابنته ) هو أفضل وأحسن منه بكثير .
ولله في خلقه شؤون , والناس – رجالا ونساء – أشكال وألوان .
والله وحده أعلم بالصواب .
547 – هل يمكن أن يصيب الجنُّ الراقي الثقةَ قوي الإيمان الذي يقرأ القرآن باستمرار لنفسه وعلى الناس ؟! :
طرحت على أختٌ من الأخوات هذا السؤال في يوم الأيام , طرحته علي مطولا ولكنني هنا سجلته مختصرا .
أجبتها عندئذ بما يلي ولو على اعتبار أنه نصف جواب لا جواب كامل :
أختي الفاضلة :
1- يمكن أن يصاب الشخصُ بالجن مهما كان إيمانه قويا ومهما كان راقيا :
* قد يكون ذلك نوع من الابتلاء من الله للممسوس ليغفر الله له ذنوبه ويعطيه من الأجر ما يعطيه ويرفع له درجته عنده . ** وقد يصيب الجني الشخصَ الراقي انتقاما منه بسبب أنه يعالج الناس ويُخلِّـص الناسَ بإذن الله من أذى الجن . *** وقد يُـصاب الشخص ( سواء كان راقيا أم لا , ومهما كان قوي الإيمان ) بالجن في لحظة من لحظات ضعف الإيمان أو من لحظات الغفلة الشديدة أو الغضب الشديد أو الحزن الشديد أو الفرح الشديد أو ... حتى ولو كان في أغلب أوقاته راقيا ثقة وفاضلا وطيبا ومباركا وشيخا وأستاذا وداعية و... ولكن كل هذا لا يمنع من أمر آخر قد يكون قليل أو نادر الحدوث , ولكنه يقع أحيانا , أنا مضطر للتنبيه إليه هنا : قد يرى الناس أحيانا بأن فلانا راق ثقة وفاضل ولكنه في حقيقة أمره ( التي لا يعلمها إلا الله وحده ) هو ساقط وهابط وفاسق وفاجر ... كما يمكنه أن يكون ممن يتتبعون عورات النساء مثلا ويتظاهرون في المقابل أمام الناس بالتقوى , والعياذ بالله تعالى .
2- وأما حكاية أن المصاب بالجن ( الذي قد يكون راقيا يرقي الناس ويقرأ القرآنَ لنفسه وعلى الناس باستمرار ) يقرأ القرآن وهو مصاب , ويقرأ القرآن ومع ذلك هو لا يتخلص في الحين من الجن المسلط عليه ( والمعروف عنه أنه يخاف من القرآن وأن القرآن يؤذيه ) , فالجواب عن ذلك : * أن الله يبتلي العباد لجملة حكم , منها أن القرآن قوي ولكنه قوي بقوة الله , وأن القوة الحقيقية هي قوة الله عزوجل وحده . ** أن الله يؤخر الشفاء أحيانا لينبه الناس إلى جملة أمور منها أن الشفاء بيد الله وحده لا غير . ولو فرضنا أن الشخص كلما قرأ القرآن تخلص من الجن , ربما تعلق قلبه عندئذ بالقرآن ونسي الله عزوجل الذي هو رب القرآن ورب كل شيء ... بل ولربما نفخ فيه الشيطانُ وقال لنفسه أو لبعض الناس " أنا الشافي وليس الله عزوجل " . *** ثم إن الجني الظالم والمعتدي والمسيء يتم التخلص منه لا بالقرآن فقط , بل ومع القرآن الكريم يتخلص منه بالكثير من الصدق ومن الإخلاص الذين يتوفران في الممسوس حينا ولا يتوفران فيه حينا آخر .
والله أعلى , وهو أعلم بالصواب , وهو كذلك الشافي أولا وأخيرا .
548 – الجن المتسلط قد يأمر المصابَ بالخير والمعروف :
قالت لي أخت كريمة :
أخي " امرأة من قريباتي تقول بأن بعض الناس يأتونها مع نوم النهار أحيانا أو في الليل أحيانا أخرى ... كما أنها تراهم وهي يقظة عندما تكون مع الناس ( تراهم هي ولا يراهم غيرها ممن يكونون معها ) . ثم أنا أستغرب لأنهم يأمرونها بأشياء طيبة ,مثل " غضي بصرك أو البسي لباسا طويلا أو ... " , وأحيانا تؤخر صلاة الفجر فلا تؤديها في وقتها تكاسلا وتهاونا , فـيقولون لها " سوف يعذبك الله لأنك أخرت الصلاة عن وقتها ", وهكذا ...
ما الجواب ؟! ثم ألا يمكن أن تكون هذه المرأة مصابة بمرض نفسي ؟!" .
قلت لها " أختي الفاضلة : المرأة مصابة بمرض نفساني أم لا , هذا أمر يؤكده أو ينفيه الطبيب النفساني مهما كان أمر الطبيب النفساني ( بشكل عام ) ضعيفا في البلاد العربية , بسبب ضعف إيمانه بالله أو قلة معرفته بالإسلام عموما وبعلم النفس الإسلامي خصوصا . المطلوب منا احترام الطبيب المتخصص حتى وإن كان ضعيفا وتنقصه الكفاءة . 1- أما كون المرأة ترى أشخاصا ( لا يراهم غيرها ) وهي مستيقظة غير نائمة
( وهي فاتحة لعينيها ) :
ا-فإما أن يكون ذلك مجرد وساوس ليس إلا , وعندئذ تحتاج المرأة إلى من يقدم لها النصائح المناسبة ... وعليها ببذل جهد كبير للعمل بهذه النصائح من أجل التخلص من وساوسها . فإذا لم ينفعها ذلك وجب عرضها على طبيب نفساني مختص .
ب- وإما أنها ترى بالفعل هؤلاء الشخاص , وعندئذ يمكن جدا أن تكون المرأة مصابة بجن وتحتاج إلى رقية شرعية تخلصها بإذن الله مما بها .
2-وإذا فرضنا بأن المرأة مصابة بجن ... فإن هؤلاء الذين تراهم ينصحونها بالخير ويطلبون منها المعروف , فأنا أظن بأنهم جن يريدون خداعها حتى تطمئن إليهم ثم يتسلطون عليها بعد ذلك . هم يأمرونها بالخير والمعروف في البداية حتى إذا اطمأنت إليهم وارتاحت إلى أمرهم تسلطوا عليها وتسببوا لها في الكثير من المشاكل العضوية والنفسية والعصبية . والرقية الشرعية هي الحل بالنسبة لهذه المرأة حتى تتخلص من هؤلاء الذين يؤذونها وهم يدعون أنهم يريدون بها خيرا . ولكن وفي انتظار شفائها : ا- ما طُـلب منها من خير كالصلاة والصيام والصدق والوفاء و... فهي تفعله استجابة لأمر الله لا لهم هم . ب - وأما المباحات كالأكل والشرب والدخول والخروج والنوم واليقظة و... فهي حرة تفعلها أو لا تفعلها كما شاءت هي . جـ - وأما الحرام كالسرقة والكذب وترك الحجاب الشرعي والزنا و... فلا يجوز لها أبدا أن تفعله لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق عزوجل .ولا ننسى أن الله أرسل إلينا رسولا من الإنس هو رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام , أرسله الله إلى الجن والإنس . ولكن الله في المقابل لم يرسل رسولا من الجن لا إلى الإنس ولا إلى الجن ... لذلك فلا يُـقبل أبدا أن نتلقى الأوامر خاصة منها الدينية من الجن , كما لا يليق أن نتعلم الدين الإسلامي من الجن . الجن المتسلطون على شخص ما هم أعداء وخصوم ... وإن ادعوا وزعموا أنهم أصدقاء فهم كاذبون ثم كاذبون ثم كاذبون . هذا والله أعلم بالصواب .
نسأل الله أن يشفينا ويعافينا , آمين .
549 – هل هو مرض نفسي أم إصابة جن أم ... ؟ :
سألتـني أخت فاضلة , فقالت " توجد امرأه تقول بأنها ترى في المنام أناسا يكلمونهـا ويقولون لها ( سوف تتزوجين النبي موسى عليه الصلاة والسلام ... وأنت له في الاخرة ) ... كذلك هي ترى نساء تكلمنها وتقلن لها ( نحن من عند الله ومن عند النبي موسى ... إنه يقول لك افعلي كذا وكذا ...).هل هذه رؤيا صالحة أم أنه مرض نفسي أم أنه إصابة جن أم ماذا ؟ ".
قلت لها :
إن كان ما يحدث للمرأة في نومها لا يحدث إلا نادرا فالأفضل أن تعرض المرأة عن التفكير فيه وعن شغل بالها به , وستتخلص بإذن الله تلقائيا مما هي تشكو منه .
وإن كانت المرأة مشغولة البال في النهار بالتفكير في أشياء تقلقها , فالأفضل عندئذ أن تحارب ما يقلقها في النهار لتتخلص تلقائيا مما يزعجها بالليل , لأن قلق النهار سبب واضطراب النوم في الليل نتيجة , والجهد والوقت يجب أن ينصبا على السبب للتخلص منه لا على النتيجة .
ثم قلتُ :
1- إن كان ما تراه المرأة رؤيا تحتاح إلى تعبير وتأويل وتفسير فإنني لا أعرف تأويل الأحلام ولست خبيرا في تفسيرها , والمطلوب إذن استشارة شيخ يحسن تأويل وتفسير الأحلام والرؤى .
2- ولكنني أميل إلى أن ما تراه المرأة :
ا- إما أنه نوع من الأحلام المزعجة . الوضوء قبل النوم مع قراءة شيء من القرآن ومع الأدعية والأذكار المناسبة ... والمداومة على ذلك لأيام أو أسبوع أو أكثر أو أقل يمكن جدا أن يساعد كل ذلك المرأةَ في التخلص مما هي تراه من مدة في نومها . ب- وأما إن فعلت المرأة ذلك فلم تتخلص مما تراه في نومها فإنني أرى أن الأفضل لها أن تبحث عن راقي يرقيها لأنها يمكن أن تكون عندئذ مصابة بجن . وأما احتمال الإصابة بمرض نفسي فأمر مستبعد بإذن الله في هذه الحالة ثم لا يليق بهذه المرأة أن تنخدع بهذا الذي تراه , وتظن بأن الملائكة هم ( بالفعل ) الذين يتحدثون إليها في الليل . حذار ثم حذار من هذا الوسواس الذي يمكن أن يساورها أو يتبادر إلى ذهنها . والله أعلم بالصواب .
اللهم وفقنا لكل خير واجعلنا من أهل الخير , آمين .
550 – أترضاه لأختك ؟! :
شاب عمره أكثر قليلا من العشرين مازال بنصف عقل , ومازال ليس له سكن يدخل فيه بزوجته إن تزوج اليوم , وسكن والديه يستحيل أن يتسع له هو وزوجته إن تزوج الآن .
وهذا الشاب مع أنه يشتغل وله وظيفة مستقرة مع الدولة , ومع ذلك هو حتى الآن ( بسبب أنه صغير وخفيف العقل مثل الكثير من شباب اليوم الصغار ) لا يحسن التصرف في أمواله ولا يحسن الإنفاق ولا الادخار .
هذا الشاب تعلق قلبه بفتاة معينة وطلب من والديه تزويجه منها ... ولأن الفتاة لا تصلح له من وجوه عدة ( لا داعي لذكرها هنا ) فإن والديه حاولا أن يصرفا نظره وتفكيره عن هذه الفتاة فلم يفلحا في ذلك , فطلبا منه عندئذ فقط التريث في أمره واستشارة من يثق فيهم من الناس خاصة الكبار منهم , وطلبا منه كذلك قطع الصلة تماما بالفتاة , وتقوية الصلاة بالله والإكثار من النوافل من الصلاة وقيام الليل وقراءة القرآن وذكر الله والدعاء و" اطلب من الله يا ولدنا أن يهديك ويشرح صدرك للذي فيه خيرك دنيا وآخرة " ... وقالا له " إن فعلت هذا ثم بقيت بعد عامين أو ثلاثة على رأيك , فإننا سنجاريك ونزوجك بمن أردت حتى وإن كنا غير راضين " .
ومع ذلك رفض الشاب ما نُصح به , وأصر على أن على الوالدين أن يطلبا له الفتاة الآن وبدون أي تأخير !!!.
استنجد الوالدان بي من أجل أن أكلم ابنهما لعله يسمع مني .
جلست مع الشاب جلسة طويلة ( أنا وإياه على انفراد ) وسألته ثم سمعت منه ونصحته ووجهته و ... وكان من ضمن قلته له خلال تلك الجلسة ما يلي :
1- أنت ما زلت صغيرا , ولأن تتأخر قليلا في الزواج أفضل لك مليون مرة من الاستعجال . التأخر لن يضرك لا من قريب ولا من بعيد خاصة وأنت ما زلت صغيرا , وأما الاستعجال فقد يضرك ضررا يلازمك طيلة حياتك الدنيا وربما يضرك حتى في آخرتك.
2- الاستشارة الواسعة في أمر مهم مثل الزواج تنفعك بإذن الله ولن تضرك أبدا , وأما رفض الاستشارة فقد تكون له عواقب وخيمة جدا في مستقبل أيامك .
3- الزواج أمر مهم جدا جدا جدا لأنه يتعلق بالمستقبل دنيا وآخرة , ويتعلق بشريكة الحياة وربة البيت وأم الأولاد وزوجة الدنيا والآخرة بإذن الله تعالى ... ومنه فلا بد من التفكير الطويل قبل الزواج , وكما يقول المثل عندنا في الجزائر " زواج ليلة لازمو تخمام عام " , أي أن الزواج الذي يبدأ بليلة يلزمه تفكير عام كامل حتى يأتي الزواج بثماره المرجوة .
4- رضا الوالدين عن زواج الإبن أو البنت هو غالبا مصدر خير وبركة دنيا وآخرة , خاصة وأن الوالدين لم يرفضا امرأة بسبب أنها صاحبة دين وأدب وأخلاق وإنما رفضا لأسباب موضوعية ومقبولة شرعا , وكذلك فإنهما لم يفرضا عليك الزواج من امرأة معينة . ومن الصعب جدا أن تجد شخصا أسخط والديه في زواجه ثم سعد بزواجه بعد ذلك .
5- ثم إنك وأنت ما زلت متصلا بهذه الفتاة تفعل معها الحلال والحرام أنت كالأعمى
( لأنه لا شيء يعمي أبصار الرجال وبصائرهم مثل النساء والشهرة والزعامة ) لا تستطيع أبدا أن تفكر بالعقل والمنطق وأن تفكر بطريقة مستقيمة فيما يعود عليك بالخير والصلاح . إن نقطة ضعف المرأة المال ونقطة ضعف الرجل هي المرأة , ومنه فإذا أردت أن يعود إليك عقلك وصوابك ورشدك يجب أن تقطع وفي الحين صلتك بهذه الفتاة إن أردت الأجر من الله وأردت التفكير السليم وأردت الإعداد المناسب لمستقبلك دنيا وآخرة ... ثم إذا كتب الله لك في النهاية أن تتزوج بها فلن تتزوج غيرها بإذن الله تعالى .
6- ثم وأنت تتصل بهذه الفتاة ( وهي ما زالت أجنبية عنك سواء قبل الخطبة أو بعدها ... ولا تحل لك إلا بعد العقد الشرعي للزواج ) باستمرار وتتحدث معها وتختلي بها وتأخذ صورها معك وتغازلها و... والله وحده أعلم بكل الذي أنت تفعله معها , لأنك ربما حكيت معي كل شيء وربما أنت لم تحك لي إلا القليل فقط مما تم بينك وبين الفتاة . ألا تفكر ولو لحظة واحدة من الزمان بأن هذا الذي أنت مصر على فعله مع هذه الفتاة لا يجوز شرعا ولا يقبل ولا يستساغ عرفا و..." , فقاطعني قائلا " وماذا في ذلك ؟! أغلب الشباب يفعل هذا "!. قلت له :
* ما أغربك وما أعجب حديثك . أما أن ما تفعله مع الفتاة حرام شرعا فهذا أمر لم يختلف في حكمه عالمان من علماء الدنيا من عهد رسول الله محمد وإلى اليوم ...
* * وأما عرفا وعادة فأنا أسالك السؤال المعروف والبديهي والذي لا يريد أن يطرحه الشباب المتهور والمائع والمنحل لأن الجواب المعروف عن السؤال هو ضد شهوات الشاب وأهوائه ورغباته الحيوانية " , فقال لي " وما هو السؤال ؟ " قلت له :
* * * أترضى ما تفعله أنت مع هذه الفتاة , أترضى أن يفعله شاب آخر مثلك أنت , ولكنه يفعله مع أختك أنت ( عمرها حوالي 25 سنة ) ؟! . أجبني بصراحة هل ترضاه أنت ولو لثانية واحدة من أي شاب في الدنيا كلها ... هل تقبل أن يتصل أي شاب في الدنيا كلها مهما كان قدره ومهما كانت منزلته ومهما ... ويقول لها كاذبا أو صادقا ( مع العلم أن الرجل الذي لا يخاف الله لا يكذب في شيء كما يكذب في ادعائه الحب لامرأة أجنبية عنه ) " أنا أحبك " و " أنا أعشقك " و " أنت عندي أغلى من الدنيا كلها , ومن الدنيا وما فيها " . هل تقبل هذا ؟!.
هل تستسيغ أن يتصل شاب ( أي شاب ) بأختك ( بعيدا عن أنظار الناس ) مدعيا أنه يريد الزواج منها ثم يقبلها ويداعبها و... هل تستسيغ هذا ؟!.
هل ترضى أن يتصل أي شاب بأختك زاعما أنه يريد الزواج بها , ثم يختلي بها بعد ذلك ويفعل معها ما يريد أن يفعله أي شاب لا يخاف الله مع امرأة أجنبية عنه اختلى بها وتمكن منها . هل ترضى هذا لأختك ؟!" .
سكت الشاب لدقيقتين أو ثلاثة وأنا أساله وألح عليه في السؤال منتظرا الجواب , ثم قال بلهجة غاضبة وهو مطرق برأسه ومشيح بوجهه إلى جانب " نعم أنا بطبيعة الحال لن أقبل ولن أستسيغ ولن أرضى هذا لأختي أبدا " .
قلت له " تبا لهذه الأنانية التي يعاني منها الكثير الكثير من الرجال عموما ومن المراهقين خصوصا , حين ترى الواحد منهم لا يريد لمحارمه من النساء إلا الشرف والعفة والحياء و ... وأما بنات وأخوات الغير فيبيح لنفسه أن يعبث بشرفهن وكرامتهن وحيائهن وأعراضهن بلا أي خوف من الله ولا تأنيب ضمير ولا ... ألا ما أسوأ هذه الأنانية وما أقبحها وما أبشعها والتي يعاني منها الكثير من الرجال ولا يُـنجي منها إلا قوة إيمان عند الرجل وكذا خوف حقيقي من الله عزوجل " .
ملاحظة واستدراك : ومن غرائب وعجائب البعض من هؤلاء الشباب ( قلت : البعض ) أنهم يظهرون التدين الزائد والمذموم , وذلك عن طريق التشدد والتعصب والتزمت في مسائل خلافية في الدين مثل التصوير غير المجسم لإنسان أو حيوان والسروال القصير وجلسة الاستراحة ورفع اليدين في الدعاء والقنوت في الصبح و... يقيمون الدنيا ولا يقعدونها على المخالف لهم في هذه المسائل الخلافية الثانوية الاجتهادية الفرعية , بحيث يعتبرون من يقول بغير قولهم في هذه المسائل من العلماء والدعاة ضالين ومنحرفين , وكذا يعتبرون الناس الذين يأخذون بآراء غير آرائهم في هذه المسائل الثانوية يعتبرونهم منحلين ومائعين ومبتدعين و... ثم تجدهم بعد ذلك وفي المقابل وبقدرة قادر وبدون مقدمات وفجأة , تجدهم يفعلون ما لا يجوز أبدا في الدين وما هو حرام في الإسلام باتفاق كل علماء الإسلام بلا استثناء , تجد الواحد منهم يصاحب ويصادق فلانة من الفتيات الطائشات ويقبلها ويداعبها ويعانقها ويفعل معها ... بشهادة شهود حينا أو باعترافه هو حينا آخر ... ويفعل أكثر من ذلك ولا تهتز له شعرة من رأسه ولا يتحرك له أي ضمير ولا يسأل فيها عن حلال وحرام ولا يخاف معها الله عزوجل ... ثم إذا سئل عن ذلك أجاب بوقاحة بأن "هذه ضرورة , والضرورات تبيح المحظورات" , أو أجاب بأنه يفعل ذلك "خوفا على نفسه من الزنا " !!!.* ألا تبا لهذه العقلية المعوجة .** ألا تبا لهذا التدين المغشوش.*** ألا تبا لهذا الفهم السقيم للدين .**** ألا تبا لهذا التعصب والتزمت في الدين .***** ألا تبا لهذا التناقض الصارخ.****** ألا تبا لهذا الهوى المتبع وللنفس الأمارة بالسوء وللشيطان الضال المضل .نسأل الله أن يعصمنا من أي سوء وشر وأن يغلبنا على أنفسنا وعلى الشيطان , آمين